سبق التعرض لهذا الموضوع في موقع توقف ولحسن الحظ وجدت اصله لدي وأنشره الان مع إضافة بمناسبة ما نشرته الشاعرة رنا صالح حول ما وصفته " بالبحر الجديد الذي استحدثته ":

https://www.facebook.com/rana.saleh....81?_rdc=1&_rdr


من مقابلة مع أحمد مطر

الذي ذكرني بهذه المقابلة موضوع أخي شاكر (تداخل بحرين) وتناول فيه الكامل والطويل، وكنت سأضيفها هناك لولا أن التداخل هنا من طبيعة مختلفة لي فيها وجهة نظر سبقت في فصل من مخطوط الطبعة الثانية من الكتاب. فهاهنا مثال للتجديد الذي وإن خرج عن عروض الخليل إلا أنه خارج منه متدثر بعباءته.


كتبت قصيدة " ميلاد الموت " في اليوم الأخير من سنة 1980، على وزن زاوجت فيه بين " مجزوء الخفيف " و " المجتث " وهو معكوس الأول .
وعندما شرعت في الكتابة لم أكن قاصداً إلى ابتكار هذه النغمة، بل كنت أكتب بتوافق موسيقي عفوي، لم أشعر في أثنائه بأي خروج على البحور المألوفة، فلمّا اكتشفت ذلك بعد كتابة البيت الخامس عشر، لم أتوقف، بل مضيت حتى نهاية القصيدة، ممعناً في استمطار هذه النغمة للتعبير عن حالتي النفسية في ليلة رأس السنة الجديدة، حيث عنائي من مرارة الوحدة .
وبعد إتمامها تأملتها، فوجدت في اجتماع "مجزوء الخفيف" و"المجتث" إمكانية لاحتواء الشعر بتلقائية، مما يضيف قالباً جديداً لتفاعيل الأبيات مبنياً على التخالف بين الصدر والعجز، على عكس التوافق في البحور المعروفة، فهو:
( فاعلاتن مستفعلن .. مستفعلن فاعلاتن ) .
وقد أشرت عند نشرها في الأسبوع الأول من سنة 1981، إلى أنه نظراً لتركيبة التفاعيل في هذا البحر، لا يمكن للشاعر أن يقفّي الصدر والعجز معاً، وذلك لاختلاف تفعيلة "الضرب" عن تفعيلة "العروض"، كما يستحب أن يصيب "الخبن" تفعيلة "مستفعلن" لتكون "مفاعلن"، فذلك يُطرّي النغمة أكثر بحيث لا يحسّ القارئ وقوفاً أو حِدّة في البيت .
ثمّ أنني أسلمت الأمر، بعد هذا، لمقدار قبول أذن القارئ لموسيقى هذه التركيبة، وتركت الحكم للمختصين، فكان الأستاذ الدكتور عبده بدوي أوّل المبادرين إلى عرضها والإشادة بها في مجلة (الشعر) المصرية .
وإليك المقطع الأخير منها :

أهـوَ الحـبُّ أن أرى مَنيـّتي في الأماني ؟
كتـمَ الليـلُ هَمَّــهُ وهَمَّـهُ أن أُعانـي
ومضى دونَ بضـعةٍ مِن لونهِ في كيانـي
تتهـجّى وصيَّـتـي قبلَ انتهاء الثوانـي :
رَقصَتْ ساعة الرّدى إذ التقـى العقـربانِ
وذَوَتْ زهرةُ الصِّـبا في القلبِ قبلَ الأوانِ
يافـتاتـي .. فرحمةً بالأمنيـاتِ الحسـانِ
لم تَعُـد دوحةُ المنى معروشـةً بالأمـانِ
وبِحـاري تَرنَّـقتْ فجـرّبي قلبَ ثـانِ .

أهو الحب أن أرى منيتي في الأماني

1 3 2 3 3 3 3 2 3 2



وإن جاز لنا أن نكتبه شطرين كان

أهو الحب أن أرى ...........منيّتي في الأماني
1 3 2 3 3 ................3 3 2 3 2

تصور البحتري ينشد صدر هذا البيت من سينيته
لاتَرُزني مُزاوِلًا لِاختِباري *** بَعدَ هَذي البَلوى فَتُنكِرَ مَسّي
وأنشد الصدر "لا تزرني مزاولا" وتوقف قليلا ثم أكمل " مزاولا لاختياري "
فإن الوزن المسموع قبل التوقف وبعده هو في الحقيقة
فاعلاتن متفعلن .... متفعلن فاعلاتن
2 3 2 3 3 ......3 3 2 3 2


هذا يذكرني بفصل كتبته في مخطوط الطبعة الثانية وهنا جانب منه
أوزان جديدة ؟
وقد لونت المزيد بالأحمر:
يا متخم البطن من أشلاء موتانا... هذا الكباب الذي تشويه في قانا ضحايانا
4 3 2 3 4 3 4 .................4 3 2 3 4 3 4 ..........3 4
شآم أمّاهُ بعض الشام أندلـسٌ...خذي بحضنك يا أماه بيسـانـا...ولبنانا

3 3 2 3 2 2 3 1 3 .............3 3 1 3 2 2 3 2 2 .......3 4

وأمَّتْني إلى الأجداث في تشرينَ أمٌّ.... يعزُّ عليَّ أنْ سارت على رغمي أمامي


3 2 2 3 2 2 1 2 2 2 1 2 2 ...........3 1 3 3 2 2 3 2 2 3 2

الوافر +43 خلال شطريه
زارني في دمشق من ذرى أرض نجدٍ...لك طيف سرى دجىً فحلل أسرى

2 3 2 3 3 3 2 3 2 ........................1 3 2 3 3 3 1 3 2

الخفيف +3 خلال شطريه

 ضميري نظيف ووجه الغادرين ملوّث .......
فلا عا ش وغد بلا دين يخون وينكث

3 2 3 2 3 2 2 3 1 3 3 ...........3 2 3 2 3 2 2 3 1 3 3

= الطويل + (23) قبل كل من شطريه.

عيد بأية حال إلينا عدت يا عيد... بما مضى يا تُرى أم بأمر فيه تجديد

4 3 1 3 2 3 2 4 3 4 ..................3 3 2 3 2 3 4 3 4

[إن الأحبة حالَ النوى والبيدُ دونهمُ ...... فليت دونك بيداً أتت من دونها بيدُ ]

البسيط + 32 خلال كل من شطريه

لعل بعضنا يستسيغ هذه الأوزان، والسر في ذلك أنها أشبه ما تكون بترديد الشاعر لبعض مقاطع قصيدته أثناء إنشادها. عدا وزن (البيت) الأول

ويلاحظ أن أغلب هذه الإضافات المستساغة مقاطع مطابقة لما يجاورها مباشرة وأثرها كما لو أن الشاعر فيها يعيد ترديد آخر ما ألقاه، ثم يستأنف إلقاءه.

وهذا مثال يتطابق التكرار (صنو الإضافة المحتملة) فيه مع حدود الكلمات:
يقول البحتري:

أبُكاءٌ في الدار بعد الدارِ........وسلوّاً بزينبٍ عن نُوارِ

1 3 2 4 3 2 2 2 .............1 3 2 3 3 2 3 2

ترى لو أنه توقف ثم استأنف مكررا بعض كلامه (التكرار بين قوسين) على النحو التالي:

أبُكاءٌ (أبكاءٌ ) في الدار بعد الدارِ........وسلوّاً (وسلوّاً ) بزينبٍ عن نُوارِ

فإن السامع لا يدرك وزنا جديدا مع أنه يستمع إلى الوزن التالي

1 3 2 ( 1 3 2) 4 3 2 2 2 .............1 3 2 ( 1 3 2) 3 3 2 3 2




وهو يسمع نفس الوزن لو أبدلنا الكلمات التي بين القوسين بما يعدل وزنها من الكلمات الأخرى على النحو:

أبُكاءٌ (يتناهى ) في الدار بعد الدارِ........وسلوّاً ( ويح نفسي ) بزينبٍ عن نُوارِ

فلو أن عدة أشطر كان كل منها على ذات الوزن والقافية والروي فإن هذا يعتبر نوعا من مشطور الخفيف الذي زاد في كل شطر منه ( 2 3 2)
كما في (الأبيات) التالية مقتبسةً من ذات القصيدة مع تعديلها:

أبُكاءٌ (يتناهى ) في الدار بعد الدارِ

وسلوّاً ( ويح نفسي ) بزينبٍ عن نُوارِ

كان حلواً ( دونَ شكٍّ) مثلَ الهوى الموّارِ

عاد مرّاً ( يا لَحظّي) من شدّةِ الإمرارِ


فوزن هذه الأبيات بعد التأصيل

= 2 3 2 2 3 2 2 2 3 2 3 2 =2 3 2 + الخفيف

= فاعلاتن فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن

فلو كتبناها هكذا:

أبُكاءٌ يتناهى ....................في الدار بعد الدارِ

وسلوّاً ويح نفسي .............. بزينبٍ عن نُوارِ

كان حلواً دونَ شكٍّ .............مثلَ الهوى الموّارِ

عاد مرّاً يا لَحظّي ................من شدّةِ الإمرارِ


2 3 2 2 3 2 ....................2 2 3 2 2 2

لجاز لقائل أن يقول إن هذا وزن جديد هو

فاعلاتن فاعلاتن ...............مستفعلن فعْلاتن
أو
فاعلاتن فاعلاتن .............مستفعلن مستعْلُنْ

وقد راعيت في تسمية التفاعيل ما شرحته عن التكافؤ الخببي في آخر البيت بما يتضمن ثبات الوتد قبل التكافؤ الخببي

مستفعلن = 2 2 3 تصبح مستعلن= 2 1 3 تك 222

فاعلاتن = 2 3 2 تصبح فَعلاتن = 1 3 2 تك 222

وربما قال قائل

هذا وزن جديد صدره من مجزوء الرمل وعجزه من مجزوء الرجز أو المجتث.

هذه محاولة لفهم سر قبولنا للوزن الذي جاء به أحمد مطر. الذي كرر ( 3 3) أو 4 3 في مشطور الخفيف .

2 3 2 4 3 4 3 2 3 2

وقد تكون بداية لتعميم ما قد يستساغ من أوزان جديدة.. أما تسميتها ببحور أو اعتبارها موزونا أو شعرا فأمر أتوقف عنده.
وقد أوردت في مخطوط الطبعة الثانية من كتابي عشرات وربما مئات (الأوزان الجديدة) التي استولدتها عن طريق المحاكاة بشكل أو آخر لما رأيته من استقراء الخليل لذائقة العرب.

سبق كذلك نشر بعض الموضوع تحت عنوان (المزاوجة بين البحور) على الرابط :

http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=1946

الشكل التالي يقول الكثير :

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

وأختم بالقول :" على العروضي أن يتبع الخليل اتباعا أعمي فما يملكه جزئي لا يؤهله لأكثر من ذلك ..... أما عالم العروض فسيجد نفسه ينبع الخليل على بصيره"

لا بستحق حمل اسم بحر عربي أي وزن يخرج على بحور الخليل.... ليكتب من يشاء كما يشاء تحت اسم (الموزون) او سواه لا تحت اسم (الشعر)