عسى لا يكون ثمة تداخل فيما أوردته الأخت رغداء زيدان من أبيات للمعري استخدم فيها مصطلحات العلوم وخاصة ما اتصل منها بالعروض ، فقد أتحفتنا بستة أبيات للمعري كان قد ذكر منها أخي خشان في الرابط الذي أشار إليه اثنين ، وعجبت لم لم يلفت انتباه الأخ محمد الذي افتتح هذا الموضوع أنه لم يتداخل معه في بيتين اثنين أيضا !
أقول هذا لا طلبا للخوض في جدل أو نقاش ، وإنما هي ملاحظة عنت لي ووجدت في إخواني من سعة الصدر ما شجعني على التصريح بها .
وهذا الموضوع قديم ؛ فقد طرح منذ عام بالتمام والكمال ، ولذا تستحق الأخت غيداء الشكر على طرحه من جديد . وإذا كان علي أن أعود للموضوع ثانية استجابة للإيميل الذي وصلني ( لا أدري إذا كان هذا الإيميل يتم بشكل مبرمج سلفا أو موجه ) فإني سآخذ في الحديث عن بدايات هذا التوجه إلى استخدام المصطلحات العلمية في الشعر . فقد أشرت في مداخلتي السابقة إلى أن ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد سبق المعري في هذا التوجه ولم أشر إلى أول من ابتدأ به في شعرنا العربي ، فذلك يتطلب إحاطة شاملة بكل ما وصلنا منه وبالذات منذ بداية اشتغال العرب في البحث العلمي بكافة فروعه .
وقد اطلعت مؤخرا في مجلة العلوم الإنسانية ( العدد 89 / 23 ) على بحث للدكتور حسن خميس الملخ بعنوان " استخدام المصطلحات النحوية في الشعر " تناول فيه مسيرة هذا الظاهرة ابتداء من القرن الثالث الهجري إلى القرن الثامن ملاحظا تراجعها بعد ذلك بالتدريج حتى كادت تختفي في العصر الحديث .
وقد توصل الملخ إلى أن أبا تمام ( ت 231 هـ ) هو أول من فتح هذا الباب ببيته اليتيم القائل :
خَرقاءُ يَلعبُ بالعقول حَبابُها .................... كتلعُّب الأفعال بالأسماء
ولم يذكر له الباحث بيتا غيره ، فإذا كانت الأسبقية تكون ببيت واحد فإننا نستطيع أن نستدرك عليه كلامه ببيت واحد لشاعر سبقه بزمن هو البَرْدَخْتُ الذي كان معاصرا للشاعر الأموي جرير وذلك في قوله :
تَتَبَّعُ لَحناً مِن كلام مُرَقَّشٍ .................. وخَلْقُكَ مَبنيٌّ على اللحن أجمَعُ
فعَينُكَ إقواءٌ وأنفُكَ مُكفأٌ .....................ووجهُكَ إيطاءٌ فأنتَ المُرَقَّعُ