النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: زمن الإيقاع –تأسيس أولي / هيثم حسان

مشاهدة المواضيع

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    46

    زمن الإيقاع –تأسيس أولي / هيثم حسان

    زمن الإيقاع –تأسيس أولي / هيثم ريماوي

    إذا فترضنا مايلي رمزيا:
    زمن 0 = صامت = السكون = الحرف الساكن
    زمن 1 = صائت قصير = الحركة (الضمة ، الفتحة ، الكسرة )
    زمن 2 = صائت طويل = إطلاق المد في (ا و ي)
    زمن 0 – 0 = صامت + سكون ( حرف ساكن )
    زمن 0 – 1 = صامت + صائت قصير ( حرف متحرك )
    زمن 0 – 2 = صائت طويل ( إطلاق المد )

    نجد أن الأصل هو تكرار المتحرك بلا قيد (الزمن 0- 1) أي حرف متحرك ، يتخلله الأزمان (0-0،السكون ) و (0-2، المد) بضوابط محددة ، فمثلا : لا يلتقي ساكنان أو مدّان ، إلا في حلات شاذّة كالسبب الثقيل ، أو أنه لا يمكن أن نبدأ إلا بمتحرك (0-1) ولايمكن أن ننتهي إلا بساكن أو مد (0-0أو 0-2). لم يفرق العروض بين الزمنين ( 0-0و 0-2) ، و السبب- في رأيي- أن الخليل كان يعبّر بذلك عن اشتراك الزمنين (0-0 و 0-2) في كسر رتابة الزمن (0-1) ، ففي العروض الذي يحدد جنسية الإيقاع- لو نظرنا للمو ضوع بشكل عميق - هو مواقع الأزمنة (0-0 و0-2) خلال تكرارات الزمن (0-1)، فالوتد هو وقوع زمن (0-0 أو 0-2) بعد تكرارين من الزمن (0-1) ، والسبب الخفيف هو وقوع زمن ( 0-0 أو 0-2) بعد تكرار واحد من زمن (0-1) ، وما الزحاف والعلة سوى إمكانية حذف أو إضافة زمن (0-0 أو 0-2) بين تكرارات الزمن (0-1) ، والواقع أن العروض مبني على الإحتمالات المقبولة سماعيا لتخلل زمن ( 0-0 أو 0-2) بين تكرارات زمن (0-1)، وبما أن الجملة الإيقاعية محددة من جهة بالصدر والعجز ومن جهة أخرى بالقافية ووحدة المعنى ، فإن ذلك جعل احتملات الجمل الإيقاعية محدودة بما سماه الخليل بحور الشعر ، ولم يكن اقتصار البحور على الممكن فقط بل أيضا على المقبول والمتكرر ، ولهذا ظهر المهمل أي الممكن الشاذ ، إن الأساس الإيقاعي هو كسر رتابة المتحرك بإخفاء الحركة (بالسكون ) أو تضعيفها (بالمد) وهذا ما يحدث حقيقة عند الإنشاد ، وهو تفعيل هذه الميكانيكية ، وإن ظاهريا أحيانا بمط الأحرف لتعبير عن المد أحيانا أو بالسكوت عند حرف معين للتعبر عن السكون ، ولا أعتقد أن الخليل –وهو بهذه العقلية الفذّة- لم يلتفت إلى هكذا متغيرات ،وإنما تم إهمال متغيرات كثيرة من قبل الخليل ، كالفرق بين المد والسكون ، أو القيم النبريّة ، أو علاقة الشكل بالمعنى ، كون هذه المتغيرات تعيق نموذجية البناء الرياضي الواصفة للشكل ، فعمد الخليل إلى تأسيس نموذج رياضي لاحتمالات متغيرين فقط (الساكن /المد ، والمتحرك ) مع تثبيت كل المتغيرات الأخرى ، والذي شكل ما يمكن أن نسميه دالة خطية يمكن تمثيلها بيانيا على المستوى الديكارتي ، وقام بعد ذلك - لغرض بنائية النموذج- بتجميع النتائج المتشابه تصاعديا ، فقد جمّع (ساكن-مد / متحرك ) في ( وحدات إيقاعية ، كالأسباب والأوتاد) اللتي جمّعها في ( التفعيلة ، أي المنظومات الممكنة من الوحدات الإيقاعية ) واللتي تم تجميعها في (البحر، أي المنظومات الممكنة من التفعيلات ) واللتي- أيضا – تم تجميعها في (الداوئر : أي منظومات البحور ذات الصفات المشتركة) ، فما قام به الخليل حقيقة ، هو ثلاث خطوات ، أولا : استقراء الموجود الشائع ، ثانيا:بناء نماذج واصفة للموجود الشائع استنادا على الساكن والمتحرك مع إهمال المؤثرات الأخرى ،ثالثا: استنباط العلاقات المشتركة بين هذه النماذج في خطوته الأخيرة التي سمّاها ( دوائر العروض ) ، وما قام به العروض الرقمي حقيقة بشكل أساسي هو خطوتين أولا : استبدال الرموز بالأحرف للوحدات الإيقاعية ( الأسباب والأوتداد ) بالأرقام ، سبب خفيف = 2 ، وتد مجموع = 3 ، ثانيا : إلغاء خطوة التفعيلة ، والتعبير – بدلا من ذلك – عن البحور والدوائر ، وعن الخروج المسموح ( الزحافات والعلل ) عبّروا عن كل ذلك بالوحدات الإيقاعية المرموز لها بالإرقام ، فمثلا 2 3 = فا علن ، 1 3 = فَ علن ، قام الرقميون بتعليل إلغاء مرحلة التفعيلة ، بقولهم إنها- أي التفعيلة - كانت زائدة لأغراض التوضيح والتفسير، ولكن ما حدث بعد ذلك أن كتب العروض –كما يقول الرقميون – اتخذت - وبشكل خاطيء – التفعيلة على أنها الأساس البنائي لعروض الخليل ، مما أدى إلى إهمال قضايا أساسية في فكر الخليل ، ومما أدى أيضا إلى تعقيد علمية دراسة العروض ، ونظرة الرقميين هذه تذكرني كثيرا بنظرة د. كمال أبو ديب في كتابه ( البنية الإيقاعية للشعر العربي – نحو بديل جذري لعروض الخليل) فقد قال أيضا بإلغاء دور التفعيلة ، مؤكدا أن الوحدات الإيقاعية الأساسية التي سماها النواة هي ( فَا ، عِلُنْ ، عِلَتُنْ ) والتي تتقابل مع الرقمي فا = 2 ، عِلُنْ = 3 ، عِلَتُنْ = 1 3 . إضافة للفروق في الترميز بين أبو ديب (حروف ) والرقمي (أرقام) ، هنالك فرق جوهري بين النظرتين ، وهو أن الرقمي يرى في العروض المثال الذي لا يمكن الخروج عنه ، وإنما يمكن وصفه بطريقة أفضل وأسهل للفهم ، وأما نظرة أبو ديب فتنطلق من فكرة (البديل الجذري ) والتي في تضاد تام مع ما قاله الرقميون ، فقد حاول أبو ديب مطولا بالاستناد على النبر كبديل جذري عن الكم .
    أعتقد أن كمال أبو ديب والرقميين ، تجاوزوا موضوعية الطرح على حدّ سواء ، فقد بالغ الرقميون في محاولة تثبيت مثالية العروض من جهة ، وبالغ أبو ديب في محاولة استبداله جذريا ، لقد قرأت في عدة أماكن عدة مقالات ( عن العروض الرقمي ) تحاول تعميم العروض على إيقاعات الطبيعة وتطبيق النسبة الذهبية (1) عليه منها (شمولية الإيقاع للصديق القدير خشان خشان ) و (العمارة والعروض للقديرمحمد وسيم شعباني ) ، ولا يمكنني القول بخطأ هكذا مقالات ، ولكن يمكنني القول : إن أستاذاي قد أهملا – ربما عن غير قصد - الكثير من العوامل المؤثرة عند توصيفهما لإيقاع الطبيعة رقميا ، فكان الاستناد على البعد الخطي فقط مع تثبيت كل العوامل الأخرى ، وهذا ما أراه نقلا أمينا لفكر الخليل ، ولكنه قاصر (غير مكتمل ) ، لإهماله الكثير من العوامل ، فمثلا إن الأصوات في الطبيعة لا تمثلها السكنات والحركات فقط ، بل هنالك متغيرات كثيرة كحدة الصوت أو غلاظته ، ارتفاع الصوت أو انخفاضه ، سرعة الصوت أو بطئه ، تسارع الصوت أو تباطئه ، والكثير ، والعمارة أيضا على أرض الواقع هي ذات أبعاد ثلاثية تختلف باختلاف زاوية النظر ومسقط الرؤية ، وطبيعة المكونات ، وألوانها ، و أذواق أهل المنطقة والكثير .
    أعتقد إذا أردنا التقييم الموضوعي ، فإنه يجب علينا النظر لكل ظاهرة بخصوصيتها وأخذ ما أمكن من المتغيرات بنظر الاعتبار ، لأنه ليس فقط الظاهرة وإنما لكل تمظهر لها عبر الزمان والمكان له خصوصيته والمتغيرات المؤثرة فيه ، بهذا تكون مثالية النموذج هو تقنين لحدود الظاهرة وحدود تمظهراتها ، عبر إقصاء العديد من المتغيرات الخارجة عن النموذج ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن إقصاء هكذا نماذج ، ربما يؤدي إلى عدم فاعليتة وجهة النظر بسبب إهمال تفاعلات أساسية للمتغيرات ، فقط بهدف الخروج عن النموذج .
    ثمة حقيقة تقول : إن أي نقطة على مستوى الزمكان ، هي مركز لعدد لا نهائي من المجسمات الكروية المحتملة ، بالدليل التجريبي ،
    أي هنالك عدد لانهائي ، من وجهات النظر المحتملة لحقيقة مركزية النقطة على مستوى الزمكان
    ثمة حقيقة تقول:إن احتمالات وجهات النظر محددة بحدود قصوى عند الإنسان ، بالدليل المنطقي ، كون الحقيقة المطلقة هي خارج حدود الوعي الإنساني
    أي ثمة لا محدودية نسبية من وجهات النظر لفهم الحقيقة المطلقة ، ولكنها محددة بدائرة قصور الوعي البشري عن دائرة المطلق *




    (1) النسبة الذهبية : وتسمى نسبة الجمال أو النسبة الإلهية ، وهي تمثل النسبة الأمثل بين الاطوال التي تحقق أعلى نسبة من الجمال = 1.618 ، وتتحق إذا كان مجموع طولين تقسيم الجزء الأطول = حاصل قسمة الجزء الأطول على الأقصر ، مكتشف هذه النسبة هو عالم الرياضيات الإطالي ليوناردو فيبو ناتشي ، مع العلم أن الكثير من فنون العمارة والنحت والرسم ، والأعمال الفنية الأخرى منذ فجر التاريخ كانت مبنية على هذه النسبة بشكل أساسي

    *يمكن استنتاج قاعدة مما تقدم :
    إن القيمة العظيمة التي قدمها العروض ، تستند على متغيرين (ساكن / متحرك) ، أي على بعد واحد مسطح على المستوى الديكارتي ، ومن حق الممعن في النظر إنشاء نماذج مجسمة لوجهات النظر تستند على أكثر من متغيرين ، قد يتخذ متغيرا الساكن والمتحرك ضمن النماذج الجديدة - سلوكيّا – مسارا مختلفا عمّا عبر عنه الخليل، بشرط فهم الناظر للامحدوية نسبية لا مطلقة ، لوجهات النظر ، أرى أن أهم الوحدات الأساسية التي يجب النظر لها باهتمام لوصف الإيقاعات الخارجية والداخلية هي أزمنة الإيقاع ، الصامت ، والصائت القصير ، والصائت الطويل ( الساكن والسكون ، الحركة ، المد) ، هذا بشكل أولي فقط ، فهنالك الكثير من المتغيرات لا يمكن إهملها ، أمثال : المعنى وعمق المعنى ، النبر ، المكان والزمان ، وغيرها ، إنما تلك المتغيرات تحتاج إلى مباحث طويلة من البحث و الدراسة

    ** نموذج بياني حول تأثير أزمنة الإيقاع

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    التعديل الأخير تم بواسطة هيثم الريماوي ; 12-29-2011 الساعة 12:59 PM

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط