مطـارحـــات

الشاعر / علي قاسم الخش




أنا ليس في وسعي على الإطلاق تغيير الفصول
إني لأعرف أن حجمي ليس يبلغ مستوى حجم الرسول
كل الذي أسطيعه هو أن أضيء الزيت في عصب الفتيل
لكن ترى ماذا بوسع سراجنا ؟ والليل يا أمي طويل

***

إني أغار من الذئاب على اختلاف في المناخ
إني لأحسدها على حق العواء فليس لي حق الصراخ
لولا شعوري أنني أزني بإحدى المفردات لقلت : آخ
أعمى يسير بلا هدى فعلام تنصب في الطريق له الفخاخ ؟

***

شربت قريش من السلاف وخلفتنا للفضالة !
يا أمي لاحرج ، ولكن أين فألك عندما كُنّا حثالة ؟
الزهد لا يكفي لحسم الفرق ما بين الرعالة والمثالة !
خمسون عاماً في السفالة وحدها سلفاً وعام للنبالة

***

وطن حلمت بأن أموت لأجله حباً فباغتني بحربه
البغض يقتل ماعلمت فكيف تقتلنا المحبة
تتعدد الأحزاب لا أحد يسمي حزبه حزب الأحبة
الناس منهمكون في نشر الغسيل وفي عطورات المسبة

***

ياأيها الوطن المطهر والخفي عن النواظر كالملاك
كيف السبيل إلى هواك ؟ وأنت دوماً في علاك
تلقي علينا ما تيسر كل يوم خطبة عن مستواك
انزل إلينا أيها الوطن المعلق مرة حتى نراك

***

يا أمي صوتك بح من فرط النداء وليس من يصغي إلينا
لو أن جرسك طال معتس الذئاب أظنها رقت علينا
يا أمي إن الكون مشغول بأصحاب الفخامة فانظري ماذا ترينا
يا ليت كي أبكي عليك ومنك يا أماه لي خمسين عينا

***

لو جبهةً لو جبهتان لكان هان الأمر يا عبد الهوان
لكنها عشر بما فيها شروطك في معادلة الرهان
من أين جاء الخرق ؟ لا أدري سوى أني بظهري طلقتان
فقد كان يلزم للمنازلة الشريفة أن أراك كما تراني

***

أنا في مكان ليس يصلح للخلاص وليس يصلح للحياة
هو ساحة للحزن لا أرجو مفارقةً ولا أرجو نجاة
الحزن أقدم أصدقائي بل وأنبلهم على مر الثقات
ظمآن أشرب من دموعي بعدما مات السقاة

***

أدمنت فيك حرارة الكذب الجميل فذبت من ولعي احتراقا
لا تحزني إن الحياة بأسرها كانت وما زالت نفاقا
ساءلت نفسي مرة أخلقت عمداً أم وفاقا
حتى بعثت لنا مكانك للهوى رمحاً فمتّ به عناقا

***

رحلت سعاد من الحياة بلا وداع بعد أن ذهبت فؤادي
أسعاد قد ضحك الصباح على الروابي و الوهاد
قومي نغن مع الرياح الهازجات ونعد من واد لواد
أسعاد هذي المرة الأولى التي أحتاج للإيمان فيها بالمعاد

***

أبني حين شعرت أني فائض عن حاجة الخلق اعترتني حسرتان
من أين لي تلك الشجاعة كي أجنبك الهوان ؟
من أين لي تلك التي للريح كي أغتال زهر البيلسان ؟
سيزورني الموت الجميل بني لكن بعدما فات الأوان !

***

أبني لا والله ليس لنا هنا وطن فما نفع الإرادة !
راجعت دائرة النفوس فقيل لي : أنتم زيادة !
قبضت قريش على الريادة و السيادة و السعادة
أبني إن قريش لم تترك لنا إلامزاولة العبادة !

***

الخالدون اثنان إما عبقري سار شوطاً في ميادين الحضارة
أو سافل قد حطم الرقم القياسي المخصص للحقارة !
لاشيء يأتي من فراغ يا بني ولا يرجى بالشطارة
حتى جهنمُ ينبغي للمرء أن يمشي إليها عن جدارة !

***

ياأمي ماذنبي إذا هيّ بن بيٍّ كان فحلا ؟
وهل الفحولة والرجولة أن يكون المرء بغلا ؟
أنثى ولكن لا تحس لجهلها بالحسن إلا وهي حبلى
أنا لا يهددني الذكاء ، وإنما أن يقضي الإنسان جهلا

***

يا أمي مالك والسماء ألا ترين بأننا ازددنا تعاسة ؟
ياأمي مالك ؟ إنه الفيروس والفيروس خصم لاتقاومه القداسة
ياأمي إن اليأس ينقضي فدليني على نهج اليآسة
يا أمي عفو تقاك إن الدين في رأيي سياسة

***

إن التحري كالهوى إن زاد عنفاً صار مرّا
مانفع أن تهواك آلهة الجمال ولست حرّا
الحسن حولك يستفزك ربه نثراً وشعرا
لا أنت يسعفك الرّهان وليس يحسن أن تفرا

***

الله ليس موظفاً في جبهة الإنقاذ أو شرطي نجدة
نفضي إليه همومنا كي يهزم الأحزاب وحده
كلّ يفصل رأيه حسب القضايا المستجدة
الدين عقدتنا لأنا من ترددنا نظن الدين عقدة

***

ومدججٍ خلنا طويلا أنه ما لان موقفه على فك الحصار
ستون عاماً في التأهب والمران وفي اتخاذات القرار
ثم اكتشفنا بعد أن دارت بنا ريح الدمار
أن المدجج نصف مشلول ولا يقوى الجبان على الفرار

***

لا حب بالإكراه إن الحب أمر لاتقرره الوزارة
ما أتعس القبل التي ينتابك الإحساس فيها بالمرارة
الحبّ يضحك من جوازات المرور وكل أنظمة الإشارة
لا حاجة لك كي تقيس أواره فالقلب ميزان الحرارة

***

لا تقنطي إن التعدد باطل إلا التعدد في النساء
لو أننا نرضى بواحدة لما احتجنا إلى فعل البغاء
الجنس أول عنصر في لوحة الشرف الرفيع وبعده تأتي السماء
كل له نظرية مثلى لتصريف الشحوم كما يشاء

***

يا أمي مادام الزنى مستقبحاً فعلام في الأحلام نزني ؟
وعلام لاترقى بنا الأحلام ليلا كي نصلي أو نغني
يا أمي إن الشك يأكلني فكيف سأصرف الشيطان عني ؟
إني أحس بأن هذا الكون معطوب الصميم بلا تجني


________
هي بن بي : هي بن بي وهيان بن بيان أي لا يعرف أصله ولا فصله، وفي الصحاح: إذا لم يعرف هو ولا أبوه، قال ابن بري: ومنه قول الشاعر يصف حربا مهلكة:

فأقعصتهم وحكت بركها بهم ... وأعطت النهب هيان بن بيان

الجوهري: ويقال ما أدري أي هي بن بي هو أي أي الناس هو. ابن الأعرابي: البي الخسيس من الرجال، وكذلك ابن بيان وابن هيان، كله الخسيس من الناس ونحو ذلك. قال الليث: هي بن بي وهيان بن بيان. ويقال: إن هي بن بي من ولد آدم ذهب في الأرض لما تفرق سائر ولد آدم فلم يحس منه عين ولا أثر وفقد. ويقال: بينت الشيء وبينته إذا أوضحته. التبيي: التبيني من قرب.