http://www.rabitat-alwaha.net/moltaq...3&postcount=31


لا يفتأ مؤشر م/ع – بغض النظر عن مدى صحته – يفتح لي أبوابا للتأمل الأدبي
وقد لفت انتباهي في هذه القصيدة بيت نادر في هذا السياق.


أَعْلَيْتُ صَوْتَ الحَقِّ لَمْ أَحْفلْ بِأَنْ ...سَـيَـلُـومُـني لِـصَـرَاحَــتِــي نُــدَمَــائِــي

أعْ ليْ تصوْ تلْ حقْ قلمْ أحْ فلْ بأنْ ... سَ يلو مني لِ صرا حتي نٌ دما ئي

2* 2* 3* 2* 2* 3* 2* 2* 3* .... 1 3 3 1 3 3 1 3 2

م/ع ( الصدر ) = 9/ صفر = 18,0 اصطلاحا
م/ع ( العجز ) = صفر / 6 = صفر
م/ع للبيت = 9/ 6 = 1،5
مؤشر الاختلاج = 18 / صفر = 36,0

كما قلت هذا بيت نادر في تباين مؤشري صدره وعجزه كما يعبر عنه تباين المؤشرين المتجسد في عامل أو مؤشر الاختلاج

هذا يستدعي تفحصا لمدى ارتباط هذا بالمدلول

أَعْلَيْتُ صَوْتَ الحَقِّ لَمْ أَحْفلْ بِأَنْ
هنا صرامة وقوة في المعنى والتعبير أشبه ما تكون ببيان عسكري.، ثم يأتي العجز :

سَـيَـلُـومُـني لِـصَـرَاحَــتِــي نُــدَمَــائِــي

بما يحويه من حروف مد وخلو من السواكن وكأنه تعبير عن عدم مبالاتها بقول القائلين الذي قدمت له في آخر الصدر بقولهما ( لم أحفل بأنْ )

هناك في موضوع م/ع ما يمكن أن نسميه ( طوبوغرافية القصيدة) حينما تنتهي القافية بحرفي مد 2 2 كما هو الحال في هذه القصيدة، وهذا المقطعان من صنف ع وثباتها يصب في توقع انخفاض قيمة م/ع ، وهذا يشبه البناء متعدد الطوابق على أرض مائلة بين شارعين علوي وسفلي، حيث يختلف عدد الأدوار حسب الميل بينالشارعين، حيث يقوم البناء على مراعاة هذه الطوبوغرافيا، والأمر ذاته لو انطبق على القصيدة لكان معناه أن الشاعر تلقائيا يميل إلى أن يودع الأبيات ذات المضمون الأقوى أو الأسرع أو الأشذ تأثيرا في الصدر.

يأتي هذا البيت مثالا على ذلك، وهو في هذا ليس بدعا عن سائر الأبيات، ولكنه يتميز عنها جميعا بمقدار هذاالتباين بين الصدر والعجز

يطرح هذا البيت تساؤلا حول علاقة ورود السبب الخفيف والثقيل بالموضوع، فيلاحظ أن الصدر خلا من السبب الثقيل( الإضمار في التفعيلي) في حين خلا العجز من السبب الخفيف.

وللمقارنة وتوضحيا لما تقدم نأخذ البيت :

وَلَـقَـدْ وَجَــدْتُ مَــلاذَ نَـفْـسِـيَ تَـرْكَـهَـا ..لأُرِيــــحَ صَـحْـبِــي بِـانْـقِـضَـاءِ قَـضَـائِــي

و لقد وجد تُ ملا ذنف سي ترْ كها ..... ل أري حصحْ بي بنْ قضا ءِ قضا ئي
1 3* 3* 1 3 3* 2 2* 3 ..... 1 3 3* 2 2* 3 1 3 2

الصدر = 4/ 2= 2,0 .......العجز = 2/ 5 = 0,4 عامل الاختلاج= 2/0,4=5,0
م/ع للبيت = 6/ 7= 0,9

نلاحظ أنها في الصدر تتحدث عما تلوذ به وبشكل لا يخلو من حزم، بينما هي في العجز تعلل ذلك بأن هدفها هو إراحة صحبها بانقضاء قضاء ، وكل من الإراحة والصحب والتسليم بالانقضاء ترجح نقصان م/ع

ولكن هل ينعكس الأمر بين الصدر والعجز في مثل هذه الأبيات التي تنتهي بمقطعين من صنف (ع) ؟ أجل ، نادرا ما يحصل ذلك ولكنه عندما يحصل يكون ذا دلالة قوية على مضمون الشطرين.

مَــــا كَــــانَ قَـلْــبِــي بِـالـغَـلِـيـظِ وَلا أَنَـــــا ....بِـــالــــفَــــظَّــــةِ الـــــمَـــــرْجُـــــوَّةِ الإِبْــــــــطَــــــــاءِ

2 2 3* 2 2* 3 1 3 3 ...... 2* 2* 3* 2* 2* 3* 2* 2 2

م/ع للصدر = 2/ 6 = 0،3 ....... م/ع للعجز = 6/ 2 = 3,0.
عامل الاختلاج لصالح العجز= 3,0/0,3 = 10,0
م/ع للبيت = 8/8 = 1،0

في الصدر تنفي الشاعرة الغلظ عن قلبها، وكأن الأمر متعلق بشخص آخر، ثم عندما تنتقل للعجز تبدو وكأنها تستدرك هذا الانطباع الذي أدى إلى ليونة التعبير في الصدر فهي إنما تتكلم عن قلبها هي وذاتها هي ، ويبدو وكأن ( أنا ) قد قرعت جرس التنبيه لها فاشتد تعبيرها قوة فارتفع مؤشرة إلى عشرة أضعاف مؤشر الصدر.
لو أخذنا م/ع للأبيات الثلاثة المتقدمة لوجدناها = 1،5 – 0,9 – 1,0

وهي متقاربة جدا بشكل يدفع إلى التساؤل عن سر هذا التقارب رغم التباين في مؤشرات الصدر والعجز في كل بيت على حدة.

لا أستطيع الجزم. لكن ربما كان ذلك مؤشرا على أن التفكير والعقل هما الإطار الكلي الذي تمت فيه صياغة القصيدة، وأن دور المشاعر كان في الجزئي التفصيلي دون الكلي، أو قل إن المشاعر كانت محكومة بالفكر، شأن الأمر في هذا شأن القصائد التي تتناول القضايا العامة للأمة، بينما يختلف الأمر في القصائد العاطفية التي تتأرجح مؤشرات أبياتها صعودا ونزولا حسب المشاعر التي تتقدم سواها.

كلما كان النص الذي تناوله أطول ومتصل السياق كان موضوع م/ع أكثر إمتاعا وتحفيزا للتأمل والتفكير

م/ع ليست حتمية رياضية، ولا أصفها بأكثر من أنها مظنة صحة، وحتى لو افترضنا أن الذي يتناول مدلول مؤشراتها بطريقة استنسابية أو حتى باطلة فإن الأمر لا يخلو من دافع للتأمل والتفكير وذلك لشبهه بالفتاوى الباطلة من جهة أخرى، فليس كل مفتٍ قادرا على الإفتاء بالباطل. لأن الإفتاء بالباطل يحتاج مزيدا من المهارة والعلم والتأمل والتفكير. كما أن دحضه من وجهة نظر من يراه باطلا يستدعي تأملا وتفكيرا، وفي الحالين فائدة.

هذه مفاتيح تيسر الطريق لمن أراد أن يستفيض في دراسة أوسع للقصيدة على ضوء مؤشر م/ع.