النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الغيوان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965

    الغيوان

    http://ghiwaniblog.skyrock.com/17376...008-05-05.html


    على أمل أن يقوم بعض أالمشاركين الكرام بوضع نصوص ولحن وتقطيع بعض أغاني الغيوان



    على مستوى الإيقاع لا يختلف الإيقاع الذي وظفته ناس الغيوان في أغانيها عن الإيقاع السائد في التراث الشفوي والشعبي المغربي، إنه إيقاع معتاد يمتح قيمته الفنية من أصوله فهو يعتمد على البحر السريع والبسيط وأبعادهما فهذان الايقاعان متواثران في التراث الشعبي، فطبيعي أن تكون ناس الغيوان بعودتها إلى الأصول والجدور أن تعود إلى هذه الإيقاعات بكل حمولاتها، فأعادت الارتباط بها من خلال هذا التراث وهذا الايقاع بعيدا عن التنميط التعسفي للدوق والايقاع .

    أما في بعض الأغاني وخاصة الصوفية منها، استفادت ناس الغيوان من إيقاع الحضرة ذلك الايقاع الذي يفضي إلى الحال أو الحضرة إن صح التعبير فهو حال منفصل عن طقوسه الأصلية يقع خارج الزاوية وفوق خشبة المسرح وتنتقل مضامينه من الصوفية إلى السياسة والنقد الاجتماعي...

    وهذا التأرجح بين الرصيد الشعبي والحداثة أدى إلى تراكم المعني وكثافة الدلالة كما أنتج تركيبات إيقاعية ولحنية غير معهودة بواسطة آلات غريبة عن بعضها في المعتاد فنجد الكنبري الكناوي (الهجهوج / السنتير) يجاور الهزاز الحمدوشي وطبيلة عيساوة وبندير الأطلس ثم البانجو ذو الصوت المعدني المقلق والحاد[17].



    2- 1 - الآلات الإيقاعية :

    لا تقوم أية مجموعة غنائية ولا يستقيم غناؤها وفنها بالأساس ما لم توظف آلات موسيقية تضبط من خلالها الإيقاع وتسايره وهكذا كانت الغيوان، فبعد أن تكاملت عناصر المجموعة وقفت أمام اختيار الآلات "وكان علينا نحن في ذلك الوقت اختيار آلات شعبية مغربية"[18] .



    لقد حارت المجموعة في أمرها كثيرا في مسألة اختيار الآلات فهو أمر صعب ومعقد جدا إنه سيف ذو حدين إما أن تجد نفسك على السكة وتكون على الطريق الصحيح وإما أن تجانب الصواب فتنتج الرذئ والرذاءة، لكن في النهاية انصب الاهتمام والاختيار على الآلات المغربية، فثم اختيار "الطبل"و"والهزاز"و"والبندير" إلى جانب آلات أخرى "فكرنا في أقرب آلة بغض النظر عن موطنها الأصلي، تقرب أصواتنا وعالمنا الغنائي"[19] .

    وهكذا استعملت المجموعة "السنتير" الذي ينتمي إلى إفريقيا وكذلك "البوزق"، لقد أعطت ناس الغيوان قيمة لهاته الآلات التي كانت مغمورة "فهي آلات تخص البيوت وحفلات النساء كالحضارات فيما يتعلق بالطبلة أو في أغاني الملحون ... أو السنتير - الذي يعد آلة كناوية - آلة يحملها الكناوي ويطوف بها في الأزقة مادا يده طالبا ريالا أو خبزا وكذلك "الهزاز" كنا لا نراه إلا فوق كتف شحات أو هداوي يطوف في الشوارع ويردد أغانيه ... مادا يده للمارة ... أما البندير فلقد كان من أحقر الآلات المغربية لأنه كان من ضمن آلات الشيخات كالطعريجة ... وما أدراك بنظرة الجمهور للشيخات في ذلك الوقت"[20]، فهذه الآلات كان الجمهور ينظر إليها نظرة مغايرة فهي آلات مغمورة وليست كالكمان والعود ... أي الآلات العصرية كما كانت تسمى في ذلك الزمن.

