النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: من عبد الملك الى الحجاج

  1. #1
    زائر

    من عبد الملك الى الحجاج

    من عبد الملك الى الججاج :
    لما أسرف الحجاج في قتل أسارى دير الجماجم وإعطائه الأموال بلغ ذلك عبدالملك, فكتب إليه: أما بعد , فقد بلغ أمير المؤمنين سَرَفك في الدماء, وتبذيرك في الأموال , ولا يحتمل أمير المؤمنين هاتين الخصلتين لأحدٍ من الناس, وقد حكم عليك أمير المؤمنين في الدماء في الخطأ الدية وفي العمد القود, وفي الأموال ردها إلى مواضعها, ثم العمل فيها برأيه, فإنما أمير المؤمنين أمين الله, وسيان عنده منع حق وإعطاء باطل, فإن كنت أردت الناس له فما أغناهم عنك, وإن كنت أردتهم لنفسك فما أغناك عنهم, وسيأتيك من أمير المؤمنين أمران : لين وشدة, فلا يؤنسنك إلا طاعة , ولا يوحشنك إلا المعصية, وظُنَّ بأمير المؤمنين كل شيء إلا احتمالك على الخطأ, وإذا أعطاك الظفر على قوم فلا تقتلن جانحاً ولا أسيراً, وكتب في أسفل كتابه:


    إذا أنت لم تترك أموراً كرهتها
    وتطلب رضائي بالذي أنا طالبه

    وتخشى الذي يخشاه مِثلُك هارباً
    إلى الله منه ضَيّعَ الدَّرّ حالبه

    فإن تر مني غفلة قُرَشية
    فيا ربما قد غص بالماء شاربه

    وإن تر مني وَثبة أموية
    فهذا وهذا كلّ ذا أنا صاحبه

    فلا, لا تلمني والحوادث جمة
    فإنك مجزيٌّ بما أنت كاسبه

    ولا تَعْدُ ما يأتيك مني وإن تَعُدْ
    يقوم بها يوماً عليك نوادبه

    ولا تنقصن للناس حقاً علمته
    ولا تعطين ما ليس لله جانبه


    جواب الحجاج :
    فلما قرأ الحجاج كتابه كتب: أما بعد فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه سَرَفي في الدماء, وتبذيري في الأموال , ولعمري ما بلغت في عقوبة أهل المعصية ما هُم أهلُه, وما قضيت حق أهل الطاعة بما استحقوه, فإن كان قتلي أولئك العصاة سرفاً وإعطائي أولئك المطيعين تبذيراً فليسوَّغْني أمير المؤمنين ما سلف؛ وليحدَّ لي فيه حداً أنتهي إلية إن شاء الله تعالى, ولا قوة إلا بالله, ووالله ماعلي من عَقل ولا قَوَد: ما أصبت القوم خطأ فأدِيَهُمْ, ولا ظلمتهم فأقاد بهم, ولا أعطيتهم إلا لك, ولا قتلت إلا فيك, وأما ما أنا منتظره من أمريك فألينهما عدة, وأعظمهما محنة, فقد عبأت للعدة الجلاد, وللمحنة الصبر, وكتب في أسفل كتابه:

    إذا أنا لم أتبَعْ رضاك وأتًّقي
    أذاك فيومي لا تزول كواكبه

    وما لامرئ بعد الخليفة جُنة
    تقيه من الأمر الذي هو كاسبه

    أسالم من سالمت من ذي قرابة
    ومَن لم تسالمه فإني محاربه

    إذا قارف الحجاج منك خطيئة
    فقامت عليه في الصباح نوادبه

    إذا أنا لم أدْنِ الشفيق لنصحه
    وأقصِي الذي تسري إلي عقاربه

    فمن ذا الذي يرجو نوالي ويتقي
    مُصُاولتي, والدهر جَمّ نوائبه؟

    فقف بي على حدّ الرضا لا أَجوزه
    مَدَى الدهر حتى يرجع الدرَّ حالبه

    وإلا فدَعني والأمور فإنني
    شفيق رفيق أحكمتني تجاربه

    فلما انتها كتابه إلى عبدالملك قال: خاف أبو محمد صَولتي, ولن اعود لشيء يكرهه.



    المصدر :
    مروج الذّهب ومعادن الجوهر
    المجلد 7 ص1251

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    896
    وثيقة تاريخية أدبية فيها فائدة ومتعة،
    شكرا لك أخي الكريم
    تقديري

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط