اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ((نادية)) مشاهدة المشاركة
ولو كان الخليل يريد توثيق الشعر الممكن فقط ، لفعل ،

و لكنه بدوائره أسس علما واسعا قد يستعصي على فهم الشاعر ،

لكنه لا يجب أن يستعصي عن فهم العروضي .

تقديري .


شكرا أستاذتي على تفاعلك.
وأجدك تسبقينني فيما تدعينه تأملا وإبداعا.

أجدني متقاطعا معك هنا بعض اختلاف وبعض اتفاق
فالخليل أراد توثيق أوزان الشعر العربي لتمييزه عما قد يأتي به من لا يتمثلون الذائقة العربية بعد اتساع دولة الإسلام
سواء لدى العرب الذين ابتعدوا عن بيئتهم الأصلية ، أو من استعرب من المسلمين.

ولكن النهج الفكري الذي سلكه الخليل للتوصل إلى ذلك التوثيق نهج يعتبر قدوة في كل مجال سواء في العروض أو سواه.
لأنه انطلق أصلا من اقتراض وجود تصور كلي يحصر الاحتمالات جميعا المستعمل منها والمهمل. ثم استخلاص خصائص المستعمل.
سلك هذا في معجم العين حين حدد عدد الجذور الممكنة للعربية ب 412 ,315 ,12 قبل أن يشرع عمله ثم انطلق يستقصي المستعمل منها والمهمل.
http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alkhaleel-wal-arqam
وانطلق من ذلك وعلى نوره من جاء بعده في درس خصائص الحروف وتجاورها التي تتيح جذرا وتستبعد آخر. وسلك هذا في الوصول لدوائر البحور كما جلاها لنا أستاذنا فيصل، التي ما جاءت التفاعيل إلا تجسيدا لها وتبيانا لتفاصيلها بطريقة يفهما الناس. وانشغال الناس بالتجزيء والتفصيل دون الشامل والمجرد ذنبهم لا ذنب الخليل.

وأعيدك هنا لقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمةوالحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لمتحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التيلا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ."

إن وحدة التناول وكليته وإن شئت فقولي الوحدانية والشمولية مظهران للحقيقة ينتج عنهما الانسجام، وإن التعدد والتجزيء مظهران لاحتجابها ينتج عنه الاختلاف والاضطراب.

تأملي في قوله تعالى:
"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" (82) – النساء

"أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ" (35)
فهنا يستعرض سبحانه الاحتمالات كافة بدء بالخطأ وصولا للصحيح

"َلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا" (33) – الفرقان
فهم يأتون بمثل هنا ومثل هناك والله يأتي بالحق في كل حال.

من هنا فإن نهج الخليل هو نتاج هذا الهدى وهو جدير بأن يتبع في الأمور كلها وإن كان مجال تطبيقه الذي درسناه العروض.

تجزيئية التفاعيل وتجسيدها جل اعتمادها على الحفظ ، ولا تبرح بدارسها ساحة العروض.

شمولية الرقمي وتجريده يعتمد على التفكير، وهو يؤهل دارسه للانطلاق به إلى نظرة كلية لصفات الإيقاع العربي ثم خارج هذا المجال من مجالات المعرفة ثم ليكون نهجا فكريا في الأمور كلها.


الحكمة " الكافر لا عقل له " لا تنفي عنه مطلق العقل، فقد يكون علامة في علوم عدة، ولكن عقله توقف عندها كجزئيات ولم يربط بينها في نظرة شمولية لا تستقيم إلا إذا توجها الإيمان بالله تعالى - التوحيد "، فالحكمة هذه تنفي عنه العقل أو التفكير الشمولي وهو ما يمكننا دعوته بــ البصيرة.

وليس المسلم الذي منّ الله عليه بالإيمان بمنجى من هذه التهمة إذا عطل بصيرته. وأسوق لك مثالا واحدا على تعطل البصيرة لدى كثير من المسلمين حين لا يدركون حتى مقتضى لغتهم فيولون جل اهتمامهم أو كله للمضاف ولا يهتمون بالمضاف إليه إلا قليلا وقد يهمله بعضهم.
ويمكنك استعراض كثير من التعابير التي اختل الاهتمام في مفهومها لدى كثيرين لحساب المضاف على حساب المضاف إليه. والتي من شأن ذكرها أن تثير حساسيات وربما عواصف. وأكتفي بضرب مثال بعيد عن الحساسيات. وهو في غاية الوضوح. فحين تصبح النظّارة محل التركيز والاهتمام في عبارة ( نظّارة زيد ) في معرض تكريمنا لزيد فإن أحد ثلاثة يكون قليل البصيرة والقيمة إما زيد أو السامع أو المتكلم، وقد يكون اثنان منهما أو الثلاثة
.

لاشيء يستحق التقديم على عموم الأمر أو الشخص أو المساواة بأي منهما في مُوضّحة ( المضاف والمضاف إليه ) إلا جوهره. وجوهر المرء تفكيره فسيان في الأهمية التفكير والخليل في قولنا ( تفكير الخليل ) إن لم يكن التفكير أهم من الخليل. فهل الأمر كذلك بين التفاعيل والخليل في قولنا ( تفاعيل الخليل )؟

ألا توجد حالات أخرى يكون تقديم المضاف على المضاف إليه في الأهمية مبررا ؟
بلى وإليك مثالان : جلد الماعز ، تركة الميت.

واستكمالا هناك خصوصية سمو المضاف والمضاف إليه ( رب العالمين - رسول الرحمة - جنة الخلد ) ونلاحظ ارتباطها بالمقدس.

يرعاك الله.