النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: العلمانية في الشعر الحديث

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2004
    المشاركات
    578

    العلمانية في الشعر الحديث

    كنت قد أنزلت هذا المقال من قبل في عدد من المنتديات وتذكرته اليوم حين اطلعت على موضوع الأستاذة رغداء
    (الأدب الإسلامي وصلته بالحياة )
    ولأن المقال يتطرق في أجزاء منه لموضوع الأستاذة أردت إدراجه في موضوع الأستاذة ولكني فضلت إفراده
    لطوله ولكي لا أشتت موضوعها عن هدفه .

    ___________________________________
    العلمانية في الشعر العربي الحديث
    أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
    نقلا من كتابه:هكذا علمني وردزورث
    __________________________________

    في شعرنا العربي القديم إلى عهد النهضة الحديثة علمانية كثيرة تتجلى في خلاعة ومجون أبي نواس
    والحمادين والخليع وأضرابهم كما تتجلى في كفريات أبي الطيب وابن هانيء وفي شكوك وجبرية أبي
    العلاء وابن شبل ومدرستهما،ولكنها تفسر بحسن نية،لأنهما نتيجة مسلمة لإيمانهما بأن أكذب الشعر
    أكذبه،وأن الشعراء يقولون مالايفعلون،وبأن اتخاذ الشعر رسالة لم يتبلور في تلك العصور وبأن
    النشاط العلماني المعادي لتاريخنا عقيدة وسلوكا لم يتبلور مذهبا في الشعر،لأن الحماس الديني
    قوي ،والجمهور ينددون بالهفوات العلمانية.
    وبعكس ذلك تماما العلمانية في الشعر الحديث لأنها مرحلة نهائية لغزو فكري بعيد المدى ولا استثني
    إلا هفوات يسيرة عن العلمانية الحديثة قد تفسر بحسن نية،والأغلب بعد ذلك وفق خطة محكمة مدروسة
    هو الغزو الفكري.
    وقبل استعراض أمثلة العلمانية الحديثة أحب أن أخلع اللثام عن مغالطة منطقية في النقد الأدبي
    الحديث قيلت لتسويغ العلمانية،وهي أن الفن متعة الإنفعال أوالخيال الذي تثلمه المشاعر،
    لا ينبغي أن نقيدها بقيم تهيض طلاقة الأديب:والسر في هذه المغالطة:
    أن النقاد في الغالب لا يستلمحون الممايزة بين أمرين مختلفين:
    1-الأدب لذاته.
    2-الأدب لغيره.
    والأدب لذاته يجب أن تحدد ملامحه في سفر من النقد الأدبي الحديث سفر لا يستمد مقاييسه من غير قيمة
    الجمال ، لأن الشعر من الفنون الجميلة،وكل مدلول لكلمة جمال في لغتنا العربية لا يفسر بغير لذة
    النفس وبهجة القلب،فنجعل النقد الأدبي لذاته مقصورا على علاقة الشعر بالتصوير والرسم والموسيقى،
    فنأخذ من مصطلحات هذه الفنون مسائل التناسب والتناسق والوحدة والكمال .. إلخ.
    وأي مقاييس منطقية أو أخلاقية تعتبر دخيلة على النقد الأدبي لذاته.
    وهنا يلتقي المؤمن والملحد والرأسمالي والشيوعي والوقور والماجن في اتخاذ قواعد النقد الأدبي
    لذاته،لأنهم يأخذون قواعدهم من علم الجمال المبرأ من الغاية.
    أما الأدب لغيره فيعني رسالة الأديب،فيكون هذا المبحث قسيما للنقد الأدبي لذاته،ويتحول الحديث
    من فن الأديب إلى غاية الأدب،فلا يمس أي مقياس جمالي،وإنما يعالج الموقف بمقاييس من قيمتي المنطق
    والأخلاق،ويسعى كل صاحب عقيدة أو مبدأ أو مذهب أو غاية إلى تأميم أدب قومه لصالح قضيته،وهذا هو
    الإلتزام في الأدب، ومن المستحيل أن نجد أديبا غير ملتزم وإن ادعى ذلك،لأن كل متحرر من غاية مرهون
    بغاية ولا يتحرر من كل غاية إلا من لا غاية له،ولن يعيش في الكون من لا غاية له.
    وغاية الأديب ورسالته مهما كانت سيئة أو شاذة لا يمكن أن تهيض فنه،لأنه لن يكون أهلا لأي رسالة أدبية
    حتى يكون أديبا لذاته.
    إنه إن كان أديبا لذاته كان أديبا لغايته،ولقد رأيت ماوتسي تنج وغيره من زعماء المذاهب الهدامة
    يؤلفون المؤلفات في النقد الأدبي التي ترمي إلى تأميم الأدب،إذن تأمين الأدب لا ينافي طلاقة الأديب
    ولكنه برهنة على طلاقته.
    وإذا قلنا نريد أديبا مسلما فلا يعني ذلك أننا نحدد نطاق الموهبة الأدبية،لأن كلمة أديب مسلم
    يعني مدلولين:
    1-أديب وهو الأديب بذاته المطبوع على الفن.
    2-مسلم وهو الغاية لهذا الأديب المسلم يجد في عزائم الإسلام ورخصه ما لا تستوفيه موهبته الأدبية
    ولو عمر الأجيال.

