صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 30 من 48

الموضوع: النثر المشعور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892

    النثر المشعور

    يدعي هواة كتابة ما يسمى (بالشعر المنثور) أنهم قد تحرروا من قالب الشعر الجاهز الذي يفرضه عليهم العروض الخليلي بثورتهم على الإيقاع الخارجي الصارم كي يبتكر كل منهم الإيقاع الخاص بقصيدته والذي هو ( إيقاع داخلي ) و أما الهدف العظيم الذي يحققونه جراء هذه الثورة فهو تفجير طاقات الإبداع في الصور الشعرية .
    فهذه وجهة نظرهم التي يعتدون بها كي يروجوا لما يكتبونه من النثر على أنه جنس أدبي راق ليس أسوة بالشعر الموزون وإنما بالامتياز عنه . .
    في مقالي هذا سأحاول مناقشة وجهة نظرهم تلك لنرى موضوعية ادعائهم .

    وأرى أنه لابد أولا من الوقوف على بعض المفاهيم الضرورية في هذا السياق .

    أولا: مفهوم الإيقاع المجرد كما أراه :
    هو تكرار للمقاطع الصوتية المتباينة ينتظمه نسق خاص من التناوب بينها وفقا لقاعدة رياضية معينة ..
    فتكرار المقطع دم بالتناوب مع المقطع (تك) في التركيب الصوتي التالي يشكل إيقاعا قويا واضحا : دم دم تك تك دم دم تك .‏‎....دم دم تك تك دم دم تك .....دم تك تك تك دم دم تك ..... دم تك دم تك دم دم تك ‎
    وهو يعد إيقاعا لأنه يعتمد على قاعدة رياضية دقيقة في التناوب والتكرار بين المقطعين الصوتيين .فلو أبقينا على التكرار والتناوب في التركيب الصوتي مع إزالة القاعدة الرياضية الناظمة للعلاقة بينهما فسنحصل على ضجيج إيقاعي غير مستساغ وغير قابل للحفظ مثل ( دم تك تك دم دم دم ... تك ..دم ...تك تك تك تك تك تك دم دم دم دم ..تك تك تك ) .
    والمسؤول الأول عن الإحساس بهذه الفوضى الإيقاعية في مثل هذا التركيب الصوتي هو فقدان علاقة التجاوب بين المقطعين الصوتيين و غياب الحوار بينهما ...فنحن من الناحية الحسية نستقبل التناغم بين المقاطع الصوتية المتباينة على أنه حوار صوتي متبادل ننتظر فيه رد كل من الطرفين ( دم و تك ) على الآخر في دوره . . فإذا بدأ كل منهما بالتغريد منفردا ودون تجاوب مع الآخر وتداخلت أصواتهما فذلك ضجيج مؤذ للمزاج ومسبب للصداع وملوث للبيئة .

    من هنا فإن الذائقة السمعية تنفر مما يؤذيها من العشوائية الإيقاعية وتستسيغ ما يطربها من التناغم والانسجام في الإيقاع ..وهذه الاستساغة اللذيذة تصبح مع الإدمان عليها حاجة نفسية تؤثر في متطلبات الذائقة السمعية نفسها إذ تصقلها وتربيها بحيث تصبح مرهفة للموسيقى وقادرة على كشف الخلل في النغمة الموسيقية أو في إيقاع التركيب الصوتي ومن ثم التركيب اللفظي .‎

    ثانيا : في مفهوم الصورة الشعرية :
    نعلم جميعا أن الأدب ينتمي إلى علم الجمال ويحتكم إلى أحكامه وأن التعبير اللغوي لأدبي الأصيل يختلف عن التعبير العلمي أو الفكري بما يتطلبه من محاولة إثارة الحس الجمالي عند المتلقي ... وهذه الإثارة تتم بالتعبير عن التشكيل الفني الجمالي الماثل في خيال الأديب أو إحساسه أو فلسفته لغويا بما يسمى اصطلاحا بالصورة الشعرية هذا المسطلح الدي ألحق بالشعر دون غيره من الأجناس الأدبية مع بدء الدراسات النقدية العربية في العصر الحديث كوننا لم نكن نملك سوى ( الشعر ) كتراث أدبي مسيطر ليكون مادة للنقد الأدبي . لكن هل الصورة الشعرية كمفهوم فني جمالي خاصة بالشعر فقط . ؟

    أريد أن أخرج عن هذا الاصطلاح لأوصل مفهوم الصورة الشعرية بردها إلى حقيقتها ( التشكيل أو التصوير أو التعبير الفني الجمالي ) فالتشكيل الجمالي ‎هو شرط العمل الفني الذي يسري على الأدب بجميع أجناسه لان الأدب فن . والرؤيا الفنية التي يمتلكها الفنان المبدع سواء أكان رساما أو نحاتا أو موسيقيا أو أديبا لن يكون لها سبيل ‎مشروع للظهور إلى الوجود سوى عبر التشكيل الجمالي . فالصورة الفنية (الشعرية ) هي حالة نفسية تعبيرية تعتمد على التناغم بين خيال الفنان وفلسفته للحياة وأدواته الفنية التي يعمل بها .. فالألوان والضوء هي أدوات الرسام ونوع الآلة الموسيقية والجملة الموسيقية هي أدوات الموسيقي ..أما الأديب فأدواته الكلمات ...وكل أديب شاعرا كان أو ناثرا مطالب بالتشكيل الجمالي وفق شروط الجنس الأدبي الذي يزاوله .

    ثالثا : في مفهوم النثر :
    النثر لغة هو البعثرة والتفريق . فنقول نثر الحب نثرا إذا رمى به متفرقا ، وهو عكس النظم . فحبات العقد تكون منثورة إذا تبعثرت في المكان ، وتكون منظومة إذا جمعها سلك واحد . ‎
    والنثر اصطلاحا : هو الكلام الجيد المرسل بلا وزن ولا قافية ، والتسمية الصحيحة لكاتب النثر أن يسمى ناثرا لا شاعرا . لأن التسمية تعتمد على الجنس الأدبي الذي يزاول الأديب كتابته فمن يكتب الشعر فهو شاعر ومن يكتب النثر فهو ناثر، وذلك بغض النظر عن القيمة الفنية والجمالية وكثافة الصور الشعرية التي قد يتضمنها النص النثري ولا يتضمنها النص المنظوم وفق قواعد الشعر . فمجرد الدخول في إطار الأدب يعني أننا نتعاطى التعبير أو التشكيل الجمالي .

    من هنا ...فإن التعبير الجمالي المتفوق عن الصور الشعرية والذي قد يسكن النص النثري مهما كان نوعه - قصة أو رواية أو خاطرة - لا يمكن أن يغير الجنس الأدبي للنص النثري كي تتم تسميته شعرا .

    . . .يتبع

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    أستاذتي الكريمة
    موضوع تأسس بدء على مغالطة الخلط بين المضمون والشكل أو القالب..

    الشاعرية والتصوير متعلقان بصفات المضمون الذي يعبر عنه بالقالب النثري أو الشعري.

    الشكل الشعر ي في الجاهلية والإسلام هو ذاته تغير المضمون فالشكل كالكأس والمضمون كالسائل الذي يملؤها.‏

    من قرأ التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب رحمة الله عليه يدرك التمييز بين المضمون والقالب. ‏
    القرآن الكريم في تصويره الفني وفي إيقاعيه الداخلي والخارجي لا يُعلى عليه. وما هو بشعر.‏ علاقة مصطلح ( قصيدة النثر ) لا ينبغي أن يغيب عنها هذا البعد.‏

    اللحن الموسيقي ذاته قد يكون لشعر بليغ سام وقد يكون لشعر مسف هابط. كل هذا باب واضطراب اللحن باب آخر لا علاقة له بمضمون الشعر.

    في مقابلة مع إحدى الفضائيات قال مقدم البرنامج : " لو تجاوزنا اعتبار القالب فما رأيكم في قصيدة النثر " وكان ردي: إن ‏تجاوزنا القالب ينتهي البرنامج فلا موضوع لدي أحكي فيه، فالمضمون الشعري والنثري سواء في احتمالي الهبوط ‏والرقي ولا شيء يخص النثر دون الشعر في مقام المضمون ليكون موضوع حوار مستقل " ‏

    وهذه القضية مستوردة إلى التراث العربي الذي يعتبر فيه التمييز بين الشعر والنثر بدهيا بداهة تمايز الذكر والأنثى مع احترام كل منهما.

    والـ ( يوني بويم - unipoem) أو الجندر الهجين مظهر لنظرة توحيد الجنسين الذكر والأنثى. وقصيدة النثر تأتي في سياق مصطلحات منها الأسرة من أنثيين أو ذكرين. واللذين يمكن من وجهة نظر المؤمنين بهما التحدث عن الإيقاع الداخلي في مضمونهما بعيدا عن شكليات المظهر.

    على ذكر دم و تك أرجو أن تطلعي على أوزان الألجان

    https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alhaan

    نقلت موضوع قصيدة النثر وضمنته اقتباس هذه الفقرة إلى منتدى ( قصيدة النثر } في منتدى المبدعين العرب :

    http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...7%E1%E4%CB%D1-)

    والله يرعاك‏

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,112

    بوركتِ أستاذة ثناء

    ما شاء الله

    هل الصورة الشعرية كمفهوم فني جمالي خاصة بالشعر فقط . ؟
    لا أظن ،،،

    النثر فيه من الصور الجمالية ما تجعله يرتقي ويفوح منه الإبداع والتذوق.
    فمثلا عندما قرأت للرافعي في وحي القلم ،

    يجذبك -الرافعي- بروعة تصويره ودقة معانيه ،وفلسفة فكره المستنير ،فعندما يكتب عن المرأة تجده ينثر رقة الكلمات ونعومة الألفاظ وفلسفة الرؤية وريشة الفنان المجسد للواقع ،فتعيش وكأن الشخصيات تتجسد أمام الفكر والعين .
    وعندما يبوح بسخرة الطبقية وفساد المجتمع واستعباد الفكر والجسد ،يتعامل بغلظة الكلمات وجمود المعاني ورمزية المغزى ونظرة الساخط الساخر .

    هكذا يكون الأديب المتميز ..........ز

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    1,274
    نعم أستاذة ثناء
    عندما يخرج الإيقاع عن زمنه المحدد ينبعث ضجيجا
    كما الصوت في الجملة الموسيقية التي تتبع ترتيب معين في مقام ما
    إذا خرج حرفها الموسيقي عن الزمن المحدد طولا أو قصرا يحدث ما يسمى بـ ( النشاز )
    ودعيني أسحب كلمة (نشاز) على التسميات الأدبية التي تنضوي تحت عنوان موضوعكم ( النثر المشعور )
    فقد فتح المجال واسعا لأن يكتب كل من مسك قلما بحجة التحرر حتى عم النشاز الأدب عموما
    وليس القصيدة فحسب .
    الفنون التشكيلية أيضا تتبع إيقاعا شكليا و لونيا على سبيل المثال ‘ فما بالكم
    بهذا الكون الذي لو تأملنا فيه الحركة والشكل واللون والصوت و .. لوجدنا
    ما يدبّ ويسكن به يتبع ترتيب ونظام وإيقاع معين (سبحان الله )
    وأستثني من ذلك عبث بني آدم صاحب النشاز .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    تحية طيبة ،
    أستاذتي المحترمة ثناء صالح ،
    الصورة الشعرية الفاتنة ليست حكرا على جنس واحد من الادب ،
    وأتفق معك في الفكرة التي تقول إن التعبير الجمالي المتميز لا يغير من طبيعة الجنس الأدبي شيئا ، حيث تبقى استقلالية الاجناس سيدة الموقف بغض النظر عن التفوق في التعبير الجمالي .
    أما المدعون لقصيدة النثر والمحاربون لقوانين العروض ، فأولئك يدقون حيطاننا المتصدعة أصلا وثوابتنا الصامدة منذ قدم التاريخ ويتربصون بالأمة الدوائر ، منهم من يعي ذلك جيدا فهو إما عميل ممول وإما مهزوم نفسيا له باع طويل في جلد الذات ، وإما غر تابع قد يعذر بجهله ،
    إنه مخطط طويل عريض كما يقول أخي وأستاذي خشان يبدأ بالعروض والنحو ولا ينتهي عندهما ، يروم إسقاط كل مقومات الأمة وثوابتها : اللغة : عروض ونحو وصرف ..... / الهوية / الدين / القرآن / مفهوم الأمة ......
    ولكن : "لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله "
    شكرا لك على هذه النزهة

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان مشاهدة المشاركة
    أستاذتي الكريمة
    موضوع تأسس بدء على مغالطة الخلط بين المضمون والشكل أو القالب..

    الشاعرية والتصوير متعلقان بصفات المضمون الذي يعبر عنه بالقالب النثري أو الشعري.

    الشكل الشعر ي في الجاهلية والإسلام هو ذاته تغير المضمون فالشكل كالكأس والمضمون كالسائل الذي يملؤها.‏

    من قرأ التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب رحمة الله عليه يدرك التمييز بين المضمون والقالب. ‏
    القرآن الكريم في تصويره الفني وفي إيقاعيه الداخلي والخارجي لا يُعلى عليه. وما هو بشعر.‏ علاقة مصطلح ( قصيدة النثر ) لا ينبغي أن يغيب عنها هذا البعد.‏

    اللحن الموسيقي ذاته قد يكون لشعر بليغ سام وقد يكون لشعر مسف هابط. كل هذا باب واضطراب اللحن باب آخر لا علاقة له بمضمون الشعر.

    في مقابلة مع إحدى الفضائيات قال مقدم البرنامج : " لو تجاوزنا اعتبار القالب فما رأيكم في قصيدة النثر " وكان ردي: إن ‏تجاوزنا القالب ينتهي البرنامج فلا موضوع لدي أحكي فيه، فالمضمون الشعري والنثري سواء في احتمالي الهبوط ‏والرقي ولا شيء يخص النثر دون الشعر في مقام المضمون ليكون موضوع حوار مستقل " ‏

    وهذه القضية مستوردة إلى التراث العربي الذي يعتبر فيه التمييز بين الشعر والنثر بدهيا بداهة تمايز الذكر والأنثى مع احترام كل منهما.

    والـ ( يوني بويم - unipoem) أو الجندر الهجين مظهر لنظرة توحيد الجنسين الذكر والأنثى. وقصيدة النثر تأتي في سياق مصطلحات منها الأسرة من أنثيين أو ذكرين. واللذين يمكن من وجهة نظر المؤمنين بهما التحدث عن الإيقاع الداخلي في مضمونهما بعيدا عن شكليات المظهر.

    على ذكر دم و تك أرجو أن تطلعي على أوزان الألجان

    https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alhaan

    نقلت موضوع قصيدة النثر وضمنته اقتباس هذه الفقرة إلى منتدى ( قصيدة النثر } في منتدى المبدعين العرب :

    http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...7%E1%E4%CB%D1-)

    والله يرعاك‏
    اللهم زدنا علما ،
    لأول مرة أسمع بالـ ( يوني بويم - unipoem) شكرا لك أستاذي
    محبتي واحترامي كما يليق

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (أ. لحسن عسيلة) مشاهدة المشاركة
    تحية طيبة ،
    أستاذتي المحترمة ثناء صالح ،
    الصورة الشعرية الفاتنة ليست حكرا على جنس واحد من الادب ،
    وأتفق معك في الفكرة التي تقول إن التعبير الجمالي المتميز لا يغير من طبيعة الجنس الأدبي شيئا ، حيث تبقى استقلالية الاجناس سيدة الموقف بغض النظر عن التفوق في التعبير الجمالي .
    أما المدعون لقصيدة النثر والمحاربون لقوانين العروض ، فأولئك يدقون حيطاننا المتصدعة أصلا وثوابتنا الصامدة منذ قدم التاريخ ويتربصون بالأمة الدوائر ، منهم من يعي ذلك جيدا فهو إما عميل ممول وإما مهزوم نفسيا له باع طويل في جلد الذات ، وإما غر تابع قد يعذر بجهله ،
    إنه مخطط طويل عريض كما يقول أخي وأستاذي خشان يبدأ بالعروض والنحو ولا ينتهي عندهما ، يروم إسقاط كل مقومات الأمة وثوابتها : اللغة : عروض ونحو وصرف ..... / الهوية / الدين / القرآن / مفهوم الأمة ......
    ولكن : "لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله "
    شكرا لك على هذه النزهة
    أخي وأستاذي الكريم لحسن عسيلة

    إليك ما يلي من الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...l=1#post911179

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء الرسول مشاهدة المشاركة
    تمنياتي بأن تعم الفائدة من هذه الحوارات النيرة وإثراءها بالكثير من الأفكار الجميلة والمعرفة التي تنقلنا إلى أبعد من المسمى إلى ماهية الشعر

    تقديري لك أخي خشان

    يثبت
    شكرا لك أستاذتي وبارك الله فيك

    1- "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "

    2- "من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ...... لا يذهب العرْف بين الله والناس"

    المعنى متقارب في النصين

    الأول نص قرآني والثاني شعر.

