كنت اتوق للقاء الصديقات
كنت متحمسة كثيرا للقاء الصديقات. طلبت من مِيرَة الشال المكتوب عليه:
غزة، نصرك عيدنا.
قلت : سألبسه لكرسيي المتحرك.
لبت لي طلبي. أحضرت الشال.. ونسيتُ ونسيتْ ان الكرسي بقي عندهم في السيارة.

وضع حسن الكرسي في سيارة دينا، وانطلقنا.
وقفت أمام المطعم، وساعدنا أحد العاملين فيه بإنزال الكرسي، وساعدنا اثنان لتخطي عوائق المدخل: هيلا هوب، وقفزنا عن درجتين.
في الداخل استقبلنا نادل، سألته دينا عن جمع بنات، قال: مدرسة CMS ؟ إنهن فوق.
سألته عن المصعد، أجاب بأنه لا يوجد.
رفعت رأسي. نظرت إلى هيكل الدرج الممتد صعودا في السحاب. تخيلت من يصعده، يصعد برشاقة وخفة، لا تكاد قدمه تلامس الدرجة، حتى يقفز في الهواء لتلامس أختها الدرجة التالية. يصعد ويصعد ويصعد وهو يحمل الشعلة.. ليعلن بذلك بدء الألعاب الأولمبية.
هه!
نكست عيني في الأرض وفكرت: هل ساخرب على دينا اليوم حين تضطر الى اعادتي الى البيت.. فقد تعبت حتى من مجرد النظر اليه!
تم النادل كلامه: لا يوجد مصعد للزبائن، لكن يمكننا استخدام مصعد المطبخ.
امتدت ابتسامة في صدري ودينا تدفع كرسيي كافلام الكرتون، وانا اتقافز عليه في عد لبلاط المطبخ الصغير المتراص.
استقبلنا نادل كان يقف عند باب المصعد. دق على الباب، وعلا صوته وهو يطلب من زملائه في الاعلى اغلاق الباب حتى ينزل الينا المصعد.
قال لي: لو لم يكن هناك مصعد، لحملناك على أكتافنا. نحن نخدمك بعيوننا.
فتح باب المصعد. دفعتني دينا فيه، وعدلت الكرسي في مساحة ما اعتادت الا نادلا يحمل صينية في يده.
ظللت أتمتم: بارك الله فيك حتى باغتتني صورة الزميلات مجتمعات على طاولة طويييييييييلة تليق بالعدد.
: حبيبتي حنين!
وتضمني الصديقة بشوق إليها، وتتزلزل الدنيا في غمرة الأشواق.
عدة زلازل متلاحقة.. تنشر السحاب، وتضبّب الدنيا.
تتوالى الهزات الارتدادية في نزول واضح على مقياس رختر.
ألملم شتات ما تبعثر مني. تثبت الرؤية،
واتلمظ سعادة اللقاء.

نستعيد لحظات سعادة طفولية كانت من اسعد الايام.
نستعيد بنظرة عن بعد، تمحي السيء تماما، وتكبر الجمال بحيث يطغى على المشهد وينشر الازهار وموسيقى الضحكات المتصاعدة.
ضحكات كان يجب ان تدون في صور، لكن الضحكات الاصلية هذه فاتتنا وافتعلنا الابتسام المتعب امام الكاميرا.
ابتسام قد يطول، احد اصعب التمارين لعصب الوجه!

تمرين آخر كان اصعب من المرات السابقة في جمعاتنا.
ماذا تحبين ان تشربي؟
وعرفت ما استطيع فاحببت.
لا استطيع رفع كوب ثقيل. ولا استطيع رفعه ممتلئا والا انسكب، ولا استطيع لمسه ساخنا.. وماااااااا احلى الليموناضة خصوصا حين تكون بالنعناع وتشفط ولا تحمل!
آآآه.. تشفط
وواجهت معاناة كانت، لكنها باتت اعمق.
شفط شفطة كبيرة تعني عدم استطاعة البلع والغص واحتمال الشرَق.
وجدت الحل.
الشفط بوسة بوسة!
ولان الليموناضة لذيذة، ورغم كبر الكأس.. ولطول الوقت المتاح، شربتها على بكرة ابيها.

لم ابرد في الجلسة لاستعدادتي المدروسة لتساقط الثلج المباغت في آب اللهاب حسب التغييرات المناخية خصوصا حين يطول الجلوس.

كانت دينا على اتم الاستعداد حين اشير بعيني.
وكان عمال الفندق ينتظرونني من الباب الى المحراب.
وزعت عليهم حسنات الآخرة، ووددت لو انني كنت على الاقل ان كان لا يجوز لي ان اقدم لهم المال، ان اوزع عليهم الشوكولا التي فكرت ان احملها لاوزعها على الصديقات بمناسبة نصر بتنا نلمسه باليدين.
تفاجات بالكرسي.. و..

رجعت اتلمظ سعادة لقاء كان بطعم الليموناضة المنعنع.

عن 6-8-2014

--
لقاء جديد

تحضرت.. وآه كم في التحضّر، والخروج من بداوة المنزل من مشقة!
تبدأ المشقة من حين تفعيل الأفكار، وشد الازار، وتزرير الأزرار¬، وترتيب الإشار، وتكبيت القدم في حذاءٍ يعرف المسار.
حين أزفت ساعة الانطلاق.. وكما قال أحدهم في وصف ملحمته البطولية:
"لاحني ولحته، ومن كُثُر عزمي.. جيت تِحتُه."
مستعدة كنت، وكانت روحي منطلقة تستبق الواقع درجات، لكن رجلي اليمنى "حبيبتي المتعبة" كانت تلتصق بـ"سوبر جلو" وتقاوم النزول على الدرج المكتوب في الأقدار.
حين وصلنا البيت كانت معضلة تخطي المدخل تؤرق دينا..
:هل يوجد كراج؟ سؤال طرحته على استحياء..
كان الكراج دائما هو الحل، وحين يأتي ملاصقا للمصعد.. كان أجمل الحلول.
اجمل الحلول كان عند هانية، ولو اننا جلسنا على الطاولة المستديرة " وإنْ عبر الهاتف المحمول" ووضعنا خططنا الاستراتيجية قبل الانطلاق، لخفف هذا الكثير من توتر دينا.
دخلنا إلى الشرفة "المتوترة والمتوكلة-بعد الله على الأصدقاء".
زلازل سلامات ابسط بكثير من سابقتها. ربما لأن الأشواق لم تلتهب لأن لقاءنا السابق لم يكن بعيدا.. وربما لاطلاعهن على آثار الهزات الارتدادية، وربما..
ما ثبت عندما شربت عصير الحصرم.. كان السولومدرول قد أخذ مفعوله، فاستمتعت بشرب العصير بوصلات طوييييييلة.
--
رأيتها اول ما جلسنا. محجبة، ناعمة.. جمالها أقرب إلى الجراكسة منّا. ما أذكر انني رأيتها قبلا. قلت في نفسي: يبدو انها قريبة صاحبة الدعوة.
ورغم مآخذي على تمرين الابتسام، كنت مؤدبة، فابتسمت لها..
--
كان حديث الصديقات ممتعا. أمطرتنا فالا Vala بالذكريات المضحكة.
كان لف نظري من ناحية الى اخرى متعبا، فحاولت ان اركز في جهة واحدة.. إلى البعيييييد.
دينا التي كانت تجلس الى يساري لاحظت ما ظنته مشكلة. قالت لي: هل احرك كرسيك لتجلسي في مكان آخر أفضل؟
فاجبت بالنفي، وسألتها ان تغيّر جلستها هي.. حتى أراها.

ارتفع صوت لينا خماش: هل تذكرون لعبة الـ x ؟
وحدثتهن عن ذكرياتي مع اللعبة:
كانت المدرسة تسير الباص في دفعتين وقتها. وصلت في دفعة الباص الأولى إلى المدرسة في الساعة السادسة صباحا. جلست لأدرس وحين شئت ان انضم إلى اللعبة، كانت البيوت في هيكل اللعبة المرسوم على الأرض بالطبشور متراصة امامي. كان علي ان اقفز عن بيتين. كانت إحدى الصديقات من الطيبة بحيث سمحت لي أن أقف على بيتها. لكني فضلت التحدي.
قفزت.. وحين قررت الهبوط من تحليقي.. مادت الأرض بي وقد ترطبت ببضع قطرات من المطر الخفيف.
اوقفت انسيابي على الأرض بركز كوعي.
وطق..
اختل شيء ما.
اكتشفت ان مد يدي دون حراك ودون أن يلمسها بشر يجمل الحياة.
انتظرت وصول خليل في الإدارة وترتيبه امور المدرسة قبل ان ننطلق بعد الثامنة إلى مستشفى ملحس مشيا على الأقدام.
في حصة الدين وضعت يدي الملفوفة بالجبس امامي على الدرج.
تعجب أستاذ جلاد-رحمه الله- وقال: هل هذا؟ -وأشار إلى الجبس- نهاية كل ذاك الضحك في مكتب الإدارة؟!
--
أستغرب هذا المخ البشري..
أحيانا أبحث عن الذكريات ولا اجدها.. أنسى أين خزنتها،
واحيانا انسى أسلوب البحث..
أحيانا تقف أكثر من معلومة أمامي عليّ ان أختار أيها أتحدث عنه أولا لأن الثانية ستتبخر ما ان انطق الحرف الأول من الفكرة الأولى.
احيانا تقف المعلومة في الفم ولا تتترجم ذبذبات قولية على اللسان.
أحياناااااااااااا
وأحيانا ينطلق لساني بغباءات متسلسلة، أظنها غباءات خَلقيّة.. كانت مذ كنتُ.
--
مثلا.. أنا اعرف من زماااااااااااااان ان هانية ومجد بنات عم، وأظن أن لباص المدرسة فضلا في هذه الثقافة. خرج مني تعليق بااااارد
كان يمكن أن يكون أكثر حرارة لولا انه انتهى بنقطة آخر السطر.
تقول عيناها: لا أذكر بانك كنت "طفسة" هكذا!!
يمتد صمتي وانا ابحث في تلافيف مخي عمّا يبرر ما كان مني.
يكسر الصمت صوتي وقد وجدت الإجابة.
اقول: بتعرفي؟ ربما لأنك ما كنت في شعبة ب
--
ناديت جمانة بشوتي لتجلس قربي. قلت لها: دخلت الصيدلية حيث كنت اعمل. سلمت عليّ بشوق. قالت لي: هل تذكرينني؟
أنا جمانة.. كنت معك في المدرسة.
قالت جمانة وهي تضحك: صحيح.. انا زرتك في الصيدلية.
أكملت حديثي: نظرت إليها وقلت لها بتعجب: جمانة؟؟‍!!!!! كم تغيّرت!‍‍!!!
فقالت لي: أنا جمانة خوري، كنت زميلتك في الابتدائي.
آآآآآآآآآآه.. الان فهمت كيف تغيّررررررررررررتِ كثيرا!
--
جاءت قربي تلك المتحجبة التي ابتسمت لها عن بعد. قالت: هل تذكرينني كنت معكم في الصف.
تاملتها. قلت: عرفتك الآن
ثم أضفت محاولة ان أضفي شيئا من المرح على جهل تقمصني: ربما لم تكوني متحجبة؟
أجابت بنبرة عادية على تعليق عادي: لا
ظننت ان تعليقي مضحك شيئا ما فقد كنا في cms
--
حين خرجنا بصعوبة لأن العجلات الصغيرة تعلق بحافة الباب،
قلت لدينا: عادة ايمن يقلب الكرسي لنخرج بالعجل الكبير اولا
معلومة حلوة ومفيدة بس متاخرة!

عن 18-8-2014


لا يوجد منتدى نثريات في موقعنا الجميل هذا، وانا احب أن أنثر ما يدور معي عن جنبٍ وطرف
فأرجو أن تجدوا فيه بعض الحلاوة التي تشفع لي

شكرا لجمال أرواحكم