أضع هذا الموضوع ليكون مادة للبحث والتحليل والوزن ودور الرقمي في فهم اللهجة، وإجمالا يمكننا وصف ذلك بالثقافة العامة والتعرف بمساعدة الرقمي على بعض ملامحها لدي جزء من أمتنا، وهذا يقتضي بذل الجهد ، وأوجهه لمن كان همه الإفادة من دراسته للعروض الرقمي في مجالات تتعدى مجرد وزن الشعر، ويعم ذلك الجميع عروضيي الفصيح والمهتمين بالنبطي.

وربما تولدت عن الموضوع تداعيات مفيدة

يفيد البحث في ( جوجل ) و ( اليوتيوب ) عن أبيات وشواهد ومراجع عن الأوزان والمصطلحات الواردة في المقال، ومما سبق ونشر في المنتدى متضمنا شعرا وعروضا عن بعض لهجات السودان ووربما يفيد في هذا المقام :

1- الهمبتة :

تحت خامسا في الرابط:

http://sites.google.com/site/alarood.../21-aalameyyah

2- تفصيح الهمبتة :

https://sites.google.com/site/alaroo...ambata-tafseeh

3- دوبيت السودان:

http://arood.com/vb/showthread.php?p=15030#post15030

4- قصيدة شعبية سودانية :

http://arood.com/vb/showthread.php?p=15043#post15043



هذا المقال للأستاذ عبد الله علي إبراهيم

IbrahimA@missouri.edu

الطيب محمد الطيب (1940 - 2007م): عبادة في الهرج

ووجدنا الطيب مثلاً يتوقّف دون وصف (دوباي) البادية السودانية بـ(الفلكلور) طالما كان تعريف الأخير هو مجهولية المؤلف. فدوباي العرب السودانيين ليس مجهول المؤلف، كما هو الأصل في المأثور المنسوب للفلكلور. فالبادية السودانية ضنينة بإرثها تتناقله منسوباً إلى قائله برغم كرِّ السنين.
فكتابه (دوباي 2000م)، الذي درس الميزان العروضي لنظم البادية العربية السودانية، باعترافه، هو حملته لاسترداد هذا المأثور العربي الإسلامي من مصائر الخمول الفلكلوري. فقد اعتقد مثل أهل النيل الأوسط ومدنه ووسائط إعلامهم أن مأثور البادية النظمي الغنائي كله (دوبيت) -وهي مما أذاعه المتعلمون من قراء الأدب العربي- فجال الطيب تلك البوادي على (رجل باحث) فلم يجد بينهم من يسمى نظمه (دوبيت). فهو عندهم (دوباي) وهو من عبارة (دوب)، وترد في مثل "دوب لي" أو "لأمي" أو "لعربي" في دلالة الحنين والتشوق. ولما ظل الطيب -بحكم عادة المدينة- يصف في رحلاته الباكرة مأثور البادية بالدوبيت أخذه المرحوم الشيخ الصديق أحمد طلحة بالشدة قائلاً: "الغنا دا اسمه عندنا (الدوباي) ومن أراد الدوبيت فليذهب إلى ناس البحر (النيل الأوسط والبندر)". وهذه (مقاومة) من صاحب تقليد ثقافي يرى الآخرين يسعون لخلعه عن مصطلحه. وهذا الخلع أول أشراط التهافت والتهميش. والتفت الطيب بعد أن حرَّره الشيخ من جهله بالدوباي ليقول بأن الدوبيت الفارسي معناه قيامه على بيتتين، ووزنه العروضي، حين شاع في النظم العربي، غير وزن الدوباي.
وما استعدنا للنص العربي البدوي قوامه حتى ساقنا بعفوية إلى جذوره في العروض العربي وتشقيقاته المحيِّرة. فالدوباي السوداني رجز يختلط أحياناً بوزن الكامل. وفيه زيادة هي مقطع زائد أو مقطعان يسبقان تفعيلات كل شطر يسميها العروضيون العرب (خزماً). وكل نظم بادية أواسط السودان رجز. وبلغ من سليقة البداة السودانيين العروضية وفطرتهم أن سموا الناظم بإطلاق (راجز). فكثر نظم العرب في الرجز فصار وزناً شعبياً، وهو مناسب للقطع لا الطوال. (ولكن الطيب عاد بآخرة ليقول بأن الدوباي شبيه بالهزج ويميل أحياناً للمتدارك بل يأتي في بعض صوره بمجزوء الوافر).
وحين نفى الطيب مصطلح (دوبيت) ..... عن النظم الشعبي البدوي أطلق جني التنوّع والسخاء الإبداعي في مضماره. فوجد بجانب الدوباي (المربع أو الجراري في كردفان) أشكالاً من النظم غاية في الرشاقة والتعبير عن الحاجيات النغمية لمبدعيها. فالشاشاي (ضرب من سير الحيوان ومن معانيها السير شوقاً للأهل والأحباب) . فالشاشاي (ضرب من سير الحيوان ومن معانيها السير شوقاً للأهل والأحباب) هي أغنية العمل لنشل الماء من البئر، وأهزوجة لدقاقي العيش "دق التقا"، وعازقي الأرض من المزارعين، وعمال المراكب، والجمالين، والحطابين، وللجلالات العسكرية، ولطحن العيش، وأغاني كرامة البنات ومعابثتهن في الأعراس بين فريق العريس وفريق العروس، ودودار الطيور، وهدهدة النوم،وجمع الفزعة. كما يسع الشاشاي أغاني السيرة وأناشيد الصوفية التي تنشد سيراً على الأقدام كمثل ما يفعل القادرية. وقس على ذلك ضروب النظم الأخرى مثل البوباي والهوهاي والجابودي والسومار والبنينة. ولبعضها تسميات أخرى في بادية شمال كردفان مثل الطمبور والجراري والتوية والجالسة ولبادا والهسيس. فانظر كيف ازددنا غنى وعلماً بنظم البادية بمجرد أن أسقطنا حزازة مدينية عشوائية.
رأينا كيف كشف الطيب عن ذوق البادية العربية السودانية وإيقاعها لمجرد أنه لم يرَ في مأثورها فولكلوراً موطوءاً غربت شمسه بحلول الحداثة. ورأيناه يطلق فسيفساء هذا الذوق العروضي من عقال ضغينة مدينية أخرى استبدلت مصطلح ذوق البادية بمصطلح جزافي من الأدب العربي. وحزازات المدينة والصفوة حيال العامة لا حصر لها.

منقول من :
http://www.sudanile.com/index.php?op...6-03&Itemid=55