http://majles.alukah.net/t69038/

رغم قلة اطلاعي على اللسانيات فلا يساورني شك في أن لها – رغم تنوع الآراء والملابسات – من المزايا ما تستحق معه صفة علم. وهذا ليس موضوع تعليقي ولكن تعليقي هو على توظيف العلم والظلال التي يلقيها أسلوب الصياغة في نفسية المتلقي.
يمكن علميا شرح تحول العنب إلى خمر، ولا خلاف على التفسير العلمي لذلك. ولكن الاختلاف يكون حول طريقة تقديم ذلك العلم بأسلوبين أحدهما قد يحبب الخمر لنفس القارئ والآخر قد ينفره منها.
سأتناول مقتطفا من الكتاب كما قدمه صاحبه، ثم أعقب عليه ثم أعيد تقديم ذات المضمون بطريقة أخرى ليلاحظ القارئ الفرق في إيحاء كل من أسلوبي صياغة الفقرة، دون التعرض للمضمون.
جاء في الكتاب المذكور (ص ص 25-26)
"وحيث أننا نعنى في هذا السياق بالمنطلق الفكري اكثر من عنايتنا بمظاهره الإجرائية فإن القضية الأساسية تكمن في موقف القدماء من تلك القوانين التي تحدد مسيرة اللغة وصيرورتها. فلقد كان موقفهم إزاءها آنيا هو إلى السكون أقرب منه إلى الحركة، وهذا ما يفسر تصورهم لطبيعة القواعد اللغوية إذ اعتبروا – بضرب من التسليم المسبق – أنها قواعد قارّة وبقرارها تجنح نحو البقاء، وهكذا تعاملوا معها فكريا على أساس أنها ذات سمة أبدية.
وانطلاقا من هذا الاعتبار اتسمت كل الدراسات اللغوية فيما مضى بما أصبح يسمى (النظرة الصفوية) نسبة إلى مبدإ المحافظة على (صفاء) اللغة، ذلك أن القدماء كان يعتبرون أنّ كل تغيير يطرأ على قواعد اللغة إنما هو انتهاك لأبدية قوانينها، فهو بالتالي تجن على اللغة وتسلط على أهلها فيكون شأنه بمنزلة البدعة، وفي كل بدعة عدول وانحراف. وما إن يظهر الشذوذ حتى تنبري المجموعة لمقاومته. وهذا ما يفسر كيف تولّد عن النظرة الصفوية مبدأ المقاييس التقنينية التي تنطلق من الموقف الزجري لتتخذ من "المعيار (حق) زجر (الاستعمال) "
****
وفيما يلي صياغة بطريقة أخرى تعبر عن نظرة مختلفة
" وحيث أننا نعنى في هذا السياق بالمنطلق الفكري اكثر من عنايتنا بمظاهره الإجرائية فإن القضية الأساسية تكمن في موقف المحدثين/الحداثيين من تلك القوانين التي تحافظ على ثبات شخصية اللغة. فلقد كان موقفهم إزاءها متحركا يرى عدم التمسك بثبات بعض جوانبها، الأمر الذي – إن أخذ به - يؤدي مع الزمن إلى تغير شخصيتها وتطور لهجاتها إلى لغات مستقلة. وهذا ما يفسر موقفهم الناقد لتصور طبيعة القواعد اللغوية كقواعد قارّة تجنح بقرارها نحو البقاء على أساس أنها ذات سمة أبدية.
وانطلاقا من هذا الاعتبار اتسمت كل الدراسات اللغوية الحديثة – ومنها اللسانيات إلى ما أصبح يسمى (الثوابت المتدحرجة) نسبة إلى مبدإ التغير المستمر للغة. ذلك أنهم يعتبرون أنّ قواعد اللغة في تغير مستمر وكذلك طبيعتها والقول بغير ذلك إنما هو دعوة للتحجر مخالفة لطبيعة الأشياء و تجن على السائد البشري وتسلط على أهله. فيكون شأنه بمنزلة الجمود وفي كل جمود انحطاط. وهم لا يستثنون العربية من ذلك ويرون التمسك بأبدية خواصها المرتبطة بأبدية القرآن الكريم ضربا من الشذوذ بالمعيار الإنساني، ومانعا لأن تأخذ العربية مداها أسوة بغيرها لتتطور لهجاتها العامية إلى لغات مستقلة. وهذا ما يفسر رفضهم للنظرة الصفوية المتجسدة في مبدأ المقاييس التقنينية المعيارية التي أرساها علماء العربية المؤسسون حفاظا عليها من التطور الحتمي الناجم عن اختلاط العرب بغيرهم من الشعوب الفتح الإسلامي والعلماء المؤسسون في موقفهم ذلك فرقوا بين التطور الطبيعي المحافظ على هوية اللغة وثوابتها وشخصيتها، والتطور الذي لا يراعي ذلك – والذي يمكن رصد اتجاهاته علميا من خلال استعراض مسار اللهجات العامية – اعتبروا التطور الذي لا يراعي ذلك فسادا . فاعطوا للمعيار (حق) زجر (فساد الاستعمال ) .
****
لا ينكر أحد أن من الممكن علميا دراسة أنماط تغير اللغات وتتبع ذلك ولكن الاختلاف هو حول نظرتين:
الأولى التي تعتبر للغة ثوابت تحافظ على شخصيتها، ويتم التطور الطبيعي من خلالها وضمن ضوابطها الأبدية.
والثانية التي تعتبر أن كل تطور حتى ما يمس ثوابت اللغة وشخصيتها أمر طبيعي.
والعلاقة بين النظرتين كالعلاقة في النظرة إلى (علم النفس) فلا ينكر أحد وجود (رغبة أو غريزة التملك) لدى الإنسان. والفارق يأتي بين من يسمح للإنسان بالتملك حسب التوجهات التالية:
أ – حرية الكم وحرية الكيف
ب- تقييد الكم وتقييد الكيف
جـ- حرية الكم وتقييد الكيف ، وهذا هو موقف الإسلام.
فاتفاق البشر حول علمية غريزة التملك لا يعني اتفاقهم حول الموقف منها فيما يقعدون له.
قد يتفق الناس حول قواعد تطور اللسان البشري إذا تحرر من القواعد، ولكن ذلك لا يعني اتفاقهم حول الموقف منه. فهو في حالة العربية يعتبر فسادا لا تطورا. ولا يمكن لمن يطرح قواعد التطور دون التنبيه إلى التفريق بين دراسة الظاهرة والموقف منها والتنبيه إلى آثارها في العربية بشكل خاص أن ينجو – رغم علمية الطرح – من تهمة الترويج لهدم العربية.
****
وجدت ما تفضل به المؤلف من وصف ينطبق على موقفي تمام الانطباق. ليس في المعايير والقواعد اللغوية فحسب بل وفي عروض الشعر بل وفي شتى الثوابت العقدية والفكرية والاقتصادية وسواها، ولعل هذا نتيجة طبيعية لفهمي لمعنى المنهجية عند الخليل. ثم إن ما يلقيه تعبيره " عند الأقدمين " يوحي بأن هذا المفهوم لم يعد يصلح في الوقت الحاضر.
فيما يلي تفكير بصوت عال حول انطباعي لا أنكر فيه جهلي بعلم اللسانيات. ولذا سأقصره على توحي به صياغة الفقرة من دلالات.
أبدأ من خارج إطار اللغة فيما هو أشمل وأعمق واهم
1- جاء الرسل جميعا برسالة الله إلى البشر. ورأينا كيف أن بعض هذه الأديان قد تم تطويعها لمقتضيات رغبات بشرية فتطورت أو شوهت لتصل إلى درجة أن يعقد رجل الدين عقد زواج رجل على رجل أو أنثى على أنثى. وبذلك فقد (المعيار) حق (زجر) الاستعمال. ولم يعد التشريع (قارّا – ذا صفة أبدية) بل (متحولا - ذا صفة متطورة)
2- حصل شيء من ذلك أخيرا في الدين الإسلامي حيث تم تحت وطأة واقع المسلمين وتعطل الاجتهاد في مجال الاقتصاد أن أُحِلّ الربا أو أصنافٌ منه وأصبح الأمر فيه تحايلا في التسمية. ولم يعد التشريع الإسلامي لدي من أحلّه (قارّا) بل أضحى قابلا للتعديل. وفقد (المعيار) حق (زجر) الاستعمال
3- بل إن إبعاد صفة (القار) عن الإسلام وإفقاد (المعيار) حق (الزجر) و(تطوييره/تشويهه/إفساده) بدأ على مستوى محدود لكنه ( واعد/منذر) بالاتساع مخالفا بذلك (نظرة الأقدمين) :


جزائري يقيم أول صلاة جمعة في أول مسجد للمثليين
يقع داخل معبد بوذي وهو للسحاقيات أيضاً ويمكن للمرأة إمامة الصلاة وتأديتها بجانب الرجل

الجمعة 16 محرم 1434هـ - 30 نوفمبر 2012م
لندن - كمال قبيسي
من المقرر أن يؤدي عدد من المثليين المسلمين اليوم أول صلاة جمعة بالتاريخ في مسجد خاص بالمثليين يدشنه اليوم أيضا في فرنسا جزائري الأصل سبق وكتبت "العربية.نت" تقريراً عنه الأسبوع الماضي، كما وعن مسجده الذي لم يسبقه أحد على افتتاح شبيه به حتى الآن، فهو فريد من نوعه، وليس للمثليين فقط بل للسحاقيات أيضا.

المسجد الذي سيتم تدشينه في ضاحية شرقية من باريس هو ثمرة من نشاط محمد لودفيك لطفي زاهد، المولود في الجزائر قبل 35 سنة، منها 32 أمضاها حتى الآن في فرنسا الحاصل على جنسيتها والتي هاجر إليها مع عائلته وهو طفل بالكاد كان عمره 3 أعوام.

والجديد الذي ابتدعه محمد، واطلعت عليه "العربية.نت" مما ورد في صحف فرنسية وغيرها عن "مسجد الوحدة" كما سيكون اسمه، هو أنه سيسمح للنساء العاديات والسحاقيات، بالصلاة في الصفوف نفسها مع الرجال، ومن دون إلزامهن بارتداء الحجاب "أي يمكن لأي فتاة أن تدخل مرتدية ما تشاء لتؤدي الصلاة بجانب من تشاء من المصلين. كما يمكن لغير المثليين الصلاة فيه أيضا" كما قال.

ومما ذكره محمد أن الفكرة من فتح المسجد الجديد جاءت "من بحثنا عن مكان آمن لنصلي فيه. كما أن النساء في المساجد العادية يتحجبن ويصلين خلف الرجال، ونحن نخشى التعرض للأذى باللفظ وجسديا، لذلك قررت بعد عودتي من الحج (هذا العام) افتتاح مسجد يؤدي فيه الصلاة المثليون" بحسب ما ذكر لصحيفة "حرييت" التركية، مضيفا لصحيفة فرنسية فيما بعد أن شعار المسجد، الذي سيسمح فيه للنساء بإمامة الصلاة، سيكون: تعال مهما كنت.

وسيتم افتتاح المسجد اليوم داخل صالة لمعبد بوذي سيتم تدشينه اليوم أيضا في باريس "وفيه سيقيم المثليون صلاة الجمعة من كل أسبوع مبدئيا، ومن بعدها الصلاة يوميا، كما سيعقدون الزواج فيما بينهم فيه أيضا" طبقا لما ذكر لودفيك الذي بدأ يصلي منذ كان عمره 12 سنة، حيث تحمس لسلفيي الجزائر ثم بدأ يبتعد عنهم "بعدما رأيتهم يقومون بأعمال إرهابية" وفق تعبيره.
4- القضية إياها ( اللعمية المكودكة) التي قيل إن لها (ثوابت) زاجرة. تم تطوير (ثوابتها) حسب النظرة الجديدة المخالفة لنظرة الأقدمين. قادة مطوري الثوابت (الحديثون) هم ذاتهم (الأقدمون) يعني ما احتاج في الأديان ألف سنة أو أكثر من التدبير لتعطيل حق (زجر المعيار للاستعمال) تم إنجازه في أربعين سنة وعلى يد من زعم لها ميثاقا (قارّا .
5- أما عن العروض العربي فحدث ولا حرج. يكفي نظرة واحدة لنرى كيف تم في هذا العصر على أيدي بعض العروضيين والشعراء التخلص من القوانين المنهجية (القارة) ونزع حق (الزجر) من (المعيار) القديم. وتطوير معايير جديدة ( متطورة/مشوهة)
ومن هؤلاء د. محمد صادق الكرباسي الذي أنجز 209 [بحرا جديدا] ومن شاء المزيد فليطلع على :
http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jadeedah
http://arood.com/vb/forumdisplay.php?f=83
ناهيك بطبيعة الحال عن [قصيدة] النثر.
6- مقارنة بين اللغة اللاتينية واللغة العربية :
نتيجة لفقدان (قارّيّة) اللغة اللاتينية وحق (زجر المعيار) فيها تطورت لهجات منها إلى لغات أوروبية متعددة
بقي للعربية (قارّيّة) قواعدها وحق (زجر المعيار) فيها فبقيت لغة توحد الأمة على امتداد الزمان والمكان رغم انفصام العرى الموحدة الأخرى، وتعايشت العامية والفصحى، بل بدأ في العصر الحديث تطور في العاميات العربية باتجاه الصعود نحو الفصحى. وما كان للفصحى أن تتبوأ هذا الثبات لولا توحّدها مع القرآن الكريم الذي صاغ كينونة الأمة فلا ذكر طيّبا لها إلا به :" وإنه لذكر لك ولقومك". وقد شهد العصر الحديث دعوات شتى لاستبدال العاميات بها، كما شهد تخطيطا يمثله الإعلام لنشر الأخطاء فيها واستعمال اللهجات بدلا من الفصحى. بل وشهد العصر الحديث هجمة في مجال الأعمال والعلوم واعتبار العربية ثانوية فيهما في بلاد عربية متعددة. في الوقت الذي فُبرِك تاريخ وبُعِثت من الرفات عبرية في دراسة العلوم لدى قوم من الخواجات يتقنون اللغات الأوروبية.
من أفضل من تطرق لذلك د. تنباك بن صنيتان العتيبي في كتابه القيم (الفصحى ونظرية الفكر العامي) حيث ذكر في المقدمة عن الاهتمام بالأدب الشعبي: "وهو أمر معقول إن اتخذ الحيز المناسب له" ولم يتعده إلى غيره وهو كما جاء في (ص-13):"إن الهدف من انتشار العامية في الجزيرة والخليج هو الهدف نفسه من المحاولات التي سبق أن تكرر مثلها في أجزاء من الوطن العربي والإسلامي، وهو فصل الأمة في نهاية المطاف عن تأريخها الحضاري القوي وحتى عن دينها، ثم قطع صلة الحاضر الضعيف الذي تعيشه عن الماضي الذي يجب ألا ننساه، وسد المنافذ التي يتسرب منها الفكر الإسلامي والتأريخ الأصيل للدولة الإسلامية." إلى الحد الذي عقد فيه اجتماع بناءا على طلب من منظمة اليونسكو (ص-203) كان مما أوصى فيه المجتمعون (ص-208): "تشكيل لجنة من المتخصصين لدراسة صيغة علمية لكتابة اللغة المحلية لتدوين أنماط الأدب الشعبي." كان لا بد من هذا الاستطراد للتمييز بين (ص-114):"العامّيّة في حدودها المعقولة المقبولة وحيزها الذي تحتله في كل لغة من لغات الدنيا. لأنها لا تملك فكرا ولا تنظيرا ولا آراء تصاغ من أجل تبرير استعمالها وتقنينها. وبين (ص-115):" الفكر العامي الذي يتبناه المثقفون الذين يجعلون من العامية قضية فكرية جدلية يثيرون حولها الآراء ويدافعون عنها ويخططون بقدرة علمية وتنظيم فكري محكم لانتشار العامي في كل شيء لغة وثقافة وسلوكا.000000وهو مصدر القلق والخوف لا على اللغة العربية الفصحى 00000لكنه مصدر قوي لتمزيق الأمة العربية الواحدة إلى أمم بعدد اللهجات التي تنتشر فيه [فيها]، وتقسيم الشعب الواحد داخل الدولة الواحدة في كل قطر عربي إلى أقاليم ولهجات عامية تحاول كل منها أن تسود غيرها من اللهجات."

*****
أكرر التنبيه إلى أن تعليقي منصب على الطريقة التي صاغ بها المؤلف خطابه. وليس على مضمون الخطاب.
لا أنكر تطور اللغات فهي كالكائن الحي ينمو نموا سليما لا تتغير فيه ثوابته أو يصاب بمرض يفقده الكثير من خصائصه وقدراته. وكل منهما يخضع للدراسة العلمية. . وقد توالت قفزات هائلة في تطور اللغة أهمها سعتها لكتاب الله وما احتواه من مضمون في العقائد والشعائر والشرائع وتناقضها التام مع ما اعتادت واقتصرت على التعبير عنه في الجاهلية دون أن تتغير هوية اللغة أو شخصيتها، ثم سعتها بعد ذلك لعلوم البشرية من هندية وفارسة ويونانية وسواها في العصر العباسي.
ومن كان من جيلي شهد استيعاب اللغة في فترة قصيرة – دون تغير ذاتها – لمفهومين متناقضين في حقول سياسية ووطنية وعقدية وفكرية.
لقائل أن يقول إنني خرجت بالموضوع عن سياقه.
هذا خروج عن سياق دراسة مفهوم اللسانيات، ولكنه في صميم توظيف علم اللسانيات. والذي خرج عن الدراسة الموضوعية للسانيات هو المؤلف بالظلال التي ألقاها أسلوبه حول رأي الأقدمين ( وأغلب الآخِرين ) في معيارية اللغة. ويهمني في هذا المجال العربية بصفتها حاضنة كتاب الله وهو صانع الأمة وهي لا شيء بدونه.

وفي هذا السياق أضيف الرابط التالي حول العربية.
http://baniascc.ahlamontada.com/t17890-topic