أصل الموضوع :

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=73631

الحواسيب تميزها برامجها وإن توحدت ماركتها.
البشر كذلك. إنما يميز كلا منه برنامجه وبرنامجه هو فكره.
كثيرا ما أتهرب من قراءة مقالات أستاذتي ثناء صالح لأني أعرف قدر فكرها وما يستحقه من تقويم جاد يليق به وهو يتطلب التركيز والوقت وهما لا يتوفران دائما.
وليس هذا المقال استثناء.

عندما أقرأ لأستاذتي أجدني أتابع العملية الفكرية التي أنتجت مضمون نصها أكثر من متابعتي لذات النص. الأمر الذي يجعل تعليقي مختلفا عن تعليق سواي ممن ينصرف جهده إلى النص.

وكي لا أغمط أستاذتي حقها أقرر أنها رائدة في هذا المجال على هذا النحو بل وأوسع واعمق. فهي التي - إضافة إلى النظرة الشاملة لمنهجية الخليل في الرقمي – كتبت عن أبعاده الأربعة.

وهي التي أصلت للتركيز على هذا النحو من الانسجام بين منهجية الخليل في العروض ومنهجية البحث في كل موضوع سواه.

لا يدرك هذا البعد أحد كما يدركه أهل الرقمي. هذا التناغم في التفكير بينهم يجيء نتيجة تفاعلهم معا ومع نهج الخليل أثناء دراسته بما يثريه. هذا الثراء المدين لأستاذتي بالقسط الوافر منه. وهو ما يجعل الفارق بين دراسة الرقمي من الورق ودراسته من خلال التفاعل في المنتدى كالفارق بين دراسة الجامعة في حالي الانتساب والالتحاق.

وهي هنا تضيف بعدا جديدا في قولها :" عناصر الإدهاش في الصورة الشعرية تتوقف على علم البلاغة بأقسامه الثلاثة ( علم البيان وعلم المعاني والمحسنات البديعية ((المعنوية )) لكن قسماً من الإدهاش يتوقف على صياغة الكلام بأسلوب يجعل الصورة الشعرية قابلة للقراءة المضحكة بسبب لا منطقيتها."

قد أفضل – وقد يفضل سواي- تعبيرا آخر على (لا منطقيتها ) نحو ( المفارقة) أو (ظلال المعنى) وذلك لا يغير من المضمون شيئا. ولكن تعبير أستاذتي هنا يتسم بفن الكاريكاتير الذي يضخم بؤرة قصدها أو يضعه تحت ميكروسكوب الفكر أو قل يضع خطين معنويين تحته أو كتابته أو تظليله بلون فاقع لتركيز الاهتمام.
وهي في ذلك منسجمة مع ذاتها. يذكرني هذا بحواري معها لدى اختلافنا حول ما يطرأ على الوتد من تغييرات إذ استعملت تعبير (زحاف الوتد)

لكأنها بذلك ترفض المنطقة الرمادية أو (اللعمية) أي بذرة التمييع بتبني ما بين (لا ونعم) وتصر على التمايز بين الاعتبارات في الطرح وهذه ميزة في الرقمي يدركها أهله.

كنت قرأت النص قراءة مبدئية ونسيت تفاصيل عباراته وكتبت الفقرة السابقة بعد قراءة المقدمة مرة ثانية ثم استفضت في القراءة فاكتشفت أنني أستعمل ذات عباراتها (المفارقة – الكاريكاتير) التي لا شك أنها انطبعت في لا وعيي بعد القراءة الأولى أو أنها وافقت ما لدي وتماهت معه بحيث لم أدرك عندما كتبتها أنها سبقتني إليها.
في هذا السياق وجدت من جو الرقمي في موضوعها ما جعلني أتقصى خيوطه في تناولها لعبارة " لك الويلاتُ "
أ - فقالت :لك الويلات"
لك الويلاتُ = 3* 2* 2 1 .....م/ع = 2 /1 = 2

ب- قوله تعالى عن امرأة العزيز :" وقالت هيتَ لكْ "
هيث لكْ = 2* 3* .....م/ع = 2/ .. = 4 (اصطلاحا)

جـ- وما أنس ملأشياء لا أنس قولها .... وقد قربت نضوي :" أمصر تريد "
أمصر تريدُ = 3* 1 3 2 ..... م/ع = 1 /2 = 0.5

الانفعال في مخاطبة شخص يستدعي أن يكون المؤشر عاليا في مخاطبتة إذا كانت المشاعر هائجة كما في (ب) قيمته 4

ويكون منخفضا إذا كان الشعور مشوبا بالشجن أو الحنان أو الدلال كما في (جـ) قيمته 0.5

(لك الويلات) في نص ألفاظها من صنف (ب) وهو ما يستدعي مؤشرا عاليا لو كانت مستنكرة فعله أو رافضة له.

ولكنها بمؤشرها (2) جاءت منخفضة عن ذلك بل هي جاءت بين ( ب =4) و ( جـ =0.5) وهي معدلهما تقريبا ( 4+0.5)/ 2 = 2.25

ذلك أنها في مضمونها من صنف (جـ). وإن كانت بألفاظها من صنف أ

عجيب هو العقل البشري. في ساعة البحور الدائرة ب حاصل تداخل دائرتي (أ) و (جـ) وهو ما يغري بإعادة ترقيم قيِم المؤشرات أعلاه.

ولا بأس هنا من الاستطراد قليلا .

ماذا لوقالت " لك الويلُ " 3*2* 1 المؤشر = 2/ صفر =4
وهنا يتساوى الشكل والمضمون والمؤشر مع " هيت لك"

طبعا لقائل أن يقول إن الوزن سينكسر حينها. وهذا صحيح وهو يذكرنا بعبقرية اللغة العربية في العلاقة بين الفكر والنغم التي أبدع في بموضوع شرحها د. صلاح عيد :
https://nprosody.blogspot.com/2019/01/blog-post_30.html
وذلك على وجهين:

الأول هذا الذي املاه الوزن ليظهر أنها كانت تستمتع بوجوده رغم ظاهر إبداء الشفقة على البعير
الثاني سؤال افتراضي . ماذا لو كانت ناقمة عليه لأنه فرض نفسه عليها واقتحم هودجها. فبدأ العجز بالقول : " فقالت لك الويلُ" أترك للقارئ أن يتصور صياغة للبيت فربما فرضت اللغة تعبيرا قويا لبقية البيت يناسب الحال.

وإذا بدانا بهذه البداية فإن القافية تفرض هذا النص أو نحوه :
" فقالت لك الويل افتعلت مفعّلي " مثلا : فقالت لك الويل استبحت مُقَبّلي "
لك الويل استبحت مقبلي = 3* 2* 2* 3* 1 3* 3 .... م/ع = 6
لك الويلات إنك مرجلي = 3* 2* 2 3* 1 3* 3 .....م/ع = 2

طبعا سيتغير الصدر عندها ليكون نحو " ويوم اقتحمت الخدر خدر عنيزة "
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة = 3* 1 3* 2* 2* 3* 1 3* 3* .....م/ع = 7/ صفر = 14 افتراضا
ويوم اقتحمت الخدر خدر عنيزة = 3* 2* 3* 2* 2* 3* 1 3* 3* .....م/ع = 8/ صفر = 16 افتراضا

هنا فارق بسيط بين مؤشري الصدر في حالتي الاقتحام والدخول ومؤشر الاقتحام أعلى.
ولكن تقاربهما يفيد بتوجس الشاعر وقلقه في الدحول فيما لو ضبطه أحد إذ لا فرق حينها في النتيجة بين الدخول بالتراضي والاقتحام.

ارتفاع مؤشر الاقتحام 16 على مشر الدخول 14 يذكرني بالاختلاف مع أستاذتي حول دلالة الرقم 1 في احتساب مؤشر م/ع.

ظلال المعنى هنا تذكرني بظلال قول فيروز: " : "وقالوا غمرني مرتين وشدّ، شوفوا الكذب لوين، مرة منيح، تنين؟"

تحضرني نكتة بهذا الصدد: أشيع عن رجل أنه ضعيف أمام زوجته فطلب منها أن تمر به و وهو جالس مع الرجال ليرفع صوته عليها إذا سكبت الماء عليه بالخطأ ( المخطط له) وفي اليوم التالي مرت وسكبت الماء فصرخ بها ( يلعن...) فرمقته شزرا وقالت ( يلعن ماذا ؟ ) فقال ( يلعن هالكَوَسة ) .... الكوسه مصدر كويس عامية تعني كيس وقد تعني جميل.

لقائل أن يقول : " إنك قد اخترت من الكلام ما هو على مقاس رأيك " وربما كان كلامه صحيحا على وجه ما. أقول (وجه ما) لأني لم اختر بين اقوال عديدة بل خطرت لي هذه الأقوال فوجدتها منسجمة مع ما أختزنه في ذهني من موضوع م/ع . ولو لم أكتشف انسجامها معه لم يكن لي أن أتطرق لهذه الناحية.

على أنه سيكون من الممتع والمفيد لو قدم بعض القراء أمثلة من الواقع الشعري تنقض هذه النتيجة . فذلك سيولد حوارا جميلا كذاك الذي كان مع أستاذي د. شاكر الحارثي :

http://arood.com/vb/showthread.php?t=3611

ربما يبدو هذا الموضوع لمن لم يتعرف على أجواء الرقمي وبيئته الأدبية والفكرية نوعا من الحديث في عالم آخر. ولا ألومه.

حفظ الله أستاذتي ورعاها.