    إن الجديد الذي برز مع ناس الغيوان ناهيك عن الموضوعات التي تطرقت إليها أعادت الاعتبار لهذه الآلات وأعادت توظيفها حتى صارت مهيمنة منذ ذلك الزمن فما أن تظهر مجموعة غنائية على نهج ناس الغيوان إلا ومعها هذه الآلات.



    2-2 - الأداء : الغناء .

    المجموعة ظهرت مكونة من أشخاص قليلون لا يتعدون الخمسة كإطار سهل القيادة وأكثر نجاعة من الفرقة الكبرى المتسمة بإنتفاء الحركية والحيوية وبعد أن كانت الفرقة لدى الاتجاه الأول الذي كان سائدا أو المسمى بالجوق تتكون من مجموعة كبيرة تردد اللازمة وشيخ وسطهم يردد تلك الأغاني التقليدية النمطية المتسمة بالسكون والتي عادة ما تدور حول الحب والشوق والحنين... أصبحت المجموعة تتكون من أشخاص يتناوبون على الغناء والاداء ... فهم يوزعون فيما بينهم الأغنية حتى تصير كشكولا تتداخل فيها أصوات مختلفة بآهات قادمة من تخوم البوادي، فإذا كانت الأجواق تجلس على الخشبة مرددة تلك الأمداح وشكاوي الحب والحنين صارت الآن الأغنية مع ناس الغيوان بشكل جديد قوامه الزي أو شكل اللباس حيث صار للمجموعة زي موحد وبسيط من الأزياء المغربية التقليدية ثم الوقوف على الخشبة وهذا الأخير هو ما يضيف إلى الأغاني حركية ونضال مستمرين ... كذلك الاعتماد على نصوص التراث بشتى صنوفه وبطريقة لا تبتعد عن اليومي والمعتاد، ولا تنساق في الآن نفسه مع اليومي اللغوي المهترئ المتآكل ومع الأشكال التعبيرية السابقة[21]، فكانت الكلمات العتيقة المستوحاة من التراث متنا ومسرحا لكل الأغاني فكانت "الصينية"، "الدوار"، "الكندرة"، "التليس"، "المهماز"، "النخلة"، "الخلخال"، "الكمية"، "الخيل"، "الكافلة"، "النوار" ... عناصر الهوية المحلية التي غدتها نزعة الاستعادة والتذكر والحنين[22].

    فإلى جانب الاشتغال على التراث وظفت المجموعة حكما وأمثالا شعبية أدت في غالب الأحيان وظيفة المثال والاستشهاد قصد الاعتبار والتدبر فمثلا في أغنية "لبطانة" :

    حدبة في ظهر الجمل ولهاتـه تلهيــه[23]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    642






    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    مهمومة
    مهمومة يا خيي مهمــــومـــــــــــة ............. مهمومة وهذي الدنيـــــا مهـمومـــــة
    فيها لنفوس ولات مضيومــــــــــة ............. ولا بنـــــادم عــــبّـــاد اللــــــومـــــــــــة
    المسكين في همومو ساير يلالي ............. عايم في لفقايس عومة محمومـــــــة
    شي مفتون بمالو ساير يتعالــى ............. لا يح رزانة في القهاوي محرومــــــة
    هايم بالقصار وليلات تلالــــــــي ............. الخرفان مذبوحة والبنات مغرومـــــة
    لا حرمة
    لا حرمة بقات لا دين لا عبــــــادة ............. خرجات الشهادة من قلوب معلومــــة
    كيسان مكبوبة والخمر الغالـــــي ............. حياني أش دانا لفعايل مذمـــومـــــة
    عمرو الحباسات بطفال مهمومة ............. ماتو الرجال برسايل ملــــغـــومــــــــة
    عمرو الاسواق برذايل الفانـــــي ............. تبنات الابيوت بفحايش مسمومـــــــة


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مناوبة
    يوم الجمعة

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    25
    اغنية ذات طابع نقدي اجتماعي
    من السماع والقراءة اعتقد باننا امام نص خببي أليس كذلك؟
    _________________________________________________

    مناوبة يوم الثلاثاء

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798

    محمد يتيم يكتب عن البعد الديني في كلام الغيوان


    البعد الديني في كلام الغيوان

    غرض وموضوع أم رؤية للكون ؟



    هذه بضعة مقالات من دراسة يعدها الأستاذ محمد يتيم حول ظاهرة الفرق والأجيال الغنائية التي ظهرت خلال سنوات السبعينات والثمانيات وشغلت الفضاء الفني الشعبي وتجاوبت معها الأجيال الشابة والمغاربة في الداخل والخارج بل وجدت صدى واسعا وتقذيرا كبيرا خارج المغرب كانت محا دراسة وتحليل من قبل كثير من الباحثين دون أن تلقى بعذ التقدير والاهتمام الكافيين والاعتراف الذي يليق بقدرها ودورها ظاهرة فريدة أو فلتة فنية من فلتات تاريخ فني سيطرت عليه الرداءة أو الانحباس المرضي النمطي في موضوع واحد هو موضوع الحب والغريزة والنصف الأسفل من الإنسان , ننشر بمناسبة شهر رمضان هذا الجرء المتعلق منها بالعد الديني قي كلام الغيوان على أن ننشر تباعا أجزاءها الأخرى في وقت لاحق .( التجديد )
    مقدمة

    لا تزال ظاهرة " ناس الغيوان " لغزا محيرا لكثير من الدارسين . فالغيوان تجربة فنية متميزة بل هي فلتة واستثناء جاء ضد السياق . "الغيوان "تجربة ثائرة فنيا في وقت كان السائد هو الغناء أو الفن المتملق . "الغيوان" تجربة ثائرة بأدوات تراثية واستناد على المرجعية الدينية والثقافية الإسلامية والتراثية المغربية في حين كانت " الثورية " آنذاك مرتبطة بالرياح الشرقية ، وكان الدين والتراث عنوانا للاغتراب والاستلاب كما كان يلقن في الخلايا الثورية للشباب .


    "الغيوان " تجربة دينية عميقة وشعور روحاني فياض في حين لم يكن يوجد في ظاهر المجموعة مظهر خارجي للالتزام الديني مما يبين عمق الانتماء الديني الإسلامي للشعب المغربي مهما ظهر في السلوك الخارجي من مظاهر متمردة رافضة أو إباحية سادرة او بوهيمية شاردة .

    "الغيوانّ تجربة لم تلق من الاعتراف والاهتمام ما يكفي بين ثوريين آنذاك لم يقفوا عند عمقها الحضاري والثقافي فوصفوها أحيانا بالجنوح نحو الغيبية والميتافيزيقية وبين إسلاميين لم يكن كثير منهم يرى في الغناء سوى مزمارا للشيطان ،ولهو حديث يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، هذا في الوقت الذي كان بعض الإسلاميين المتنورين في بعض الدول العربية بعض أن سمعوا لأشرطة غيوانية يظنون أنها فرقة من الفرق الفنية للحركة الإسلامية والواقع أن المغرب باستثناء أن المغرب العميق إسلامي فكرا وثقافة ووجدانا وتاريخا وانتماء .

    ومن يظن أن الارتباط بالمرجعية الإسلامية والرجوع إليها في السياسة والثقافة والفن مسألة طارئة مرتبطة بالغزو المشرقي ينسج في خياله مغربا لا علاقة له بالحقيقة التاريخية والحقيقة الثقاقية والبعد العميق في الشخصية المغربية .

    من هذا المنطلق قرأت ديوان "الغيوان" وأشعار "الغيوان" فوجدت فيها عمقا أكبر بكثير من العمق الذي يوجد في الأنشودة الإسلامية ، ووجدت فيها من القدرة للنفاذ إلى العقل والوجدان ما لم يتأت للأنشودة الإسلامية دون أن نبخس هذه حقها ، ووجدت فيها من المعاني الجميلة والرصد الدقيق للتغيرات الفكرية والسياسية والأوضاع الاجتماعية في مغرب السبعينات والثمانيات ما لم يوجد في تحاليل بعض المنظرين ، رصد مصاغ في جمالية الزجل المغربي ، ومزينا يزينه الإيقاع المغربي الشعبي بمختلف ميازينه وأوزانه ونغماته .

    انطلاقا من ذلك سأعمل على الوقوف على أبعاد عدة في شعر "الغيوان" تبرز تفرد التجربة الفنية الغيوانية مغربيا وعربيا وإسلاميا منها : البعد الديني ، والبعد السياسي ، والبعد القومي ، والبعد الاجتماعي ، والبعد الإنساني ، والبعد الجمالي وغيرها من الأبعاد التي تكشف ثراء كلام الغيوان وتجربة الغيوان خاصة أنه يمتاح في كثير من مضامينه من ذلك الأدب العظيم أي أدب الملحون

    1 ـ البعد الديني في شعر الغيوان : غرض شعري أو رؤية للكون ؟

    الإشارة الأساسية في هذا المحور هو أن البعد الديني في كلام "الغيوان" لا يحضر فقط كمضمون أو قضايا بل يحضر أساسا كمرجعية ورؤية للكون مؤطرة للقول الغيواني في كثير من القضايا . البعد الديني لم يبرح كلام "الغيوان" حتى وهم يتناولون أغراضا شعرية يبد أنها ابعد ما تكون عن الرؤية الدينية كما هو الشأن في الغزل والتشبب بالمرأة حيث من جهة أولى لم يكن شعرهم وغناؤهم بالمرأة والحب وكأنه هو القضية الوحيدة الموجودة في الكون على غرار ما يسمى اليوم فنا ، وحيث أن تناولهم للمرأة من جهة ثانية جاء تناولا راقيا جميلا عفيفا بعيدا عن الإسفاف .

    إن "الغيوان" سيتمكنون من خلال ذلك بأن يقدموا حلا عمليا لإمكانية التلاقي بين الدين والفن بين قيم الحق والخير وبين قيمة الجمال . كما استطاعوا أن يكذبوا تلك النظريات التي تريد أن تجعل بين المجالين جفاء وتناقضا وكأنهما ضدان لا يجتمعان وخصمان لا يلتقيان .

    والواقع أن أطروحة التنافي تجد تكذيبها في النص الديني نفسه الذي تعتبر الجمالية فيه مقوما من مقومات الإعجاز . كما أن دليل الجمال أو الاستدلال بآيات الجمال إلى جانب آيات الجلال يعتبر من أهم آلياته الحجاجية .

    البعد الديني في كلام "الغيوان" حاضر في الصور وحاضر في القيم التي يدافعون عنها أو ينتقدونها ، حاضر في الحمولة الأخلاقية والتخليقية لكلامهم الموصول بالحمولة القيمية التي يزخر بها القرآن الكريم وتزخر بهما الثقافة المغربية العالمة والشعبية بمختلف مكوناتها الصوفية والفلسفية والفقهية .

    انتقاد قيمة الاستكثار بالبنيان مثلا والتأكيد على الطبيعة الفانية والعابرة للدنيا والاستكثار منها وانتقاد عدم الاعتبار بمصير الأمم الظلمة السالفة والنفاق الاجتماعي وادعاء الصلاح والإصلاح مع الانتهازية والفساد والجهل وسوء الخلق، والتصرف بعقلية الخلود وعدم استحضار الموت والسؤال كلها ، معاني تتكرر في كلام الغيوان كما نجد مثلا في قصيدة " علي وخلي " حيث تقول القصيدة :

    تبني وتعلي

    تمشي وتخلي

    عقلك مدني ، ياخايب الحالة

    تبني الحيطان

    تشرب الكيسان

    تسكن في الفيلة

    وعيرك ف نوالة

    تحكر الفقير

    وتكول التغيير

    وانت شفيفير

    ماتساواش نعالة

    تزور الاوراق

    وتشهد النفاق

    تسيء الأداب

    وتكلم بجهالة

    أصلك بخيل وشانك عليل

    عيشك قليل

    يا عصيد النخالة

    مالك أوا مالك

    آش جرا لك

    ظنيتي راسك خالد وانت للزوالة

    مادامت لعاد ولا ورثها شداد

    آخرها القبر

    وحر السوالة .

    وواضح من القصيدة أن النقد الاجتماعي الذي تقوم به القصيدة ويتناول عدة قضايا مثل التفاوتات الطبقية والفساد المالي والخلقي إنما يستند إلى رؤية إسلامية تجد لها أكثر من دليل في القرآن والسنة .و قد كان مثل هذا النقد موجودا على طول التاريخ في ثقافتا الإسلامية وفي ثقافتنا المغربية وفي الأدب الشعبية وفي التراث الفقهي والعلمي ومنه انطلقت الحركة السلفية المغربية والحركة الوطنية في مقاومة الاستعمار . ومن يريد إقصاء الصدور عن المرجعية في العمل السياسي والاجتماعي يريد إلغاء تاريخ ثقافي بكامله وذاكرة أمة بكاملها ووجدانها إلا أن يعتبر التاريخ المغربي كله تاريخا أصوليا والملحون أصوليا والأدب الشعبي المغربي و" الغيوان " وكلامهم قمة الأصولية .

    ـ 2 ـ

    كلام "الغيوان" في محبة الرسول


    محبة الرسول صلى الله عليه وسلم متأصلة في الوجدان الديني المغربي ، وفيها ألفت عشرات بل مئات من قصائد الملحون . وفي كلام "الغيوان" الذي غرف من قصائد الملحون كثيرا وأعاد تأديتها بإيقاعات غيوانية احتل مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والشوق إلى بيت الله الحرام و زيارة قبره صلى الله عليه وسلم مكانة مرموقة وابدع "الغيوان" معزوفات رائعة كما نجد في قصيدة " الله يامولانا .

    تبدأ القصيدة كما هو الشأن في كثير من قصائد الملحون بمدخل فيه مناجاة لله سبحانه وتعالى . والغريب في الأمر أن هذا المدخل يكاد يكون عاما حتى في قصائد غزلية أو تتناول أغراضا آخر ى مما يبين عمق الإحساس الديني في الوجدان الشعبي المغربي حتى في حالة سلوكات قد تكون مخالفة لأوامرالشريعة .
    أما المناجاة في مطلع قصيدة الله يا مولانا فتشير إلى سعة العلم الإلهي واطلاعه على حال المتكلم المتضرع معددة الصفات الإلهية كصفة الحياة والبقاء ( الحي الباقي) وآلاءه ونعمه وفضله فبه عمرت السواقي وبأنواره تتحقق الهداية ورعاية استقامة المخاطب على أمر الدين ، ومن ثم يتوجه المتكلم المناجي له بالدعاء سائلا إياه أن لا يجعله من الأشقياء . وبطبيعة الحال يظهر هنا مظهر من مظاهرالتدين المغربي وتظهر قضية التوسل بالصالحين الذين هم الصوفية في عرف الوجدان الديني المغربي ، وهو أمر توقفت عنده طويلا الحركة السلفية المغربية تأثرا بالحركة الوهابية . وهكذا تقول القصيدة في مطلع متخشع :

    الله يا مولانا
    حالي ما يخفاك يا الواحد ربي
    سبحان الحي الباقي
    سبحانك ياإله جود أعليا
    بك عمرت السواقي
    ونحلتي في نواورك مرعية
    ولا تجعلني شاقي
    حرمة ودخيل ليك بالصوفية

    بعد ذلك تكسف القصيدة عن لوعة كبيرة وشوق فياض إلى زيارة الكعبة وزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، مبزرا محبة فياضة تجاه النبي صلى الله عليه وسلم . فإذا كان الناس قد زاروا محمد وتشرفوا بذلك وذهبوا إليه فهو ساكن في قلب الشاعر ، وإذا كان الناس قد ذهبوا إليه ركوبا فالشاعر من فرط المحبة سيذهب إليه راجلا . ويشهد الشاعر الملائكة وجبريل ( الروح ) وحملة العرش وحفظة اللوح على محبته ولوعته بالرسول القرشي مؤكدا أنه لا لوم عليه في هذه المحبة وأن من جرب جربته وذاق ما ذاقه كف عن لومه , تقول القصيدة :

    النبي ياجيرانــــــي لو صبت الزاد من غذت نمشي ليه

    نشاهد نور اعياني ونطوف بالكعبة نزورها ونولي

    يازوار النبـــــــــــي لله ديوني نزور معاكم

    ـمولاي محمـــــــــد آداوينا أبو عمامة خضرة

    الناس زارت محمد وانا ساكن لي في قلبي

    الناس زارتوا بالمركوب وانا نمشي له على رجلي

    الله الله الله

    جيت زاير ومعبد السيد الرسول العربي

    الله الله الله

    سال لملايك سال الروح سال حمال العرش

    الله الله الله

    سال حفاظة اللوح قلبي مولع بالقرشي

    الله الله الله

    من لايمني ف هاد الحالة انبيع له يشري مني

    الله الله الله

    أنبيع له بيع المحتاج وإلى جرب يعذرني

    الله الله الله
    كلام الغيوان في مدح النبي صلى الله عليه وسلم


    تجدر الإشارة إلى أن مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم مثله في ذلك كثل مناجاة الله سبحانه والتوجه إليه بالدعاء يكاد يكون حاضرا ومتخللا أغلب قصائد الغيوان ومتلبسا بأغراض أخري مثل النقد الاجتماعي والسياسي وحتى الغزل والتشبيب بالمرأة .

    وفي الاتجاه المعاكس فإن القصائد المخصصة لمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تخل من إشارات سياسية منتقدة لعلاقة التسلط والتبعية والمتبوعية ولواقع الاستكبار العالمي والعدوان الصهيوني والدعوة إلى الانتفاضة على الظلم .

    وهكذا ففي قصيدة " مزين مديحك " نقف على تركيبة ثلاثية للقصيدة : المقطع الأول فيه بيان لفضل مدح الرسول صلى الله عليه وسلم حيث هو عمل لا تعدله تجارة وخير من مال الدنيا ومن زينة الدنيا وأن الشاعر لا يرجو بمحبه للمختار سوى لقيا النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا يقول المقطع الأول :

    مزين مديحك

    ما كيفه تجارة يا رسول الله

    مزين مديحك

    يالمير ف الشتا والكس كثير

    مزين مديحك ,, يا بو فاطمة

    خير لي من مال الدنيا يا رسول الله

    خير لي من مال الدنيا واللي تهيل عليه

    خير لي من زين الدنيا اللي ذاك وذاك شبيه

    آه ورجايا غير فيك ياربي بالنبي تلكيني

    أما المقطع الثاني فثناء على الحق سبحانه وتعالى بسعة علمه وقدرته وقربه من عباده وسرعة استجابته ، فبين حرف الكاف والنون أي بكلمة كن هو قادر على أن يفعل ما يشاء ويقضي ما يشاء حتى إذا أراد إنطاق الحجر الصم أنطقه فما بالك بالاستجابة للعبد وما بلك بقدرته على كشف الضر وإخراج العبد من الشدة والمحنة

    أما المقطع الثالث فينتقل بنا إلى موضوع أخر أي موضوع الظلم والاستبداد والاستكبار الصهيوني ، إذ يبدأ الشاعر بالتساؤل عن سر سيادة الليل ( رمز الظلم)وتغطيته لإرادة الإنسان وحريته وقدرته على المبادرة وعن انقلاب الوضع العربي من العزة والكرامة والريادة إلى التبعية والذل مستنهضا همة الإنسان العربي المسلم في مواجهة الظلم الصهيوني متسائلا عن ذنب المدن الفلسطينية التي عانى أهلها من التقتيل والتهجير الجماعي مثل عكا ويافا , ثم تختتم القصيدة ببيان ما صاحب الاستكبار الصهيوني من ظلم وعلو ومحذرا من أن الصبر على الظلم والهوان لن يزيد ذلك الإنسان إلا هوانا وأن السكوت الظلم لن يزيد الظالم سوى استعلاء واستكبار وأن الإنسان العربي الحر لا يمكن أن يسكت على هذه العلة ومن ثم يدعو العرب إن كانوا أحرارا إلى الثورة والانتفاضة . وهكذا يقول المقطع الثالث :

    وا ديني يا ديني أشنه غطاك الليلي

    ياخيي ياخيي اشنه غطاك الليلي

    عيد لي اخبار البارح راه كلبي مجروح

    البارح كنتي سارح واليوم راك مسروح

    اشنه ذنب يافا وحيفا وعكا

    ياك غلبو ماعفو ياك ثقلوا ما خفو

    ياك عذبونا وكلفوا يادايني يادايني

    صبرك على الذل خيي ما يزيد غير مذلة

    وإلى سكتي خيي عل الظالم زاد تعلا

    وإلى كنتي حر خيي زول هاد العلة


    كلام الغيوان في الشوق لبيت الله وزيارة مقام رسول الله

    بشعور فياض بالتقصير في حق الله والانسياق وراء الذنوب والمعاصي واستيلابها لعقله ورشده يؤكد الشاعر في قصيدة " ف رحاب معاليك " شوقه لزيارة بيت الله الحرام والطواف بين الصفا والمروة والوقوف بجبل عرفات حيث تتحقق المنية ويستجاب الدعاء ويتم الوقوف في مقام رسول الله والتسليم على محرابه والتمتع برؤيته .

    وتختم القصيدة القصيرة الجامعة المؤثرة بالتهليل وذكر مكانة رسول الشفيع ورفعة شأنه عند الله ، والإشارة إلى حب الشاعر لصاحب العلامة الذي جاءت الحمامة فباضت بجانبه وجاء العنكبوت فنسج خيوطه تعمية عنه وحماية له كما تذكر ذلك السير حيث تقول القصيدة :

    لا إله إلا الله يا النبي يا رسول الله

    الذنب خذاني يا بابا الذنب خذاني يا سيدي

    الذنب خذاني يا بابا خاذ عقلي وذاه

    بغيت نمشي دابا نشوف مقامه سيدي

    ونسلم يا بابا على لمحراب ونراه

    بين الصفا والمروة نمشي ونجي يا سيدي

    في جبل عرفة تما غرضي نلكاه

    لا إله إلا الله هو الشفيع حبه الله

    مول الشان ولعلامة جات لحمامة باضت احداه

    بورقية قلبي بغاه جاته العنكب بإذن الله




    كلام الغيوان في البعد عن الدين والانحراف الخلقي

    تناولت كثير من قصائد الغيوان ما آل إليه الوضع الاجتماعي المعاصر في بلاد المسلمين من بعد عن الدين وانحراف خلقي وبعد عن الله وسيادة للفواحش وتناقضات اجتماعية وطبقية صارخة .

    والجميل أن "الغيوان" ربطوا بين البعدين الديني والأخلاقي والبعد الاجتماعي من جهة أو بصورة أخرى ببن نقد الوضع الاجتماعي وبين نقد الوضع الديني والخلقي . وذاك في الوقت الذي كانت فيه الحركات الماركسية اللينينية في أوج عزها ( سنوات السبعينيات) أي في الوقت الذي كانت فيه تلك الحركات تروج لمقولة فيورباخ حول الاستلاب الديني ولمقولة كارل ماركس القائلة بأن الدين أفيون الشعوب وروح من لا روح له .

    وهكذا تكشف قصيدة مهمومة ـ التي تنضح حزنا وألما لما آل إليه وضعنا الاجتماعي من بعد عن الدين وتحلل خلقي وتمايز طبقي واستبداد سياسي ـ عن إحساس ديني مرهف ، وتؤكد كيف أنه ـ انطلاقا من المرجعية الإسلامية ـ أنتج تراثنا الفكري والفني والثقافي الجماعي والفردي توجها أصيلا وقويا في النقد الاجتماعي والسياسي ، ونوجه هذا من جديد للذين يعتبرون الصدور عن المرجعية توظيفا أصوليا للدين من أجل أغراض سياسية .

    إن الغيوان يكشفون بذلك أن الدين في الوجدان المغربي لم يكن في يوم من الأيام مجرد طقطقات تسابيح أو صلوات معزولة لا علاقة لها بحياة الناس وواقعهم المعيش بل إن المغاربة على الدوام اتخذوا من عقيدتهم ودينهم رؤية في الحياة عنها يصدرون في تحليلهم للأوضاع السياسية والاجتماعية .

    ففي قصيدة مهمومة يكشف الشاعر الهم والحزن الذي أصبح مخيما وأصبح يسم الدنيا بميسمه ويخيم ضيمه على النفوس ويفيض على المستضعفين والمساكين من البسطاء حتى أصبحوا فيه يسبحون وتحول إلى موالهم الليلي في الوقت الذي يسبح فيه أغنياء مترفون في بحر الليالي الحمراء فيقول :

    مهمومة هاذ الدنيا مهمومة مهمومة هاذ الدنيا مهمومة

    فيها النفوس ولات مضيومة ولا بنادم عباد اللومة

    المسكين ف همومه يلالي عايم ف لفقايص عومة محمومة

    ويبرز الشاعر حدة التناقضات الاجتماعية التي سادت في المجتمع إذ بجانب وضع الهم والنكد والحزن الذي يعيشه المستضعفون من الناس هناك طائفة أخرى مستغنية مستكبرة سادرة في الفساد والانحلال الخلقي والاستهتار بحرمة الدين وبالشعائر التعبدية فيقول :

    شي مفتون بماله ساير يتعالى
    لايح الرزانة ف قهاوي محرومة

    هايم ب لقصاير وليلات تلالي
    الخرفان مذبوحة والبنات مغرومة

    لا حرمة بقات لا دين لا عبادة
    خرجت الشهادة من كلوب معلومة

    كيسان مكبوبة والخمر الغالي
    حياني آش دانا لفعايل مذمومة


    ويسترسل الشاعر في وصف الوضع الاجتماعي والسياسي ملتقطا عدة صور من سنوات الرصاص وكيف طال الاعتقال السياسي ناسا لا زالوا في ريعان الشباب بل ناسا لم يكملوا طفولتهم بعد ، وإلى ظاهرة الاغتيال السياسي بواسطة الرسائل الملغومة وسيادة الفجور والفواحش وعلو الأصوات الناعقة بالباطل ، وإلى غياب الشورى وسيادة الطغيان والاستبداد وتكميم الأفواه وطبعه بطابعه لحياة الناس وسلوكهم حتى إن آثاره قد ظهرت واضحة على وجوه الناس حيث يقول الشاعر :

    عمرو لحباسات ب طفال مهمومة
    ماتوا الرجال ب رسايل ملغومة

    عمرو لسواق ب ردايل الفاني
    تبنات لبيوت ب فحايش مسمومة

    نوح يا غراب هاد العالم مسالي
    من زمان كالوا مات والنوايح مقيومة

    لا شورى بقات كل افواه مزمومة
    خويا يد الطاغي عل لوجاه مرسومة .


    فيا ترى ماذا لو قال " الغيوان " كلامهم هذا في أيامنا هذه . ألم يكن كلامهم سيعتبر تكفيرا للمسلمين المغاربة وتحريضا ضمنيا على الإرهاب . ألم يكن واردا أن يحملوا بسبب نقدهم الصريح المسؤولية المعنوية عن الإرهاب؟ .

    المقال كاملا بتنسيق أفضل :

    http://yatimdepute.jeeran.com/archiv...11/118828.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط