النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: المنادى النكرة

  1. #1
    زائر

    المنادى النكرة

    الشكر للأخ مخلص النوايا الذي حفزني لتناول هذا الموضوع:



    سأروي هنا ما علمنيه في المتوسطة أستاذي شعيب البكري يرحمه الله، فيما يخص النكرة في النداء. بأسلوبه الذي جعلني وسائر طلابه نتذوق النحو ونحس به متفاعلا مع نفوسنا ومشاعرنا فلا ننساه أبدا.

    كان مما قاله لنا لو أن رجلين قالا جملة واحدة لرجل مر بكل منهما فأيهما الأعمى وأيهما المبصر ؟

    أما الأول فقال : يا رجلُ خذ بيدي
    وأمما الثاني فقال : يا رجلاً خذ بيدي

    قال يرحمه الله

    قول الأول نداء لنكرة مقصودة فبني المنادى على الضم، وطالما أن المنادى مقصود بعينه فلا يقصده إلا من يدركه ويراه. فإذن الأول هو المبصر.
    قول الثاني : نداء لنكرة غير مقصودة، والجدير بهذه الصيغة هو الأعمى الذي لا يعرف المنادى.

    المنادى في الحالتين نكرة شكلا، وهو لدى من يعرفه مقصود، ولدى من لا يعرفه غير مقصود.
    وقد رجعت إلى الموسوعة الشعرية فلم أجد "يا معينا" ووجدت قول الشاعر:

    نحن التقادير التي قدرتها = في نور نورك يا مهيمن يا معينْ

    بتسكين نون معين وهذا جائز في آخر البيت ولكن حكمها حكم مهيمنُ البناء على الضم كنكرة مقصودة.
    وقلت أبحث عن ( يا رسولا ) فوجدت للشاعر صالح الشرنوبي:
    سيد الناس أتى الدنيا يتيما = عربيّاً قرشيّا هاشميّا
    ألهم الدنيا الطريق المستقيما = وهدىالكون صبيّا ونبيّا

    وبعدذ لك:

    يا رسولاً منه يستوحى الزمنْ = كل لحن من أناشيد السلام
    باسمك التاريخ غنّى وافتَتَن = وهدى للنور أبناء الظلام
    فقلت ربما يكون هذا في صالح القول بجواز ( يا معينا) ، فالمنادى هو الرسول عليه السلام، وهو مقصود ونكرة ورغم ذلك جاء منصوبا.

    ووجدت مثله لمحمد فرغلي الطهطاوي:

    والصحيح أني لم أتوقع أن أجد مثل هذا، مع أني أتذكر الآن الكثير من الشعر الغزلي الذي يقصد المتكلم فيه محبوبا بعينه ولكنه يخاطبه ( يا حبيبا )

    ومن ذلك قول ابن المعتز:
    يا حَبيباً سَلا وَلَم أَسَلُ عَنهُ = أَنتَ تَستَحسِنُ الوَفاءَ فَكُنهُ

    وقول البحتري:
    يا حَبيباً لَم أَنَل مِنهُ عَلى = طول ما قاسَيتُ فيهِ دَرَكا

    وللصاحب شرف الدين
    يا حَبيباً لَهُ بِصَدْري وِدادٌ = رَحْبُ صَدْرِ الْفَضاءِ عَنهُ يَضيقُ
    وبدا لي أن هذا يخالف سابق رأيي في الموضوع.

    ورجعت إلى كتاب قطر الندى وبل الصدى، فوجدت فيه:
    " يعني أن المنادى ينصب في ثلاث مسائل
    إحداها أن يكون مضافا كقولك " يا عبدَ الله " و "يا رسول الله"
    الثانية :أن يكون شبيها بالمضاف وهو " ما اتصل به شيء من تمام معناه " وهذا الذي به التمام إما أن يكون اسما مرفوعا بالمنادى، كقولك " يا محمودا فعلُه " و " يا حسناً وجهه " أو منصوبا به كقولك " يا طالعا جبلا" أو مخفوضا بخافض متعلق به كقولك " يا رفيقاً بالعباد" أو معطوفا عليه قبل النداء كقولك " يا ثلاثةً وثلاثين " في رجل سمّيته بذلك .
    الثالثة : أن يكون نكرة غير مقصودة كقول الأعمى " يا رجلا خذ بيدي " وقول الشاعر :

    يا راكباً إما عرضت فبلّغن = نداماي من نجرانَ ألا تلاقيا

    ويضيف والمفرد المعرفة يبنى على ما يرفع به كـ" يا زيدُ " و " يا زيدانِ" و (يا زيدونَ) و " يا رجلُ" لمعيّن"
    . ويضيف :" يستحق المنادى البناء بأمرين : إفرادِه وتعريفِه، ونعني بتعريفه أن يكون مرادا به معيّنٌ، سواء كان معرفة قبل النداء كزيد وعمرو، أو معرفة بعد النداء – بسبب الإقبال عليه – كرجل وإنسان تريد بهما معيّنا. فإذن وجد في الإسم هذان الأمران اسنحقّ أن يبنى على ما يرفع به لو كان معربا تقول " يا زيدُ " قال تعالى ( يا نوحُ قد جادلتنا ) ، ( يا جبالُ أوّبي )

    أسأل الله للجميع كل خير.

  2. #2
    زائر
    الأستاذ العزيز خشان:
    رحم الله أستاذك (إن كان مات أأو ظل حياً فالدعاء بالرحمة جائز للأحياء) لقد كان نبيهاً متفهماً للغة ومثل الأعمى مثل رائع لا أذكر أنني سمعت مثله أو خطر لي ببال.
    وقول الشاعر: يا رسولاً في مخاطبة النبي عليه الصلاة والسلام صائب بخلافه لو قال في مخاطبة الله عز وجل :"يا معيناً" إن لم يزد على "معين" صفة أخرى.
    فقد يصح أن يقول "يا معيناً لا أحتاج إلى معين معه"
    أو "يا معيناً يعينني دون أن أنطق بكلمة أنادي بها على معين" والمعنى في هذه الحالة تمييز لطبيعة عون الله عز وجل بين المعينين.
    وجاز قوله "يا رسولاً" لأنه خصه من بين الرسل بشيء كما في قول الشاعر إبراهيم ناجي: يا حبيباً زرت يوماً أيكه"
    إذ هو نكر المنادي هنا فأنت كسامع يريد أن يقول لك إنه يحدثك عن "نوع من الأحبة"! وفي هذا تنكير.
    والمعنى دقيق على أن الأصل الذي استند إليك المعلم هو الأصل الأكيد.
    والله أعلم.

  3. #3
    زائر
    الطريقة التي اتبعتها قديماً في شرح الفرق بين المنادى النكرة غير المقصودة والمنادى النكرة المقصودة هي التالية:
    إنك إن كنت تستطيع استبدال الصفة باسم علم فالمنادى نكرة مقصودة!
    ذلك أنك حين تكلم طالباً بعينه لا تعرف اسمه تناديه بصفته فتقول له: يا طالب! بضم الباء.
    وهذا يعني أنك في الحقيقة كنت تريد مناداته باسمه لو عرفته أو أن الصفة قامت مقام الاسم فالمنادى هنا كأتنه مفرد علم ولذا يأخذ حركته.
    وليس كذلك الأمر حين لا تكون تنادي أحداً بعينه، ولعل من لا تناديه ليس حاضراً أصلاً، بل أنت كأنما تنادي جنساً من البشر أو غيرهم وليس مفرداً بعينه.
    فتقول: يا عابداً أبشر!
    ومثال معلم الأستاذ خشان مثال رائع ، وأقول هذا مرة أخرى.
    والله أعلم.

  4. #4
    زائر
    أخي الكريم محمد ب.
    حفظك الله ورعاك وجزاك بدعوتك لأستاذي خير الجزاء.
    ومما قرأته في كتاب التطبيق النحوي للدكتور عبده الراجحي: " إذا كانت النكرة موصوفة فالأغلب نصبها

    نصرك الله يا قائدا عظيما "

  5. #5
    زائر
    أخي الكريم محمد ب.
    حفظك الله ورعاك وجزاك بدعوتك لأستاذي خير الجزاء.
    ومما قرأته في كتاب التطبيق النحوي للدكتور عبده الراجحي: " إذا كانت النكرة موصوفة فالأغلب نصبها

