النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الهم

  1. #1
    زائر

    الهم

    الهمّ وتعريفه

    ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ...........بصبح وما الإصباح منك بأجملِ

    في غمرة الأحداث البائسة التي تمرّ علينا كلّ يوم , تتكاثر علينا الهموم , ويتلبّسنا الحزن , فنبحث عن الخلاص بوسائل متعددة , قد تكون في حالات كثيرة وسائل تهرب بنا من همومنا . وشخصياً عندما أمرّ بأزمة ما , وتحتل نفسي الهموم , ألجأ إلى المشي فأمشي وأمشي حتى أتعب وأعود إلى بيتي مرهقة فأوي إلى نوم عميق عميق جداً .
    وأحياناً أخرى ألجأ إلى القراءة , فأختار قصصاً تافهة لا أقترب منها إلا عندما أشعر بالإنحطاط , وإلى اليوم لم أعرف سبباً لهذا التصرف , وبما أن مكتبتي تخلو تقريباً من مثل هذه القصص , أحاول البحث في عناوين بعض الكتب عن مواضيع مضحكة مثل : الفكاهة , أضحك مع ألف نكتة ونكتة , أو غيرها من هذه الكتب التي في غالب الأحيان تزيد من حزني وهمي عكس ما أطلب .
    ولكني في هذه الأيام تعبت من المشي ونمت كثيراً جداً , ولم يبق أمامي إلا القراءة التافهة وقد تعذر عليّ جداً ايجاد كتابٍ تافه في مكتبتي , فقررت التغيير وتذكرت المثل القائل "داويها بالتي كانت هي الداء " فبحثت عن الهموم , فوقعت يدي على كتاب " دروب الهموم والخلاص عربياً وعالمياً " لمؤلفه د . عادل العوّا , والذي تحدث فيه عن الهمّ والهموم فأحببت أن أنقل لكم تعريف الهمّ , ولا أخفيكم أنني سررت عندما عرفت تعريفات لبعض العلماء له , ووجدت فيها ما خفف عني كثيراً .
    يقول الكاتب : على صعيد الهمّ وصنوف الهمّ , يعلمنا الجرجاني في تعريفاته أن الهمّ هو "عقد القلب على فعل شيئ قبل أن يفعل , من خير أو شر " فهو إذن نية الفعل وقصده .
    وقد رأى أبو البقاء في الكليات إن " الهمّ دواعي الإنسان إلى الفعل من خير وشر . والدواعي على مراتب هي السانح , ثم الخاطر , ثم الفكر , ثم الإرادة , ثم الهمّ , ثم العزم فالهمّ اجتماع النفس على الأمر , والإزماع إليه والعزم هو القصد على إمضائه " .
    وعلى هذا فإن الهمّ فوق الإرادة , وهو دون العزم , بل هو أول العزم .
    إذن الهمّ والشعور به هو أول العزم على الفعل , وعلى هذا فإننا كلما شعرنا بالهموم كلما اقتربنا من الفعل والتغيير , وعلى هذا فإن هموم الأمة العربية والإسلامية هي أول العزم , وبداية العمل والتغيير . والآن ما هو رأيكم بهذا الكلام ؟

  2. #2
    زائر
    أختي الأستاذة رغداء
    وقانا الله وإياك من الهم.
    اخترت المشي لإزالة الهم كما اختار طرفة إمضاء الهم عند احتضاره بعوجاء مرقل:

    وإني لأمضي الهم عند احتضاره..بعوجاء مرقال تروح وتغتدي

    ومن تجربتي المتواضعة في الحياة رأيت أن شر ما يفعله المرء أن يستسلم للهم ويندب حظه إذ هذا لا يفيد وليته لا يفيد وحسب بل هو يضر.
    بل عليه أن يجرب طرقاً جديدة لحل ما لم يستطع حله من مشاكل فإن لم يستطع عليه بالانتظار وما أكثر ما يأتي الزمان بحل ما كان على الخاطر وهذا ما حصل لي مراراً.
    ضاقت فلما استحكمت حلقاتها..فرجت وكنت أظنها لا تفرج.
    وانظري إلى البيت الذي كان فيه الفرج لأبي عمرو بن العلاء بل كان فيه فرجان:
    ربما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال!


  3. #3
    زائر
    الأخت الأستاذة رغداء

    إليك هذا النص عن الهم من موضوع الأستاذ يحيى الرخاوي:

    http://www.arood.com/vb/showthread.php?threadid=616

    "وفي نفس الوقت، فقد وجدت في شكله وحركته ما يستلزم الإشارة إليه هنا كمثال توضيحي مساعد، ألا وهو لفظ "الهم"، بادئا بالعلاقة بين ما هو "هم" وما هو "همة"
    فالهم لغة ينتمي أساسا إلى العزم على القيام بأمر ما "هم بالأمر ولم يفعله "، لكنني لم أرتح للاستسلام هكذا لشرط أنه لم يفعله، اللهم إلا إذا أضفنا لفظ "بعد" أي أنه "لم يفعله بعد"- ذلك أني حين عايشت اللفظ من الممارسة الذاتية والمهنية والإبداعية، رجحت أن ثمة علاقة خليقة بالعناية ما بين الهم بمعنى الحزن، والهم بمعنى العزم (على)، والهم بمعنى الشدة (بما يحمل معاني الجدية والصعوبة والقوة جميعا، المهمات من الأمور الشدائد)- وكل هذا يقربنا أكثر فاكثر من المعاني الإيجابية التي استوحيناها من حركية لفظ "الحزن" فكلاهما (لفظا الحزن والهم) إنما يؤكدان كيف أن الظاهرة التي تشملهما أو تجمعهما أو يحومان حولها.. الخ، هي ظاهرة تتحرك لغويا/كيانيا، من المواجهة إلى الألم إلى العزم إلى الشدة بما يشمل الخشونة والصلابة، وكل ذلك يناقض معنى الكآبة (كما قدمنا) لغة ومصطلحا."

    وقبله ذكر عن الحزن :" علينا أن نتعرف على الحزن على أنه: نقيض الفرح وخلاف السرور ذلك أن لفظ الحزن، وخاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار تنويعايته التشكيلية، وإنما يتضمن غير قليل من إيحاءات الجدية والخشونة والدفع بحيث يصعب فصل هذه الإيحاءات عن متضمنه العاطفي (الانفعالي، فالحزن أيضا- ضد السهل المنبسط، حزن المكان حزنا: خشن وغلظ، والحزن: ما غاظ من الأرض، والحزن فيه مواجهة وعناد ولقاء وشدة)"

    فكأن اللغة العربية في بعض المواقف توحي بالدواء مع الداء ومن جنس لفظه ( وتقارب حروف الداء والدواء موضع تأمل) .

    ومن أثناء كلامه لفظ الشدة، وكيف تعالج بشدة النفس.

    ويحضرني في مثل هذا (عزّ) الشيء أي ندر، فإذا ندر الشيء فلا يطلب إلا بعزة النفس.

    ولعل هذا ما يفسر قرن بصير النظر لا يرى، ببصير البصيرة الثاقبة تعوضه عما فقد من نظر.

    وهذا يذكر - مع الفارق ولو على التضاد - بمنهج الأستاذ محمد عنبر في جدلية الحرف العربي. واحتواء الأحرف على المعنى ينعكس إذا انعكست.

    http://www.arood.com/vb/showthread.p...t=%DA%E4%CA%D1

    والله يرعاك.

  4. #4
    زائر
    السلام عليكم

    من الأمور التي تسعدني شخصياً وتزيح عني الهم والحزن معرفتي بوجود أشخاص عندهم من الهمة والتطلع للأفضل ما يدفعهم إلى العمل والعلم معاً وهو ما أجده في منتدانا هذا فلله الحمد دائماً.

    في لغتنا العربية عبقرية لا توجد في غيرها فالألفاظ تعبّر بدقة عن الحالة, سواء كانت وصفاً لمنظر أو حالة نفسية أو شعورية . فلفظ الهم الذي نتحدث عنه يعبّر تماماً عن الحالة النفسية لمن يشعر بشيء يقلقه أو يؤلمه, فقد جاء معنى الهم " أهمّه الأمر حتّى همّه أي أذابه. ووقعت السوسة في الطعام فهمّته همّاً: أكلت لبابه وجوّفته. "
    لاحظ دقة التعبير : دخل فيه وأكل لبابه وجوفه , وهذا يذكرني بقوله تعالى : " وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ"(يوسف:24)
    فانظر إلى لفظ همّت , فكأن تفكيرهما ببعضهما دخل جوفهما وأذابه , فالحالة النفسية واحدة لكن رد الفعل لم يكن واحداً فزوجة العزيز انساقت وراء مشاعرها وسعت للمعصية , بينما يوسف عليه السلام جاهد نفسه ولم يخضع لرغباتها.
    فالهم كان دافعاً لهما , لكن كلٌ في طريق , وهكذا الناس يتشابهون بما يصيبهم لكنهم يختلفون في ردود أفعالهم

  5. #5
    زائر
    وما بالأستاذة من حاجة إلى "القراءة التافهة" ولعلها ليست كذلك إلا بالقياس إليها.
    قبل أيام أحسست بالضيق فقصدت المكتبة العامة هنا، وهو أمر صرت الآن أمارسه قليلاً رغم أنه فيما مضى كان كان العادة الثابتة.
    وفي قسم الشرق من المكتبة الكبرى لهذه العاصمة وجدت الأغاني فأخذت الجزء الأول وقرأت الفصل الطويل عن عمر بن أبي ربيعة ثم فصلاً عن نصيب، وقديماً ما كانت قراءات التراث تروح عن نفسي.
    وكتب الأقدمين رغم أنها ممتعة كل المتعة، فهي بهذا تخدم خدمة الكتب التي وصفتها الأستاذة بأنها "تافهة" إلا أن فيها فوائد أدبية ولغوية لا تحصى. هذا مع أني للعلم لست ضد المتعة الخالصة كهدف للقراءة، حتى بدون أي "فائدة" محددة نرجوها، كما كنت في الماضي أزور مكتبة المركز الثقافي في دمشق فأرى الطلاب لا يستعيرون الكتب إلا لينقلوا منها مواضيعهم المدرسية.
    فأين الأستاذة من "الأغاني" و "العقد الفريد" وعيون الأخبار" والكتب الأحدث -ربما- من مثل "زهر الآداب" و"أيام العرب" وإلى آخره؟

  6. #6
    زائر
    السلام عليكم

    كما قلتُ أستاذ محمد الناس تتشابه فيما يصيبها من مشاعر وأحداث لكنهم يختلفون بردود أفعالهم , والكتب التي ذكرتها حضرتك لا أعتبرها تافهة بل هي كما وصفت فيها فوائد أدبية ولغوية لا تحصى , وما قلته عن ردة فعلي تجاه الشعور بالهم هو رد فعل يوصلني إلى درك الإنحطاط وهنا أعود لإنقاذ نفسي بهمة أكبر ـ مثل حالة التناهي التي تحدث عنها أستاذي خشان في م/ع ـ أو كما الكرة التي نرميها من علٍ فتنزل بسرعة إلى الأرض لكن هذا السقوط يعطيها قوة للإندفاع للأعلى من جديد .
    لكنني صرت فيما بعد أضع قوله تعالى " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " بين عيني , وصرت أحاول التعامل مع هذا الإحساس بإيجابية أكبر , لا أدعي أنني نجحت تماماً في ذلك ولكن المحاولة مفيدة .

    على كلٍ يبقى الإنسان بحاجة دائمة للتعلم ومن أخطائنا نتعلم .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط