بسم الله الرحمن الرحيم


سأتناول خمسة مواضيع من مواضيع العاشرة كما هو مطلوب باختصار لإعطاء الفكرة الأساسية من كل بحث ، وعدم تشتيت الذهن بالفروع.
المواضيع الخمسة المختارة على التوالي : الإيقاع – النبر – ما قيل في أسماء البحور- الموشحة – الثغرة العروضية. وأسأل الله تعالى التوفيق في البيان مع الاختصار المناسب لعل في ذلك فائدة للجميع.

الموضوع الأول : الإيقاع

الإيقاع هو ارتباط الأحداث بالزمن سواء في الشعر أو الظواهر الطبيعية.
التطبيق الشعري :
المتقارب : 3 2 3 2 3 2 3 2
المتدارك : 2 3 2 3 2 3 2 3
البسيط : 2 2 3 2 3 2 2 3 1 3
وقد يبدو الارتباط الزمني غير دقيق الأبعاد في الحدث الواحد ، بالمنظور الجزئي القريب ، لكنه مرتبط بتوازن دقيق بالمنظور الشمولي .
بمعنى لو نظرنا لأبعاد الفواصل بين الرقم 2 (السبب) والرقم 3 (الوتد) قد يبدو غير متماثل زمنياً 2 2 3 2 3 ، لكنه يتكرر بالاختلاف ذاته بعد ذلك فالتوافق إيقاعي والاختلاف إيقاعي ( في أزمنة محددة لكل منهما).
ويبقى المنظور العام للإيقاع الوزني الشعري ارتباط تكرر الأسباب والأوتاد بالزمن سواء ظهر الارتباط دقيقاً في الزمن في المنظور الجزئي كما في المتقارب ، ولا يظهر ذلك في البحور الأوسع إلا بمنظورها الشمولي .
التطبيق الطبيعي :
1 – تناوب الفصول بالتتالي ( شتاء – ربيع - صيف – خريف ).
2 – ضربات القلب الدقيقة بتناوب انقباض العضلة القلبية وارتخائها ، ويتضح ذلك بتخطيط كهربية القلب ، وتخطيط أصواته.
3 – تناوب صولات الكفر والإيمان منذ ابتداء الخليقة ، الإيمان أولاً بآدم ثم الفساد ثم الصلاح ثم الفساد ... 3 2 3 2 إلى يوم القيامة.
4- إيقاع الألوان وتناوبها في منظر القوس قزح الذي يرتب أطوال الأمواج الضوئية بشكل متناسق محللا الألوان الأساسية إلى جزئياتها بشكل مرتب.
النتيجة:
الإيقاع ظاهرة كونية شمولية تشمل الحياة كلها التي ابتدأت بالموت فالحياة ثم الموت فالحياة... فلننظر ولنتأمل في كل شيء حولنا ، نجده يقع ضمن منظومة إيقاعية هائلة الدقة في انتظامها الشمولي.

الموضوع الثاني
النبر بين الشدة والرخاوة.

الشدة والرخاوة في النطق العربي الفصيح يعتمد على طبيعة كل حرف.
حروف الشدة : أجد قط بكت. ( 8)
الحروف المتوسطة الشدة (البينية) : لن عمر. (5)
حروف اللين : جميع الحروف عدا الشدة والبينية.
وتتعلق درجة الشدة بدرجة إغلاق مخرج الحرف ، فحروف الشدة يكون مخرجها مغلقاً كاملاً أثناء نطق الحرف ، فيتعاظم نطق الحرف خلف مخرجه فيكون قوياً بشدة توتره ، وأما الحروف البينية فيكون مخرجها بدرجة نصف انفتاح ، وأما حروف اللين فيكون مخرجها كامل الانفتاح.
ومن هنا كان لطبيعة الكلمة أثرها في الشدة أثناء سياق الجملة فكلمة (قطرة) مثلاً شديدة بطبيعة حروفها، وتقع شدتها في أولها ، بينما كلمة (حب) تقع شدتها في آخرها. وكلمة حبيبي إيقاعية بين الرخاوة والشدة في اللفظ فالحاء رخو والباء شديد.
وبذلك تختلف اللغة العربية الفصيحة عن باقي اللغات كالانجليزية في مواضع التشديد التي تعتمد على المقاطع الصوتية لاختلاف طبيعة نطق الحروف في اللغتين . فحرف الباء في اللغة العربية لا يكون إلا شديداً ، وأما في الانجليزية فيكون ليناً في بعض الكلمات P مثل Pupil وشديداً في بعضها الآخر Blue.
وفي الإنشداد ، ذهب المنشدون حسب خبراتهم إلى التشديد الإيقاعي حسب لفظ الأسباب والأوتاد فمنهم من يشدد على السبب قبل الوتد ومنهم من يشدد على الوتد حسب الإيقاع المطلوب..
ويفرق المهتمون بالنبر بين النبر اللغوي والنبر الشعري:
النبر اللغوي يقع على حرف الـمد قبل الحرف الأخير من الكلمة مثل : محمود ، عادل ، سامراء ، ولذلك لا يحقق الانتظام الزمني الإنشادي (الكلامي)
النبر الشعري :يقع في كل مقطع (تفعيله) على موقع خاص منه (السبب قبل الوتد أو الوتد وفق كل مقطع (تفعيلة) حسب المعنى اللغوي للكلمة كي لا تلتبس المعاني) يحدده المنشد بحيث يحقق التوازن الزمني الصوتي ولا يشترط فيه حرف الـمد.

الموضوع الثالث
ما قيل في أسماء البحور واستعمالاتها:

المتقارب : سمي متقارباً لتقارب أوتاده بعضها من بعض لأنه يفصل بين كل وتدين سبب واحد . ويبدأ بالوتد ، ويصلح لمواضيع الشدة والقوة أكثر من اللين .
المتدارك : كالمتقارب في فواصل الأسباب والأوتاد لكنه يبدأ بالسبب ثم الوتد ، فيتمم معه دائرة واحدة.وله أسماء كثيرة ، وكان هذا البحر مدار مد وجزر بين العروضيين ، حتى الخليل الذي أدركه ( لكنه أهمله لتغير طبيعته بزحافه الذي يمكن أن يدخله في لباس الخبب). واستعماله قليل عند القدامي ، بينما قرض عليه المتأخرون.
الطويل : من أطول البحور في عدد الأحرف (48 حرفاً) وليس له مشطور أو مجزوء أو منهوك ، ويبدأ بالوتد ثم السبب. وكان يسمى بالرَّكوب لكثرة استعماله عند الأوائل. وأهم أغراضه الحماسة والفخر والقصص.
المديد : سمي كذلك لامتداد أسبابه في جميع أجزائه السباعية . واشتهر بالجزالة. قليل الاستعمال رغم صلاحه للإنشاد والغناء.
البسيط : قيل في سبب تسميته عدة أقوال منها لانبساط حركاته في عروضه وضربه. وقيل لانبساط أسبابه في أوائل أجزائه ،وهو أكثر رقة من الطويل ، فكثر عند المولدين.
الرجز : من معنى الارتعاش ، لكثرة استعمال الزحاف فيه ، ويجمع النقيضين السرعة والبطء. وتسمى القصيدة منه أرجوزة ، ويصلح لجميع الاستعمالات لصلاح كثرة زحافاته فيستعمل في الشعر التعليمي ، حتى يظن أنه من النثر أحياناً. ويعتبره البعض أصل البحور فقد وجدت جذوره في معظم الأوزان الشعرية كالهزج والبسيط والمتدارك... وأكثر ما يستعمل في الشعر الحماسي الارتجالي في ساحات القتال.
الرمل : قيل في سبب تسميته مشابهته لنسج (رمل) الحصير. ولاستعماله في نوع من أنواع الغناء الجاهلي. وكانت تُـحدى به الإبل في السير. وقيل من سرعة السير به بطريقة الرمل، وأكثر ما يستعمل في الفرح والحزن والزهد..
الهزج : من ترديد الصوت به ، وهو بحر غنائي الجرس، وكانوا يتغنون به في الجاهلية ( أغاني الهزج).
السريع : سريع التقطيع والنطق به، ويعد نمطاً من الرجز ، فكان يسمى بالرجز السريع ثم اعتبر مستقلاً. وقل استعماله في الجاهلية.
المنسرح : سمي منسرحاً لانسراحه مما يلزم أضرابَه وأجناسه، وذلك أن مستفعلن متى وقعت ضرباً فلا مانع يمنع من مجيئها على أصلها، ومتى وقعت مستفعلن في ضربه لم تجئ على أصلها لكنّها جاءت مطوية، فلانسراحه مما يكون في أشكاله سمّي منسرحاً. وقيل أنه من أسبق البحور ظهوراً ، وقد يشابه النثر ، وقيل أنه مشتق من الكامل.فأطلق عليه الكامل المنسرح . ثم انفرد باستقلاليته.
الخفيف : سمي خفيفا لأن الوتد المفروق فيه اتصلت حركته الأخيرة بحركات الأسباب فخفت، وقيل سمّي خفيفا لخفته في الذوق والتقطيع، لأنه يتوالى فيه لفظ ثلاثة أسباب، والأسباب أخف من الأوتاد. وقيل أن الخفيف من بعض مشتقات المنسرح.
المضارع : سمي مضارعا لأنه ضارع الهزج بتربيعه وتقديم أوتاده. وقيل لمماثلته البحر الخفيف . وهو قليل الاستعمال.
المقتضب: اقتضب (اقتطع) من المنسرح . مع اختلاف ترتيب تفعيلاته. وهو نادر الاستعمال.
المجتث: اجتث (اقتطع ) من الخفيف . عند الرقميين تام غير مجزؤء وجوباً ، تفعيلاته : مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن.
الوافر : لوفرة (كثرة )حركاته وأجزائه . وهو أكثر البحور مرونة. وهو ذو إيقاع غنائي . وقيل أن أصله الهزج (الهزج الوافر) ثم استقل عنه. وهو من البحور الكثيرة الاستعمال الآن ويستعمل في الفخر والرثاء.
الكامل : سمي كذلك لكمال حركاته وأجزائه. ( 30 ) حركة ويصلح لجميع الاستعمالات.
الشاعر والبحر المستعمل:
يقرض الشاعر شعره حسب البحر الذي يوافق عاطفته ، وغالباً ما تخرج الأبيات الأولى فطرية متوافقة بصورتها وكلماتها على بحر يوافق عاطفة الشاعر الانفعالية ، ثم يتابع القرض وفق ذلك.
أكثر أغراض الشعر الجاهلي : الحماسة والفخر والمدح، ثم شاع الغزل وكثر في العصر الأموي ، ثم الشعر الماجن عند العباسيين ، ودخل الشعر السياسي والملتزم عند المتأخرين.
بشكل عام يختار الشاعر في حالات اليأس والجزع البحور الطويلة الأجزاء ، وفي حالات الفرح البحور الراقصة القليلة الأجزاء.
ولمؤشر م/ع (نسبة المقاطع الساكنة إلى الممدودة) علاقة مباشرة أو غير مباشرة بطبيعة الانفعال.

الموضوع الرابع
الموشحة.

الموشحات
الموشحات جمع موشحة ، وهي مشتقة من الوشاح وهو -كما في المعاجم- خَيْطان من لؤلؤ وجوهر منظومان متخالفان أو متباينان فيما بينهما ، معطوف أحدها على الآخر.
وهكذا تتألف الموشحة من سلسلتين من الأشطار الشعرية. سلسلة أغصان الأقفال وسلسلة أسماط البيوت. (يؤلف مجموعهما الدور). وليس هناك ضابطة لنوع تفعيلات الموشحة في سلسلتيها. فقد تكون خليلية أساسية مستعملة أو غيرها من المهملات. ولكن من أجل جمالية الإيقاع هناك إرشادات عامة :
يمكن أن تنظم الموشحة على بحر واحد بجميع مكوناتها من أغصان أو أسماط. واختيار البحر أمر ذوقي للناظم وبحسب هدف موضوع الموشحة (غزل ، مدح ، رثاء ، زهد...). وأكثر البحور استعمالاً في الموشحات الرمل والهزج والرجز.. واستعملوا من البحور المهجورة بحر شوقي.. ويمكن أن يختلف بحر الأقفال عن بحر أغصان البيوت، و في هذه الحالة يفضل أن يكونا متقاربي التفعيلات (كالرمل والمديد ). وأهم ما يقال في ضوابط التفعيلات فيما بين أغصان الأقفال أو أسماط البيوت فيما بينها هو التقابل في الطول والقوافي والروي لأن الأمر يتعلق بجمالية الموسيقى وتلحينها.
نشأة الموشحات:
لقد نشأت الموشحات في الأندلس، أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) وكانت نشأتها في تلك الفترة التي حكم فيها الأمير عبد الله بن محمد، وفي هذه السنين التي ازدهرت فيها الموسيقى وشاع الغناء من جانب، وقوى احتكاك العنصر العربي بالعنصر الأسباني من جانب آخر. فكانت نشأة الموشحات استجابة لحاجة فنية أولاً، ونتيجة لظاهرة اجتماعية ثانياً، أما كونها استجابة لحاجة فنية فبيانه أنَّ الأندلسيين كانوا قد أولعوا بالموسيقى واهتموا بالغناء منذ أن قدم عليهم زرياب (أبو الحسن علي بن نافع)، و أشاع فيهم فنه. ويظهر أن الأندلسيين أحسوا بتخلف القصيدة الموحدة، إزاء الألحان المنوعة، وشعروا بجمود الشعر في بأسلوبه العمودي، أمام النغم في حاضره التجديدي المرن. و أصبحت الحاجة ماسة إلى لون من الشعر الجديد، ويواكب الموسيقى والغناء في تنوعها واختلاف ألحانها ومن هنا ظهر هذا الفن الشعري الغنائي الذي تنوعت فيه الأوزان وتعددت فيه القوافي، والذي تعتبر الموسيقى أساساً من أسسه، فهو ينظم أساساً للتلحين والغناء.
وأما كون نشأة الموشحات قد جاءت نتيجة لظاهرة اجتماعية، فبيانه أن العرب امتزجوا بالأسبان، وألفوا شعباً جديداً مختلطاً فيه عروبة وأسبانية، وكان من مظاهر الامتزاج أن عرف الشعب الأندلسي العامية اللاتينية كما عرف العامية العربية، أي أنه كان هناك ازدواج لغوي نتيجة للازدواج العرقي.
مخترع الموشحات:
وقد كان مخترع الموشحات في الأندلس شاعرا من شعراء فترة الأمير عبد الله اسمه مقدم بن معافر القبرى (على الراجح). وقيل أنه محمد بن محمود.
تعريف الموشح :حسب ابن سناء الملك: أي كلام منظوم على وزن مخصوص .
وقد ظهر في أواخر القرن الثالث الهجري وسمي بموشح لشبهه بوشاح المرأة ذي السلكين المرصعين باللؤلؤ والجواهر، لما فيه من ترصيع وتزيين لغوي وتلحين غنائي منوع...
أسباب ظهور الموشحات
1- التحرر من الأوزان والقوافي التقليدية نتيجة التأثر بالحضارة الإسبانية.
2- خطاب العوام بأسلوب الدعابة والرقة .
3- سهوله الموشحات للغناء والتلحين.
أجزاء الموشحات :
يتألف الموشح أساساً من نمطين متميزين في التكوين ولذلك يشبه الانتظام وفق سلكين كالوشاح هما وزن الأقفال والبيوت .
1- الأقفال : واحدها القفل ويعتبر الشطر الأول منه مركزاً للموشحة تدور حوله مواضيعه ، ويتألف القفل على الأقل من شطرين شعريين مفردين (أشطار الأقفال لا تكون مركبة) وقد يكون العدد أكثر من ذلك (حتى اثني عشر غصناً)، ويجب أن تكون كلها موزونة من البحر ذاته ، ويسمى كل شطر من الأقفال غصناً ، ولما كانت مفردة غير مركبة فالأجمل أن تكون متساوية، ولكن التطبيق العملي يظهر عدم اشتراط ذلك كشرط فيها. وإذا استعملت الأغصان المتفاوتة الطول فالأفضل جعل التفاوت في البحر ذاته بين تامه ومجزوئه ومنهوكه. ويستحسن تسلسل الطول تدريجياً. ويجب أن تكون الأغصان متفقة مع باقي أغصان الأقفال الأخرى في العدد والوزن (التفعيلات) وحروف الروي على التقابل ولا يشترط اتفاقها بالقوافي (حسب التعريف الخليلي لها). والأصل أن تكتب الأغصان أفقياً مع فواصل بينها, وإذا كان السطر الواحد لا يكفيها فيمكن كتابتها على أكثر من سطر ( غصن واحد في السطر الواحد. وقد يكتب غصنان في السطر الأول ثم غصن في السطر الواحد)
مثال :
(1)- تفتر عن جوهرٍ ثمين .(2)- جلا .(3)- أن يُجتلى..(4)- يُحمى بقضبٍ من الجفون
ويمكن كتابتها على أكثر من سطر كما يلي :
(1)- تفتر عن جوهرٍ ثمين ...(2)- جلا
(3)- أن يُجتلى
(4)- يُحمى بقضبٍ من الجفون
وللأقفال ثلاثة أنماط :
أ‌- القفل الأول : ويسمى المطلع أو المذهب أو اللازمة ، ويسمى أيضاً القفل الصفري . وإذا بدأ الموشح بهذا المطلع سمي الموشح بالتام، وقد يحذف من الموشح ويكون البدء بأسماط البيت الأول ويسمى عند ذلك الموشح بالأقرع .
ب‌- قفل البيت : وهو القفل الذي يتلو انتهاء مجموعة أسماط البيت . ويجب أن يكون متطابقاً مع أشطار المطلع (إن وجد) . ويعطى كل قفل رقم ترتيبه بعد البيت الأول بالقفل الأول ثم القفل الثاني فالثالث ... وتحتوي الموشحة على خمسة إلى ستة أقفال. (أو أكثر). ويختم القفل أسماط البيت فوقه ويسمى معها ما يعرف بالدور.
ج - الخرجة : وهي القفل الأخير من الموشح ويمتاز عن غيره بأنه يتضمن كلاماً من كلام العوام وينظم بروح الفكاهة وقد يستعمل فيه الكلام الأعجمي بقصد حفظ الأدب فيما يتعلق بالكلمات الفاحشة في موشحات الغزل. ويسبق أو يبدأ عادة بكلمة قالت أو قلت : ...
1- البيوت: مفردها البيت (يختلف عن مفهوم البيت الشعري ) ويتألف من مجموعة أسطر (أسماط ويسميها البعض أغصان) أقلها ثلاثة أسطر في كل بيت. وتتكون من أشطار شعرية قد تكون مفردة (سمط واحد في السطر الواحد) أو مركبة (أكثر من سمط في السطر الواحد) وتكون متفقة بوزنها وبحرها وقافيتها وحرف رويها مع باقي الأسماط في البيت الواحد لكنها تختلف بحرف رويها عن روي باقي البيوت من الأدوار الأخرى. وهناك من خالف وجعل كل بيت على بحر مختلف.(ولا يقاس على ذلك لأنه قليل). وقد يكون الموشح كله (الأقفال والبيوت) منظوماً على بحر واحد ، وقد تنظم الأقفال على بحر مختلف عن بحر البيوت . وإذا اختلفا في البحر فالأولى أن يكون البحران متقاربين. ويختم البيت بقفل يشكل معه الدور.
4- الدور : وهو القسم المؤلف من البيت والقفل الذي يليه ويتراوح عدد الأدوار التقليدي بين 5-6 أدوار في الموشح لكنه قد يكون أقل أو أكثر من ذلك.. (سمى الأبشيهي البيوت أدواراً والأدوار بيوتاً )
الشطر الشعري: وهو الوحدة الأساسية التي يقوم عليها الموشح وله اسمان أساسيان :
أ - السمط : أي شطر شعري من البيوت ، ويكون مفرداً أو مركباً ، ولذلك قد يتألف السطر الواحد من البيت من أكثر من شطر (سمط) شعري على بحر واحد عادة . وإذا كانت الأسماط مفردة فيجب أن تكون متساوية ولا يشترط تساويها طولاً إذا كانت مركبة. والأفضل التدرج في الطول بحيث ينساب الكلام انسياباً مع تقابل أطوال الأسماط بين أسطر البيت الواحد. ومن أجل التناظر يجب أن يكون عدد الأسطر في كل بيت مماثل لأسطر البيوت الأخرى (أقلها ثلاثة أسطر في كل بيت )
ب- الغصن هو كل جزء أو شطر شعري من أشطر الأقفال .وقد تكون أغصان القفل الواحد متساوية الطول ( وهو الأولى) أو غير متساوية لكنها متفقة الوزن وبالتقابل من أشطار باقي الأقفال في أوزانها وحروف رويها. ولا يشترط تماثل قوافيها الخليلية إلا في القفل الواحد وأما باقي الأقفال فقد تختلف في قوافيها.
(للمزيد عن النماذج http://arood.com/vb/showthread.php?t=5813)

ومن نماذج الموشحات :
من شذا عطري شذاك (رمل)
(هدية المسجد الأقصى)

يا حبيبي من شذا عطري شذاكْ ...قُبْلتي حطت شفاها في شفاكْ
حنَّ قلبي سائحاً فيما يراه .... قُـبلتي باتت دماء في ثراكْ

قدسنا كانت وما زالت صدانا
قِـبْلة كانت وما زالت هدانا
عارنا أن صرتِ رهناً يا حمانا
قلبك الفياض في أيدي عدانا
يا حبيبي من ندى دمعي نداكْ ... أبتغي نوراً بهياً في رباكْ
بات وجدي ثائراً مما اعتراه .... علَّهُ يرقى رقِـيَّاً في علاكْ

كيف لي أجتث من رسْغي القيود؟
كيف لي أجتاز قيداً من سدود ؟
كيف أحيا دائماً مثل الأسود ؟
كن أبياً صابراً حتى تسود
من هوانا نرتجي دوماً هواكْ ... في سمانا حمرة جلت سماكْ
حب قلبي ساحر ناجى ثراه ... ناره سحقاً لعادٍ في حماكْ

عارنا لن يمَّحي إلاَ جهادا
كاسرا يا سيفنا قيداً وصادا
ماحقا منهم جموعاً أو فرادى
مستعيداً بسمة فيها السعاده
نصرنا قد لاح عزاً يا بهاكْ ... بشره دانٍ ببشرى من ملاكْ
آية مكتوبة فيما نراهْ ... للأعادي ساعة فيها الهلاكْ

الموضوع الخامس
الثغرة العروضية :

يعتقد بعض الناس أن في العروض خلل لا يحقق توازن الإيقاع بين المقاطع أو الأشطر في البيت الشعري، وكأن العروض صمم على الإيقاع وليس على الوزن. وشتان بينهما ، فالوزن يعتمد على توازن تتالي الحركات مع السواكن حسب كل بحر على حدة. وله جوازات بحدود معينة لا تخل بالوزن ، وأما الإيقاع فيعتمد على طريقة النطق ضمن زمن محدد ، ويمكن ضبط الإيقاع بعد ضبط الوزن بإضافة المدود الزمنية المناسبة أثناء الإلقاء أو النشيد أو الغناء.
ولذلك قد تظهر الثغرة العروضية للأذن غير المميزة بين الوزن والإيقاع في عدة مظاهر:
1- اختلاف عدد حروف المد في البيت الواحد مع عدم تساوي أزمنتها النطقية مع الحروف الساكنة الصحيحة ، وفي الكلمة الواحدة : هناك فرق في النطق الزمني بين كلمة تؤثر وتوثر (بتسهيل الهمزة) مع أن تقطيعهما واحد عروضياً فالهمزة الساكنة تعادل الواو المدية في أنهما حرف ساكن ، لكن حرف المد يمكن إطالته زمنياً.
2- عدم تساوي العروض والضرب في كثير من البحور ، ففي الطويل مثلاً ، تكون عروضه بوزن (3 3) وأما ضربه فيمكن أ، يكون بوزن (33) أو (3 2 2 ) أو (3 2). فيبدوا وكأن هناك عدم توازن بين الشطرين.
3- استعمال الزحافات بكثرة ، يخرج الوزن عن الإيقاع المنتظم ، فيبدو الشعر وكأنه نثر رغم أن الوزن صحيح. كما يحدث عند الإكثار من الزحاف في بحر الرجز.
النتيجة :
الثغرة العروضية ،
ظاهرة سطحية غير حقيقية تبدو للأذن غير الخبيرة نتيجة عدم التفريق بين الوزن المعتمد على تتالي الحركات والسواكن بانتظام معين حسب البحر ، وبين الإيقاع المعتمد على ارتباط نطق المقاطع بزمن منتظم.

والحمد لله رب العالمين