    كان الخلاف بين المسلمين والمشركين حول " الشكل " وليس حول المضمون.

    بعض المشركين أسموا النص الأول شعرا والمسلمون أسموه قرآنا

    فالخلاف هو حول تسمية القالب أو الشكل.

    والأمر ذاته في موضوعنا يدور حول التسمية وليس حول المضمون.

    ولو تجاوز المسلمون وقبلوا تسمية القرآن شعرا لكان ذلك إقرارا بعدم وجود الوحي، ومن هنا جاءت أهمية تحديد تعريف الشعر وتحديد قالبه. إلى هذه الدرجة تبلغ أهمية دقة التعبير لينسجم مع الخط الفكري العام لأمة من الأمم.

    لم تنجح محاولة وضع القرآن في القالب الشعري من خلال التسمية أيام البعثة. القبول اليوم بتوسيع قالب الشعر وجعله مطاطا تحت مسمى ( قصيدة النثر ) ستكون له آثار وخيمة. إذ ستكون الخطوة التالية لدي بعضهم هي الزعم بأن القرآن أو بعضه نوع من قصيدة النثر.

    استاذتي الكريمة

    الشعر = مضمون شاعري + شكل شعري

    المضمون الشعري وحده يجعل النص شاعريا في أي شكل كان. لا يجعله شعرا ولا يجعله قصيدة.

    والشكل الشعري وحده يجعل النص نظما. وافتقاده لا يجعل النص نثرا.

    وكما ترين فالخلاف معجمي في الدرجة الأولى. ولكنه ذو أبعاد فكرية، فالكلام يبرمج التفكير.

    ومن هنا كان تسمية ( الأسرة) لزواج المرأة بالمرأة والرجل بالرجل ذات خطر داهم، وكانت تسميتهم مثليين انسجاما مع الخط الفكري الذي أنتجهما وترويجا له

    ولهذه الأوضاع في ثقافتنا تسميات نابعة من هذه الثقافة وهي ذات مدلول مناهض لها.

    لماذا نذهب بعيدا . أرجو أن تتكرمي بالاطلاع على الرابط :

    http://azaheer.org/vb/showthread.php...C3%E1%DD%C7%D9

    لتري أثر استعمال الكلمات في تقرير مصائر الأمم والشعوب.

    ويخطر ببالي سؤال :" حدد المسلمون الشعر شكلا بأنه ما قصد الشاعر قوله وأقله بيتان يلتزم فيها العروض والقافية. وهذاالتعريف يخرج الموافقات العرضية بين بعض مقاطع القرآن الكريم والشعر في شطر أو بيت من شبهة كون القرآن شعرا.
    فهل يمكن لأحد ما أن يحدد تعريفا لقصيدة النثر بحيث لو طبقناه على النص القرآني نتبين بدلالة التعريف أن النص القرآني خارج هذا الإطار ؟ "
    وسؤالي هنا علمي موضوعي مبرر وخاصة على ضوء الهجمة الحداثية على مقومات الأمة كافة.

    يرعاك الله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    ولو تجاوز المسلمون وقبلوا تسمية القرآن شعرا لكان ذلك إقرارا بعدم وجود الوحي، ومن هنا جاءت أهمية تحديد تعريف الشعر وتحديد قالبه. إلى هذه الدرجة تبلغ أهمية دقة التعبير لينسجم مع الخط الفكري العام لأمة من الأمم.
    نعم أستاي خشان ،كل أمة تنطلق من ثوابتها و موروثها الثقافي الأخلاقي ، الديني ، لتحدد وتبلور المفاهيم و المصطلحات الخاصة بها وذلك حتى لا يكون هناك أدنى تناقض بين هذه الأخيرة و الثوابت ،
    وقليل من الناس من يدرك حجم النتائج الفادحة حال تناقض المصطلح و الثابت في أمة ما ،
    ولعل الإمام أحمد رحمة االله عليه ، آثر السجن و العذاب على القول بخلق القرآن الكريم ، لما يعلم من مصائب عقدية تترتب على هذا التعريف الخطير ، أقلها أن يقول قائل إذا كان القرآن الكريم مخلوقا بشهادة العلماء الكبار ، فإن المنطق يقول إن كل مخلوق له بداية ونهاية ، والقرآن مخلوق كذلك وعليه فالقرآن ما دام مخلوقا كباقي المخلوقات فهو غير صالح لكل زمان ومكان وإنما كان صالحا في وقت نزوله ، ولم يعد اليوم كذلك ، وهذا الكلام الفاسد كما ترى إنما هو نتيجة مصطلح يتنافى ومعتقدات الأمة ،
    رحم الله الإمام أحمد رحمة واسعة ،

    ويخطر ببالي سؤال :" حدد المسلمون الشعر شكلا بأنه ما قصد الشاعر قوله وأقله بيتان يلتزم فيها العروض والقافية. وهذاالتعريف يخرج الموافقات العرضية بين بعض مقاطع القرآن الكريم والشعر في شطر أو بيت من شبهة كون القرآن شعرا.
    هذه الفقرة تضيف شرطا آخر لتعريف الشعر ، ألا وهو النية والقصد وقد أضافه علماء الامة وأدباؤها المعتبرون ، ذلك ليُخرجوا كل الأبيات الواردة في القرآن الكريم وتلك التي خرجت من في الرسول صلى الله عليه وسلم من غير أن يقصد بها الشعر كقوله ، فداه أبي وأمي وولدي :
    أنا النبي لا كذب /// أنا ابن عبد المطلب
    وقوله عليه الصلاة والسلام :
    هل أنت إلا أصبع دميت // وفي سبيل الله ما لقيت
    كل ذلك ليخرجو ا كل قول يوافق الشعر - وزنا - عن جنس الشعر سواء كان قول النبي صلى الله عليه وسلم أو قرآنا أو حتى كلام أي إنسان ، لم يرد به الشعر أصلا ، وربما تطرق الجاحظ لهذه القضية في إحدى مؤلفاته ،

    كل هذه الإضافات على تعريف حد الشعر حتى لا يتعارض و عقيدتنا التي تقول بأن القرآن ليس بشعر والرسول ليس بشاعر ، والكلام الجاري مجرى الشعر عفوا بغير قصد هو كذلك ليس شعرا ، ولله أعلى وأعلم ،
    وخلاصة الكلام إن المصطلح يظل متها حتى تثبت براءته ،
    ولأمر ما عندنا في المغرب تـُدعى "عايشة قنديشة " كل روح شريرة .
    أليست عاشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها ؟

    تحياتي أستاذي الكريم

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    أخي وأستاذي الكريم لحسن عسيلة

    إليك ما يلي من الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...l=1#post911179
    كان حوارا هادئا ، مفيدا ، محفزا على التأمل و البحث بصراحة ،
    أعجبني ردك على الأخت الكريمة نجلاء الرسول ،
    فلو أن الرعيل الأول سلم بشعرية القرآن الكريم ، لكانت الأجيال بعده أربكت أيما إرباك ، خاصة وأن المصطلح له حمولة كبيرة ثقافية وعقدية و...... ، ولأتى من يقول إن القرآن شاعري ولا يعدو أن يكون صاحبه عليه الصلاة و السلام شاعرا بالضرورة وذاك ما لا ينبغي له وهو ما نفاه القران جملة وتفصيلا ،
    إذن لنبقى في حدود التعريف الشامل المتعارف عليه لكي نبقى ولا نذوب في حضارة الآخر : قول موزون مقفى يدل على معنى بقصد ونية .

    نعلم أن الكثير من الناس يتبنون مفاهيم ومصطلحات بحسن نية ، ولكن التدقيق بل التمحيص أمسى ضرورة
    أكيدة في وقتنا المعاصر ، فلا شيء بريء للحقيقة ، وإذا سلمنا بأن بعض المتبنين لبعض المفاهيم المتعارضة و العقيدة نياتهم حسنة ، فمن يضمن لنا ألآ يتأثر سلبا ، مليار ونصف المليار مسلم موحد ، جراء تعريف خديج ؟؟؟
    تحياتي كما يليق
    التعديل الأخير تم بواسطة (أ. لحسن عسيلة) ; 02-04-2013 الساعة 10:54 PM

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    شكرا لك أستاذي لحسن

    ومع أني أتحرج من أي وصف للقرآن بمشتقات الجذر (شعَر )

    إلا أن القول بشعرية القرآن أخطر من القول ب شاعرية القرآن . فإن أمكن التأويل في الشاعرية وإبعادها عن الشكل وقصرها على شيء من رقي المضمون انطلاقا من تقديم حسن الظن بالقائل، فلا مجال لذلك في القول ب ( شعرية ) القرآن فهي حسب المفهوم السائد تتناول الشكل والمضمون. إ

    ومع ذلك يبقى البحث عن تبرير ينسجم وتقديم حسن الظن بالقائل وافتراض أن ذلك إنما هو ظل لما يراه من أن الشعر هو كل كلام جميل موزونا كان أم غير موزون. وفي هذا من الاندياح ما لا يخفى.

    أرجو متابعة بقية الحوار هناك .

    يرعاك ربي.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان مشاهدة المشاركة


    إلا أني القول بشعرية القرآن أخطر من القول ب شاعرية القرآن . فإن أمكن التأويل في الشاعرية وإبعادها عن الشكل وقصرها على شيء من رقي المضمون انطلاقا من تقديم حسن الظن بالقائل، فلا مجال لذلك في القول ب ( شعرية ) القرآن فهي حسب المفهوم السائد تتناول الشكل والمضمون. إ



    كنت سأسألك عن الفرق بين الشاعرية و الشعرية ، وها أنت وضحت لي بما لا يدع مجالا للشك ، فلك جزيل الشكر

    يرعاك الله

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    ما زلت متابعا للحوار الجميل بمنتدى ملتقى الأدباء مع الأخت نجلاء الرسول على الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...l=1#post911179
    فتح الله عليك وأيدك بنصره ،
    أعجبني قولك هذا كثيرا :
    هنا لا جدوى من ترديد كل منا دعواه في حال غياب مرجعية نتفق عليها.
    أراك هدمت المرجعية المتفق عليها، وطالما لم نتفق على هدمها. ثم التاسيس لمرجعية أخرى نتفق عليها - ولن أوافقك - فسيبقى كلامنا معادا كل يردد رأيه حسب مرجعيته الخاصة.
    ولا يجدي الحوار في الفروع بدون الاتفاق على الأصول.


    وهذا كذلك :
    أستاذتي التسمية لا سواها موضوع حوارنا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    حرب المصطلحات


    قالوا عن حبيبنا وقدوتنا و نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه عظيم من عظماء التاريخ بل قالوا هو أعظم عظماء التاريخ وهؤلاء كلهم غربيون ، وألفوا في ذلك المؤلفات ، وترجموها وجعلوها في متناول المسلمين ، يخاطبون العقول الغرة ، حتى إذا تركز المفهوم في الأجيال اللاحقة وتبنوه بحمولته ، قيل لهم عندئذ : نعم محمد عظيم من عظماء التاريخ ولا يخلو التاريخ من عظماء ...........
    طيب لم َ لم ْ يصرحوا ويقولوا هو نبي هو رسول هو خاتم الرسل والانبياء ؟؟؟؟
    الغاية غايتهم أوضح من الشمس في علاها ، يريدون نفي النبوة عنه ولكن بطريقتهم الملتوية و المعروفة والتي لا تجر عليهم المشاكل ،

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,112
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (أ. لحسن عسيلة) مشاهدة المشاركة
    حرب المصطلحات


    قالوا عن حبيبنا وقدوتنا و نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه عظيم من عظماء التاريخ بل قالوا هو أعظم عظماء التاريخ وهؤلاء كلهم غربيون ، وألفوا في ذلك المؤلفات ، وترجموها وجعلوها في متناول المسلمين ، يخاطبون العقول الغرة ، حتى إذا تركز المفهوم في الأجيال اللاحقة وتبنوه بحمولته ، قيل لهم عندئذ : نعم محمد عظيم من عظماء التاريخ ولا يخلو التاريخ من عظماء ...........
    طيب لم َ لم ْ يصرحوا ويقولوا هو نبي هو رسول هو خاتم الرسل والانبياء ؟؟؟؟
    الغاية غايتهم أوضح من الشمس في علاها ، يريدون نفي النبوة عنه ولكن بطريقتهم الملتوية و المعروفة والتي لا تجر عليهم المشاكل ،
    أحسنت أستاذ لحسن

    عقول المسلمين دمرت بسبب الفكر الغربي الممنهج "اتباع فكر المستشرقين"

    طريقة "دس السم في العسل"



  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...d=1#post911319


    أخي وأستاذي الكريم هيثم الريماوي

    أرى أننا الآن أقرب إلى الصواب في منهجية الحوار. ذلك أن دور المرجعية كأساس للحوار أخذ يتضح.

    الحداثة الفكرية - لا أقول التحديث - والإسلام في مجال الفكر بينهما تناقض. كل يرفض الآخر.

    نتاجاتهما الفكرية متناقضة. ومن العبث الحوار حول الفروع عندما تتناقض الأصول.

    لا جدوى من اللف والدوران في هذا الأمر. تعبير قصيدة النثر لا يمكننا الاتفاق عليه إلا بتلفيق توافق بين الأصلين المتناقضين. كتوافق منظمة تحرير فلسطين مع إسرائيل .

    وتكويني الثقافي يفتقد لياقة التوفيق بين المتناقضات. ساسوق لك أمثلة على التناقض بينهما أعني الإسلام والحداثة .

    إليك أولها من وجهة نظر إسلامية وساتبعه بآخر من وجهة نظر علمانية:


    http://uqu.edu.sa/page/ar/21337

    نقف في هذا المقال الوجيز وقفة مع أحد النقاد العرب المصريين وهو د/ كمال نشأت أستاذ الأدب العربي في الجامعات العربية، والشاعر والناقد الأدبي وهو يحلل شعر الحداثة وخطورته على اللغة والذوق بل على العروبة والدين حيث يقرر في كتابه الأخير الذي أصدرته مكتبة الأسرة بمصر تحت عنوان "شعر الحداثة في مصر" عدة أوصاف لشعر الحداثة وشعرائها في صورة شهادات حتى لبعض أدباء الحداثة والمفنونين بها، فهذا د/ عبد القادر القط يقول في شهادته على شعراء الحداثة: إن شعراء الحداثة بعيدون كل البعد عن قضايا المجتمع الذي يعيشون فيه وعن مشاكل الإنسان الذي يعيشون معه.
    ويقول د/ أحمد هيكل: إن هذا الإنتاج الشعري الذي يأخذ هذه الوجهة الانغلاقية الألغازية الإبهامية قد عزل نفسه في نطاق خاص جدًّا، وهو نطاق هؤلاء الشعراء.
    ومن النقاد العرب إلى شاعر من أمريكا الجنوبية ينتقد شعراء الحداثة (لتجميعهم الكلمات عشوائيًّا وفق آخر موضات باريس)
    ويرى د/ كمال نشأت أن أبيات الشعر الحداثي التي يسمونها "قصيدة النثر" بتسمية أدونيس تخلو من الجمال، فهي لا ترسم لوحةً جماليةً، ولا تعكس دلالةً فنيةً مثلما نرى في الشعر الحق، ذلك أنها مكونةٌ من عناصر بعيدة لا انسجامَ بينها، أُكرِهَت على النزول في غير مواضعها فكان هذا التشتت المعيب.([1])

    قصيدة النثر تناقض حقيقتها
    من الكوارث التي حلت على الأدب العربي في الفترة الأخيرة ما يسمى "قصيدة النثر" التي تتناقض في تسميتها مع حقيقتها؛ حيث يثور السؤال كيف تكون قصيدةً وكيف تكون نثرًا في آن واحد؟
    يشير الدكتور كمال نشأت إلى أن ما يسمى "قصيدة النثر" قد عرفه الأدب العربي فيما يسمى "النثر الفني" الذي كان يكتبه مصطفى صادق الرافعي ومي زيادة وأمين الريحاني وحسين عفيف، وكان هذا إبداعًا في أعلى مراتب الأدب، وهذا على خلاف ما يكتبه الحداثيون من نثر يسمونه قصيدةً وهو في حقيقته تقليد لقصيدة النثر الفرنسية، والتي مر كتَّابها بظروف قاسية شكلت حياتهم.

    وهنا يتساءل الدكتور كمال نشأت: هل انتقل التشويه النفسي من نفس الشاعر إلى قلمه؟! ويؤكد الناقد الكبير الدكتور كمال نشأت أن ما يسمى "قصيدة النثر" يدعو إلى نفور المتلقي أو إهماله؛ بسبب استغلاقها وعبثها باللغة وتعتيمها الذي لا يسمح بنقطة ضوء تنير كهوفها المظلمة، وهو الأمر الذي حال بينها وبين الوصول المؤثر في نفس قارئها.

    ويورد في هذا الصدد أمثلةً كثيرةً، منها: (من ضلع صحراء قد اشتدت- سما- إذ مر رضقت به حرية من وحدة ما- مخمية - صدأ يتناسل حتى فرع نقطة أبيض كمخاضة- برق فراغ ما لم يعلمه ضل- راكد كسماء في مداخلها سراب- ليس عرضةً لهدف- إنما صار- احتمل زمانه فخرج تبت إليك من إشراكه- وشيشها بجسدي- إلحاحًا لأنسي - بكلتا يديه على عرصات الهواء مسقوفًا بما اشتهى.. إلخ.
    ويعلق الدكتور كمال نشأت على الأمثلة التي أوردها، ومنها المثال السابق بأنها نوعٌ من العبثية والخروج على المعقولية؛ مما يشي بفساد الفطرة الذوقية، وهي تقليد لتعبيرات الأدب الغربي الذي لا يناسب بيئتنا ولا ثقافتنا.
    ويرى الناقد التشكيلي محمود بقشيش أن بعض الرسامين الأوروبيين استعملوا "البراز" الآدمي في رسم بعض لوحاتهم، وهذا نوع من العبث يشبه ما وصل إلى حياتنا اليومية؛ حيث نرى رءوس الشباب التي حلقوها بأشكال قبيحة مستفزة، وفي شعور النساء المنكوشة، وفي تقطيع قماش البنطلون الجينز فوق الركبتين وفي ترك رباط الحذاء مفكوكًا.. إلخ. ([2]) هذا هو شعر الحداثة في عيون النقاد وهذه هي خطورته.

    أما اللغة وكلماتها والأدب وفنونه فكما قلنا قبل ذلك إن الحداثيين نقلوا حداثة الغرب إلى بلادنا, وهي البيئة التي كانت تعج بالمتناقضات، فكان الأدب: "بابا واسعا للتعبير عن كل هذه المتناقضات، هنا في ساحة الأدب والفنون كانت ملامح الحداثة أوضح، لا لأن الحداثة مختصة بها، ولكن لأن الأدب والفنون أقرب للناس عامة، وأوسع انتشارا.([3]) لقد وجد الإنسان نفسه في أوربا وسط هذه المتناقضات، وفي البلاد العربية وبعد هزيمة 1967م وبعد أن هزم المشروع القومي، أحس جيل القوميين العرب بالهزيمة الكاملة لمشروعهم، فأخذوا يهربون من بلادهم إلى أوربا ومن لم يستطع هرب من فكره وانسلخ من هويته إلى ما يسمى بالحداثة, وفيها وجدوا الأدب مهربا لهم يعبرون فيه عن نفسياتهم المنهزمة، يقول الدكتور عدنان رضا النحوي: كان الهروب إلى الرمز ليخفي وراءه شعوره وفكره المتأزم، فظهرت الحركة (الرمزية) ([4]) في صورة انحطاطية، كما سموا أول أمرهم، وحملت الرمزية معها وقاحة التعبير واضطرابه على صورة تخلخل المعنى أو تحطمه، وأصبح الرمز هو الصنم الجديد، ثم تطورت الرمزية إلى بعد أعمق في الغموض، فكانت الحركة (الانطباعية) ([5]) التي تلجأ إلى أسلوب تعبر به عن الانطباع الموحد للمعنى في اللون أو الضوء، إنهم يعتقدون أن الأشياء ذاتها تتحطم وتزول، فليست هي المهمة ولكنها تترك آثارها وانطباعها، فهم يرون ضرورة إحياء قوة اللون كتجربة حضارية، وقد مثلت هاتان الحركتان (الرمزية والانطباعية) بداية الهجوم على اللغة، وهي تحاول التخلص من جزئيات اللغة كالحروف.
    ثم ظهرت الحركة (المستقبلية) في إيطاليا 19.5 م لتوغل في الغموض والاضطراب، حيث أعلن أصحابها أنهم سيبتكرون (الخيال اللاسلكي) الذي سيتمخض عن توليف متجانس لعناصر الكون التي يمكن احتواؤها بنظرة خاطفة، وضع "مارينيتي" في مقدمة كتابه المسمى"زانك تم تم" عنوانا هو: تحطيم النحو – خيال لاسلكي – كلمات حرة" فكانت من أشد الحركات تحطيما للغة، ودعو إلى الشعر الحر والكلمة الحرة المتفلتة من معانيها وقواعدها، ولتتحول إلى مقاطع صوتية غامضة هيستيرية مثل (سي سي سي سي سي سي) ثم تتحول الكلمات إلى رموز رياضية ( +-+-+-+-x) هذا في إيطاليا، وفي روسيا كانت التعبيرات في منتهى الغموض والعبث اعتمدت الحركة الكلمات الصوتية مثل الحركة في أوربا مثل قصيدة دربل إشكل، ابشكر, سكم، مي سوبو, رل ينر" مقاطع صوتية لا معنى لها في أي لغة، ولكن هذه المدرسة مع كل عجائبها وحربها على التراث والدين واللغة، حاربت الرمزيين، وأصدرت هذه الحركة بيانها سنة 1912م وأسموه (صفعة في وجه الذوق العام) وجعلت همها غسل الكلمات وتطهيرها من طلاء التراث الأدبي، وهذه المهمة دعا إليها أدونيس وكمال أبو أديب من رجال الحداثة في إجماع يدور كله مهما اختلف اللفظ، حول قول أحدهم "إن الشاعر يحرر الكلمة من معانيها ومما علق بها من غبار السنين فيطهرها ويغسلها " ويقول أدونيس في كتابه (مقدمة في الشعر العربي): "يصبح الشعر في هذه الحالة ثورة مستمرة على اللغة"... إجماع حداثي واضح على حرب اللغة والمعاني والتراث، ويلتقي من أجل ذلك حداثيو العالم الإسلامي مع حداثيي أوربا، في ساحة واحدة، وفي تبعية ذليلة وتقليد مهين، ليرسموا خصائص واحدة للحداثة. ([6])

    عرضنا في مقالاتنا السابقة أبرز مبادئ الحداثة عرضناها وبينا بنظرة نقدية مدي التخبط والعبث، والعداء والحقد على اللغة والتراث والدين، والجرأة على ثوابت الأمة وإجماعاتها، وهكذا "كانت الحداثة وصمةً في جبين الأدب العربي، خاصةً بعد أن كشفت الباحثة الإنجليزية فرانسيس ستوز سوندرز أن المخابرات الأمريكية كانت وراء محاولات نشر الحداثة وتمويل مجلتي "شعر" و"حوار"([7]) وكلتاهما لسان حال الحداثيين في مجال اللغة والشعر والأدب.

    د/ أحمد محمد زايد
    جامعة الأزهر –كلية أصول الدين – قسم الدعوة والثقافة الإسلامية .
    جامعة الملك خالد -كلية الشريعة وأصول الدين – قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة.

    **

    وهنا مقال آخر للأستاذ أنور الجندي :

    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=68764


    وإليك من الجانب الحداثي نقلا عن أدونيس وأنت أعرف به وبإمامته للحداثة الفكرية والأدبية وتنظيره وترويجه لما تسمونه قصيدة النثر

    1- أدونيس، ( مشيدا بالإلحاد وأهله ) الثابت والمتحول، ج 2 ص 74 ـ 76.1-
    " إن ابن الراوندي وجابر بن حيان ومحمد بن زكريا الرازي أصلوا للإبداع في مجال اعتماد العقل وإبطال النبوة!!!"!!!

    2- المصدر الثابت والمتحول 3 - صدمة الحداثة : ص 136 – 137
    الله والأنبياء والفضيلة والآخرة ألفاظٌ رتبتها الأجيال الغابرة وهي قائمة بقوة الاستمرار لا بقوة الحقيقة، والتمسك بهذه التقاليد موت والمتمسكون بها أموات، وعلى كل من يريد التحرر منها أن يتحول إلى حفار قبور، لكي يدفن أولاً هذه التقاليد، كمقدمة ضرورية لتحرره.

    ومن شعره
    1-
    من أنت من تختار يا مهيار

    أنى اتجهت الله أو هاوية الشيطان

    هاوية تذهب أو هاوية تجيء

    و العالم اختيار لا الله اختار و لا الشيطان

    كلاهما جدار كلاهما يغلق لي عيني

    هل أبدل الجدار بالجدار..


    2-
    نموت إن لم نخلق الآلهة

    نموت إن لم نقتل الآلهة

    يا ملكوت الصخرة التائهة

    زواحف من كل نوع تقتحم الأرض

    و الإنسان يصطاد السماء

    إن الله يتقدم في جنس حيواني يتخلق.



    ***
    استغفر الله العظيم
    تعالى الله عما يشركون

    والقصد إثبات التناقض بين الإسلام وحداثة الفكر واستحالة التوفيق بينهما في الفروع.

    والله يرعاكم ويهديني وإياكم سواء السبيل.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,112
    ما شاء الله أستاذي خشان ،لقد قدمت البرهان والدليل والواقع يشهد بذلك .

    أريد أسأل سؤالا .

    ماذا قدمت الحداثة والتحرر للفكر العربي ؟
    هل أعلت من الذوق العام وارتقت العربية على اللغات الأخرى؟

    كيف الاعتراف والاقتناع بفكر مشوه ناتج من عقول متجردة من مجتمعها وساخطة على قيمه؟

    من أيام ظهرت حركة في مصر تدعو للفوضى والعنف والتحرر يطلقون على أنفسهم "بلاك بلوك" الكتلة السوداء

    ،يرتدون الأقنعة ويقلدون الغرب ولا يعترفون بالقيم ولا الانضباط .

    أليس هذا نتاج الحداثة والتحرر ؟

    أرى أن هذا نتاج الفكر المشوه الغريب ،الذي يدعو للتحرر من الدين والقيم والاتزان الفكري وتقليد الفكر الغربي،
    وهذا لا يفرق عن الفوضى والعشوائية في الأدب ،والدعوة للتحرر من كل مقدس ونبذ الثقافة العربية

    الأصيلةوتشويه الحضارة الإسلامية التي أنارت العالم .

    لي عودة أخرى أستاذي للتعليق ،فالموضوع مهم ويحتاج وقفات وحوارات

    شكرًا لكم.



  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892
    أشكر أساتذتي المكرمين

    الأستاذ خشان خشان
    الأستاذة سحر نعمة الله
    الأستاذ حماد مزيد
    الأستاذ لحسن عسيلة

    على ما تفضلوا به من المشاركات القيمة وما تضمنته من الآراء الثمينة وأرجو المعذرة في تغيبي اللإرادي الطارئ. .
    لم أنته بعد من قول ما أريد فاسمحوا لي بإكمال الموضوع .


    ثالثا: في مفهوم الشعر : الشعر : كلام جميل موزون مقفى معبر عن إحساس الشاعر . ويتضمن هذا المفهوم كما نلاحظ شروطا أساسية للشعر ليكون شعرا وهي الجمال والوزن والقافية والتعبير عن الإحساس . فأما تقييم المستوى الجمالي للنص الشعري فلا يمكن أن يكون ثابتا لأن الجمال قيمة نسبية ‎تختلف باختلاف شروط التذوق . وأما تقييم مستوى التعبير عن إحساس الشاعر فمشكوك في مصداقيته لأن إحساس الشاعر غير قابل للقياس من قبل الناقد بينما يمكن بكل سهولة تقييم جودة الوزن أوالإيقاع والقافية وقياسها فهي مفاهيم دقيقة قابلة للقياس والمحاكمة . لذا فهي تتطلب من الشاعر بذل الجهد في سبيل تعلم قوانينها .. وليس من الممكن استسهال نظم الشعر الموزون حتى مع استخدام الحاسة الإيقاعية لتقليد النصوص الجاهزة والقياس إليها .‎

    والآن نعود إلى محور موضوعنا ولنناقش ادعاء هواة كتابة (الشعر المنثور ) فيما يتعلق أولا بالتحرر من القوالب الجاهزة لشكل القصيدة :

    من المؤكد أن حركة للتحديث في شكل القالب الشعري قد حدثت مع المحاولات الناجحة لبدر شاكر السياب ونازك الملائكة في إبداع أو إعادة إنتاج شكل القصيدة مع شعر التفعيلة .
    وقد كانت تلك المحاولات ناجحة بالفعل بسبب محافظتها على الأساس الشعري في مفهوم الشعر العالمي وهي وجود واحدة للإيقاع . ( التفعيلة ) إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن نتخيل مقطوعة موسيقية بدون جملة موسيقية ...و لا يمكن أن نتخيل شعرا وهو منثور خال من الإيقاع . ولا يمكن أن نتخيل نثراً منظوما بإيقاع حقيقي . لكننا نستطيع أن نتخيل نثرا ينتظمه إيقاع وهمي في الواقع ،يسمى بالإيقاع الداخلي . .وذلك لضرورة أن يلبس النثر لباس الشعر
    فيسمى بالشعر المنثور ولو حاولنا فهم حقيقة الإيقاع الداخلي في نصوص ( الشعر المنثور ) لما وجدنا سوى . . . يتبع‏

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    السودان
    المشاركات
    1,795
    ان تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي

    اعتذر فقمت بإجراء عملية لوالدتي وبعدها من إلارهاق تعرضت لوعكة صحية والحمد لله أني بين يديكم الآن

    الموضوع ثر
    ولكن بما أن في الأصل الذي يعرفه أستاذ خشان كاتب نثر
    فأنا أود ان أخبر أني لا أؤمن بقصيدة النثر
    هناك نص نثري وهنا أبيات شعرية
    وبالفعل حديث ال د.كمال نشأت أعجبني كثيراً
    الترميز الكثير الموجود في قصائد النثر يجعلها شئ غريب
    أذكر أن النقاد يعيبون قصيدة من اجمل القصائد على كثرة الرمز فيها
    سال من شعرها الذهب == وتدلى وما انسكب
    كلما عبثت به

    ويغنيها الفنان السوداني عبدالكريم الكابلي
    طيب يعني ماذا نقول على ما يكتبون ما يسمى قصيدة النثر
    سأعطيكم مثالاً لها في السودان وصراحة لدينا اصبحت قصيدة النثر أمر ممل وخطر حقيقي يهدد الشعر

    سأدرج لكم أمثلة وأروني هل هنا شئ يمكن ان يستخرجه القارئ من القصيدة أعذروني فأنا سأبحث باسمء الشعراء وادرج لكم النص
    "
    أجملُ الناجين من الذبح
    صار يعبدُ خنجرا ،
    والرجال على وشْكِ
    أن يبيعوا شيئا عزيرا ، فاحترس !
    كلُّ شيءٍ يعرقُ تحت الجِناح سيمضي ، والنباحُ الذي
    دلّك على النبع ، دلّ الحرسَ.
    عصافيرُ الذي علّمتنا الغناء هَوَتْ ،
    أفزعتها يدُ الموت ، ألجمتها يدُ الخوف
    صارتْ مناقيرُها سبحةً في أيادي الخرس
    والبلادُ التي ضيّعت خاتما ، البلادُ التي دائما
    ستظلُّ محنيةً ، فوق تلك الجثث
    ونحن سنبقى هنا هناك ، سوف نعلو
    بالذنوب الخفيفةِ فوق هذا العبثْ
    هى الأرضُ المهملات ، وهم باعوا
    يبيعون ، فادرك سماءك يا خالقي
    قبل ذاك المزاد ، بعد هذا الجرس!
    الموتُ ما عاد يفقسُ خطّافه
    تحت فكُّ المريض
    صار في ضحكة الأصدقاء
    في الخطاب الذي لن يصل
    وتحت صكِّ البريدْ
    قبري لم يعد قبري
    ومن يبكي عليَّ ، عليكِ ، يدري
    أنكِ حين يفزعنا الحنانُ
    ستصعدين صفيرتك
    وإنني قرد’’ وحيدْ

    "
    "
    آية’ الهارب في الأرض
    أقدارُه : أسوار
    يجلو على المرآة وطنا
    سجنه إذ تتهشم المرآةُ بابْ
    وخرابُ الذي يشتهي ، أفعى
    تصعدُ ساق التي تنتهي ،
    بلاد’’ كلما ابتسمت ، حطّ على شفتيها الذبابْ
    هى من قايضتَها
    جرحا برمح
    شمسا بقمح
    تعاتبك على رغبةٍ في الرحيل
    بعد حينٍ يتقاذفُ الدودُ أخبارنا
    فانظري ، إلى أي دودٍ يقودُ العتاب

    "
    "

    "

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    ثناء صالح :
    ولا يمكن أن نتخيل نثراً منظوما بإيقاع حقيقي . لكننا نستطيع أن نتخيل نثرا ينتظمه إيقاع وهمي في الواقع ،يسمى بالإيقاع الداخلي . .

    هناك نثر أختي الفاضلة ، ينتظمه إيقاع حقيقي وليس وهميا ،
    وهو نثر خببي ، والنصوص موجودة في منتدانا ، كان ساقها أخونا الكريم خشان في معرض الحديث عن الخبب ، ولكن لا أدري أين رأيت ذلك من شهور ،
    يدلك على مكانها أخي خشان مشكورا ،
    أما قضية الإيقاع الداخلي للنصوص ، فأنا أرى شخصيا أن التفوق في هذا المضمار لا يستطيعه إلا متذوق للغة العربية ، يملك ملكة مستحكمة نابعة من قوة قاهرة على انتقاء المفردات بدقة في منتهى الدهشة .
    متابع بلا ملل ولا ضجر ،
    يرعاك الله .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (أ. لحسن عسيلة) مشاهدة المشاركة
    هناك نثر أختي الفاضلة ، ينتظمه إيقاع حقيقي وليس وهميا ،
    وهو نثر خببي ، والنصوص موجودة في منتدانا ، كان ساقها أخونا الكريم خشان في معرض الحديث عن الخبب ، ولكن لا أدري أين رأيت ذلك من شهور ،
    يدلك على مكانها أخي خشان مشكورا ،
    أما قضية الإيقاع الداخلي للنصوص ، فأنا أرى شخصيا أن التفوق في هذا المضمار لا يستطيعه إلا متذوق للغة العربية ، يملك ملكة مستحكمة نابعة من قوة قاهرة على انتقاء المفردات بدقة في منتهى الدهشة .
    متابع بلا ملل ولا ضجر ،
    يرعاك الله .
    حيا الله أخي واستاذي الكريم

    http://arood.com/vb/showthread.php?t=468

    http://arood.com/vb/showthread.php?p=46623#post46623

  21. #21
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (أ. لحسن عسيلة) مشاهدة المشاركة
    هناك نثر أختي الفاضلة ، ينتظمه إيقاع حقيقي وليس وهميا ،
    وهو نثر خببي ، والنصوص موجودة في منتدانا ، كان ساقها أخونا الكريم خشان في معرض الحديث عن الخبب ، ولكن لا أدري أين رأيت ذلك من شهور ،
    يدلك على مكانها أخي خشان مشكورا ،
    أما قضية الإيقاع الداخلي للنصوص ، فأنا أرى شخصيا أن التفوق في هذا المضمار لا يستطيعه إلا متذوق للغة العربية ، يملك ملكة مستحكمة نابعة من قوة قاهرة على انتقاء المفردات بدقة في منتهى الدهشة .
    متابع بلا ملل ولا ضجر ،
    يرعاك الله .
    بالطبع أنا لم أقصد بالإيقاع الوهمي الإيقاع الخببي لأن قصائد الخبب ليست نثرا . . وكيف نعدها نثرا وهي منظومة بقاعدة الإيقاع الخببي حيث يعمل شرطا التكافؤ الخببي وغياب الوتد على انتظام المقاطع الصوتية ؟بل إن كان ثمة من يعتقد أن نظم الخبب يمثل الحالة الوسطى بين النثر والشعر فأنا من حزبه...
    كما أنني لم أقصد قصائد شعر التفعيلة سواء التي ينوع فيها الشاعر باستخدام البحور وفق قاعدة واضحة للاستخدام أو التي يلتزم فيها بالتفعيلة الواحدة وما في حكمها من نصوص ( البند ) . .ولا أفهم ما وجه الحق في أن تعد نازك الملائكة استخدام أكثر من بحر شعري في النص الواحد من خصائص قصيدة النثر - كما تمت الإشارة إلى ذلك في الرابط أعلاه - إن كانت قد فعلت ذلك حقا.
    إنما أتحدث عن وجهة نظري المتواضعة في قصائد النثر التي يدعي أصحابها أن ما يميزها هو الإيقاع الداخلي . وقد كنت في بدء هذا الموضوع قد عرفت الإيقاع المجرد -كما أراه - على أنه قاعدة رياضية تنتظم توزيع التكرار والتناوب بين المقاطع الصوتية . فإن فقدت هذه القاعدة الناظمة فقد الانتظام . وأنا لا أستطيع أن أتخيل إيقاعا حقيقيا بدون انتظام فإن كان ثمة إيقاع بدون نظم وانتظام فهو إيقاع وهمي .‎
    وأنا ‎أرى أن تسمية (الإيقاع الداخلي ) نفسها إنما هي تسمية مغلوطة و البديل الصحيح لها أن نقول ( موسيقى داخلية ) إذ مفهوم الموسيقى أوسع وأشمل من مفهوم الإيقاع وهي تشمل الإيقاع الذي ليس له سوى نوع واحد مرتبط بشكل جذري بانتظام المقاطع الصوتية ، ولعلنا متفقون على ان يسمى بالإيقاع الخارجي كون التقطيع العروضي كفيل بإظهاره . . . يتبع

  22. #22
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892
    يتدخل التقييم الجمالي الذوقي بمعاييره ذات الطابع النسبي التي تختلف من متلق إلى آخر في الحكم على النص الأدبي بامتلاكه للموسيقا الداخلية أو افتقاره إليها . . فموسيقا الشعر تشمل الإيقاع الخارجي و الوزن و القافية و هي مفاهيم ظاهرة في الشعر الموزون لا تحتاج إلى نظرة عميقة فيه بعد تقطيعه عروضيا . وتشمل ما تبقى من موسيقا الكلام سواء أكان شعرا أو نثرا كجرس الأحرف والألفاظ ونسبة مقاطع المد في البيت الشعري ومواضع التشديد أو الإشباع (النبر) وقصر الألفاظ أو طولها ، واتصال الألفاظ بأدوات الوصل وأحكامه أو تقطعها وانفرادها، وقصر التراكيب اللفظية أو طولها . فكل ذلك يدخل في موسيقا الكلام وكل ذلك يؤدي دورا في إحداث شعور بوجود التناغم والانسجام في السياق اللفظي أو عدم وجودهما . كما يظهر مدى التناسب بين إيحاء الصورة الشعرية والتعبير اللفظي الذي يرسمها . .
    فمثلا : جرس الأحرف : تنتج المفارقة فيه عن الفرق في الحس الشعوري بين أن نسمع ترددات أصوات أحرف الهمس ( ز..ذ ..س ..ص ..) و أحرف القوة والجلجلة ( ق..ط.. ج..ض .. إلخ ) فأحرف الهمس تزيد من عذوبة وسلاسة الألفاظ التي تشكل الصورة الشعرية الرومانسية في حين تؤدي إلى الشعور بالترهل في تشكيل صورة الغضب شعريا .
    كما أن تقطع الألفاظ وقصرها يفيد في إثارة التوتر والقلق عند المتلقي أكثر من تماسك الألفاظ واتصالها الذي يحدث الانسيابية والاسترسال في الصوت مما يولد مشاعر الاطمئنان والتمكن .

    كل تلك التأثيرات تدخل في باب موسيقا الشعر الداخلية ولا تدخل في باب الإيقاع الداخلي للشعر لأن هذا الباب غير موجود في الحقيقة . . ونحن كمتلقين نستقبل كل ذلك عبر وقع ألفاظ الكلام في أسماعنا أو في خيالنا السمعي عند القراءة دون أن نحتاج للتقطيع العروضي مما يعني أننا خارج حقل القاعدة الرياضية الصارمة والدقيقة التي تنظم التكرار (الكم ) والتناوب للمقاطع الصوتية . .بل نحن في حقل من التذوق الذاتي ذي الأبعاد النسبية التي تختلف في عمقها بين لحظة وأخرى مع اختلاف استغراقنا فيها. فمن الحري بنا أن ننسب للموسيقا كل تأثير حسي نتجاوب فيه نفسيا تجاوبا فنيا جماليا . . . يتبع

  23. #23
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892
    بعد أن قمت بالتقطيع العروضي لعدد كبير جدا من (قصائد ) النثر وأنا أحاول أن أفهم ما هي المصادر التي تثير في خيالنا السمعي هذه الفوضى الإيقاعية . توصلت إلى أن المصدر الوحيد هو إيقاع تفعيلات ..البحور الشعرية وجوازاتها فمن خصائص عبقرية اللغة العربية أنك مهما تكلمت بالعربية فإن كلامك قابل للتقطيع عروضيا إلى التفعيلات وجوازاتها لا يشذ عن ذلك شيء من كلامك ...
    وقد قمت بتقطيع نصوص نثرية بحتة لا يمكن الشك في نثريتها كنصوص الدراسات العلمية والفكرية فوجدت أنها تشترك مع النصوص الأدبية كافة بقابلية التقطيع العروضي مما يعني أن الفرق الوحيد بين قصيدة النثر وبين فقرة من نص علمي هو شكل الكتابة فقط ...ففي حين يتم ملء السطور بالكلمات ضمن شكل الفقرة في النص العلمي فإن السطور لا يحصل كل منها إلا على بضع كلمات في نص ( قصيدة النثر ) . .. فيقوم الناثر بتوليفها دون توجيه إيقاعي سوى ذلك التوجيه الناجم عن تدافع الكلمات العشوائي من مخزون الذاكرة الإيقاعية التي ترسخت فيها مقاطع من إيقاعات أوزان البحور . . يتبع

  24. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح مشاهدة المشاركة
    بعد أن قمت بالتقطيع العروضي لعدد كبير جدا من (قصائد ) النثر وأنا أحاول أن أفهم ما هي المصادر التي تثير في خيالنا السمعي هذه الفوضى الإيقاعية . توصلت إلى أن المصدر الوحيد هو إيقاع تفعيلات ..البحور الشعرية وجوازاتها فمن خصائص عبقرية اللغة العربية أنك مهما تكلمت بالعربية فإن كلامك قابل للتقطيع عروضيا إلى التفعيلات وجوازاتها لا يشذ عن ذلك شيء من كلامك ...
    وقد قمت بتقطيع نصوص نثرية بحتة لا يمكن الشك في نثريتها كنصوص الدراسات العلمية والفكرية فوجدت أنها تشترك مع النصوص الأدبية كافة بقابلية التقطيع العروضي مما يعني أن الفرق الوحيد بين قصيدة النثر وبين فقرة من نص علمي هو شكل الكتابة فقط ...ففي حين يتم ملء السطور بالكلمات ضمن شكل الفقرة في النص العلمي فإن السطور لا يحصل كل منها إلا على بضع كلمات في نص ( قصيدة النثر ) . .. فيقوم الناثر بتوليفها دون توجيه إيقاعي سوى ذلك التوجيه الناجم عن تدافع الكلمات العشوائي من مخزون الذاكرة الإيقاعية التي ترسخت فيها مقاطع من إيقاعات أوزان البحور . . يتبع

    الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي.

    أرجو أن تطلعي على تناول قوله تعالى :" لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا" (الفرقان-14)

    على الرابط:

    https://sites.google.com/site/alaroo...wama-allamnaho

    يرعاك الله.

  25. #25
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان مشاهدة المشاركة

    الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي.


    أرجو أن تطلعي على تناول قوله تعالى :" لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا" (الفرقان-14)

    على الرابط:

    https://sites.google.com/site/alaroo...wama-allamnaho

    يرعاك الله.
    عفوا أستاذي الكريم . . كأن كلمة ثانية مع (فعل ) قد سقطت من كلام حضرتك .فعلى من يعود ضمير التثنية في كلمة (بينهما ) في قولك "الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي " ؟ .
    لم أحصل على الإيضاح من الرابط أعلاه . .
    وكنت أظنك قائلا : إن الأصل في المقاطع الصوتية والعروضية هما (فا ) و (علن =فعل ) . .

  26. #26
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892

    قالب الشعر المنثور التزم بما أحدثه شعر التفعيلة من إحلال السطر بدل البيت وعدم إلزاميةالتناظر الإيقاعي بين السطور مع فارق أن شعر التفعيلة التزم إيقاع التفعيلة عموما في حين أن (الشعر) المنثور لم يلتزم شيئا، فالنثر فيه شبيه من حيث المبنى الإيقاعي بالنثر في أي نص علمي أو أدبي نثري كالخاطرة والقصة والمقالة ، وهذا ما قد لا يرغب كتاب الشعر المنثور الاعتراف به ..ولهم في ذلك بعض الحق إذ أن الضجيج الإيقاعي الذي نستشعره عند قراءة قصيدة من النثر يختلف في التوتر والقوة والوضوح عن ذلك الضجيج الإيقاعي في النص النثري البحت في القصة أو المقالة ..فما أسباب هذا الاختلاف ؟
    من وجهة نظري ..هناك أكثر من سبب :
    أولا: السطر المسترسل والسطر المقطوع :
    إذا قمنا بالتقطيع العروضي رقميا لنصين من النثر أحدهما (قصيدة نثر )والثاني نص علمي فسنجد أن جميع ما سينتج لدينا من احتمالات توالي المقاطع 1و 2 و3 مع تغيير التكرار والتناوب بينها قابل للتأويل كي يتوافق مع أوزان التفعيلات
    يتبع . .

  27. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح مشاهدة المشاركة
    عفوا أستاذي الكريم . . كأن كلمة ثانية مع (فعل ) قد سقطت من كلام حضرتك .فعلى من يعود ضمير التثنية في كلمة (بينهما ) في قولك "الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي " ؟ .
    لم أحصل على الإيضاح من الرابط أعلاه . .
    وكنت أظنك قائلا : إن الأصل في المقاطع الصوتية والعروضية هما (فا ) و (علن =فعل ) . .
    أستاذتي الكريمة

    بل ثمة خطأ مطبعي فالقصد هو ( بين التراكيب الصرفية والعروضية ) وأصل كل منهما الفعل ( فعَلَ = 1 1 1 )

    شكرا لتصويبك.

    مشاركتك السابقة لهذه مشفرة فحذفتها.

    يرعاك الله.

  28. #28
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان مشاهدة المشاركة
    أستاذتي الكريمة

    بل ثمة خطأ مطبعي فالقصد هو ( بين التراكيب الصرفية والعروضية ) وأصل كل منهما الفعل ( فعَلَ = 1 1 1 )

    شكرا لتصويبك.

    مشاركتك السابقة لهذه مشفرة فحذفتها.

    يرعاك الله.
    شكرا أستاذي الكريم خشان لهدا الاستدراك . . فهمت ان يكون ( فعل = 111 ) أصلا للتراكيب الصرفية . لكن أن يكون أصلا للتراكيب العروضية مع افتقاره للساكن . . كيف . . .؟
    ‏

  29. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,952
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح مشاهدة المشاركة
    شكرا أستاذي الكريم خشان لهدا الاستدراك . . فهمت ان يكون ( فعل = 111 ) أصلا للتراكيب الصرفية . لكن أن يكون أصلا للتراكيب العروضية مع افتقاره للساكن . . كيف . . .؟
    ‏
    أستاذتي

    في العروض : متفاعلن ، مستفعلن، فعولن، مفعولات ....أصل حروفها حروف فعل ، ثم زيدت.

    في الصرف : مكاتبه ، كتاب ، استكتاب، مكتوب من كتب على وزن فعل . ثم زيدت.

    ولهذا كان طبيعيا توافق بعض الكلام مع بعض التفاعيل .


    مشاركتك الأخيرة مشفرة كذلك.


  30. #30
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    892
    ‎نعم أستادي الكريم خشان

    لكن لمنع الالتباس على المستجدين في دراسة العروض قد يجدر التنويه إلى أن ‎ التراكيب العروضية التفعيلية (‏
    ‎ التفعيلات ) ليست في حقيقتها سوى تراكيب صرفية ذات خصوصية ناجمة عن ضرورة كتابة التنوين كما يلفظ .وهذا يعني أن التفاعيل فرع من الصرف من الناحية الشكلية المتمثلة بالاشتقاق اللفظي . .
    إذا . . . (فعل111) أصل صرفي للتفعيلات وليس أصلا عروضيا لها . . بل الأصلان العروضيان هما السبب والوتد (2 و 3 ) . .
    ‏ تحيتي
    التعديل الأخير تم بواسطة (ثناء صالح) ; 02-23-2013 الساعة 09:17 AM

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط