تميز وزن الشعر العربي وبالتالي عروضه عن كل أعاريض الدنيا لطالما تكرر القول به في الرقمي : وهذا أحد مواضيع الرقمي حوله :
http://arood.com/vb/showthread.php?p=77706#post77706
****
والموضوع التالي من موسوعة الشعر العربي


لماذا الشعر

هذا الهاجس القديم الذي يتردد بين أضلاعنا ووجداننا منذ أن نشأت العربية في أزمان سحيقة،منذ أن كان الكلام منطوقا وكان للحروف وجود،وكان في الدنيا وقتها حضور لبني البشر،وكانت العربية ذات يوم أحد جوانب هذا الحضور الصاخب،سواء أكان حضورا منذ أول يوم وُجدوا به على ظهر هذه البسيطة أم حضورا لغويا تطور عن اللغة الأولى المجهولة بأزمان طويلة لتنتقل العربة بعدها من مرحلة المهد إلى أطوار أخرى حتى بلغت هذا الطور الجميل الذي وصلت إلى كماله في لغة القرآن الكريم،صاحبه تطور في الشعر منذ بداياته إلى تمامه في أيام امرئ القيس الكندي ومعاصريه قبل الإسلام بمائة سنة تقريبا،وبعد ذلك إلى يومنا هذا..
كان العربي- ولا زال – يتمتع بروح تسكنها العاطفة قبل المنفعة،ويسكنها الوجدان ورهافة الحس اللذان تمدهما الصحراء بجمالياتها الخالدة،وتغذيها الحاضرة بمفرداتها القديمة الزاخرة بالبحر والنخيل،فكانت هذه الأمة الشاعرة الخالدة التي قال عنها أحدهم ذات يوم "القوم الذين أناجيلهم في صدورهم".
هذا الشعر العربي الخالد بنظامه الموسيقي الرائع، الأرقى من بين أعاريض أشعار الأمم الأخرى كاليونان واللاتين قديما، أو الشعر الأوروبي المعاصر، هو موسيقى مستقلة بذاتها مرتبطة باللاوعي الساكن في جوانحنا،نحس به وبموسيقاه حتى لو لن نكن مطلعين على العروض أو لنا معرفة تخصصية بموسيقى الشعر.
الشعر العربي لا يزال حاضرا في قلوبنا،ننصت إليه بشغف خاصة إن أعجبتنا الكلمات الأولى في القصيدة،أو كانت القصيدة لشاعر معروف بعذوبته،ننصت إليها وفي داخلنا مساحات شاسعة من هذا الحب الأزلي لهذه الموسيقى الجميلة التي امتزجت فيها جمالية اللغة بعذوبة الألفاظ وحلاوة العبارات وطرافة الأفكار.
الشعر العربي سيبقى أساسا للموسيقى الداخلية المركوزة في براري أرواحنا،فهذه الأمة الشاعرة لم تعقم أبدا ولن تعقم أن تنجب كل حين شاعرا عذبا،هناك الكثيرون منهم في المسابقات الشعرية والمنتديات والمدونات والصحف والمجلات ،هم أكثر من أن يحصيهم قلمي،قد تقف أمامهم الجدران والسدود أحيانا،لكنها لا تلبث أن تتحطم بعد أن تفقد قوة الصمود أمام كلماتهم الجميلة،لأن هذه الكلمات امتداد لتلك الكلمات الأولى التي فاضت بها روح ذلك الشاعر الأول المرهف الذي عرفته هذه الأمة الشاعرة في أحد أيامها القديمة. (هذا المقال بقلم الشاعر الباحث الأستاذ أحمد عبيد، رئيس قسم النشر في المجمع الثقافي سابقا)