** *زُبَر القصيد !

شعر / جبر البعداني

من مطلعِ الشّين احْتملتُ لوائي
حتّى بلغتُ إلى غروب الرّاءِ !

والعينُ بينهما امتداد مسافةٍ
ما سارها أحدٌ من الشّعراءِ

فوقفتُ والكلماتُ قد جُمِعت على
ثغري لأعرضَها على أسمائي

فهمستُ للمعنى الجميل فجاءني
يسعى بكلّ فريدةٍ عذراءِ

فقرأتُ بين العاشقين قصيدةً
أُلهمتُها من سورةِ الإيحاءِ

ضمّنتُها روحي فردّدها فمي
شعراً يبوحُ بسرِّها لدمائي

أودعتُها دون الأنام حشاشةً
عفّت تسيرُ على كفوفِ الماءِ !

وحملتُ ذائقة النّفوسِ على يدي
ووضعتُها تحت اختبارِ غنائي

حكّمتُ فيها كلّ بوحٍ صادقٍ
قد كان باسم الله من آلائي

فوجدتُ قوماً والحداثةُ دينهم
يتحدّثون بلهجةِ الغرباءِ

جعلوا لشيكسبيرَ أوّل ركعةٍ
عند الصّلاة وكذّبوا بدعائي !

لا ينظرون من القصيدةِ جانباً
يُغري سوى التّدقيق في الإملاءِ

ألقيتُ روحيَ بينهم فتتبّعوا
ما جاء في الهمزاتِ من أخطاءِ !

فجعلتُ ما بيني وبين غُثائهم
ردماً سيحجبهم عن الأضواءِ

أفرغت من زُبر القصيد عليه ما
لا يبلغون لخرقهِ بعناءِ !

ورجعتُ أدراج القصيدة مُجزلاً
للمدمنين على الأصيلِ عطائي

من سحر (فاتحة اللغات) رسمتُهم
قمراً يضيء على جبين سمائي

أبّنتُ بالشكر الجزيل وداعهم
وأفضت عند لقائهم بثنائي

من أنت يسألني الكرام أُجيبهم
واللفظُ لا يقوى على الإطراءِ

لاتسألوا عني فُديتم واسألوا
يا أفضل الشّعراءِ عن جُلسائي

فانا وربّ البيت ما غير الهوى
والشّعر والإبداع من خُلصائي

فإذا دُعيتُ إلى ارتجال قصيدةٍ
خلّقتُها من أبسط الأشياءِ

وبعثتُهاللعالمين مليحةً
تُسبي إذا نظرت على اسْتحياءِ

من قبل أن يرتد طرفُ محدّقٍ
أحضرتُها حسناء بالإيماءِ

فإذا رفعتُ إلى السماءِ قصائدي
تيهاً فلا تسْتغربوا خُيلائي

فأنا القريضُ ونجلُهُ وحفيدُهُ
وأنا الأحبُّ إليهِ في الأبناءِ

لغتي على اللفظ العفيف قصرتُها
فتضمّخت طهراً حروف هجائي

من أقدس الألفاظ نحو أجلّها
قدراً عرجتُ بليلة الإسراءِ

ما ظلّ من بحرٍ وما مرّت بهِ
سُفُني ولا أدري عن الأنواء*ِ !

للشعر بعد الله ليس لغيرهِ
عن فيضِ أخلاصٍ جعلتُ ولائي

حرّمت مدح الحاكمين على فمي
وجعلتُهم حِلّاً لسخطِ هجائي

ورفضتُ أن يمتدّ نحو وجوههم
عند انْتصار الثائرين حذائي


لي من طقوس الحُزنِ أوّل رشفةٍ
أدمنتُها دهراً بكأس بكائي

من ريحة الجنات عطرُ قصائدي
وبحُسن منظرها المثير أدائي*

أهديتُتي لحناً إلى شُبّابةٍ
للريح تعزفها بنغم حُدائي

أودعتُ قلب الحُزنِ سرّ سعادتي
ودفنتُ في كف الرخاءِ شقائي

وخرجتُ أمسحُ والقصيدة في يدي
منديلُ عطفٍ أدمعَ الفقراءِ

أحنو على الطّفل اليتيم أضمّهُ
نحوي بفيض مودّةِ الأباءِ*

هذا أنا رغم الجراح مكلّلٌ
بتمرّدي ومضمّخٌ بإبائي*

فعلى فمي مليون ثغرٍ ثائرٍ
وبخافقي جيلٌ من الشّهداءِ

وبجوف قلبي الفُ قلبٍ نابضٍ
من كلّ قلبٍ ساكنٍ أعضائي

فلْتقرأوا مني السلام على دمٍ
يغلي بحبَّ الشّعر في أجزائي *

ليعودَ بالخسرانِ كلُّ محاولٍ
عن عرش مملكةِ الرّؤى إقصائي*