    نصرك الله يا قائدا عظيما "

  6. #6
    زائر
    السلام عليكم

    عندما قرأت هذه المشاركة الممتعة من الأستاذين الجليلين خشان ومحمد تذكرت قصة أبي السائب التي تقول :
    قال الزبير: حدثني جدي قال: أتاني أبو السائب المخزومي في ليلة بعدما رقد الناس، فأشرفت عليه وقلت: هل من حاجة ؟ فقال: سهرت فذكرت أخاً لي أستمتع به فلم أجد أحداً سواك، فلو مضيت بنا إلى العقيق فتناشدنا وتحدثنا ؟ قلت: نعم ! فنزلت فما زال في حديث إلى أن أنشدته في بعض ذلك بيتي العرجي:
    باتا بأنعـم لـيلةٍ حـتـى بـدا....................صبحٌ تلوّح كالأغرّ الأشـقـر
    فتلازما عند الفراق صـبـابةً......................أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
    فقال: أعده، فأعدته فقال: أحسنت والله ! وامرأتي طالق إن نطقت بحرف حتى أرجع إلى بيتي غيره، فمضينا فتلقانا عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب وهو منصرف من ماله يريد المدينة. فقال: كيف أنت يا أبا السائب ؟ فقال:
    فتلازما عند الفراق صـبـابةً................أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
    فالتفت إلي، وقال: متى أنكرت عقل صاحبك ؟ قلت: منذ الليلة، قال: لله أي كهل أصيبت به قريش. ثم مضينا فلقينا محمد بن عمران التيمي قاضي المدينة يريد مالاً له على بغلة، وكان أثقل الناس جسماً، ومعه غلام له على عنقه مخلاة فيها قيد البغلة، فسلم عليه ثم قال: كيف أنت يا أبا السائب ؟ فقال:
    فتلازما عند الفراق صـبـابةً................أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
    فالتفت إلي وقال: متى أنكرت عقل صاحبك ؟ قلت: آنفاً؛ فتركني وانصرف، فقلت: أفتدعه هكذا؟ ما آمن أن يتهور في بعض آبار العقيق، قال: صدقت، يا غلام، هات قيد البغلة، فوضعه في رجله وهو ينشد البيت ويدافع بيده؛ فلما أطال نزل الشيخ عن البغلة وقال: يا غلام، احمله على بغلتي وألحقه بأهله؛ فلما كان بحيث علمت أنه قد فاته أخبرته الخبر فضحك. وقال: قبحك الله ماجناً فضحت شيخاً من قريش وعذبتني وأنا لا أقدر أن أتحرك.

    وقد وجدت أني أشبهه في ذلك فمازلت أردد منادى نكرة حتى شُغلت بها نصف نهاري .

    النداء في اللغة العربيّة هو أسلوب يظهر جمال اللغة العربيّة ودقّتها وقد اُستخدم في القرآن الكريم , وهناك كتاب مفيد ـ رغم وجود نقص فيه من ناحية اكتمال البحث ـ هو كتاب " احفظوا نداء القرآن العظيم وتفسيره " لعبد الهادي قدّور الصبّاغ , عرض فيه للنداء في القرآن الكريم ومما قاله : " إننا نجد القرآن العظيم قد عالج بالنداءات الإلهية المؤمنين والناس على وجه عام , وعالج الطوائف على وجه خاص , وكانت الأوصاف التي تقع بها هذه النداءات من شأنها أن تدفع بالمخاطبين إلى امتثال ما يخاطبون به , وهو أسلوب قوي من أساليب الإرشاد واستنهاض الهمم "
    وبالفعل فقد جاء النداء في القرآن عاماً لكنه يحمل صفة المعرفة , بمعنى أن الله لم يخاطب نكرة غير مقصودة , وما ورد من أمثلة على النكرة غير المقصودة لم تكن تحمل معنى الخطاب مثل قوله تعالى : " يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" (يّـس:30)
    فقد كان النداء للذين آمنوا وللناس ولأهل الكتاب ولأولي الألباب وللأنبياء بأسمائهم ..............إلخ.
    وما ذلك إلا لأن النكرة غير المقصودة تفيد عدم معرفة المنادى وعدم تعينيه , والله عالم بعباده , والقرآن كتاب توجيه وإرشاد وهدى فكان خطابه محدداً ومعيّناً .

    وفي الختام لي طلب صغير من أساتذتي الكرام : أرجو منكم أن تدلوني على مراجع تبحث في خصائص أساليب الخطاب في اللغة العربية , مثل خصائص النداء والمنادى وأقسامه , أو ما يشبه هذه المواضيع وبيانها لأنها تعرّف على بدائع اللغة العربيّة وجمالها , ولكم جزيل الشكر سلفاً .

  7. #7
    زائر
    ورحم الله أيام العقيق يا أخت رغداء!
    وكانوا قوماً عندهم ظرف.
    والظرف في أيامنا قليل. والتجهم كثير لزموه كأنه جاء في الكتاب والسنة أن المسلم عليه أن يكون ثقيل الظل لا تطيق أمه الجلوس معه لثقل دمه كما قال زكريا تامر!
    وحفظك الله ومنك نأخذ النصائح يا بنت الحلال ! فكيف نشير عليك بكتاب!

  8. #8
    زائر
    السلام عليكم

    فعلاً رحم الله أيّام العقيق يا أستاذ محمد ‍

    وحفظك الله ورعاك وأفادنا من علمك , أنتم الأصل أستاذي , منكم نتعلّم , وإليكم نرجع إذا استعصى علينا باب من أبواب العلم نرجو ولوجه .
    إذا رُمت نيل العلم قف وابك قارعا ............ على باب شيخ فاضل عالم وارغ

  9. #9
    زائر
    باتا بأنعـم لـيلةٍ حـتـى بـدا = صبحٌ تلوّح كالأغرّ الأشـقـر
    فتلازما عند الفراق صـبـابةً = أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر

    كم كررت قراءة هذين البيتين والأخير خاصة حتى أشبهت بدوري أبا السائب.

    قلت فلأتناولهما ب م/ع

    باتا بأنعـم لـيلةٍ حـتـى بـدا
    2 2 3* 1 3 3* 2* 2 3 ............3/5=0.6

    هنا وصف لحالة امتدت ليلة بكاملها وأي شيءٍ أدعى للانشراح أكثر من (باتا ) هكذا بِـ(طولة بال) هذا الانشراح الذي يمثله انخفض المؤشر. ولو كان الأمر وصفا للقطة محددة فلربما ارتفع المؤشر، كما في قول الشاعر:


    أخرَجتِ من شفتيَّ رُوحي عِندَما = قبَّلتُ ثغراً فيهِ يبسمُ لي الرجا


    2* 2* 3* 1 3* 3 2 2* 3 ...........2* 2* 3* 2* 2 3* 1 3* 3


    م/ع للصدر = 5/3=1.7 ..............للعجز = 6/2=3.0 ...........للبيت =11/5=2.2



    صبحٌ تلوّح كالأغرّ الأشـقـر
    2* 2* 3* 1 3* 3* 2* 2* 3 ...........7/1 =7.0

    في مقابل امتداد اللقاء ذي المؤشر المنخفض، يضفي ارتفاع المؤشر الحاد هنا بعدا إضافيا على معنى الألفاظ،
    يوحي بتفاجئهما بظهور النور قويا وعلى كل حال فأن قوله ( كالأغر الأشقر ) يفيد ذلك ، ولكن ها الارتفاع الحاد للمؤشر يلقي في روعنا صورة قد لا تقولها الألفاظ ، وهي صورة ستارة تزاح فينهمر النور مفاجئا لهما.
    لا فرق في ذلك بين رفع مادي مفاجئ لستارة، أو رفع معنوي مفاجئ لستارة غيابهما في هيامهما عن إدراك تسلل الضوء في بداياته.


    فتلازما عند الفراق صـبـابةً
    1 3 3 2* 2* 3 1 3 3* ..............3/4=0.75

    المفروض أن يتجاذب هذا الشطر عاملان عامل الرقة المقترنة بالصبابة والتلازم وعامل التشبث، ولكن انخفاض المؤشر يوحي بسيادة العامل الأول وخفوت أثر الفراق وما ينجم عنه من ضيق، هذا ما يدل عليه انخفاض المؤشر، فكأنهما في سياق الصبابة قد ذابا فطغى ذلك على أثر الفراق، ويظهر أثر ذلك في اختيار الفعل ( تلازما =33
    ...م/ع =صفر) ولو قال (تشبثا = 3* 3 ..م/ع =1 ) لكان ذلك إبرازا لنوع من الألم.
    كأنما أراد الشاعر للبيت أن ينقسم إلى شطرين متكاملين من الإحساس الأول ( الصدر ) يذوب رقة مشاعر والثاني ( العجز) ينبئ بشدة جارفة لهذه المشاعر، وذلك بانسيابية عجيبة لا تشعر بانفصام . أترى كان هذا عاملا في هوس أبي السائب بالبيت .

    أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
    2* 2* 3 1 3* 3* 2* 2* 3 ...........6/2=3.0

    أي صورة وأي جمال وأي تصوير لاعتمال المشاعر ساعة الفراق تنعكس في ارتفاع المؤشر.
    لنا أن نسأل لماذا انخفض مؤشر هذا الشطر 3 عن مؤشر الشطر:
    صبحٌ تلوّح كالأغرّ الأشـقـر ..............7.0

    أرى الأمر يعود لعاملين
    الأول : أن مؤشر 7.0 مقرون بالمفاجأة، وهنا وقد تحضرت النفس للفراق على قسوته فإنه لا مفاجأة فانخفض المؤشر.

    الثاني : يشرحه ما يلي
    لو قال الشاعر:

    أخْذ المُحصِّل فضل ثوب المعسر ، لكان المؤشر = 7.0

    وإن فالفارق ناتج من استعمال كلمة ( المحصل = 2* 3* 1 1 .....م/ع = 2/0=4.0 اصطلاحا، بينما ( الغريم = 2* 3 1 ......م/ع= 1/1=1.0 )

    وهنا يذكرني انخفاض مؤشر ( الغريم) بانخفاض م/ع في رد امرأة العزيز ( ما جزاء من أراد بأهلك سوءا )
    فلم تكن تكن غير الود لمن كانت تتظاهر بالتظلم منه. وهنا هذا الغريم طغت عليه صورة من استعير اللفظ للتعبير عن أخذه بالثوب وهو الحبيب . لعل وربما

    وذكرني البيت الأول

    باتا بأنعـم لـيلةٍ حـتـى بـدا ...0.6= صبحٌ تلوّح كالأغرّ الأشـقـر...7.0

    ببيت الأجوص

    باتا بِأَنعَمِ لَيلَةٍ وَأَلَذِّها....1.3 = حَتّى إِذا وَضَحَ الصَباحُ تَفَرَّقا.......0.8

    فلنقارين الصدرين أولا

    باتا بأنعـم لـيلةٍ حـتـى بـدا ...0.6
    باتا بِأَنعَمِ لَيلَةٍ وَأَلَذِّها....1.3

    إن الذي رفع مؤشر الصدر الثاني هو كلمة ( وألذّها ) وفي اللذاذة دلالة على تفاعل تخطى الانشراح إلى ما يهيج النفس فارتفع المؤشر.

    ولنقارن العجزين:
    صبحٌ تلوّح كالأغرّ الأشـقـر.........7.0
    حَتّى إِذا وَضَحَ الصَباحُ تَفَرَّقا...........0.8

    لمّا أكتفى الشاعر في صدر البيت الأول بقول ( أنعم ليلة ) ترك المجال لنا لتصور عفة في العلاقة فعندما حان فراقهما كانت لوعتة من لوازم العفة التي لا تزداد إلا ظمأ على القرب فكيف على النأي، ورفعت هذه اللوعة من المؤشر.

    ولكن صدر البيت الثاني باحتوائه ( وألذّها) رجح لدينا اللذة الحسية التي وإن رفعت مؤشر الصدر تبعا للانفعال الجسدي إلا أن العلاقة بينهما لما خالطتها عوامل الحس المادي أشبعت بهذه اللذاذة فلم يكن فراقهما مؤثرا، فقانخفض المؤشر.

    وعلى ما أذكر من المدرسة فقد انتقدت سكينة بنت الحسين العجز ، وفضلت عليه القول:

    حَتّى إِذا وَضَحَ الصَباحُ تعانقا .........0.4

    وكنت أرى في (تعانقا) تعبيرا أقوى عن رابطة الحب من( تفرقا) ، فلما نظرت للأمر بمنظار م/ع رأيت الأمر على غير ذلك، فإنّ ( تفرّقا ) تترك أثرا بارتفاع مؤشرها لاحتمال قدر من اللوعة في الفراق. ولكن ( تعانقا ) وإن احتملت ظلالا من الرقة والجمال والشاعرية إلا أن انخفاض مؤشر م/ع بها للشطر كله يشي بتفريغ بقية شحنة من الأحاسيس المادية فينخفض المؤشر.

    ويذكر في هذا السياق بقول عمر بن أبي ربيعة


    بِتنا بِأَنعَمِ لَيلَةٍ وَأَلَذِّها = لِلنَفسِ ما سَتَرَ الصَباحَ حِجابُهُ
    حَتّى إِذا ما الصُبحُ أَشرَقَ ضَوءُهُ = عَن لَونِ أَشقَرَ واضِحٍ أَقرابُهُ
    أَخشى عَلَيهِ العَينَ إِن بَصُرَت بِهِ = وَتَرى صَبابَتَنا بِهِ فَتَهابُهُ

  10. #10
    زائر
    هذا حديث ذو شجون فتحتها مشاركة الأستاذة رغداء زيدان.

    وقد وجدت خبر موقف سكينة بنت الحسين في تحكيمها بين رواة الشعراء في كتاب ( المستطرف في كل فن مستطرف ) وجاء فيه:

    قال أبو عبد الله الزبيري: اجتمع راوية جرير، وراوية كثير، وراوية جميل، وراوية الأحوص، وراوية نصيب، فافتخر كل منهم وقال: صاحبي أشعر، فحكموا السيدة سكينة بنت الحسين رضي الله تعالى عنهما بينهم لعقلها وتبصرها بالشعر، فخرجوا حتى استأذنوا عليها، وذكروا لها أمرهم فقالت لراوية جرير أليس صاحبك الذي يقول:

    طرقتك صائدة القلوب وليس ذا = وقت الزيارة فارجعي بسلام

    وأي ساعة أحلى من الزيارة بالطروق! قبح الله صاحبك وقبح شعره فهلا قال: فادخلي بسلام. ثم قالت لراوية كثير أليس صاحبك الذي يقول:

    يقر بعيني مايقر بـعـينـهـا = وأحسن شيء مابه العين قرت

    وليس شيء أقر بعينها من النكاح، أيحب صاحبك أن ينكح! قبح الله صاحبك وقبح شعره. ثم قالت لراوية جميل أليس صاحبك الذي يقول:

    فلو تركت عقلي معي ماطلبتهـا = ولكن طلابيها لما فات من عقلي

    فما أراه هوى، وإنما طلب عقله. قبح الله صاحبك وقبح شعره. ثم قالت لراوية نصيب أليس صاحبك الذي يقول:

    أهيم بدعد ما حييت فإن أمـت = فوا حزني من ذا يهيم بها بعدي

    فما له همة إلا من يتعشقها بعده. قبحه الله وقبح شعره هلا قال:

    أهيم بدعد ما حييت فـإن أمـت = فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي

    ثم قالت لراوية الأحوص أليس صاحبك الذي يقول:

    من عاشقين تواعدا وتراسـلا = ليلاً إذا نجم الثربا حـلـقـا
    باتا بأنـعـم لـيلة وألـذهـا = حتى إذا وضح الصباح ثفرقا

    قبحه الله وقبح شعره. هلا قال: تعانقا. فلم تثن على واحد منهم، وأحجم رواتهم عن جوابها رضي الله عنها.

  11. #11
    زائر
    السلام عليكم

    ما أروع هذه الناقدة الفذة
    وبالفعل , العقل أجمل زينة يهبها الله لإنسان

    أشكرك أستاذي فقد فتحت شهيتي للمشاركة بموضوع أرجو أن يكون مفيداً لكنني لن أضعه هنا حتى لا نخرج عن موضوع المنادى
    لك تحياتي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط