أنصح بقراءة أصل الموضوع وهو للأستاذ سليمان أبو ستة على الرابط:

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78504


وأقتطف منه :


أخشى أخي خشان أن علم الخليل نفسه، بالإضافة إلى كل ما ابتدعه العرب من العلوم أو طوروه بات يعد، عند فلاسفة العلم ‏الأوروبيين المحدثين، من النوع الأول الذي ذكرته. وعموما فهؤلاء الفلاسفة يؤرخون لبداية العلم بمفهومه الحديث بدءا من ‏عصر النهضة الممتدة من القرن الرابع عشر الميلادي إلى القرن السابع عشر حيث نبغ فيها عندهم علماء من نحو كبلر ‏وجاليليو وديكارت وباسكال ونيوتن وغيرهم..ممن أخذوا في اتباع المنهج التجريبي في الاستقراء، هذا المنهج الذي ابتدعه ‏العرب، وطبقه علماؤهم من نحو الحسن بن الهيثم والبيروني وجابر بن حيان وأخذه عنهم ثم بشر به الفيلسوف الإنجليزي ‏فرانسيس بيكون حتى بات ينسب إليه وحده‎.
وهؤلاء الفلاسفة يزعمون أن كل ما سبق عصر النهضة من العلوم يعد من مرحلة ما قبل العلم، ولا شك أنهم يعتبرون العلم ‏العربي من بينها ، هذا إن كانوا يعترفون بوجود علم عربي. قال الفيزيائي والرياضي الفرنسي بيير دوهم، مؤسس التيار ‏الطاقي في الفيزياء: "لا يوجد علم عربي". ويعقب مؤرخ العلوم بيير روسو على ذلك قائلا: " هذا صحيح، فنحن لسنا مدينين ‏لبغداد بأي نظرية جديدة‎". ‎

أخي واستاذي الكريم أبا إيهاب
إضافة لما ذكرته من توضيح رأي الغربيين عموما فينا وفي علم العروض خاصة وتقييم ذلك الرأي أسوق ما قاله العالم الموضوعي ثاقب الرأي الأستاذ ‏إدوار سعيد ومن شأن معرفتنا بذلك أن لانقيم وزنا للآراء المجانفة للحقيقة حتى قال بها غربيون كبار :‏
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78588
يقول إدوارد سعيد: "لقد كان أحد الضوابط المقيدة التي أثرت على المفكرين المسيحيين الذي حاولوا فهم الإسلام ينبع من ‏عملية قياسية: مادام المسيح هو أساس العقيدة المسيحية، فقد افترض -بطريقة خاطئة تماماً- أن محمداً كان للإسلام ما ‏كانه المسيح للمسيحية. ومن ثم إطلاق التسمية التماحكية "المحمدية" على الإسلام‎.
هذا المبدأ ينطبق بتمامه على عروض الشعر العربي الذي بدأت عملية تحديثه على أيدي المستشرقين في عشرينيات القرن ‏التاسع عشر تقريباً. فقد فوجئ المستشرقون لدى اتصالهم به، بأنه وظف فقط كآلة لقياس ضبط الأوزان، عبر مقارنتها -أي ‏الأوزان- بصور الأعاريض والضروب المحددة في كتب العروض‎.
وكان من الطبيعي أن يفترضوا أنه كعلم الأوزان الشعر، فلا بد من أن يكون أيضاً علماً للإيقاع. وليس في ذلك أية مجازفة. ‏وبدأوا من ثم يبحثون فيه عن مفهوم الإيقاع وقوانيه‎.
غير أن الفرضية الخاطئة التي وقعوا فيها، تؤكد مقولة "إدوارد سعيد"، أنهم تصوروا عروض الشعر العربي كأعاريضهم ‏الأوروبية، وتعاملوا معه بما عرفوه عن الظواهر الصوتية والإيقاعية المعروفة في لغاتهم الأوروبية‎.
وتعددت الإتجاهات والفرضيات، لكن شيئاً واحداً لم يتغير لديهم جميعاً، هو أنهم تعاملوا -كما يقول أحدهم وهو المستشرق ‏‏"جوتهلد فايل" مع موضوع غريب عنهم كلياً. وقادهم هذا لأن يقترفوا جنايات عديدة، حصرها "فايل" في "دائرة المعارف ‏الإسلامية" تحت مادة "عروض‎"‎


فلنحاول، أخي خشان، أن نرسم صورة أقرب إلى الواقع عن طبيعة علم العروض العربي قبل الخليل بن أحمد، فلطالما أعجبت ‏بقول نيوتن: : "إذا كنت أنا قد رأيت أكثر مما رأى معظم الرجال، فذلك لأنني وقفت على أكتاف عمالقة". وما أظن الخليل إلا ‏عالما أكثر من نيوتن تواضعا بحيث لا ينكر أنه وقف على أكتاف عمالقة من علمائنا عبر العصور المنسية في الجاهلية ‏والإسلام‎.‎

قول نيوتن يدل على موضوعيته وتواضعه ويبعث على احترامه
لا شك أن الخليل ذو موضوعية ومتواضع ويستحق الاحترام ولكن اتصاف كل من العالمين بنفس الصفات لا يترتب عليه ‏بالضرورة أن الخليل وقف على أكتاف عمالقة سبقوه كما وقف نيوتن. فالمنهجية التي توصل إليها الخليل سبق بها من ‏سبقوه ومن تبعوه ممن لا زالوا يجهلون تلك المنهجية حتى اليوم. وليت كثيرا من هؤلاء الذين يتنقصون الخليل واسوق من ‏هؤلاء الأستاذ محمد العياشي مثالا " .يعترفون له من المكانة - وهو العلم والنور - بما يبدو وكأننا نفرضه على الخليل ‏فرضا لعباقرة متوهمين سبقوه يقف على أكتافهم. ‏
وينطبق على الأستاذ العياشي وسواه من متنقصي الخليل ما ورد في الرابط أعلاه وأرجو أن تطلع على ذلك الرابط : "والإشكالية التي وقع بها دارسو عروض الشعر العربي من العرب، أنهم وقعوا تحت رحمة هذا التصور، واستبعد غالبيتهم أن يكون لعلم العروض منهج يذكر. أما من قال منهم عن منهجه، فقد استبعد أن يكون لمنهجه، إن وجد، قيمةٌ علمية يعتد بها. وتبدى ذلك بإكبار محاولات المستشرقين، والتقليل من شأن الخليل بطريقة منفرة."

الخليل منشئ منهجيته ومنشئ علم العروض وافتراض عباقرة سبقوه في هذا شيء يناسب تمنياتك وقد يكون جميلا جدا. ‏ولكن لي من لمْس عبقرية وأصالة منهج الخليل ومعرفة تناول من تبعوه للعروض ما يجعلني أجزم بأن الخليل غير مسبوق ‏فيه بل ولم يفهمه حق فهمه أحد بعده حتى اليوم ولله در الأستاذ ميشيل أديب القائل : ‎" ‎وأكثر ما يعيب‎ ‎كتب العروض القديمة‎ ‎والحديثة، أنها، ‏على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها،‎ ‎لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من ‏بلوغ هذه القمَّةالرياضية‎ ‎التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ‎.‎‏"‏
هل لديك برهان أستاذي يخالف ما عليه اغلب الناس والروايات من تأسيس الخليل لهذاالعلم الشامل المنهجي المقعد سوى ‏ما يروى عن العرب من معرفة العرب لبعض الأوزان والتنعيم ونحو ذلك في غياب مطلق للمنهجية والشمولية.‏

كم هو جميل افتراضك وكم هو خيالي. ‏أتمنى أن أكون مخطئا فحاول أن ترسم وأن تخفف من التخيل في ذلك الرسم.

أزعم أن أهم ما تمخض عنه الرقمي هو البرهنة على رقي وشمولية منهجية الخليل رقيا غير مسبوق وغير ملحوق ولم يتضح لي ذلك بهذا الجلاء إلا في بضعة الشهور الأخيرة ومن الفضل في ذلك ما يعود إلى محاوريّ الكرام ممن تجاوزا الخليل.

والله يرعاك