تفاعيل الخليل ومنهاجه.

قيمة تفاعيل الخليل في التزامها بمنهاجه، وليست لها قيمة تذكر خارج هذا المنهاج. وقيمة منهاج الخليل في تمثيله للذائقة العربية.

أخطأ هذه البدهية كثير من الشعراء والعروضيين الذين راحوا يلصقون التفاعيل بجانب بعضها البعض كيفما اتفق.

وهم بذلك يهدمون منهج الخليل من جهة ويأتون بصور لذائقة مشوهة يرون تشويهها إبداعا وترقية.

أقرب مثال على ذلك من لا يتقن العربية ويأخذ عبارة : " الصدق حلال ونجاة والكذب حرام وهلاك " هذه العبارة في شكلها وتركيبها ونحوها تعبير عن منهج. من لا يدرك ذلك المنهج نتيجة جهله بالعربية قد يعيد تركيب الجملة ذاتها على أي من الأشكال التالية :

1- الصدق نجاة وحلال والكذب هلاك وحرام.
2- الصدق حلال وحرام والكذب نجاة وهلاك
3- الصدق حرام وهلاك والكذب حلال ونجاة

من ظن أني أبالغ فليطلع على الرابطين:




وقد جاء فيهما علي أيدي عروضيين وشعراء من [ البحور الجديدة ] :

متفاعلن مفاعلتن = ((4) 3 3 ((4)

مفاعيلن مستفعلن = 3 4 4 3

مستفعلن فعولن مستفعلن فعولن = 4 3 3 2 4 3 3 2

فعولن مستفعلن فعولن مستفعلن = 3 2 4 3 4 3 3 2
مستفعِ لن فاعلاتن مستفع لن = 4 3 2 3 2 4 3

****

نعود إلى نظائر التغيير في تفاعيل الخليل من العبارات التالية :

1- الصدق نجاة وحلال والكذب هلاك وحرام
2-الصدق حلال وحرام والكذب نجاة وهلاك
3- الصدق حرام وهلاك والكذب حلال ونجاة

فالتحوير الأول مقبول لا ينتج عنه اضطراب ولكن الاضطراب ينجم عن عدم تبيان منهجية التحوير ووضع حدود لها وهذا شأن عروضيين سليمي الذائقة يتحركون حول عروض الخليل وقد يتوسعون قليلا ، والخطر ليس من اجتهادهم بل من عدم تحديد حدود لذلك الاجتهاد فيقلده من لا يملك ذائقتهم ولا اطلاعهم.

والتحوير الثاني تخبيص وخلط

وأما التحوير الثالث فباطل مطلق.

يكفي العروضي غير الواعي على منهج الخليل أن يلتزم تفاعيل الخليل وبدهياته. فهي كفيلة بمنعه من التخبيص. ولا بد لمن يغير من عروض الخليل شيئا أن يبين حدود تغييره بدقة كي ينسب إليه ما غيّر ولا يلزم الخليل.

ومثال ذلك في الرقمي الأخذ بالتوأم الوتدي في بحور دائرة المشتبه 2 1 2 = ]2[ 3 وهو ما يوافق رأي د. مصطفى حركات.

ومثال ذلك ما ذهب إليه د. مستجير من تقديم رؤية ممنهجة تختلف تارة وتتفق أخرى مع عروض الخليل.

كانت تلك –على طولها - مقدمة لا بد منها لنعرف أهمية العلاقة بين تفاعيل الخليل ومنهجه.

وهنا طائفة من مظاهر الخلل ناتجة عن عدم إدراك العلاقة بين تفاعيل الخليل ومنهجه وذلك من ألفباء العروض.

1 – التفعيلة من سبب ووتد أو سببين ووتد.

إغفال هذه البدهية ولّد تخبيصا له أول وليس له آخر في أمر الخبب والعلاقة بينه وبين المتدارك في اعتبار السببين فعْلن 2 2 تفعيلة ثم حشرها حشرا في تفاعيل الخليل بهدم عروض الخليل والقولاستثناء بجواز قطع فاعلن في الحشو لتصبح فعلن.

لا المتدارك من بحور الخليل ولا الخبب بحر بل هو إيقاع قائم بذاته .

2- القول باستحداث تفعيلة جديدة من ثلاثة أسباب ووتد مستفعلاتن = 2 2 3 2 ثم قصرها على بحر دون سواه.

كما في قول حازم القرطاني عن المنسرح إنه = 4 3 2 – 2 2 3 – 2 3 = مستفعلاتن مستفعلن فاعلن

في حين أن تجمع هذه المقاطع = سبب سبب وتد سبب = مستفعلاتن موجود مثلا في الخفيف

2 3 2 – 2 2 3 2 – 3 2 = فاعلاتن مستفعلاتن فعولن

بل هي موجودة في سائر البحور باستثناء بحري المتقارب والمتدارك.

وقد ولد اعتبار هذه التجمع ( وأقترح له اسم التركيب ) تفعيلة إلى خلل في رؤية عرضيين كبيرين هما نازك الملائكة ود. أحمد مستجير كما هو مفصل في ( الرقمي قبس من نور الخليل ):


لا يعني هذا عدم الاستعمال الواعي على منهج الخليل لشتى التفاعيل والتراكيب الممكنة كاساليب للشرح كما ورد من استعمال مستفعيلتن = 2 2 2 3 في ( ورقة الجوهري )


3- نقض جزئية من تفاعيل الخليل ؛ أدى رفض حازم القرطاجني لمفعولات في المقتضب إلى خلل كبير لمقتضى قوله إن المقتضب = فاع لن مفاعلتن

الأمر الذي يتبعه قبول المقتضب على فاع لُ مفاعلتن = 2 1 1 3 1 3 الأمر الذي لا وجود له في الواقع.

ويرجع للتفصيل إلى الرابط:


4- مخالفة مقتضى عروض الخليل، مجزوء البسيط المقطوع المطوي = مستفعلن فاعلن مستعل ( فاعلن )= 4 3 2 3 2 3
أستاذي د. خلوف يرى أنه = مستفعلن فاعلن فاعلن = 4 3 2 3 2 3

أي أنه يرى أن فاعلن آخر الشطر أصيلة التكوين من سبب ثم وتد مجموع حقيقي

ولا فرق ينجم في ظاهر الوزن ولكن اعتبار فاعلن الثانية من سبب ووتد يطرح الأسئلة التالية :

1- هل يجوز في آخر 3 2 3 أن تأتي 3 2 2 في العجز كما في آخر المتقارب
2- هل يجوز الترفيل في العجز أم في كلا الشطرين مستفعلن فاعلن فاعلاتن ؟
3- هل يجوز مع الترفيل التشعيث في العجز


ومن شأن الإجابة على هذه الأسئلة أن تجر إلى أسئلة متشابهة للنهاية المناظرة في اعتبار السريع مستفعلن مستفعلن فاعلن ( فاعلن 2 3 ) بدل ( مفْعُلا 2 3 ) وربما جر التنظير لهذين ومقارنة أثره على بعض البحور إلى تداعيات قد تتطلب منهجا شاملا يختلف عن منهج الخليل.


لي من الثقة بذائقة أستاذي وسعة اطلاعه ما يطمئنني إلى أن ما يذهب إليه سلس في السمع ويدور في حيز لا يبتعد كثيرا عن عروض الخليل. ولكنه بعدم تقعيد ومنهجة تجاوزه للخليل يفتح الباب واسعا لمن هم دونه ذائقة واطلاعا ليعكّوا عكّا شديدا.

من الضروري للعروضي أن يدرك ارتباط تفاعيل الخليل بمنهج الخليل.
كم من العروضيين يدرك وجود منهج للخليل ؟
وكم منهم يعي ذلك المنهج ؟
وكم منهم يعرف أن نقض تفعيلة واحدة أو استعمالها خارج تعليمات الخليل هدم لمنهج الخليل ؟