النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: بلاغة كن فيكون

  1. #1
    {{د. ضياء الدين الجماس}} غير متواجد حالياً مُجاز في العروض الرقمي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    المشاركات
    2,065

    بلاغة كن فيكون


    بسم الله الرحمن الرحيم
    بلاغة (كنْ فيكون) بين الرفع والنصب
    د. ضياء الدين الجماس
    وردت عبارة (كنْ فيكون) في ثمانية مواضع في القرآن الكريم وقد وردت الروايات المتواترة في رفع ونصب كلمة (فيكونُ أو فيكونَ) باستثناء موضعين لم تقرأ فيهما إلا بالرفع ، فلنتدبر في الحكمة :
    مواضع رفع فيكون دون نصبها، موضعان :
    1- في سورة آل عمران 59 : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) .
    2- في سورة الأنعام 73 : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوات وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)

    مواضع رفع ونصب (فيكون) ستة مواضع :
    1- في سورة البقرة : (بَدِيعُ السَّمَوات وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 117 (فيكونَ – قرأها بالنصب ابن عامر الشامي)
    2- في سورة آل عمران : (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 47 ( فيكونَ – قرأها بالنصب الشامي)
    3- في سورة النحل ) :إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 40 ( فيكونَ – قرأها بالنصب الكسائي والشامي).
    4-في سورة مريم : (مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 35 ( فيكونَ - قرأها بالنصب ابن عامر الشامي
    5- في سورة يس : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 82 ( فيكونَ – قرأها بالنصب الكسائي والشامي.)
    6- في سورة غافر: (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 68 ( فيكونَ - قرأها بالنصب ابن عامر الشامي

    ولتدبر الحكمة المحتملة وراء ذلك لا بد من معرفة دور الفاء المعنوي والإعرابي في العبارة كنْ فيكون:
    1- للفاء معنى الترتيب على التعقيب في كل الأحوال ، أي أن فعل الأمر الإلهي (كن) تام ، يعقبه استئناف فعل الكينونة (يكونُ) حتماً دون أي تأخير. بل تجري الأمور فوراً وبسلاسة واستمرارية حتى تتم الحكمة من فعل الأمر الإلهي ،( أي تكون الفاء استئنافية وجملة يكون إخبارية بمعنى (فهو يكون )، ولذلك يأتي الفعل يكون بصيغة المضارع دائماً ليدل على استمرار الحدوث حتى في المستقبل بعد بدء الحدث. ويصح هذا المعنى في جميع المواضع بلا استثناء ولا استثناء في حتمية وقوع تنفيذ الأمر الإلهي.
    2- قد تكون الفاء حرف عطف على فعل مضارع منصوب ، ويتحقق ذلك في موضعين : النحل 40 (أن نقولَ... فيكونَ).وفي يس 82 ( أن يقولَ له.. فيكونَ) . وبذلك تفسر لنا سبب النصب في موضعين فقط.
    3- قد تكون الفاء سببية ناصبة بأن المضمرة بعدها والتقدير( فأن يكونَ) للإشارة إلى سببية الحدوث بفعل الأمر الإلهي، وهي تصح إعرابياً في جميع المواضع على الإطلاق . ولكن لم ترد فيها الروايات المتواترة بالنصب في الموضعين اللذين أشرنا إليهما لحكمة إلهية تبين لي في تدبرها ما يلي.
    أ‌- إنَّ جميع الآيات الكريمة التي وردت فيها روايات النصب تسبقها عبارة التذكير بالإرادة الإلهية أو القضاء الإلهي (إذا أراد شيئاً، إذا قضى أمراً) والقضاء أو الإرادة الإلهية إذا صدرت يسير الله لها أسبابها ( ولذلك اشتهرت العبارة الفقهية – إذا أراد الله شيئاً يسر له أسبابه) لأن الله تعالى خلق كونه وكل ما خلقه فيه ونظمه وفق القوانين السببية التي وضعها هو سبحانه وتعالى. ولعل القراءة بالنصب إشارة إلى هذه السببية.
    ب‌- في الموضعين اللذين لم ترد فيهما قراءة النصب نلاحط أنَّ الفعل الإلهي فيها لا يحتاج للسببة فخلق آدم من تراب خارج قانون السببية الذي يحتاج لأب وأم ، فالله سبحانه وتعالى خلقه مباشرة دون سبب يعقله البشر ، وكذلك حال خلق السماوات والأرض من العدم سواء في بدء الخلق أو إعادته كما تبينه الآية الثانية. فنستنتج أن الفعل الإلهي يمكن أن يتم بآليتين هي الآلية السببية والآلية المباشرة دون سبب ظاهر فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يريد ،كما يشاء ويريد، بخلق الأسباب أو بدونها لتظهر كمعجزات أمام العقل البشري.

    أرجو أن يكون المعنى والحكمة قد اتضحت من سبب عدم ورود قراءة النصب في خلق آدم وخلق السماوات والأرض ابتداء بينما في الآيات الأخرى التي وردت فيها رواية النصب إشارة للخلق والإبداع وفق قوانين السببية التي وضعها الله تعالى وعلَّم الإنسان اتباعها ( وآتيناه من كل شيء سبباً فأتبع سبباً)
    والحمد لله رب العالمين.
    التعديل الأخير تم بواسطة {{د. ضياء الدين الجماس}} ; 01-13-2017 الساعة 11:18 PM
    واتقوا الله ويعلمكم الله
    والله بكل شيء عليم

  2. #2
    {{د. ضياء الدين الجماس}} غير متواجد حالياً مُجاز في العروض الرقمي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    المشاركات
    2,065

    الفاء السببية

    الفاء السببية تنصب الفعل المضارع بأن المضمرة بعدها وهدفها بيان ارتباط الحدث بسبب دفع لحدوثه ولها شروط كأن تأتي بعد فعل أمر أو تحضيض أو استفهام أونفي أو نهي ....
    كأن تقول زرني فأكرمَك فإذا نصبت فأكرمَك تريد أن تقول بأن سبب إكرامك هو زيارتك وأما إذا رفعت فأكرمُك فتكون الفاء استئنافية وللترتيب التعقيبي بمعنى فأنا أكرُمك فوراً فهي للإخبار دون إظهار سبب الإكرام. والله أعلم
    الأمر قابل للحوار وفيه أجر تدبر القرآن الكريم
    التعديل الأخير تم بواسطة {{د. ضياء الدين الجماس}} ; 02-12-2016 الساعة 09:44 AM
    واتقوا الله ويعلمكم الله
    والله بكل شيء عليم

  3. #3
    {{د. ضياء الدين الجماس}} غير متواجد حالياً مُجاز في العروض الرقمي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    المشاركات
    2,065

    خلق آدم بيدي الله تعالى

    في سورة ص آية تبين أنَّ خَلْقِ آدم تمَّ بيدي الله تعالى
    قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ 75


    وفي حديث الشفاعة في البخاري
    (... فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ...)
    التعديل الأخير تم بواسطة {{د. ضياء الدين الجماس}} ; 02-12-2016 الساعة 04:59 PM
    واتقوا الله ويعلمكم الله
    والله بكل شيء عليم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2014
    المشاركات
    842
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزيت الجنة اخي واستاذي الدكتور ضياء الدين
    . . .
    أضيف هذا الفيديو للدكتور ذاكر
    كن فيكون .. ماضي وحاضر ومستقبل
    https://youtu.be/9PYvUBpfvLc
    حفظك الله ورعاك.

  5. #5
    {{د. ضياء الدين الجماس}} غير متواجد حالياً مُجاز في العروض الرقمي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    المشاركات
    2,065
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (فاروق النهاري) مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزيت الجنة اخي واستاذي الدكتور ضياء الدين
    . . .
    أضيف هذا الفيديو للدكتور ذاكر
    كن فيكون .. ماضي وحاضر ومستقبل
    https://youtu.be/9pyvubpfvlc
    حفظك الله ورعاك.
    امتناني وتقديري لتعليقك الطيب وإثرائك الموضوع أستاذنا فاروق النهاري
    وأما الاعتراض على قول لماذا لم يقل (كن فكان) الواردة في التسجيل فمن جهلهم بأن أثر كن الإلهية يحدث فوراً ويستمر أثره حاضراً ومستقبلاً ولا يريد الإخبار عن الماضي فقط. وإنَّ ما طرحته في موضوعي حول هذه العبارة (كن فيكون) لم يطرحه أحد من قبل.
    بوركت وجزاك الله خيراً
    التعديل الأخير تم بواسطة {{د. ضياء الدين الجماس}} ; 02-13-2016 الساعة 11:30 AM
    واتقوا الله ويعلمكم الله
    والله بكل شيء عليم

  6. #6
    {{د. ضياء الدين الجماس}} غير متواجد حالياً مُجاز في العروض الرقمي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    المشاركات
    2,065
    كل ما يبدو في القرآن الكريم بخلاف قواعد النحو الشائعة فيه أمر بلاغي عميق لا يدركه إلا العلماء.
    واتقوا الله ويعلمكم الله
    والله بكل شيء عليم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,954
    حفظك الله أستاذي الكريم عالما ومعلّما

    مما يخطر في ذهني وعززه كلامك :

    لكأن ( كنْ فيكونُ ) بهذه الصيغة قانون كوني ثابت واقعا ولغة وقدرا.

    وسبحانه وتعالى عما يشركون.

  8. #8
    {{د. ضياء الدين الجماس}} غير متواجد حالياً مُجاز في العروض الرقمي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    المشاركات
    2,065
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان مشاهدة المشاركة
    حفظك الله أستاذي الكريم عالما ومعلّما
    مما يخطر في ذهني وعززه كلامك :
    لكأن ( كنْ فيكونُ ) بهذه الصيغة قانون كوني ثابت واقعا ولغة وقدرا.
    وسبحانه وتعالى عما يشركون.
    نعم وصدقت أستاذنا
    الشبهة المطروحة في قوله (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) أن الفعل (قال) جاء بالماضي فيفترض أن يقول (كن فكان) !!!
    وأي بلاغة في ذلك؟ فعندما قال كن لآدم كان آدم واستمر بذريته وسيستمر إلى يوم القيامة...في المضارع الحدوث مع الاستمرارية حتى تحصيل الحكمة من الحدوث.
    وكذلك حال عيسى فكان عيسى وسيستمر بأثره الباقي في دعوته إلى يوم القيامة وهذه من الأدلة على عودته قبل موته كعلامة من علامات الساعة الكبرى حيث سيعود (يكون) ... فعندما يقول الله تعالى لشيء يريده ( كن) فإنه يكون ويستمر قائماً عليه حتى يؤدي الحكمة التي أرادها الله تعالى من كينونته ... ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
    التعديل الأخير تم بواسطة {{د. ضياء الدين الجماس}} ; 02-13-2016 الساعة 02:25 PM
    واتقوا الله ويعلمكم الله
    والله بكل شيء عليم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط