موضوع كنت كتبته من خلال متابعتي للنسخة الأولى من برنامج أمير الشعراء ، وتعددت النسخ ، ولا زال الأمر كما هو بل أسوأ .



يا لجنة التحكيم يا . .


كنت أعتقد كما اعتقدت الجماهير العربية أننا سنحظى ببرنامج شعري ثقافي يحلق بنا في سماء الإبداع ويزيل عنا بعض الكآبة والإحباط ويبعث في نفوسنا البهجة ويريحنا قليلا من واقعنا العربي الراهن ويحيي الحركة الثقافية في مجتمعنا ويعيد للشعر الفصيح رونقه بعيدا عن أبواب التسول والمدح وينبت الثقة من جديد في النخبة المثقفة التي تعقد عليها الآمال في تغيير وتطوير أفكار مجتمعاتنا والرقي بها .

يا لجنة التحكيم يا ...

وبما أنكم من هذه النخبة المثقفة ومن كبار أساتذة الثقافة العربية -كما حسبنا - ظننا أنكم ستعملون على هذا التطوير مستغلين ظهوركم في برنامجكم برنامج أمير الشعراء كي تعيدوا لنا شيئا مما فقدناه ،وتجذبواالجماهير نحو منابعهم الأصيلة ليستقوا منها ، كما ظننا أنكم بمرجعيتكم العلمية والثقافية ستكون لكم اليد الطولى في توجيه البرنامج نحو الإتجاه الصحيح وتخليصه مما يصاحب البرامج التابعة للشركات الرأسمالية الإحتكارية التي لا مبدأ لها سوى مبدأ الكسب المادي حتى لو كان هذا الكسب على حساب الإنسان ، إلى جانب استقلالية البرنامج بعيدا عن توجهات الأنظمة السياسية .

كان ذاك هو الأمل والعشم بكم ولكنكم بينتم لنا أنكم طويتم في ظل الشركة الإحتكارية وكانت هي
المهيمنة عليكم وعلى توجهاتكم حتى أفقدتمونا بقية الأمل بأن الوطن العربي لا زال فيه بعض الجمال والمصداقية .


يالجنة التحكيم يا ...

للنقد دوره الأساسي والمهم في النهوض بالثقافة لذا كان واجبا عليكم وعلى برنامجكم الإهتمام بالنقد ووضعه في مكانه المناسب المصاحب للشعر فكلاهما مكملان لبعضهما لكي يستفيد الجميع ولا يكتفون بالمشاهدة.
كانت فرصتكم لإبراز دور النقد وأهميته ومن خلال ذلك تفيدون المشاهد وتثقفونه.

بحثنا عن النقد المنهجي عند لجنة نصّبت لهذا الغرض فلم نر نقدا حقيقيا وقد تكون هناك ومضات نقدية عابرة بين حلقة وأخرى ولكنها سرعان ماتنطفأ فكأن لجنة التحكيم كانت على خصام مع النقد وكانت تعليقاتكم عبارة عن كلمات فضفاضة واسعة مغلفة بأحرف لا تفي بالغرض وتشبيهات لا تصب في مسارها واستشهادات بأقوال لا تنبيء عن مضمون النقد الحقيقي وتوزيع ألقاب ومسميات بالكم للترضية والإسكات فكأننا كنا نبحث عن توزيع ألقاب فقط لكي نخفي النقد ، وكثيرا ما قلتم أن هناك أخطاء عروضية ونحوية ثم تتبعونها بقولكم ولا داعي لذكرها فإذا لم يكن هناك داع لذكرها فلم تقولون بوجودها ثم أليس من حقنا كمتابعين أن نعرف ونتعلم ونستفيد أم أن المتابع والمشاهد لا حق له.

يالجنة التحكيم يا ...

لم تتعاملوا مع الشعر كشعر وإنما أقمتم الحواجز وفرّقتم وفصلتم الشاعر عن قصيدته وجعلتم الشعر حزبين فشعر رجالي وشعر أنثوي وكان من المفترض بكم أن تتعاملوا مع القيدة كقصيدة بغض النظر عن الكاتب أهو ذكر أم أنثى فالمفترض في آخر المطاف أن يكون الحكم للقصيدة لا للهوية وليس من حقكم أن تفرضوا على الأنثى إبراز صوتها وهويتها الأنثوية من خلال رؤيتكم الذكورية فتركتم النص وتمسكتم بالجنس وقد فعلتم ذلك كثيرا مع الشاعرات المشاركات .

يالجنة التحكيم يا ...

الشاعر ابن بيئته وأفكاره ومجتمعه وظروفه الخاصة وتجاربه الذاتية وشعره نتاج ذلك كله .

لكنكم للأسف تعاملتم معه كطفل لا يفهم وأخذتم تفرضون أفكاركم ورؤيتكم للحياة وتحكمون على الشاعر ونصه من خلالكم ومن خلال رؤيتكم.
نسيتم أو تناسيتم أن لكل شخص هويته الخاصة وأسسه التي ينطلق منها ومعطياته التي يتعامل بها وظروفه التي تشكل رؤيته .
كم تمنينا أن تتعاملوا مع النص كنص من خلال إجادة الشاعر لفكرته التي تبناها وبنى من خلالها قصيدته ولكنكم أهملتم ذلك فتعاملتم مع النصوص من خلال أفكاركم ورؤيتكم وتجاربكم الذاتية وتجاوزتم إلى حد فرض ذلك على الشعراء فكأنكم تريدون أن يقول الشاعر ماتريدونه أنتم لا مايريده .
فما شأنكم بطريقة رؤية الشاعر للحياة كي تنقدوه على رؤيته ولكم ذلك فقط حين يكون الحديث وديا خاصا وحتى إن قبلنا ذلك منكم فذلك لا يكون من ضمن تقييم قصيدة الشاعر ولا يدخل في درجاته التي ستمنح له لأن هذا التدخل السافر منكم ليس من النقد العلمي المنهجي في شيء ولا يصح أن يعتبر نقدا للنص لذا كان عليكم أن تتعاملوا مع النص كنص من حيث الجودة وقوة السبك والجزالة والصور والأخيلة واللغة المجددة والترابط فإن نجح الشاعر في إيفاء فكرته حقها وتعامل معها التعامل الصحيح ولم يخل بها فليس لكم أن تحاكموه على فكرته من أجل أفكاركم الخاصة وليس لكم أن تحاكموه على طرقه للفكرة حتى لو طرقت كثيرا واستهلكت المهم نجاحه في ذلك وتمكنه من التجديد وما بعد ذلك خارج شؤونكم .


يا لجنة التحكيم يا ...

لم تتعاملوا بحيادية ومصداقية مع الشعراء فهناك من تساهلتم معه وهناك من ضيّقتم عليه وتغافلتم عن خطأ عروضي لا يقبل لشاعر وخطّأتم آخر ربما كان خطؤه أقل قبحا وفي مسابقة مثل هذه يجب أن يحاسب الشاعر حسابا دقيقا على العروض والوزن وكل شاعر قد يخطأ لكن حين يدخل مسابقة بهذا الحجم فالخطأ العروضي لا يغتفر لأنها مسابقة شعر وأنتم أدرى بالمعنى الكبير لمسابقة شعر فصيح بهذا الحجم ، كما أن الشاعر لديه الفرصة لمراجعة قصيدته عشرات المرات قبل تقديمها فلا عذر له إذن في الخطأ العروضي وخطأ واحد يجب أن يقلل من حظوظ قصيدته كثيرا للتأهل ولكنكم فعلتم عكس ذلك وتجاهلتم ماهية ومعنى مسابقة على مستوى الوطن العربي للشعر الفصيح.

يا لجنة التحكيم يا ...

على التحكيم أن يكون شفافا كما أن من حق الجمهور المتابع أن يعلم الكيفية التي يتم بها التقييم لنص الشاعر وكيفية أخذه للدرجات وكان عليكم أن تنشروا الجداول التي قسمتم بها النقاط التي يتم من خلالها التقييم وكيف توزع الدرجات على حسب هذا التقسيم .

- طبعا أنا أحسنت الظن بمنهجية لجنة التحكيم وتوقعت أن يكون هناك جدولا دقيقا لكل محكّم من خلاله يوزّع درجاته ولا أعلم هل فعلا هم اتبعوا ذلك أم أن الأمر كان متروكا لمزاج كل واحد منهم لأن ماشاهدناه خلال الحلقات كان يدل على عكس ماكنا نتمنى –


يا لجنة التحكيم يا ...

من قبل بداية المسابقة أثبتم مع أصحاب البرنامج أن الرأي الآخر لا قيمة له عندكم وأنكم تفرضون رأيكم من خلال العقلية العربية التي عهدناها وكنا نأمل أن يكون ظننا خائبا ولكنكم أثبتم لنا مدى خيبتنا بكم وبالبرنامج ، فلم تجاهلتم آلاف الأصوات التي اعترضت على مسمى البرنامج ( أمير الشعراء ) ولم يكن اعتراضهم عبثا بل كان بالحجة والمنطق ولن أعيد ما قالوه لأن الجميع يعرفه وكنتم تستطيعون تغيير اللقب فما أكثر الألقاب عندنا وقد رأينا كيف كنتم توزعون مثل هذه الألقاب ونحن نرى ونبتسم فمن حقكم – فما بعنا بالكوم إلا اليوم- وقد تكومت الألقاب حتى ضقنا من كثرتها وعلى قدر كرمكم الخيالي بتوزيع الألقاب العجيبة لكن ضقتم عن لقب واحد وضع للبرنامج رغم كثرة المعترضين ومنطقية اعتراضهم ولكنها دائما مشكلتنا – لا أريكم إلا ما أرى –


يا لجنة التحكيم يا ...

هنيئا لكم فقد رسختم خيبتنا أكثر وأكثر وجعلتمونا نفقد الثقة حتى بالنخبة المثقفة .


يا لجنة التحكيم يا .. .؟!!!!