النتائج 1 إلى 30 من 112

الموضوع: فلنفكّر

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,966
    أورد الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه (إسلام بلا مذاهب )من منشورات الدار المصرية اللبنانية ( ص- 49) ما يلي :

    ففي الحديث الصحيح :" ما اكتسب رجل مثل عقل يهدي صاحبه إلى هدى، ويردّه عن ردى، وما تمّ إيمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله"

    وفي الحديث الصحيح :" لكل شيء دعامه، ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته، أما سمعتم قول الفجار في النار : لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا من أصحاب السعير "

    وفي الحديث أيضا: " أول ما خلق الله العقل، فقال له أقبل، فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال له عزّ وجل: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعزّ أكرم عليّ منك، بك آخذ، وبك أعطي، وببك أثيب، وبك أعاقب"

    إنتهى النقل - ولم يخرّج المؤلف الأحاديث.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,966
    التجريد والتجسيد

    من طبيعة العملية الفكرية استخلاص التجريد من التجسيد

    ومن هنا قصة إسلام نبي الله إبراهيم عليه السلام.

    وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ{75} فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ{76} فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ{77} فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{78} إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{79} وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ{80} - الأنعام

    ومن هنا كذلك قول أبي العتاهية:

    وَلِلَّهِ في كُلِّ تَحريكَةٍ = عَلَينا وَتَسكينَةٍ شاهِدُ
    وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ = تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ

    هذا الاتجاه هو سمة العقلية الراقية المتميزة والتميز بحكم تعريفه ندرة. وحمل النفوس والعقول على هذا النهج يحتاج إلى مثابرة وجهد. يبلغان ذروتهما في رسالات الأنبياء.

    وعكس التجريد هو التجسيد، وهو سهل على النفس وإن تركت النفس بلا بصيرة سارت في هذا المسار، وهو معاكس لمسار التجريد، فإبراهيم عليه السلام ابتدأ من النظر في النجوم وتقديسها لينتهي بعبادة الواحد الأحد، وكثير من الخلق بعد تعرفهم على التوحيد من رسالات الرسل انتكسوا ليعبدوا الكواكب والأصنام ،

    وهذا مظهر من مظاهر انحراف ما يمكننا أن نسميه نهج التجسيد الذي ما لبث أن أدى إلى تحريف رسالة التوحيد التي جاء بها الأنبياء جميعا وتسلل إلى نصوص كتبهم المرسلة بعد فترة من رسالة كل رسول، بل وظهرت بوادره أحيانا بين أتباع بعض الرسل في حياتهم.

    {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }الأعراف138. حتى كانت رسالة محمد عليه السلام فحفظها الله من التحريف بقوله تعالى : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9.

    ولئن صان الله القرآن الكريم من التحريف، وحرص الرسول عليه السلام وصحابته الكرام على محاربة هذا الميل في النفس البشرية ، كما جاء في الحديث

    حدث أبو واقد _ رضي الله عنه _ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات انواط . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبحان الله ، هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم ) أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح


    فإن المسلمين في عصور انحطاطهم الفكري قد اعتراهم شيء من هذا ممارسةً وتأثيرا رغم سلامة العقيدة نصا وقولا.

    وتجلى ذلك في صور بدائية كتقديس بعض المسلمين بعض الخلق أو خلع صفات تفوق قدرة البشر عليهم أو تقديس مخلوقات أخرى من شجر أو جحر فيما لم يأذن به الله.

    كما تجلى في صور أكثر خطورة كتقديم أقوال الرجال على الوحي من قرآن وحديث. ولعل كثيرا من مصادر الخلاف بين أهل القبلة راجع إلى أدلة ظنية تشجع هذا الاتجاه التجسيدي التفريقي سواء لجهة رفع مبالغ فيه لقدر بشر أو مذهب معين على حساب الاتجاه التجريدي التوحيدي للمحكم من آي الذكر الحكيم.
    أجل من أخطر مظاهر التجسيد ما جاء في تفسير الشوكاني (فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ) في معرض تفسيره للآية 140 من سورة النساء

    { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }

    حيث يقول:

    "وفي هذه الآية باعتبار عموم لفظها الذي هو المعتبر دون خصوص السبب دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يفيد التنقص، والاستهزاء للأدلة الشرعية، كما يقع كثيراً من أسراء التقليد الذين استبدلوا آراء الرجال بالكتاب والسنة، ولم يبق في أيديهم سوى قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه بكذا، وإذا سمعوا من يستدلّ على تلك المسألة بآية قرآنية، أو بحديث نبوي سخروا منه، ولم يرفعوا إلى ما قاله رأساً، ولا بالوا به بالة، وظنوا أنه قد جاء بأمر فظيع، وخطب شنيع، وخالف مذهب إمامهم الذي نزلوه منزلة معلم الشرائع، بل بالغوا في ذلك حتى جعلوا رأيه العايل، واجتهاده الذي هو عن منهج الحق مائل، مقدّماً على الله، وعلى كتابه، وعلى رسوله، فإنا لله، وإنا إليه راجعون، ما صنعت هذه المذاهب بأهلها، والأئمة الذين انتسب هؤلاء المقلدة إليهم برآء من فعلهم، فإنهم قد صرّحوا في مؤلفاتهم بالنهي عن تقليدهم."

    كأني بقارئ يسأل إن كان ثمة ربط بين هذا الموضوع والعروض كأن يكون الرقمي تجريدا ، والتفعيلي تجسيدا؟

    لعل لتساؤل القارئ أصلا .فمن أوتي قوة البصيرة في التجريد نظر بها للأمور كلها، ومن كلت بصيرته عن التجريد وأخذ بالتجسيد غلب ذلك على سائر أمره.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 5 (0 من الأعضاء و 5 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط