زَخْرَفة الشِّعْر وتَلْويْنهُ وتَزْوِيقُهُ

بسم الله الرحمن الرحيم


ظهر الاهتمام بزخرفة الشعر وتلوينه بشتى المحسنات البديعية جليًا في العصر العباسي وكان في طليعة من ينتمي لهذا المذهب ويهتم به ويتكلفه أبو تمام وابن المعتز
ولا يخفى أن لهذه المحسنات والألوان البديعية أثر جمالي في الشعر والنثر على حدٍّ سواء , وإن كان بعضها قد يكون أوقع وأجمل في الشعر.
وسأعرض في هذا المتصفح بعضًا من ألوان هذه المحسنات البديعية التي تدخل في الشعر بصورة مبسطة مع التمثيل لكل فن منها بما يوضح المقصود ويجليه

و" المحسنات البديعية" :هي الأدوات والأساليب الفنية التي تحسّن التراكيب والصيغ اللغوية وتجعلها بديعة وجميلة تضيف لها الموسيقى التي تطرب الأذن الذواقة.

التصدير (أو رد العجز على الصدر)

يدخل الشعر والنثر

وفي الشعر هو: إعادة اللَّفظ في آخِر البيت بعد ذِكْره في أوَّله، ويسمَّى تصدير الطَّرفين، أو في حشْو النِّصف الأوَّل ويسمَّى تصدير الحشْو، أو في آخر النِّصف الأوَّل ويسمَّى تصدير القافية، أو أوَّل النِّصف الثَّاني ويسمى تصدير الطَّرفين، وكل منهما إمَّا أن يتكرَّر لفظًا ومعنًى، أو لفظًا لا معنًى، أو معنًى لا لفظًا، أو لا لفظًا ولا معنًى.

أمثلة لذلك :
1. قول الأقيشر الأسدي:
سَرِيعُ إلَى ابْنِ الْعَمِّ يَشْتُمُ عِرْضَهُ = وَلَيْسَ إلَى دَاعِي النَّدَى بِسَرِيع ِ
فقد وافق الجزء الأخير من البيت ( بسريع ) الجزء الواقع في فاتحة البيت وصدره .
وهو مكرر لفظا ومعنى

2. ونحو قول الشاعر:
فَتَيَّمَنِي فِي النَّاسِ خَالٌ تَخَالُهُ = غَزَالاً نَشَا بَيْنَ البَرِيَّةِ فِي النَّاسِ
فقد وافق الجزء الأخير من البيت ( بالناس ) الجزء الواقع في حشو النصف الأول.

3.ونحو قول الشاعر:
حَيِّ عُرْبًا بِالخَيْفِ مِن حَيِّ لَيْلَى = واقْرِ عَنِّي السَّلامَ هِنْدًا وَلَيْلَى
فقد وافق الجزء الأخير من البيت ( بليلى ) الجزء الواقع في آخر النِّصف الأوَّل.

4. ونحو قول الشاعر:
طَالَ فَرْعُ الحَبِيبِ لَمَّا رَأَيْنَا = أَصْلَهُ فِي الجََمَالِ أَطْيَبَ أَصْلِ
فقد وافق الجزء الأخير من البيت ( بأصل ) الجزء الواقع في أوَّل النِّصف الثَّاني.

ومن المكرَّر لفظًا لا معنى نحو :
أَمَّلْتُهُمْ ثُمَّ تَأَمَّلْتُهُمْ = فَلاحَ لِي أَنْ لَيْسَ فِيهِمْ فَلاَحْ
فمعنى (أملتهم) الأولى غير معنى (تأملتهم) رغم توافقهما في اللفظ
وكذا معنى (فلاح) الأولى ليس هو معنى (فلاح) الثانية رغم توافقهما في اللفظ.

ومن المكرر معنى لا لفظًا نحو:
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَشْرَبْ مِنَ الغَيْظِ جَرْعَةً = فَلَيْسَ سِوَى التَّوْبِيخِ والعَتْبِ مَشْرَبُ
فمعنى (يشرب) هو معنى (مشرب) لكن (يشرب) فعل ,و (مشرب) اسم فاختلافا في اللفظ لا المعنى.

ومن المكرَّر لا لفظًا ولا معنى نحو:
وَلَقَدْ سَارَ رَكْبُهُ بِفُؤَادِي = وَبِقَلْبِي مِنْ ذَلِكَ الرَّكْبِ كَرْبُ
فـ (الركب) و (كرب) اختلفتا معنا ولفظا وإن اتفقتا في الحروف.




يتبع

موضوع ماتع نافع

أشكر وأتابع.

صباح جميل كالذي أفدتنا أيتها النور
آيات شكري ..

واصلي ، أستاذتي أمل..
مشكووووووورة.

جميل !

أتابع معكم

السلام عليكم
موضوع ماتع فعلا
استاذتي هل تلك الابيات من قصائدي توائم ما قلته انتظر ردك:

من قصيدة سقاني الود:

أبتدي يومي بآهات الحزانى=أمتطي يومي َ وقلبي في شتات



من قصيدة ياارض مكة:
تلك الذنوب ُالسودُ فيها غربتي= الذنبُ يا مولاي قد أضناني


رعاك الله وحباك نعمه

التجريد

من فنون البديع فيه بلاغة ولطافة , وخفة وفصاحة
وهو أن يجرد المتكلم من نفسه ذاتا أخرى يخاطبها ويخلع عليها نعوتا وصفاتا ، فيكون ذلك أعذر له ، فيفضي إليها ما شاء من الآهات والأنات والعتاب وغير ذلك.

يقول ابن الأثير : (حد التجريد فإنه إخلاص الخطاب لغيرك وأنت تريد به نفسك لا المخاطب نفسه ... وقد تأملته فوجدت له فائدتين‏:‏ إحداهما أبلغ من الأخرى‏ :
فالأولى طلب التوسع في الكلام فإنه إذا كان ظاهره خطاباً لغيرك وباطنه خطاباً لنفسك فإن ذلك من باب التوسع وأظن أنه شيء اختصت به اللغة العربية دون غيرها من اللغات‏.‏
والفائدة الثانية‏:‏ وهي الأبلغ وذاك أنه يتمكن المخاطب من إجراء الأوصاف المقصودة من مدح أو غيره على نفسه إذ يكون مخاطباً بها غيره ليكون أعذر وأبرأ من العهدة فيما يقوله غير محجور عليه)

من أمثلته:

1. قول الأعشى في مطلع لاميته :
ودع هريرة إن الركب مرتحل = وهل تطيق وداعًا أيها الرجل
غراء فرعاء مصقول عوارضها = تمشي الهوين كما يمشي الوجد الوحل
فقوله : (ودع هريرة ..) يريد نفسه لكنه جرد من ذاته ذاتًا أخرى بجواره يخاطبها.

2. ومنه قول الشاعر:
لا خيل عـندك تـهديها ولا مـال = فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
فكأنما انتزع وجرّد من نفسه شخصاً آخر وخاطبه فلذلك هو التجريد.

3.ومنه أيضا قول جرير في مطلع قصيدة أنشدها عند عبد الملك بن مروان :
أتصحو أم فؤادك غير صاحٍ = عشية هم صحبك بالرواح
فقوله : (أتصحو أم فؤادك غير صاح) يريد ذاته، جرد من ذاته ذاتًا أخرى، لكن عبد الملك فهم أنه يريده , وبخاصة أنه مطلع القصيدة ، فعاتبه على هذا المطلع بقوله: (بل فؤادك يا ابن الفاعلة). ولهذه العلة قيل إن هذا البيت فصيح ولكنه غير بليغ لأنه لم يوفق في المقام.

موضوع ماتع نافع

أشكر وأتابع.

متابعكتم أستاذنا الفاضل وسام أعتز به

صباح جميل كالذي أفدتنا أيتها النور
آيات شكري ..

أهلا بكِ انثيال

مروركِ البهي عطر متصفحي

واصلي ، أستاذتي أمل..
مشكووووووورة.

أهلا بكِ أستاذتي الغالية

مروركِ وسام أعتز به

جميل !

أتابع معكم

متابعتكِ تسعدني أختي الغالية

السلام عليكم
موضوع ماتع فعلا
استاذتي هل تلك الابيات من قصائدي توائم ما قلته انتظر ردك:

من قصيدة سقاني الود:

أبتدي يومي بآهات الحزانى=أمتطي يومي َ وقلبي في شتات



من قصيدة ياارض مكة:
تلك الذنوب ُالسودُ فيها غربتي= الذنبُ يا مولاي قد أضناني


رعاك الله وحباك نعمه

وعليكم السلام
وأهلا بكِ أم أوس
لاحظي التعريف أختي الغالية
إعادة اللَّفظ في آخِر البيت بعد ذِكْره في أوَّله، أو في حشْو النِّصف الأوَّل، أو في آخر النِّصف الأوَّل، أو أوَّل النِّصف الثاني.

فاللفظ الأول يكون في آخر البيت أما اللفظ الثاني المكرر فيكون في أول البيت وحشو النصف الأول وآخر النصف الأول و أول النصف الثاني.

ولو لاحظتي جميع الأبيات التزمت إعادت اللفظ في آخر البيت

سَرِيعُ إلَى ابْنِ الْعَمِّ يَشْتُمُ عِرْضَهُ = وَلَيْسَ إلَى دَاعِي النَّدَى بِسَرِيع ِ

فَتَيَّمَنِي فِي النَّاسِ خَالٌ تَخَالُهُ = غَزَالاً نَشَا بَيْنَ البَرِيَّةِ فِي النَّاسِ

( الترصيع )

وهو تصيير مقاطع الأجزاء في العبارة أو البيت على سجع

أمثلة:

* يقول أبو العتاهية :
الدهرُ ذو دُوَلٍ ، والموتُ ذو عِلَلٍ = والمرءُ ذو أملٍ ، والناس أشباهُ
ولم تزل عِبَرٌ ، فيهنَّ مُعتبَر = يجري بها قَدَرٌ ، والله أجراهُ

* أبيات مرصَّعة لـ( أبي الملثَّم ) :
آبي الهضيمةِ’ ناءٍ بالعظيمةِ ’متـ = ـلاف الكريمةِ جلدٌ غير ثنيانِ
حامي الحقيقةِ ’نسَّال الوديعةِ ’معـ = ـتاق الوسيقة لا نِكسٍ ولا وانِ
ربَّاء مرقـبةٍِ’ منَّاع مـغلبةٍ = ’وهَّـاب سلهبةٍ قـطَّاع أقرانِ
هبَّـاط أوديةٍ ,حمَّـال ألويةٍ = ’ شـهَّاد أنديةٍ سـرحان فتيانِ

ويغلب كون( الترصيع ) في الشعر وهو جميل فيه ، أما في النثر فهو غالباً واضح التكلف.
يقول الحريري صاحب المقامات حول الترصيع :
" وهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه ، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه . "