تجربتي مع الخفيف الذي استثقلته جرتني إلى تحليل ما أوقعني فيه استثقاله من هروب إلى التفاعيل
فعندما بدأت ب (لصق) المقاطع و التي هي أسباب و أوتاد, كان من الصعب علي تكوين أشطر أشعر بجمالها مما دفعني إلى تلحين تفعيلاته (فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن)

لكن هذه التفعيلات أربكت سمعي, فكنت أضيف الياء مدّا لا شعوريا إلى مستفعلن فتصبح مستفعيلن, و لم تفلح هذه الطريقة معي
فجربت بزحاف 6 = 2 2 2 = 2 1 2 = 2 3
فاعلن فاعلن فعولن فعولن
فاصطدمت هنا بنصف شطر (معاكس) للنصف الآخر, كأنك تمضي إلى منتصف الشطر بإيقاع المتدارك ثم تعكسه للوصول إلى آخر الشطر بالمتقارب
كل هذا في شطر واحد... فماذا عن بيت أو أكثر
تكسرت موسيقى البيت كله و لم أجد ما يربط بين مقاطعه ( الأسباب و الأوتاد) مرتّبة, فابتعدت عن هدفي بجعل إحساسي باللحن و المعنى جميلا عند الكتابة و خاصة أنه تمرين فقط نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي و بدأت بتجميع كلمات فقط يكون معناها مقبولا لا جميلا
ثم قفز إلى ذهني موضوع التدوير في البيت الشعري و موضوع التراكيب الثنائية و الثلاثية التي شدنا إليها طرح أستاذنا الكريم خشان خشان في موضوعه للتأمل و التحليل العروضي و علاقتها بالإحساس بالموسيقى الداخلية للبحر الذي كتبت عليه القصيدة
ففي تجربة شخصية على مجزوء الكامل في قصيدتين متكاملتين وجدت التدوير الكثيف في الأبيات, و استغربت أثناء الكتابة ما كنت أقع فيه من تدوير شكّل النسبة الطاغية على مجرى الكتابة
و أرجعت هذا إلى تعوّدي الكتابة على الكامل التّام
و بالتالي فالمجزوء هو شطرٌ تام إضافة إلى تفعيلة القافية
فكأن الشاعر يكتب شطرا تامّا و يُقَفِّيه فيكون التدوير حاصلا و كثيفا أحيانا باعتبار شطري المجزوء متلاصقين بشطر التام
و ما استنتجه تفكيري البسيط أن الشاعر إن كان لديه الإحساس العالي بالموسيقى الداخلية للبحر الذي يكتب عليه فإن شعره قد يحوي الكثير من التراكيب الثنائية و الثلاثية أو أكثر و قد يحوي التدوير أيضا في البيت, و يكون شعره انسيابيا لا يصطدم بأي حدّ كان من التفاعيل أو غيرها
أما إن لم يستسغ سمعه الإيقاع المتجانس لترتيب المقاطع, فسنجد التراكيب الأحادية طاغية على أبياته, و قد يصطدم سمع المتلقّي بالحدود المعيقة للإيقاع المتجانس بين التفعيلة و الأخرى

و هذا رأي يحتاج التمحيص و التصويب