رسالة وصلتني

تطوّر التّقنيّة من المصباح الإلكترونيّ حتّى تقنيّة النانو .. أعجوبة العالم المعاصر
صورة

كثيرا ما نسمع، خاصّة في الآونة الأخيرة، عن « النّانو تكنولوجي» خاصّة في الحديث عن الصناعات أو في المجالات الطبية، لكنّ الكثيرين أيضا لا يعلمون ما هي هذه التقنية وما هي آخر استخداماتها.
النّانو Nan عبارةعن "وحدة قياس" تعادل واحد على مليون من المليمتر، أو واحد على مليار من المتر. وهو يساوي واحد على عشرة آلاف من سُمك شعرة رأس الإنسان، لك عزيزي القارئ أنْ تتخيّل مدى صغر النّانو، فهو يعادل حجم عشر ذرّات من الهيدروجين، أو يساوي معدل نموّ ظفر الإنسان في الثّانية، كما أنه يمكن أنْ يساوي حجم ارتفاع قطرة الماء الواحدة بعد بسطها كليّاً على سطحٍ مساحته متر مربّع، أو واحد على عشرة من سماكة الطبقة الملوّنة على النظّارات الشّمسيّة.

وبمعنى آخر فإنّ النانوتكنولوجي هوالجيل الخامس الذي ظهرفي عالم الإلكترونيات. وقد سبقه :

أولاً الجيل الأوّل الذي استخدم المصباح الإلكتروني Thermionic Valve بما فيها التلفزيون،

والجيل الثّاني الذي استخدم جهاز الترانزيستور Transistor،

ثم الجيل الثالث من الإلكترونيات الذي استخدام الدارات التكاملية Integrated Circuits، وهي عبارة عن قطعة صغيرة جداً قامت باختزال حجم العديد من الأجهزة بالرفع من كفاءتها وعدّدتْ من وظائفها .

وجاء الجيل الرابع باستخدام المعالجات الصغيرةMicroprocessor الذي أحدث ثورة هائلة في مجال الإلكترونيات بإنتاج الحاسبات الشخصية (Personal Computer).

أمّا الجيل الخامس فهو المعروف بالنانو تكنولوجي الذي ما يزال في تطوّر هائل مستمر.

متى كانت البداية الحقيقية لعصرالنانوتكنولوجي؟
شهد عام 1990 الانطلاقة الحقيقية لهذا التقنية، ويرجع الاكتشاف الأول لها إلى العالم الامريكي "ريتشارد فايمينن" الحائز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1959.

ماهي أكثر استخدامات النانو؟
المجال الطبي
أكثر الاستخدام لها في مجال اختبارات الكشف عن الأمراض ، بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، كما أنّها تدخل في صناعة مضخّات الأنسولين المستخدمة كوسيلة فعالة في علاج مرض السّكّري وغيرها الكثير.
ومن المتوقع في المستقبل القريب، أن تتمكن تقنية النانو في عالم الطب وفي أقسامها المختلفة مثل نظام إيصال الدواء إلى الجسم، وأنواع العلاج، وتصوير أجزاء الجسم بأساليب متطوّرة للغاية بحيث تتمكن من تحقيق ثورةعلمية يسجلها التاريخ الإنساني، بين ثورات البشرالعلمية والتقنية.

السرطان والأورام لخبيثة
وهومن أكثر الأمراض التي أعْيتْ الطب، ومهما تحقّق من تقدم فإنّ مرض السرطان والأورام الخبيثة التي قد تظهرفي أجزاء مختلفة من جسم الإنسان تظلّ في ازدياد كبير.
إن قدرة تقنية النّانو على تشخيص الأورام السرطانية، هي من بين الأحلام التي راودتْ لسنين مُخيّلة الباحثين، فبالإمكان باستخدام تقنية النانو الحصول على صورمتطورة من الناحية الطبية للأورام والخلايا السرطانية، ويمكن القول أنها صوراستثنائية كما أنّ أحجام هذه الصور تساعد الأطباء والباحثين في الحصول على معلومات كافية حول هذه الأورام، وقد أظهرت نتائج آخرالبحوث أنّ العلماء قد توصّلوا إلى طريقة جديدة بفضل تقنية النّانو يمكن بواسطتها تصويرالأورام الخبيثة في الجسم وتحديد أماكنها بدقة، ومن بعد ذلك القيام بعملية العلاج بشكل مباشرمن خلال التخلّص من الورم الخبيث.

مجال صناعة الطائرات والسيارات
تقدّم تقنية النانو الكثير لتحسين الصناعة في هذا المجال، فمثلا تتدخّل هذه التقنية في صناعة الأبواب والمقاعد والدعّامات، ومن أهمّ مميزات هذه القطع المحسّنة أنها صلبة وذات مرونة عالية في نفس الوقت كما أنّها تتميّز بخفّة وزنها.
وتدخل النانو أيضا في تحسين الزّجاج بشكل عام، وتحسين زجاج النّوافذ بشكل خاصّ، حيث يصبح عالي الشفافية، وذلك باستخدام نوع معيّن من جسيمات النانو في صناعة نوع من الزجاج يعرف باسم «الزجاج النشط»، حيث أنّ هذه الجُسيمات تتفاعل مع الأشعة فوق البنفسجيّة، فتهتزّ ممّا يُزيل الرّواسب والأوساخ والغبار الملتصق بالسيّارات، كما أنّ هذه الجُسيمات تتميّز بأنها تشكّل سطحاً قابلا للماء، مما يجعل تنظيفها أمرا سهلاً، لدرجة أنّه أُطلق عليها اسم «زجاج التنظيف الذاتي». ومن ميزات القطع المحسّنة المستخدمة في صناعة الأجزاء الداخلية أنّها تقلّل من استهلاك الوقود. ،كما أنّها ستساعد في صنع محرّكاتٍ نفّاثة تتميّز بهدوئها وأدائها العالي.

المجال العسكري
وأكثر المجالات لها في قضية التجسّس، حتى أنّ البعض يخشى بأنّ الحياة المدنية للأشخاص ستكون مكشوفةً للعيان مع هذه التقنية المُخيفة، التي لن يكون معها خصوصيّة لأحدٍ في منزله مع استخدامها. فالدول المتقدّمة توصّلتْ لصنع طائرات تجسّسيّة بحجم راحة اليد بواسطة تقنية النانو. وفي مجال صناعة الأسلحة والقنابل فإنّ الميدان خصب لإنتاجها بتقنية النانو، فعلى سبيل المثال فإنّ أصغرحشرة تكون بحجم 200 مايكرون، وهذا يمثّل الحجم المناسب للأسلحة القادرة على تعقّب الأشخاص غير المحميّين لحقن السّموم في أجسادهم، كذلك صناعة أقراص تُغيّر من العمليات الاستقلابيّة في خلايا أجسام الجنود، بما يمنحهم القدرة على البقاء لعدّة أيّام دون نوم أو أكل ، واستخدام نحل قادرعلى اكتشاف المتفجّرات.

مجال الفضاء
فقد تمّ تصنيع مجس كيميائي مُحكم باستخدام أنابيب نانوكربونيّة. ومثل هذا الجهاز مثاليّ للاستخدام في مهامّ ناسا NASA المتعلقّة بكيمياء الفضاء. كما تمّ تصميم جهاز لقياس الموجات باستخدام تقنية النانو، وهو جهاز أداؤه أعلى بكثير من الأجهزة التجارية المتوفرة بينما يستخدم طاقة أقلّ، كما أنّه أخفّ وأصغرحجما.

أفكار وتوجّهات أخرى باستخدام هذه التقنية:
- إيجاد بديل إلكتروني للجزء الحيويّ من الأدمغة البشرية، كذلك الوصول إلى وضع يستطيع معه صاحب الدماغ المعدَّل إلكترونياً تحميل الذاكرة بمئات أضعاف ما هو متاح طبيعياً، وتخزين التعليمات المعقّدة، والقدرة على تحقيق الاتّصال والتواصل بين دماغ بشري وآخر.
- ابتكار أعضاء وبدائل مصنّعة لأجزاء من الجسم بما يتيح رفع مستوى وقدرات الأداء البشري.
- صنع روبوتات تكاد تطابق الكائنات الحيّة، مصمّمة على غرار الصراصير، تستطيع التسلّق على الجدران والسلالم والتضاريس الصّخريّة المختلفة.
- صنع أنظمة ترصد من مسافة بعيدة الحالة الذهنية للأشخاص المشكوك بهم، أوالمرغوب بمراقبتهم والتجسس على أفكارهم باستخدام تقنيّة قريبة من التصوير بالرنين المغناطيسي وسواه، بحيث تتمكن هذه الأنظمة من كشف نوايا الشخص وقراءة أفكاره مسبقا.
عن موقع www.sianceetavenir.fr