من معرض الرياض للكتاب حصلت اليوم على كتاب :" العروض والإيقاع – في النظريات الحديثة للشعر العربي " للدكتور ربيعة الكعبي واستحوذت الفقرة الأولى على اهتمامي وسررت بها أيما سرور، فهي للخليل بن احمد رحمه الله، وقد وجدت فيها ما افتقدته في سواها من نص صريح للخليل يعبر عن منهجه الفكري وما ينبثق عنه من شمولية،وتعبيره عن ذلك تعبيرا يطابق توجه تعبير الرقمي ولكنه يتفوق عليه .
وأول ما قرأتها قفزت إلى ذهني أستاذتي ثناء صالح - ردها الله سالمة – بما لها من مقاربة وآراء هي محل تقديري في حالي الاختلاف بيننا أو الاتفاق.
يختلف الأفراد في مدى وعيهم على منهج التفكير والشمولية ووعي أستاذتي ثناء جد عال في هذا المجال. لعل كثيرا من أهل الرقمي لديهم قدر أو آخر من ذلك الوعي. وإني إذ أهدي هذه الفقرة لأستاذتي ثناء فإني أهديها إلى تلك الجرعة من الوعي لدى كل قارئ.
الفقرة على لسان الخليل بن أحمد منقولة من معجم الأدباء لياقوت الحموي 6 /74

تقول الفقرة :

إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها. وعرفت مواقع كلامها، وقام في عقولها علله، وإن لم
ينقل ذكر عنها. واعتللت أنا بما عندي انه علة لما عللته منه، فإن أكن أصبت العلة فهو الذي
التمستُ، وإن تكن هناك علة له، فمثلي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارا محكمة البناء، عجيبة
النظم والأقسام، وقد صحت عنده حكمة بانيها، بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج
اللائحة، فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها قال: إنما فعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا،
ولسبب كذا كذا سنحت له بباله محتملة لذلك، فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة
التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة. إلا أن ذلك مما ذكره هذا
الرجل محتمل أن يكون علة لذلك، فإن سنح لغيري علة لما عللته... هي أليق مما ذكرته
بالمعلول فليأت بها.

ترجمة ذلك بما يوازيه من عبارات الرقمي.
1- ثمة سليقة أو ذائقة عربية أصيلة متسقة شاملة أشبه بالبرنامج الرياضي أودعها الله سبحانه للوجدان العربي فاستقامت أوزان شعرهم دون وعي منهم على ذلك. وهذه الذائقة الأصيلة يمثلها الشعر العربي قبل اختلاط العرب بسواهم .
2- فكر الخليل أحاط بذلك الاتساق وتلك الشمولية وعبر عنهما بطريقين. طريقة شاملة تجريدية تمثلها دوائره ( ساعة البحور لاحقا) تعبر عن ( علم العروض - محكم البناء عجيب النظم والأقسام ) . وتجزيئية تجسيدية بالتفاعيل تعبر عن ( العروض التطبيقي الذي يصف أجزاء ذلك العلم كلما وقف على شيء منها )
https://sites.google.com/site/alaroo...lrwd-wlm-alrwd

3- يرى الخليل أن معيار النجاح هو التوفق بإدراك شمولية وإحكام البناء المحكم. ويتواضع عندما يحمل كلامه احتمال أن غيره قد يتفوق عليه في منهجه وشموليته.

ولعمري إن الرقمي ليثبت التناغم في الشمولية والاتساق في كل من :

1- السليقة العربية الأصيلة ( السجية والطيع) التي أتقنت إحكام أوزان الشعر العربي

2- تفكير الخليل وإحاطته بتلك السليقة

3- منهاج الخليل في تعبيره عن تلك السليقة وإحاطته بكلياتها في علم العروض والتعبير عن تلك الكلية بتجزيئاتها التفعيلية.

وأنه لن يكون هناك بحر غير بحور الخليل إلا عندما يكتشف عنصر غير عناصر ماندلييف.
https://sites.google.com/site/alarood/Home/mendeleev

أتمنى أن يهتم العروضيون بمحتوى هذه الفقرة من قول الخليل، ليفهموا معنى المنهج،

https://sites.google.com/site/alaroo...ome/almanhaj-1

وأن يتبين أصحاب البحور الجديدة بأن تفاعيل الخليل تموت خارج منهجه ولا تصلح لبناء بحور جديدة ولا حتى برك.