    إن الجمال غاية لذاته في مقاييس النقد الأدبي إذا عالجناه فنيا لا نحيف عليه بالمواعظ الخلقية
    والمنطقية.
    ولكن هذه الغاية الجمالية يجب أن يكون من ورائها غاية في حياتنا بوحي من الدين والأخلاق لا الجمال
    إلا ما يتعلق بجمال الغاية.
    وما يطربنا أن يكون بين ظهرانينا أديب علماني جميل الفن قبيح الغاية لأن الجمال أحد القيم الثلاث:
    1- قيمة الجمال.
    2-قيمة الحقيقة.
    3-قيمة الأخلاق.
    فإذا عارضت قيمة الجمال قيمتي الحقيقة والأخلاق فليسقط الجمال ولتبق الفضيلة والحقيقة.
    لأننا نبني على الفضيلة والحقيقة وجودنا وكياننا أما الجمال فهو متعتنا،فالجمال في القيم
    كالفضلة في النحو.
    ولكن الأديب المطبوع هو الذي يكفل لأمته أدبا جميلا لذاته جمالا فاضلا حقا في غايته.
    ولا تفوتني الإشارةإلى أن المقاييس الجمالية ألصق القيم بالأدب لذاته ولغايته لأننا نبني الأدب على
    مقاييس عقلية وخلقية صرفة تنتهي إلى جمال الغاية.
    إن قصيدتين لشاعرين مختلفي الغاية إحداهما في الإبتهال بإباء وشمم،وأخراهما في تسويغ فجور:
    إنهما جميلتان،لأنهما قمة الفن لذاته،ولكن الأولى تصور جمال الجمال لأنها جميلة في فنهاوغايتها،
    والأخرى تتخذ من القبح جمالا أو تتخذه مادة الجمال،لأنها في ذاتها قبيحة في غايتها.
    أفعجز شعراؤنا عن إحلال الجمال في محله اللائق به حتى يقال لا مندوحة لهم عن جمال القبح؟
    إنهم إن فعلوا أقاموا البرهان على قصورهم الفني.
    والظاهرة العلمانية في أغلب كتب النقد الحديث لا تنعي على الشيوعي التزامه،ولا تنعي على شاعر
    النهود التزامه،فكل التزام مباح،ولكن الويل للأديب المسلم إذا كان أديبا ملتزما.
    إن هذا الصراع في كتب النقد الحديثة ليس صراعا حول مقاييس النقد الأدبي لذاته،أي ليس دفاعا عن
    الفن لأنه فن.
    ولكنه صراع حول الغاية، إنه نقد مباشر لعقيدتنا وسلوكنا وغايتنا.
    ولو ارتاحوا لقيمنا ما حرموا علينا الإلتزام.
    إن التنديد بالإلتزام ليس تنديدا بالإلتزام ذاته ولكنه تنديد بما نلتزمه لأن كل التزام غير
    التزامنا مباح.
    أجل إن العلمانية ضد الإلتزام العربي المسلم،فما هي ظاهرات ذلك في أدبنا الحديث؟!
    أهم ظاهرة أن الشاعر المعاصر لا يتحرج في لغته وصوره وحيرته فيمس جانب العقيدة والسلوك
    المسلم بعنف،يقول الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي:
    غرامك كان محراب المصلى.......كأني قد بلغت بك السماء
    خلعت الآدمية فيه عني..........ولكن ما خلعت به الإباء
    فلم أركع بساحته رياء.........ولا كالعبد ذلا وانحناء
    ولكني حببتك حب حر...........يموت متى أراد وكيف شاء

    ويقول
    وحبيب كان أدنى أملي..........حبه المحراب والكعبة بيته

    ويقول
    يا أيها الحب المقدس هيكلا......ذاق الردى من عابديك مسبح
    كثرت ضحاياه وطال قيامه........وصيامه فمتى رضاءك تمنح؟
    يادوحة الأرواح يحمد عندنا......فيء ويعبد زهره المتفتح

    ويقول
    أيها النور سلاما وخشوعا.......أيها المعبد صمتا وركوعا

    ألا ترى هذه العلمانية الوثنية وهي كثيرة جدا جدا في شعر ناجي؟
    إنه اتخذ الجمال ربا يعبد من دون الله.

    هذه الكعبة كنا طائفيها......والمصلين صباحا ومساء
    كم عبدنا الحسن فيها.............................

    إن الدكتور ناجي مخلص لعواطفه لا يلجمها بأي قيمة.

    وأنا أقول بلغة النقد العربي القديم لو لم يكن له إلا الأطلال لكفته فخرا في بناء قمم الفن الشامخة
    لذاتها،ولكني أنقد غايته وأقول إن رائد الشعر الحديث ضر ناشئة الأمة من حيث لا يقصد بشعره اللامتحرج.
    ونبني حسن نيته على سبل:
    أولها:أنها لم يقصد أن يكون داعية لعلمانية وإنما كان عفا الله عنه ماجنا استوحى ليالي القاهرة
    من ليالي شارع الهرم،ومن أخلص لعاطفته لا يوصف بأنه جندي في معترك الغزو الفكري.
    وثانيها:أن الدكتور ناجيا مخلص لمدرسة فرنسا الرومانتيكية إلى حد الإختلاس،فلقد نصصت على أن قصيدته
    (رسائل محترقة)نقل أمين لقطعة من نثر (لامرتين)في رواية روفائيل ولم ينتبه لذلك أحد قبلي.

    وهؤلاء الرومانتيكيون يرون في الحب قداسة،وهو وصف للتعظيم،ويصفون قلب المحب بأنه معمود،
    وهو وصف العبادة.
    وحظ ناجي في أمور دينه نزر فهو ينقل بأمانة.
    تأثره من وجهة نظر واحدة تخالف التزامنا:أي أنه يلتزم ما يخالف التزامنا.
    إننا نحذر الناشئة من الإستماتة في التقليد دون تبصر.
    إن الإلتزام الأعمى هو النكسة الفكرية،وإن قمة الحرية أن نلتزم إلتزاما متبصرا.
    وهذه العلمانية تمس جانب العقيدة مسا قاسيا لأنه تعظيم لغير الله يستتبعه ما تطفح به دواوين
    الشعر الحديث من القسم بغير الله.
    يهولون فيقسمون بالشرف،ويتماجنون فيقسمون بريق الحبيبة!!
    وإذا كانت الكلمة الناصحة لا تضيع وإن أخنى عليها ما أخنى على لبد فإني أدعو إلى حرية الأدب لذاته
    في قيمته الفنية،ولكني أدعو بإصرار إلى توظيف الأدب واحتكار غايته.
    إن من التماجن المألوف في العلمانية القديمة تفدية الخاطئات،ولكنه أصبح في الشعر الحديث دعوة
    لإشاعة الفاحشة،وإعلان مشروعيتها بتسويغ البغاء،فهذا محمود حسن إسماعيل في قصيدته
    (هكذا قالت البغي)يسوغ بديوانه(هكذا أغني)خطأها بالجوع ويحمل المجتمع تبعيتها.
    والشاعر محمد شحاته شاعر البراري يرثي اللقيطة في ديوان(نجوم ورجوم)،وهكذا فعل كامل أمين في
    ديوانه(نشيد الخلود)،وفؤاد بلبل في (أغاريد الربيع)،وربما حملناهم على حسن النية إذا قلنا بأن
    ذلك التزام لمنهج الغربيين في العطف على الخاطئات،ولكن سبيلهم غير سبيلنا لأن الفاحشة عندهم مباحة.
    والعطف من ضمير إنساني يحب الخير لبني جنسه،ويبكي لأخطائهم لا يوصف بالعلمانية،ولكن العلمانية أن
    يصل العطف إلى التسويغ والإشاعة.
    والقاعدة في ديننا(ولا تأخذكم بهما رأفة)وإنني لا أقسو إذا قلت:إن الشاعر الحديث تخلى عن رسالته
    تخليا سافرا.
    ومن المصادفات المضحكة أن نزارا مسح دموع ذوي المباديء بقصيدتين جيدتين في التشهير بالخاطئة
    وكم في الكون من متناقضات؟!
    وشوقي شاعر العروبة والإسلم له إسلامياترغم مجونياته،لا يفارقه وعيه بدينه،تجده في همزيته في مدح
    الرسول صلى الله عليه وسلم تعرض لحروب الرسول فلم يبث فيها روح الفخر،بل بث فيها غاية الحرب
    الإسلامية في رأفتها وإنسانيتها،لأنه على وعي بنقد المستشرقين.
    وإن الوعي الإسلامي كثير في شعر شوقي،ولكنه لم يسلم من تسربات علمانية في تقديس الأديان الوثنية
    وفي الإعتذار لفرعون،وفي سوء الأدب مع الأنبياء يقول:
    ظن فرعون أن موسى له............واف وعند الكرام يرجى الوفاء
    لم يكن في حسابه يوم ربى........أن سيأتي ضد الجزاء الجزاء

    وقصيدته:
    رب شقت العباد أزمان لا...........كتب بها يهتدى ولا أنبياء

    مليئة بوحدة الوجود،وقد يكون هذا علمانية،وقد يكون غفلة الوعي الذي يتمتع به شوقي.

    وكل ما أوردته نماذج نحملها على حسن النية،
    ولكننا نجد العلمانية المجندة في شعر دعاة الرفض والتمرد والتجاوز والتخطي في الشعر العراقي
    الحديث بخاصة وبعض شعر المقاومة وفي الشعر المهجري على العموم.


    انتهى
    ===============
    الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
    ===============


    إنْ عـُــلـّبَ المــجـْــدُ في صفـراءَ قـدْ بليتْ
    غــــدًا ســنـلـبســهُ ثـوبـًا مِـــنَ الذهـــــبِ

    إنـّي لأنـظـرُ للأيـّام أرقــــــــــــــــــبـهـَــا
    فألمــح اليـسـْــــرَ يأتي مـنْ لظـى الكـُـرَبِ


    مــــــــدونـتـي
    http://mooooo555.maktoobblog.com/

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2004
    المشاركات
    578
    لي تعليق بسيط على هذه الفقرة من مقالة الشيخ الظاهري

    يقول:

    (في شعرنا العربي القديم إلى عهد النهضة الحديثة علمانية كثيرة تتجلى في خلاعة ومجون أبي نواس والحمادين والخليع وأضرابهم كما تتجلى في كفريات أبي الطيب وابن هانيء وفي شكوك وجبرية أبي العلاء وابن شبل
    ومدرستهما،ولكنها تفسر بحسن نية،لأنهما نتيجة مسلمة لإيمانهما بأن أعذب الشعرأكذبه،وأن الشعراء يقولون مالايفعلون،وبأن اتخاذ الشعر رسالة لم يتبلور في تلك العصور وبأنالنشاط العلماني المعادي لتاريخنا عقيدة وسلوكا لم يتبلور مذهبا في الشعر،لأن الحماس الديني قوي ،والجمهور ينددون بالهفوات العلمانية.)

    وأقول :

    أنا لا أعلم سببا لإيجاد التبريرات والأعذار لبعض شعراء العصر القديم في مجونهم وخلاعتهم وشكوكهم
    وكفرياتهم ،وأين حسن النية من ذلك،وكيف يحكم بأنهم كانوا يقولون مالا يفعلون،فقد يوجد العذرللبعض
    بدراسة شاملة تقارن بين حياتهم وأشعارهم .
    وأنا هنا لا أريد تحديد اسماء معينة لأن الموضوع شائك ولكن لنأخذ شعراء المجون والخلاعة
    كمثال وسنجد فعلا أنهم كانوا يقولون ما يفعلون ومن يدرس سير حياتهم ويقرأأشعارهم يقر
    بأنهم كانوا دعاة للتحلل والفجور والتمرد على الدين والأخلاق،وقس على ذلك
    والحق يقال أن الهجوم على الدين في عصرنا الحاضر قد أصبح
    منظما تحت مظلة مؤسسات كبرى وبتخطيط مدروس
    لكن كل ذلك لا يعطي مبرر حسن النية لشعراء العصر القديم
    ===============
    الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
    ===============


    إنْ عـُــلـّبَ المــجـْــدُ في صفـراءَ قـدْ بليتْ
    غــــدًا ســنـلـبســهُ ثـوبـًا مِـــنَ الذهـــــبِ

    إنـّي لأنـظـرُ للأيـّام أرقــــــــــــــــــبـهـَــا
    فألمــح اليـسـْــــرَ يأتي مـنْ لظـى الكـُـرَبِ


    مــــــــدونـتـي
    http://mooooo555.maktoobblog.com/

  3. #3
    زائر
    الأستاذ العزيز الصمصام:

    لا خلاف على كثير مما قاله أبو عبد الرحمن، ولكن لي ملاحظة عامة وملاحظة عرضية على فقرة مما ورد في المقال:
    الملاحظة الأولى أن أبا عبد الرحمن فيما بدا لي لم يحدد بصورة واضحة تعريفه لمفهوم "العلمانية"، مما جعله يتناوله وكأنه مفهوم يعني ببساطة كل استخفاف بالدين والأخلاق، وهذا ما يدفعه إلى أن يدرج شعراء قدماء في عداد العلمانية.
    ولا أتفق مع هذا التوجه، لأن مصطلح "العلمانية" مصطلح حديث فليس من الحكمة أن نستعمله في غير ما وضع له، ولك مندوحة في أن تصف أيا نواس وصحبه عفا الله عنهم مثلاً بأنهم كتبوا شعراً فاسقاً ماجناً أو ما شئت من أوصاف منطبقة على حال ذلك الشعر دون أن تلجأ بدون مراعاة كافية للدقة إلى أن تصف شعرهم بأنه "علماني"
    وكلمة "علماني" كما تعلم كلمة ابتكرت لترجمة الكلمة secularist وقد تستعمل لترجمة laic وفي الحالتين نحن إزاء مفاهيم لها سياقها الغربي المتعلق بالفصل بين شؤون الكنيسة والشؤون المدنية الأخرى، فتراهم حين يقولون "رجل علماني" قد يعنون به ببساطة أنه ليس من السلك الكنسي.
    وفي السياق العربي صارت الكلمة تعني الاتجاه الداعي للفصل بين الدين والدولة.
    وفي جميع الأحوال يجب تدقيق المصطلحات وتمييزها، وحتى الشعراء المعاصرون المذكورون في المقال، لا أرى من الدقة أن نحشرهم جماعة تحت اليافطة العامة"العلمانية"، وهنا أنتقل إلى الملاحظة العرضية.
    يقول الكاتب:
    "إن من التماجن المألوف في العلمانية القديمة تفدية الخاطئات،ولكنه أصبح في الشعر الحديث دعوة
    لإشاعة الفاحشة،وإعلان مشروعيتها بتسويغ البغاء،فهذا محمود حسن إسماعيل في قصيدته
    (هكذا قالت البغي)يسوغ بديوانه(هكذا أغني)خطأها بالجوع ويحمل المجتمع تبعيتها.
    والشاعر محمد شحاته شاعر البراري يرثي اللقيطة في ديوان(نجوم ورجوم)،وهكذا فعل كامل أمين في
    ديوانه(نشيد الخلود)،وفؤاد بلبل في (أغاريد الربيع)،وربما حملناهم على حسن النية إذا قلنا بأن
    ذلك التزام لمنهج الغربيين في العطف على الخاطئات،ولكن سبيلهم غير سبيلنا لأن الفاحشة عندهم مباحة.
    والعطف من ضمير إنساني يحب الخير لبني جنسه،ويبكي لأخطائهم لا يوصف بالعلمانية،ولكن العلمانية أن
    يصل العطف إلى التسويغ والإشاعة."
    لاحظ أن إسماعيل على الأغلب بعيد عن العلمانية كما وصفها الكاتب اللبيب المفيد في كثير من كتاباته أبو عبد الرحمن بن عقيل، فهو من جيل علي محمود طه، وكان هؤلاء قوماً بسطاء ليسوا مفكرين بل هم من المسلمين العاديين المغرمين بالشعر.
    وتأثراً بالأدب الرومنسي عطفوا على الخاطئات، ومن غير العدل في اعتقادي الزعم أنهم كانوا يشجعون الفاحشة في هذا الموضوع، إذ كانوا يعتبرون الوضع الأسفل الذي وصلت إليه هاتيك البائسات نتاجاً لخلل اجتماعي شديد، وهذ ليس بعيداً عن الحقيقة في كثير من الحالات التي نحن الآن ربما لا نتصورها لأننا لم نعش في أوضاع اجتماعية كتلك. باختصار هم رأوا أن في هذا الوضع جريمة اجتماعية، فكيف يكونون مستحسنين له كما نفهم من اتهامهم بتشجيع الفاحشة؟
    "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"!
    وبقي خطأ فات أبا عبد الرحمن أيضاً:
    "اللقيط" هو الطفل مجهول الوالدين، وليس هو المرأة التي تبيع نفسها، فهو ضحية بريئة لا ذنب لها، وإن رثاه شاعر ما فلا أرى في ذلك خطأ ناهيك أن يكون علمانياً، بل أحرى الناس برثاء مثل هذا الطفل هو الإنسان المتدين صادق التدين!

  4. #4
    زائر
    الأخوين العزيزين الأستاذين

    الصمصام ومحمد ب

    وأضيف إلى ما تفضلتما به
    أن العلمانية هي الاتجاه الواعي لإقصاء الدين عن الحياة في الغرب وانتقلت إلينا بهذا المفهوم الذي اتخذ الحداثة ذراعا أدبية وزاد بعض العلمانيين الحداثيين العرب على مفهوم الغرب مفهوم تدمير الثوابت وليس مجرد إقصائها ( يعنون بذلك الإسلام)

    والعلمانية بأي من هذين التعريفين – إن صح تصنيف الماضي بمصطلح الحاضر - لا تنطبق على معظم الخطّائين في الشعر العربي القديم الذين لم يحملوا عداء لدينهم وإن ( عظمت كلمة تخرج من أفواههم).

    إسمع قول أبي نواس:
    يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً = فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
    إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ = فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
    أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً = فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
    ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلّا الرَجا = وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ


    وعلى هامش الموضوع

    لنأخذ البيت

    أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً ...فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَـمُ
    2* 2 3* 1 3 3* 1 3* 3* ..............1 3 3* 1 3 3* 2 2* 3
    م/ع = 8/6=1.3

    ولو أحللنا يديّ محل يدي – مع أن النص الحالي يدي ربما يكون الأفضل - ليصبح النص -:
    أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً ...فَإِذا رَدَدتَ يَديَّ مَن ذا يَرحَـمُ
    2* 2 3* 1 3 3* 1 3* 3* ..............1 3 3* 1 3* 3* 2 2* 3
    م/ع = 9/5= 1.8

    ربما دل بسط اليدين كليهما على ضراعة أكثر وفي ردهما خسارة أكبر ولهذا ارتفع المؤشر مع ( يديّ ) عنه مع (يدي)

    أضحك الله سنّك سلفا أخي محمد على تعليقك المنتظر على هذا .

  5. #5
    زائر
    السلام عليكم

    أستاذ الصمصام تحية لك وللأساتذة الكرام :

    أتفق معك في ملاحظتك التي عرضتها فليس للمجون والخلاعة عذر, ولا أعرف لماذا نعذر الشعراء القدماء ولا نعذر المحدثين, ولا أجد سبباً لذلك سوى ظهور مصطلح العلمانية في عصرنا الحديث, رغم أننا في مجتمعاتنا الإسلامية ـ تجاوزاً ـ نجد أن الناس العوام يستخدمون عبارات ماجنة وفيها كثير من ألفاظ الكفر في أحاديثهم العادية دون أن نجد من يستنكر عليهم ذلك , طبعاً أنا لا أبرر ذلك ولكنني أقول أننا نتعامل مع الأمور بازدواجية عجيبة وبتناقض كبير فالمجون والخلاعة مرفوضة سواء جاءت من رجل عامي أو من شاعر , أو جاءت من شاعر قديم أو محدث.

    بيّن الأستاذ محمد أن أبا عقيل الظاهري لم يضع مفهوم العلمانية في سياقه الصحيح , وهذا الأمر خطأ كما بيّن الأستاذ محمد .

    ولكن هناك سؤال وهو لماذا يلجأ الشاعر إلى مثل هذه التعابير أو الصور التي تحمل بين طياتها معاني الكفر والفسوق ؟
    أعتقد أن الشاعر الذي يلجأ إلى مثل ذلك إما أنه يلجأ إليه بحثاً عن التميز والإتيان بالتعابير الجديدة التي لم يسبقه أحد إليها مثل شوقي حين وصف دمشق بالجنة فقال :
    آمَنتُ بِاللَهِ وَاِستَثنَيتُ جَنَّتَهُ........................ دِمَشقُ روحٌ وَجَنّاتٌ وَرَيحانُ
    فقد استخدم هذا التعبير من أجل أن يأتي بمعنى جديد ظناً منه أن يأتي بما لم يقله الأوائل.

    أو أن الشاعر يلجأ لذلك من أجل بيان رأيه وعقيدته الحقيقية , وهذه العقيدة إما أن تكون عن شك فهو يبحث عن الحقيقة, يساوره شعور بالإيمان تارة وبالشك أخرى فيظهر هذا في تعابيره, ولنا أن نقول عن قول المعري :

    هذا بناقوس يدقّ ................وذا بمئذنة يصيح
    كلّ يمجّد دينه..............يا ليت شعري ما الصحيح

    أنه كان يشك وأن نفسه كانت محتارة .
    بينما نقرأ شعراً لأيليا أبو ماضي يقول فيه :

    أَنَا بَعْدَ الْمَــــوْتِ شَيْئاً لا أَكُونْ...........حَيْثُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ مِنْ قَبْــلُ شَيّ
    إِيهِ أَبْنَاءَ الثَّرَى نَسْــلَ الْقُرُودْ..........عَلِّلُـــوا أَنْفُسَـكُمْ بِالتُّرَّهَـاتْ
    إِلْبَسُوا فِي صَحْوِكِمْ ثَوْبَ الجُمُودْ............وَاحْلُمُوا فِي نَوْمِكُمْ بَالْمُعْجِزَاتْ
    فَسَيَأْتِي زَمَـنٌ غَيْْرَ بَعِيدْ.........................تَتَهَـادَى بَيْنَـكُمْ فِيهِ أَيَاتْ
    وَيَحِلُّ اللَّهُ فِي مَــــاءٍ وَطِيــنْ ........... فَيَرَاهُ الشَّيْخُ والشَّــــابُّ الأَحَيّ

    فهو في هذه الأبيات يعرب صراحة عن عدم إيمانه بالبعث والحساب أو الجنة والنار.


    وهناك نقطة أخرى وهي قول أبو عبد الرحمن الظاهري : " أفعجز شعراؤنا عن إحلال الجمال في محله اللائق به حتى يقال لا مندوحة لهم عن جمال القبح؟ "
    وهنا أحب أن أتحدث عن مفهوم الجمال : كثير من الناس يرى أن الجمال في العري والمجون والخلاعة والخروج عن المألوف , وهذا طبعاً خطأ وإلتباس بالفهم, لأن الله جعل الجمال في التناسب والطهر والرقي , صحيح أن الجمال نسبي ولكن الناس تجتمع على معايير مشتركة لتقويم الجمال , فليس هناك ما يسمى بجمال القبح كما أسماه أبو عبد الرحمن ولكن هناك لفظ آخر أراه أنسب وهو لفظ حرية الشاعر بأن يأتي بما يريد من صور سواء كانت ماجنة أو فيها كفر وفسوق بحجة أن الأديب بحاجة للحرية حتى يبدع .
    ومفهوم الحرية يظنه كثير من الناس أنه مقابل للتفلت والإنعتاق من كل قيد وعرف ودين أو خلق وهذا طبعاً مخالف لمفهومها الذي بيّنه الله تعالى في كتابه العزيز : "لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ " (البيّنة:من 1 إلى 5) .
    فالقرآن الكريم يبيّن أنّ عبادة الله والالتزام بشرع الله يُشعر بالحرّيّة الحقيقية . فالحرّيّة الحقيقية تعني أن يفعل الإنسان ما أمره به الله , وينتهي عمّا نهاه عنه, جاعلاً هدفه تحقيق الخير والسّعادة له ولجميع النّاس فيتحرر بذلك من ذلّ العبودية لغير الله , ومن ذلّ الإتّباع لغير الله, ومن ذلّ السّؤال والالتجاء لغير الله, ومن ذلّ التعلّق بالمظاهرالزّائفة, أو العادات السّخيفة, أو الشهوات الّتي يحبس الإنسان نفسه ضمن إطارها.

    أعود الآن للموضوع الأساسي وهو العلمانية في الشعر العربي الحديث , فكما قال أستاذي خشان "أن العلمانية هي الاتجاه الواعي لإقصاء الدين عن الحياة في الغرب وانتقلت إلينا بهذا المفهوم الذي اتخذ الحداثة ذراعا أدبية وزاد بعض العلمانيين الحداثيين العرب على مفهوم الغرب مفهوم تدمير الثوابت وليس مجرد إقصائها ( يعنون بذلك الإسلام)"
    إذاً هي خطة واتجاه واع لإقصاء الدين عن الحياة ولأجل تدمير الثوابت والأخلاق الموجودة في المجتمع , ولعل في بعض شعر الحداثة دليل على ذلك , يقول أدونيس ـ وهو رائد الحداثة في الوطن العربي ـ " ومبدأ الحداثة هو الصراع بين النظام القائم على السلفية، والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام................هكذا تولدت الحداثة في تاريخنا من التفاعل والتصادم بين موقفين أو عقليتين في مناخ من تغير الحياة ونشأت ظروف وأوضاع جديدة" .

    طبعاً ليس كل خروج عن المألوف هو تدمير للثوابت فكثير من العادات والتقاليد التي تسيطر على المجتمع تكون تافهة وغير جديرة بالبقاء , المقصود هنا هي ثوابت الأخلاق وثوابت الطهر وثوابت الدين والإيمان التي يحاربها هؤلاء ويكفي أن نقرأ قول صلاح عبد الصبور لنعرف المعنى المقصود :

    ملاحنا ينتف شعر الذقن في جنون
    يدعو إله النقمة المجنون
    أن يلين قلبه ، ولا يلين
    ينشده أبناؤه وأهله الأدنون
    والوسادة التي لوى عليها فخذ زوجه
    أو ولدها محمداً وأحمدا وسيدا
    وخضرة البكر التي لم يفترع حجابـها إنس ولا شيطان
    يدعو إله النعمة الأمين أن يرعاه حتى يقضي الصلاة
    حتى يؤتي الزكاة
    حتى ينحر القربان
    حتى يبني بـحُر ماله كنيسة ومسجداً وخان.

    وللشاعر نجيب سرور قصيدة أخجل حتى من ذكر لفظة واحدة منها , قصيدة مليئة بالألفاظ البذيئة الفاضحة , صحيح أنه أتى بهذه الألفاظ لتعرية واقع أكثر بذائة منها ولكن هذا لا يبرر استخدامها لأن مهمة الشاعر برأيي هي الإرتقاء بالذوق العام, ومحاربة الفساد بكافة أشكاله بطريقة تعريه وتفضحه لكن بسمو وليس كما قال عمرو بن كلثوم :
    ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا ................... فنجهلَ فوق جهلِ الجاهلينا
    ولكن كما قال عبد المحسن الصحاف :
    ولا تجاوب سفيها في مشاتمه .............. تكن نظيرا له في الوصف والمثل

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2004
    المشاركات
    578
    أساتذتي

    قد أضفتم الكثير من الفائدة لهذا المقال وكشفتم عن جوانب لا تلفت إلا انتباه عين الخبير الناقد

    وأتفق معكم حول النقاط التي تطرقتم لها خاصة حديث الأستاذ محمد عن اللقطاء والذين
    يجدون الكثير من الظلم والتعسف في مجتمعاتنا .

    وأضيف على نقاط الأستاذة حول لجوء البعض لمثل هذه التعابير أو الصور التي تحمل بين طياتها معاني الكفر والفسوق
    أن البعض يخوض هذا المستنقع بمبدأ خالف تعرف باحثا بذلك عن أقصر طريق للشهرة وربما يندرج ذلك
    حول النقطة الأولى للأستاذة في قولها أن الشاعر يبحث عن التميز والإتيان بالتعابير الجديدة لكن ذلك ينطبق على الشاعر العلم الذي حقق الشهرة ويطلب التميز لكن المغمور المجهول هو من يطلبها بالمخالفة

    أخيرا أضحك الله سن أستاذي خشان فأنا أرى معك ابتسامة الأستاذ محمد على هامش م /ع
    الذي لا يخلو من فائدة
    ويبدو ذلك جليا في تغير المؤشر بين بسط اليد وبسط اليدين في الدعاء

    تحياتي
    ===============
    الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
    ===============


    إنْ عـُــلـّبَ المــجـْــدُ في صفـراءَ قـدْ بليتْ
    غــــدًا ســنـلـبســهُ ثـوبـًا مِـــنَ الذهـــــبِ

    إنـّي لأنـظـرُ للأيـّام أرقــــــــــــــــــبـهـَــا
    فألمــح اليـسـْــــرَ يأتي مـنْ لظـى الكـُـرَبِ


    مــــــــدونـتـي
    http://mooooo555.maktoobblog.com/

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط