سألني أخي الشاعر ماجد الغامدي عن مطلع قصيدته :

عدت يا عيد ما حسبناك عيدا = لم نجد فيك أي شيء جديدا

فقلت له إنه مطلع جميل.
فقال إنما يقصد (جديدا) وهل هي صحيحة أم أنها (جديدٍ ) نعت لشيء
ولم أكن لأنتبه لهذا لولا تنبيهه لي.


وغلب على رأيي أن القول لا يصح إلا على وجه واحد هو اعتبار جديد نعت لشيء ولفظها مجرورة.

ثم توالت خواطر على نفسي بهذا الصدد رأيت أن نشرها قد يكون مفيدا.

عدت للموسوعة الشعرية:

إبراهيم اليازجي:

وَمناقِبٌ تَتلو مَدائِحِها عَلى = أَكبادِ أَهلِ الغيِّ سَورةَ فاطِرِ
وَأَرى الزِّنادَ إِذا جَرَت أَقلامُهُ = أَرَتِ البَصائرَ (أَيُّ لَمحٍ باصِرِ)

ابن حمديس ورأيت عرض القصيدة لفائدة معناها:

أَذنوباً كاثَرت عِدّ الحصى = بِئسَ ما استَكثَرتَ مِن كَسبِ يَدَيكْ
بِئسَ ما يسمعُ مِن تَعظيمِها = مَلَكا القبرَ بِهِ مِن مَلِكَيكْ
أَيّ خَطْبٍ فادحٍ في رَقدةٍ = يُوقِظُ الحشرُ إِلَيها مُقلتيك
وَصِراطٍ لَستَ بالنَّاجي إِذا = وَطِئَتْهُ زلّةٌ من قَدَمَيك
فَلَكَ الوَيلُ مِنَ النارِ إِذا = مُقلَةُ الرحمَنِ لَم تَنظُرْ إِلَيك

ابن حفاجة:

كُلُّ رَيّانٍ إِلى ظَمَإٍ = كُلُّ وِجدانٍ إِلى عَدَمِ
(أَيُّ شَملٍ غَيرُ ) مُنصَدِعٍ = أَيُّ حَبلٍ غَيرُ مُنصَرِمِ

فهنا ما يأتي بعد الكلمة التي إضيفت إليها( أي ) إن جاء متمما للمعنى فهو خبر لأيّ، وإلا فهو نعت للمضاف إليه.

فلو رجعنا للبيتين:

أَيّ خَطْبٍ فادحٍ في رَقدةٍ = يُوقِظُ الحشرُ إِلَيها مُقلتيك
أَيُّ شَملٍ غَيرُ مُنصَدِعٍ = أَيُّ حَبلٍ غَيرُ مُنصَرِمِ

واستعملنا صيغة النفي باعتبارهما نثرا
لم نجد أَيّ خَطْبٍ (فادحٍ) في رَقدةٍ يُوقِظُ الحشرُ إِلَيها مُقلتيك
لم نجد أَيُّ شَملٍ (غَيرَ)مُنصَدِعٍ أَيُّ حَبلٍ غَيرُ مُنصَرِمِ

فادح كانت نعتا لخطب قبل النفي فبقيت نعتا لها بعد النفي
غير كانت خبرا مرفوعا لأي فصارت حالا منصوبا لها


أي أشبه ما تكون بـ كل
الكرسي جديدٌ
كلُّ شيء جديدٌ
أيُّ شيءٍ جديدٌ .

الجملتان أعلاه بصيغة التقرير و( أي و كل ) في كل منهما مبتدأ ومضاف والخبر جديدٌ
( هل يجوز أن تأتي أي مبتدأ في حال الإثبات ؟ )

وعليه يصح القول :
لم نجد الكرسيَّ جديداً
لم نجد أيّ شيءٍ جديدا
لم نجد كلَّ شيءٍ جديدا

كلُّ شيء جديدٍ رائعٌ ......ويصح ....كلُّ شيء رائعٌ
أيُّ شيءجديدٍ رائعٌ....... أيُّ شيء رائعٌ

والنفي:
لم نجد( أيَّ- كلَّ) شيئٍ جديدٍ رائعا

جديدٍ هنا نعت لشيء والخبر رائع، والخبر في النفي يصبح حالا
الكلمة التي يستوفى بها المعنى خبر، ولا يمكن حذفها، والتي يمكن حذفها نعت وتبقى نعتا في النفي.

فإن كانت أي للاستفهام
أيُ شيءٍ جديدٌ ؟ بمعنى ما هو الجديد فجديد خبر
أيّ شيءٍ جديدٍ أحضرتَ ؟ فجديد هنا نعت ويجوز حذفها


لعل فيما تقدم رخصة للشاعر فيما ذهب إليه من نصب جديدا، على خلاف ما تبادر لذهني بادئ الأمر في البيت.

عدت يا عيد ما حسبناك عيدا = لم نجد فيك أي شيء جديدا

باعتبار أن أصل الإثبات قبل النفي
أي (كل) شيء في العيد جديدٌ
ونفيها
لم نجد أي (كل) شيء في العيد جديدا.

والله أعلم

فما رأي المشاركين الكرام ؟