الشعر الدارمي



موطنه :
اشتهر الدارمي في المحافظات الجنوبيه من العراق وفي الناصريه بشكل خاص .والدارمي يتكون من بيتين شعريين فقط وذي قافية موحدة، متكامل الصورة الشعرية، بكل الخصائص الشعرية المشروطة . ويشترط في البيت الثاني دوماً أن يكون معناه مضاداً للأول و مناقضاً أو مكملاً وتوضيحاً له، وأعتقد هنا بأن فنية البناء الشعري للدارمي وشكله، قد توارثها شعراء القصيدة الشعبية في العراق كأحدى الطرق المحببة في كتابة الشعر الشعبي العراقي .

والشعر الدارمي سـلس الوقع ذو موسيقى ناعمة، قوي الديباجة،تفيض به الكلمات الدارجة العراقية ذات الشحنات الجذابة . ومن خصائص الدارمي هو الكشف عن حالة ما بوضوح شعري تام . والدارمي يحوي علىإبداعية كبيرة لشاعره، لكون المساحة الكتابية ضيقة وقصيرة جداً، مقارنة مع أنماط الشعر الشعبي الأخرى . لذا يمكن أن نسميه بـ" شعر الومضة " الكاشف بغنائية عالية وروحية الأقصوصة الغنية بزوايا الحدث الروائي . والدارمي سهل ممتنع،له من المسميات المعروفة كالغناء – التوشيح - غزل البنات أو نظم البنات وذلك لفحولتهن الشعرية المتجددة وجدارتهن في إنتاجه وصياغته بإبداعية ملموسة . حيث مازالت المرأة العراقية رائدة في الأبداع من خلال هذا النمط والشكل الشعري الشعبي . فقد دجنته وعبأته بدفء مشاعرها ومكونات أحاسيسها الشجية العذبة، وكذلك نمنمات أشياءها اليومية . فما بين شفافيتها كأمراة ووضعها الأنساني العام، وجدت في شعر الدارمي خير لسان حال لها . ويكتب على ( سائر الأوزان الشعرية العامية ومجزوءاتها ).. ذُكر أيضًا أن الدارمي
بحره " مجزوء الرجز " والذي هو

مستفعلن فعلان مستفعلاتن
مستفعلن فعلان مستفعلاتن

واسم الدارمي له الكثير من التعليلات عند الباحثين العراقيين، منهم من يرده الى بني دارم، او لصبغة " الديرم " الداكنة المستعمل من قبل النساء في العراق وهو لحاء شجرة الجوز، ومنهم من يعلل الأسم لـ " دردمة " وهي تسمية شعبية للمتحدث مع النفس. ويقال أن الأسم مشتق من " الدردَمَة " وهو إصطلاح شعبي، يعني " الـهَمْهَمَة " أي تكلّم كلاماً خفيّاً .ونظراً لسهولة معانيه العميقة بما يحمله من ترافة نغمية أخاذة، مازالت الأغنية العراقية تعتمده كنصوص غنائية .


ومن الدارميات في الفخر:

واحَدكُم عله الموت يِكِبل ولا يهابْ
لا نفسَه تحَمل لوم ْ لا يقبل عتابْ

وهذا الدارمي فيه شئ من الحس الطبقي حسب تعليق مظفر النواب:

شبه الدرج دنيّاك شَيْ اعله من شَيْ
يَالبِالشمس ظليت هَمْ يِكسر الفَيْ

ومن الدارميات المتداولة بين العراقيين، وهي كوصية على الكبرياء وعزة النفس :

لو ضَكِـتَكْ دِنْياكْ ها بالَـكْ اتْصيحْ
إرجي الرمح لِجْلاكْ واصْبرْ لَمَا اتْطيحْ

وهذا دارمي آخر يفسر نفسه:

يادِنيَة نوبْ ألويـج نوبْ انْتي تِـلْوين
إخْذيني بِالمعروفْ لو رِدْتي تِجْـفينْ

بعض الدارميات تكون - محاورة بين اثنين أو أكثر

بالك تمر بالدار عنها اشمر بعيد
دار العزيز هواي نوح وبجي تريد

فيرد عليه :

عمدا امر بالدار والنوح ازيده
واسمع صداها يقول راح التريده