http://arood.com/vb/showthread.php?p=59863#post59863


اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح مشاهدة المشاركة
التفعيلة نموذج صوتي
‏***

هذه إشكالية اعترضتني وأنا أقارن في نفسي بين خصائص التفعيلة كواحدة للإيقاع تقتضي وجود حدود بين التفعيلات ، وخصائص الرقم كواحدة إيقاع لا تعترف بوجود فواصل بين مكونات الإيقاع الرقمية .
وبدأت أردد في نفسي أن استخدام الرقم يفيد في تحليل الوزن ولا يفيد في تركيبه . لأننا في التحليل نضع المركب ( بيت الشعر ) بين أيدينا ثم نقوم بتقطيعه وترميز مقاطعه بالأرقام .
وأثناء هذه العملية لا نحتاج لنموذج صوتي ويكفينا اصطفاف الأرقام على الورق وفق النسق المطلوب للوزن .
لكننا في عملية التركيب ( نظم الشعر ) لا نستطيع الاعتماد على الأرقام فقط كونها لا تقدم نموذجا صوتياً لضبط الإيقاع المحتمل للمركب المنشود .
لذا فنحن نلجأ للتفعيلة كنموذج صوتي يرن في الذهن كي نقيس عليه الإيقاع ، وتكون هذه الحالة أوضح عندما ننظم الشعر ذهنيا بدون الكتابة على الورق ،
حيث تقف الأرقام خارج حقل الحس الموسيقي ولا يسمح لها بالدخول إلا بعد انتهاء عملية التركيب ويكون دخولها بهدف اختبار دقة وزن المركب الشعري ليس أكثر .

وقد اعتدنا على حفظ بيت من الشعر كضابط إيقاعي لكل بحر شعري صدره ألفاظ عامة وعجزه تفعيلات البحر المقصود .مثل ضابط بحر الوافر
بحور الشعر وافرها جميل .......مفاعلتن مفاعلتن فعول
فترديد هذه التفعيلات يصنع في الذهن انطباعا صوتيا يبقى إيقاعه مؤثرا في الوعي ومهيمنا عليه أثناء النظم ، في حالة مشابهة لما يحدث عندما ننظر إلى منبع ضوئي
كنافذة تدخل منها أشعة الشمس ثم نغمض أعيننا فنرى النافذة المضيئة أثناء الغمض . وما ذلك إلا لبقاء أثر الضوء في الخلايا العصبية المستقبلة له . وفي مثال أقرب لحالة تأثير ضابط التفعيلات في الذهن ، يمكننا أن نتحدث عن شعورنا بالغرابة عندما تعلق في ذهننا أغنية مألوفة قد استمعنا إليها مرارا كيف نأخذ بترديدها بشكل عفوي لمدة زمنية قد تطول حتى تشعرنا بالملل منها
ونستمر مع ذلك في ترديدها كما لو كنا نفعل ذلك قسرا .وما ذلك إلا لبقاء أثر انطباع الصوت في الخلايا العصبية المستقبلة له مما يؤدي إلى استمرار تأثيرها في الوعي .
هذا الانطباع الصوتي هو النموذج الموسيقي الذي يوفره لنا ترديد التفعيلات الضابطة لإيقاع الوزن والذي لا يمكن للأرقام بحال من الأحوال أن تسعفنا به .

بل إنني لأرغب في القول :إن النموذج الصوتي للتفعيلة يمتاز بقابليته للشحن العاطفي إذ أن الصوت وعاء للانفعال كما هو الكأس وعاء للماء .
فعندما نحزن نختار إيقاعا صوتيا يستوعب حزننا يمكننا لفظه بلهجة انفعالية مطواعة عبر لفظ التفعيلة ولا يمكن بحال من الأحوال أن نتمثله في تردد الأرقام المتوالية أو لفظها .
تخيلوا معي كيف يمكننا تعبئة الفاظ التفعيلات المجردة من الانفعال أصلا بالشحنة العاطفية ونحن ننطق بها حتى بدون أية صورة شعرية . ولنجرب الآن نطق إيقاع البحر الوافر بلهجة غنائية مماثلة لنغمة غنائية
سكابا يا دموع العين سكابا ......على شهداء سوريا وشبابا
مفاعلتن مفاعلتن فعولن ......مفاعلتن مفاعلتن فعولن
هل لاحظتم كيف يمكننا شحن صوت تلك التفعيلات بالحزن ؟

إن الفارق بين الحس الموسيقي في شعر انفعالي مشحون بالعاطفة وتألق الخيال وشعر آخر منظوم بتفصيل ألفاظه لتتطابق مع إيقاع الوزن على الورق
هو الفارق بين تأليف الشعر تحت تأثير الشحنة الانفعالية المحملة بصوت التفعيلة الماثل في الذهن وبين نظم مقاطع الكلمات لتتلاءم مع الترتيب المطلوب للأرقام فهنا مجرد عمل آلي للعقل و هناك عمل نفسي وجداني للعقل .
إلى ماذا أريد أن أصل من وراء هذا الكلام ؟ صدقوني لا أعرف ..هذه حالة حيرة إشكالية تنتابني أضعها بين يدي الأستاذ خشان لأرى ما قوله في هذا .
لا ينبغي لك أن تحتاري استاذتي الكريمة

فما تفضلت به صحيح تماما، والتمييز بين كل من الشعر والعروض وعلم العروض كفيل بإزالة حيرتك

إنشاد الشعر فطرة متناسقة الوزن مأطورة ببرنامج رياضي أحسه العربي قبل أن يعرف العروض. علم العروض يتناول القواعد العلمية العامة التي تصف هذا البرنامج. العروض بين بين ، فهو في تعامله مع الشعر صوتي في المقام الأول أدواته التفاعيل التجزيئية التجسيدية القائمة على الحفظ . ولذا فهو موفق في استعمالها في هذا السياق. لكن استعمالها في مجال (علم العروض ) دون وعي على وجود منهاج كلي علمي متكامل للخليل كفيل بأن يقود إلى الخلط والتخبيص:

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jadeedah

النموذج الصوتي هو الأداة التطبيقية الأنسب للشعر وما يقدمه من إحساس شعري:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/taghanna

كما ولا بأس به للعروض في تحليل وتوصيف الموجود ، ولكن استعنمال تفاعيل الخليل في تجاوز الخليل يعني شيئا واحدا وهو الجهل بأن هذه التفاعيل جزئيات من منهج كلي تفقد خارجه كينونتها وبالتالي تفقد أهليتها في أي مجال عروضي. ومن الجلي أن الحديث هنا في علم العروض وليس في العروض:

http://www.tobad.net/vb/showthread.p...277#post116277

أما علم العروض فهو مجال مختلف كليا يقوم على العقل.

أرأيت الإنسان كيف يمشي بطبيعته وبحسه دون تفكير في المشي، ولكن دراسة ميكانيكية المشي وتوازن الماشي علم مختلف عن المشي يقوم على المعادلات والحساب. والأوضح هو طيران العصفور وعلم الطيران.

النحلة تبني خليتها بالفطرة ولكن خصائص ذلك الشكل الهندسي أمر علمي بحت.

الطرب للموسيقى شيء فطري قوامه الإحساس بالصوت ولا يلزمه أن يكون المستمع موسيقارا.

قلت النموذج الصوتي ذلك أنه في حالة البحور وحيدة التفعيلة يتطابق هذا النموذج مع التفعيلة، ولكن الأمر يختلف في سواها

فهناك عدة صور للتعبير عن أي وزن بدلالة تراكيب قد تكون التفاعيل المعروفة أفضلها في مجال بينما غيرها أفضل في مجال آخر. ففي حالة مقارنة المنسرح بالبسيط فإن التراكيب التالية هي الأفضل لهذا الغرض :

البسيط = 4 3 2 ..3 .. 4 3 1 ..3 = مستفعلاتن فعل مستفعلاتُ فعلْ
المنسرح = 4 3 2 ..3 ..4 3 1 ..3 = مستفعلاتن فعل مستفعلاتُ فعلْ

ولاحظي أن المقارنة أعلاه أقرب لعلم العروض منها للعروض.

أرجو أن تطلعي على موضوع الفرق بين العروض وعلم العروض

https://sites.google.com/site/alaroo...lrwd-wlm-alrwd

أكثرت من الروابط حرصا على أن تحيطي بأبعاد هذا الموضوع بالغ الأهمية.

باختصار التفاعيل ممتازة في الشعر ، جيدة في العروض ، معيقة في علم العروض.

أنتظر شاكرا تقييمك لما تقدم .

يرعاك ربي.