http://shamela.ws/browse.php/book-7299/page-6570#page-6569

ص 237 - ص 239

يقول "غرونباوم": "وليس من الغريب أن نجد التفنن في الأوزان الشعرية في العراق أغنى مما كان عليه في أي مكان آخر، وذلك لأن أجيالا كثيرة هي التي عاشت في المدينة وفي البلاط، ونزعت بطبيعة وضعها إلى التحسين في تلك الفنون، ولكن الغريب المدهش حقا أن نرى أبا دؤاد يعرض علينا أغنى تنوع عروضي في الشعر العربي القديم، لأن شعره جاء على اثني عشر بحرا. وإذا عدينا أمر التنويع في الأوزان، وجدنا هذه المدرسة قد أكثرت من بحر الرمل، ولا يستعمل هذا البحر في الشعر القديم إلا أبو دؤاد في ثلاث قصائد، وطرفة في ثلاث قصائد، وعدي في سبع قصائد، والمنقب في واحدة، والأعشى في اثنتين. ولا يستثنى من هذا الحكم أيضا إلا امرؤ القيس، القصيدة 18 وأقول إن هذه الحقيقة تقوي الرواية التي تقول إنه كان راوية لأبي دؤاد"1.

وقد لفت نظره وجود هذا البحر: بحر الرمل في العراق، ونموه بالحيرة بصورة خاصة، وعلل ذلك بقوله: "إن الرمل استعير من الوزن البهلوي ذي الثماني مقاطع كما صوره "بنفينيسته" "المجلة الآسيوية 2: 221، 1930"، وأنه عدل على نحو يلائم العروض العربي. والحق أن ليس من عقبة داخلية تقف دون القول بوجود أثر فارسي في النسق الشعري العربي، في المناطق المجاورة للدولة الفارسية والتابعة لها، ولأؤيد هذه النظرية أحيل القارئ على بحر المتقارب، فقد أثبت "بنفينيسته" أنه مشتق من البحر البهلوي hendekaayllabic ذي الأحد عشر مقطعا اثباتا يكاد لا يقبل الشك"2.

ولاحظ "غرونباوم" أن الخاصية العروضية الثانية لمدرسة الحيرة هي نزوعها إلى بحر الخفيف، وعند أبي دؤاد منه خمس عشرة قصيدة، وعند عدي سبع، وعند الأعشى خمس، ولم يستعمل هذا البحر عند الشعراء المعاصرين إلا على نحو عارض3. ولكننا نجد بحر الخفيف في شعر "عمرو بن قميئة"4، وفي شعر للمرقش الأكبر5، والمرقش الأصغر6، وفي شعر لعبيد7، وفي شعر ينسب لعامر بن الطفيل8، ومعلقة الحارث بن حلزة9.

ويعتبر "شوارتز" بحري الرمل والخفيف نوعا من الإيقاع الفارسي، انتقل إلى العربية. أما تأثير الشعر الساساني في الأعشى فيشهد به قطعة "بهلفية" طبعها "بنفينيسته" وترجمها، وقطعة أبي دؤاد "14"1، "18"2، وما فيهما من إشارة إلى البيزرة، تدلان على أثر الحضارة الساسانية في العراق.

------

إنتهى النقل.

لا ينكر التواصل الحضاري بين الأمم وخاصة بين العرب والفرس قبل الإسلام وبعده. كما لا ينكر التشابه العرضي لبعض الأوزان في غير لغة.

هذا شيء والقول بأن بعض بحور الشعر العربي منقولة عن الفرس شيء آخر.

يفسح المجال لهذا القول وسواه من نحو أخذ الخليل العروض العربي عن اليونان غياب تصور منهج الخليل عن أذهان العروضيين طوال القرون الماضية.

من عرف منهجية العروض العربي وتمثيله للذائقة العربية كما يدل العروض الرقمي على منهجية الخليل فيها يعرف أن من المحال نقل وزن من هنا وآخر من هناك . ذلك ان الخواص العامة للإيقاع العربي ترفض هذه القزعية النتفية التلفيقية.

أما لو كان كل بحر لا يمت للآخر بصلة فعندها لا يستبعد تلفيق أوزان الشعر العربي في خليط " أم علي " الشعري.

إن الذين يهاجمون الرقمي دون محاولة فهم منهجية الخليل من خلاله لا يدركون أنهم بذلك يتجهون إلى أن ينزعوا عن العروض العربي أجمل وأروع آيات الرفعة والعظمة.

معمار فائق الروعة والتكامل كالذي يبينه منهج الخليل في العروض العربي لا يكون نتاج ترقيع واستعارة.

من يعشى بصره عن رؤية هذا المعمار وتماسكه ممثلا للذائقة العربية كما صورها منهج الخليل ، ولا يرى الصفات العامة التي تأطر كافة البحور ، فهو من حيث لا يدري يفسح المجال لمثل هذه النظريات.

ويحسن هنا الاطلاع على موضوع ( المنهج واللامنهج )

https://sites.google.com/site/alaroo...ome/almanhaj-1