الرد على مقالة العروضي الكبير
معين حاطوم
@@@@@@@@@@@@@
بسم الله الرحمنالرحيم
أخي الفاضلالأستاذ العروضي والباحث القدير // معين حاطوم
رعاك الله يا عزيزي .
لقد قرأتردك وفهمت كل حرف جئت به , وكان لبعض حروفك بعض الأثار المؤلمة .لأنها لم تدخل فيتفاصيل علم العروض , بل اتخذت جانباً آخر لا علاقة له بذلك , ولكن دعني يا عزيزيأنقل مقالتك لأرد عليها بشكل تفصيلي , لا لأبين لك بأنني العروض الأول في عالم يريدطمس هوية العروض , بل لأعرفك بأن العروض له خصوصية أخرى غير ما ذكرت , وغير ماأفصحت عنه في بعض عبارتك , وليس كلها , لأنك أتيت بأفكار عظيمة توحي بأنك عروضيأصيل , ولكنك تجاهلت ما يبنى عليه العروض كما سأذكره في الرد الأتي والموضوع بينقوسين هو من أقوالي . @@@@@@@@@@@@
يقولالأستاذ معين حاطوم :
فلسفة العروض الخفية !!]
رد على الشعراء العروضيينالأخوة :
غالب الغول ، خشان خشانومحمود مرعي المحترمون


أخي الاستاذ غالب الغول ؛

تحية وبعد،

بعد أنقرأت ما جاد به قلمك ، قلت لنفسي جنت على نفسها براقش ، وأنت يا معين جنيت على نفسكبشغبك الفكري ... وما أنت سوى مهر عربي أبجر ، ظن عليك الزمن فلم تصبح جواداًبالغاً في العلم ، فماذا ستفعل وقد داهمك غالب الغول وليس غالب الحملان والخناصوالأشبال والجراء ؟
داهمك بلطيفالذوق وعمق المعرفة كما داهمك من قبله الشاعر محمود المرعي الملم بحسن المبحث وثراءالتفاصيل ، ومن قبله نقي الفكر الرقمي خشان محمد خشان الذي خشَّنَ ما اعتقدتهناعماً رخاماً رخيماً !
حقاً ،لقدأضحيت كناقة رجزاء ترتعش قوامها عند القيام وتتهاوى حين تقرفصلتنيخ
@@@@@@@ !!
ويقول غالبالغول في رده :
(((( كانت مقدمتك هذه , مؤلمة لنا لأنك وصفت نفسك بوصف لا نقبله نحن , لأنك أخ وصديق وزميل , ثم لأننا لم نتهمك بما اتهمت به نفسك ( بناقة رجزاء ) ثم ولميكن غالب الغول أو خشان أو محمود مرعي هم أقدر منك على قول ما يقال في العروض , ولكن هي اجتهادات من أنفسنا , ونحن جميعاً قد نصيب وقد لا نصيب , وكل منا يدلوبدلوه والنقد في العلم مفتاح لسبيل المعرفة , وما أجل وأعظم الناقد عندما يتحلىبالصبر وينتقى أفضل الكلمات لمن يخالفه في الرأي , دون تجريح أو تلميح .))))

وتقول أخي معين :
أيها الأخوة افتتحت بهذا الاسلوبكي لا يلحق بنا ملل ، ولا يطس رأسنا ضجر ، ولكي لا يحدث قررت أولا ، وقبل الخوض فيوطيس الجدل أو القهقرى خذلا وهروباً أن أحدثكم قليلا عن نفسي ، ولي بهذا غايةستتكشف لنباهتكم وفراستكم
@@@@@ !!
ويقول غالبالغول :
(((( إن نباهتنا يا أستاذ معين وفراستنا , تعـْرفك جيداً من خلال صفحاتكاليانعة بالعلم والمعرفة , وفراستنا لم تحـِد عن طريقها بأنك عروضي وتفهمنا ونفهمك . ولسنا بحاجة إلى نقد الأنفس والوصف بالشرح المطول , ويا حبذا لو دخلت في النقدالعلمي مباشرة , ))))
ويقولالأستاذ معين :
فأنا أسكن في قريةدالية الكرمل !
وهي حورية حرة ، بلعشتار اعتلت صهوة الكرمل كفارسة أصيلة ، ومن تحت قدميها " سجَّدَ لها ألله الأحراجَ الشجرية من زيتون وسنديان وبلوط وصنوبر وغيرها ولم يبخل عليها بفصائل من الأزهاروأرهطة من الشوادي وفيالق من الحيوانات البرية الهائمة ! وقبالتها يستلقي البحرالأبيض المتوسط كمرج من الجمال الأزرق ، بل قل ، كهيفاء مغناج تتسفع مُتَسبِّحةًمُسبِّحةً منذ الغسق حتى الشفق وحتى يجن الليل !!!
في فصل الشتاء تحمل الوديان والجداول ، فينساب ماؤهارقراقاً في المنحدرات نحو البحر . كنت دائما وأنا صغير السن ، أسير إلى حانب وادي " عين أم الشق - وادي عيسى " مصغياً إلى خريره وتغييرات نغمة انسيابه من انحدار إلىمطبٍ ومن ثم إلى إلتواء حاد ثم انفراج وتيسير ثم استدارة فتعسير بصخرة يهوي منهاكشُليْلٍ إلى مجرى أوسع يذهب بمائه إلى البحر !!
@@@@@@@@@@
ويقول غالب الغول:
(((((لقد أطلت الوصف ,وأشكرك أستاذ معينعلى هذا الوصف الرائع لبلدنا الكرمل , إنها تحاكي الجَمال والنغم بما ينطق به خريرالماء , وحفيف الشجر وتغريد العصافير , فقدعرفتْ العروض الفطري قبل أن يعرفها الإنسان , وهذهقضية يجب أن نعرفها تماماً , بل نحن نعرفها ولا ننكرها .))))
ويقول الأستاذ معين :
كنت أصغي إلى تحولات نغمة الخرير، محاولا أن أجد نمطاً موسيقياً لهذا الخرير مع توابعه من حفيف وزقزقة وأعرودة وهمسنسيم وصرير ريح !!
كنت ابتهج منهذه الهرمونية الطبيعية ورجحت رغم صغر سني بأن الطبيعة تتحدث إلينا بأصواتهاوالعقلية الإنسانية تشتق منها النغمات وتزجها في مسارب الكلمات ! والنتيجة الأولىالتي توصلت إليها هي أن الله عز وجل جعل سمعنا مباحاً للأصوات وليس مصاناً كعينمصانة بالأجفان ، وكل ذلك كي تقتحم الأصوات الكونية آذاننا متغلغلة إلى عقولناالكامنة ( الباطنية ) ومن ثم تنبجس إى عقولنا الواجدة ( الواعية ) فنبنيديالكتيكياً ( جدلياً) نمطية أرواحنا ونوعيتها والطابع الذوقي الذي يتحول من ذائقةفردية إلى ذائقة مقبولة ومن ثم إلى ذائقة عامة في الهوية التراثية !
وهذا هو الذي جعل الإحساس سابقاًللعقل الجبري المنطقي أو العلمي ، حيث أن الكائن البشري يشفط إلى دخيلته ملايينالأصوات والصور والسلوكيات الطبيعية غير المدركة فيبدأ يستشعرها ويعانيها دون أنيعها ويعاينها إلا إذا كون لها نمطاً في إدراكه الحسي يتناسب ووعيه الفكري !! هكذابدأ الشعر : ظاهرة طبيعية في مراحل نمو العقل الإنساني وفكره الحسي !
@@@@@@@@@
ويرد غالب الغول قائلاً :
((((صدقتيا أستاذ معين , فالأصل هي الطبيعة وما تنتجة من نغمات , مثل زقزقة العصافير , وحفيف الأشجار والأصوات الكونية الأخرى التي تفضلت بها , وجميعها تندرج تحت عباءةالموسيقى الكونية , لتعطينا سيمفونية رائعة الجمال , ولكن .
لي رأيتوضيحي آخر ينبغي للدارس أن يعرفها وهي :
لغة الطبيعة بموسيقاها , لا تختلف عن لغةالإنسان بمفرداته اللغوية النثرية , فاللغة العربية عند النطق بها تسحرنا بموسيقاها , وعذوبة جرسها , تماماً مثل لغة الطبيعة ولغة الطيور وباقي الحيوانات , التيتتحفنا بجودة نغماتها الموسيقية , وأنت كررت كلمة النغمات والموسيقى كثيراُ فيمقالتك , واختتمت عبارتك السابقة بقولك ( وهكذا بدأ الشعر ).
وأناأوافقك الرأي, ولكنك تجاهلت إضافة بعض الكلمات التي تخص الشعر , ولم تذكرها فيمقالتك , وهي عن فاعلية الإيقاع ومفهومه في الشعر والموسيقى , فاللغة العربية جملةوتفصيلا , هي لغة موسيقية , ولكنها ليست لغة إيقاعية , ولن تكون لغة إيقاعية إلاإذا فرزنا كلماتها وترتبناها على نسق خاص لكي تكون شعراً لا نثراً , وهذا النسق هو ( تتابع التفاعيل , الوحدات الإيقاعية الضرورية لأي قصيدة ) التي تخلق عند لفظهاإيقاعاً ونغمات , وليس نغمات فقط . ) ولغة الطبيعة هي لغة موسيقية , وبعض لغاتها ــموسيقية إيقاعية ــ مثل هديل الحمام , فليس كل نغمات الموسيقى إيقاعية , ولكن كلالنغمات الإيقاعية موسيقية , )))) .

ويقول الأستاذ معين :

الأوائل

الأوائل في الشعر غير معروفين . نحن ندرك بدافع قانون السببية في تراجعهالإستطرادي نحو السبب الأول ، أن هناك في فجر الحضارة العربية من استطاع أن يخلقنغمة بحر الطويل مثلاِ حين لاءم كلمات لنغمة صدرت منه بالفطرة :
فعولن مفاعيلن فعولنمفاعيلن
فعولن مفاعيلن فعولنمفاعيلن

وبالطبع كان هذا قبلآن يخترع الفراهيدي البحور والتفعيلا ت، ولهذا فقد يكون أول من اخترع نغمة الطويلمجرد مهرج أو قرندس أراد أن يعيير صذيقه وصحبه فراح يقفز مصفقاًمنشداً

هبيل مهابيل هبيلمهابيل
هبيل مهابيل هبيلمهابيل

ولعل نغمة الرجز
مستفعلن مستفعلنمستفعلن
مستفعلن مستفعلنمستفعلن

وهذا على سبيل المثالفقط ، حين كانت نغمة وقبل أن ترصد بتفعيلة وببحر ، أطلقتها عذراء عاشقة كانت تناجيحبيبها بكلام ساذج لا قيمة فنية له ، كهذا الكلام ( ثانية ، هذا على سبيل المثال :
يا حبيبي يا اشتياقيواشتهائي
ملء قلبي يا ملاكي ياحياتي

وهكذا دواليك ، قامآحدهم أو مجموعة من الشعراء الذين لا نعرفهم وانشدوا ما في نفوسهم ، ومن بعدهم حفظالناس النغمة سماعيا وبدأوا ينظمون وفقها الشعر ، حتى أتي الخليل بن أحمد ورصدالنغمات المختلفة وحعل لها قوانين وبحاراً اسماها البحور مستندة كما تعلمون علىثماني تفعيلات وهي :
فعولن ب - -
مفاعيلن ب - - -
فاعلاتن - ب - -
فاعلن - ب -
مستفعلن - - ب -
متفاعلن ب ب - ب -
مفعولات - - -ب
وقد أضيف لاحقاٍتفعيلاتان
مستفع لن - - ب -
فاع لاتن - ب - -
@@@@@@@@@@@@
ويقول غالب الغول :
((( لم يستطع الإنسان أن يخترع نغمة , بل فطرها الله فينفسه , كما فطر إيقاع الهديل في أنفس الحمائم .
أما نغمة بحر الطويل , فلم يكن للطويلنغمة واحدة , بل مجموعة من الجمل الموسيقية الإيقاعية المحشوة بالنغمات ( بوزنينموسيقيين , وزن ثلاثي , ووزن رباعي موسيقي ) تتمثل بترتيب النغمات ترتيباً إيقاعياً , وهذه كانت قبل الخليل , فلم يقل الخليل ( فعولن مفاعيلن ) قبل أن سمعها من شيخيعلم صبية أصول الإيقاع الشعري, قائلا : (نعم لا لا , نعم لا ) . فالعروض محاكاةللأصوات الإيقاعية المنتظمة , سواء كانت هذه الأصوات قد صدرت من الطبيعة أم صدرت منفطرة الإنسان .
وأما الشعراء سواء عرفناهم أم لم نعرفهم , فلم يأتنا منهم إلا الشعرالموزون والمقفى بوزن إيقاعي معروف , نظمه الخليل بنظام التفاعيل , لكي يحفظ السرالإيقاعي المألوف والمتناسب مع الذائقة العربية والفطرة الإيقاعية . )))))
يتبع