الدرس الرابع (قواعد البناء الموسيقي للشعر العربي)

حسنا أستاذي الفاضل، سأذكر هنا ما يخطر لي من تداعيات من باب التفكير بصوت عال. وإن عرض لي استفسار أو اعتراض ذكرته

**

(لغة الإيقاع)

ذكرنا في الدرس الثاني أن حروف الإيقاع الموسيقي للشعر العربي حرفان , هما الحركة والسكون , ومنهما تتركب كلمتان إيقاعيتان هما (السبب والوتد) ؛

ومن الكلمتين الإيقاعيتين تتركب تسع جمل إيقاعية (التفاعيل التسعة) , سبعة من الموروث الخليلي ذوات الوتد المجموع (فاعلن , فعولن , مستفعلن , مفاعيلن , متفاعلن , مفاعلتن , وفاعلاتن ),
يستبعد أستاذي هنا تفعيلتي دائرة (المشتبة – د ) وبعبارة أخرى يستبعد الوتد المفروق، وهو ما سأتناوله عندما يتطرق للبديل الذي يراه.
**
والجملة الثامنة أيضا من الموروث الخليلي ( مستفعلاتن ) لكن يتم استخدامها كجملة أساسية صحيحة بعد أن كانت (جملة عليلة) ؛

أفهم من كلمة عليلة أنها مستفعلن لحقها الترفيل في الضرب.

وإذا كان المقصود أنها تدخل في الحشو، فإن كانت تصف الأسباب والأوتاد كما حددها الخليل فهي تغيير في المصطلح لا يؤثر على الجوهر، ولكنه يتطلب استقصاء لتأثيرها على كل التفاعيل في كل البحور.
أما إن كانت تخفي مضمون الوتد المفروق فهي خطأ سأتطرق له في حينه.


أما الجملة التاسعة (فاعلاتن لن) معكوس (مستفعلاتن) , فنستخدمها لتحليل الأوزان , ولأنها تأتي في نهاية الأوزان حيث (منطقة العروض والضرب) فإنه يلحقها التغيير , لكنها دائما ما تعلن عن وجودها الواقعي الصريح من وقت لأخر ؛


وهاذان التركيبان سأرى ما يكون من أمرهما قبل التعليق عليهما


نسمي مستفعلاتن جملة إيقاعية متوسطة (متوسطة الطول) بين (مستفعلن) و (مستفعلن فاعلن) كأطول جملة إيقاعية ممكنة .

ومعكوسها في أحد تحليلي وزن الطويل سيكون ( فعولن مفاعيلن) , وعندما نصل لوزن الطويل سنعرف أن هذا التحليل هو (التحليل الثانوي) ونذكر الأسباب .

من الكلمات والجمل الإيقاعية تتركب الأوزان كـ (عبارات إيقاعية) في لغة ساحرة لها قواعد ثلاث وهي :

(1) التكرار الثنائي .
(2) الانعكاس الموسيقي .
(3) الفصل الموسيقي .

وتعمل القواعد بشكل فردي , كما تعمل بشكل جماعي في تناغم وتكامل .

*****************

أولا التكرار الثنائي : ونعني به تكرار تتابع من الأسباب والأوتاد مرتين متتاليتين في الشطر الواحد يمكن التعبير عنه بالجمل الإيقاعية السابقة . مثل :

مفاعيلن | مفاعيلن 3 2 2 | 3 2 2
( ← ) | ( ← )

مستفعلن | مستفعلن 2 2 3 | 2 2 3
( ← ) | ( ← )

حيث يتكرر نفس التتابع من الأسباب والأوتاد في اتجاه واحد من اليمين إلى اليسار ( ← ) | ( ← )

ونسمي الخط الفاصل | بين التتابع الأول وبين التتابع الثاني المكرر بـ ( محور التكرار(

******************

ثانيا الانعكاس الموسيقي : ونعنى به أن التتابع المكون من الأسباب والأوتداد يصل لنقطة ما ثم ينعكس التتابع عندها ليبدو كصورة معكوسة في المرآة .

فاعلن فاعلن | فعولن فعولن
( 2 3 2 3 ) | ( 3 2 3 2 )
———← | →———
→——— | ———←

فعولن فعولن | فاعلن فاعلن
( 3 2 3 2 ) | ( 2 3 2 3 )
———← | →———
→——— | ———←

مـسـتـفعلاتن | فاعلاتن لن
( 2 2 3 2 ) | ( 2 3 2 2 )
———← | →———
→——— | ———←

ولكي نقول أن الوزن يتبع الانعكاس الموسيقي يجب أن يتمتع بصفتين متلازمتين ولا تنفك إحداهما عن الأخرى

الصفة الأولى : إذا قرأنا التتابع بالأسباب والأوتاد (بالأرقام) من أوله لآخره يكون هو نفسه إذا قرأناه من آخره لأوله .

الصفة الثانية : إذا قرأنا النصف الأول من التتابع بداية من يمين محور الانعكاس لأول التتابع , يكون هو نفسه لو قرأنا النصف الثاني من يسار محور الانعكاس لآخر التتابع .
والخط الفاصل بين النصف الأول من التتابع ومعكوسه نسميه محور الانعكاس , ومحور الانعكاس يكون بين سببين أو بين وتدين

لا اعتراض ذاتيا على تعريف أستاذنا للانعكاس
لكن أليس الرمل 2 3 2 2 |3| 2 2 3 2 منعكسا حول الرقم 3
فاعلاتاتن فعل مستفعلاتن ... على رأي أستاذنا



فإذا كان الوزن يتمتع بصفة واحدة منهما لا نعتبره تابعا للانعكاس الموسيقي مثل :

مجزوء المتقارب :
فعولن فعولن فعو
( 3 2 3 2 3 )

المتقارب التام المحذوف :
فعولن فعولن فعولن فعو
( 3 2 3 2 3 2 3 )

نعم فما تفضل به أستاذنا لا يعتبر التماثل حول مقطع بعينه انعكاسا
*****************

ثالثا الفصل الموسيقي : ونعني به التزام نغم ثقيل نسبيا في نهاية الأوزان , وهذا يساوي قولنا ( تكثيف الحركات في نهاية الوزن بالنسبة للسواكن ) .

ونبدأ بالتمهيد له بتعريف معنى النغم الثقيل والنغم الخفيف

*****************

كثافة الحركات (1)
والنغم الثقيل والنغم الخفيف


الثقل النسبي للمتحرك والساكن والثقل النسبي للمقاطع الإيقاعية المكونة منهما :

يقول الأخفش : ( اعلم أن الكلام أصوات مؤلفة . فأقل الأصوات في تأليفها الحركة , وأطول منها الحرف الساكن , لأن الحركة لا تكون إلا في حرف ولا تكون حرفا , والمتحرك أطول من الساكن لأنه حرف وحركة ) (2) ؛
ويحلل علماء الأصوات المتحرك إلى صوتين صامت وصائت قصير , وهو قريب مما يقوله الأخفش ؛

ويمكننا القول أن الحرف المتحرك (أثقل) من الحرف الساكن لأن الأول يتطلب نطق صوتين وأما الثاني فهو صوت واحد ؛

لست أعرف القصد من الطول هنا ، فكلمة [ مِنْ، ما ] أرى كلا من النون والألف أطول من الميم المكسورة .
يقول الحركة لا تكون إلا في حرف ، والسكون أتكون في غير حرف ؟
أما إذا كان قصد أستاذي بالحركة ع = v وبالساكن ص = c بحيث يكون مَ = c v
فهو خروج من العروض إلى اللسانيات ابتداء، وهناك أحد احتمالين
أن يكون هذا الأساس عارضا فلا يبنى عليه تاليا فلا بأس ، لأو أنه اساس يبنى عليه وتنقصني المعرفة الكافية فيه وسبق وبينت - بقدر معرفتي - أنه صالح لوصف وزن الشعر لأي بيت ولكنه غير صالح للتقعيد للعروض العربي. واشير هنا إلى ما جاء في :
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/tajreed

http://arood.com/vb/showthread.php?p=77706

Ultimately it is the work of Golston and Riad (1997), however, which best accounts for these meters. Their theory makes use of the metron level and shifts away from formulations based on watid and sabab.

وختاما فإن نتاج جولستون وريد ( 1997) هو الذي يصف هذه البحور على أفضل وجه.

وتقوم نظريتهما باستعمال مستوى ( المقياس ) – كما تقدم تعريفه – وتنحي جانبا تشكيلات الأسباب والأوتاد.


والخليل يسمي المتحرك والساكن /o بالسبب (الخفيف) , بينما يسمي المتحركين /ط في الفاصلة المترددة بالسبب (الثقيل) , فالمتحرك عنده أثقل من الساكن , كما يعلل تسمية البحر (الخفيف) بكثرة أسبابه الخفيفة وخاصة عندما يدخله التشعيث ؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كثافة الحركات : هي نسبة عدد الحركات إلى عدد الحروف في المقطع
الإيقاعي أو الجملة الإيقاعية .

(2) كتاب العروض للأخفش تحقيق سيد البحراوي صـ 44

***************

الثقل النسبي للكلمات والجمل الإيقاعية (التفاعيل والمقاطع الصوتية) :

على مستوى الوحدات الإيقاعية :

يمكننا القول أن السكون o أخف من الحركة المترددة ط , والحركة المترددة (1) أخف من الحركة الثابتة / ؛

أستطيع أن أتصور الحرف المتحرك ( الحرف وحركته معا) كما أستطيع أن أتصور الخرف الساكن ( الحرف وسكونه معا ) كالوردة ( جسمها ورائحتها ) وأنا حقا عاجز عن تصور الحركة السكون دون حرفيهما . ولئن أمكن ذلك في اللسانيات والمختبرات فهو لأغراض التقعيد في العروض العربي خارج إدراكي الذي يتصور الأسباب والأوتاد بعدد حروفها

أما على مستوى الكلمات الإيقاعية : فإن السبب الخفيف / o أخف من السبب الثقيل/ط ,
ونظرة لطرفي المعادلة تفيد أن الساكن أخف من المتحرك

والسبب الثقيل أخف من الوتد // o, والوتد أخف من الفاصلة الثابتة /// o ؛
كما يمكننا القول أن السببين الخفيفين المقترنين /o/ o أخف من الفاصلة المترددة /ط/ o,
الأصل في الأرقام الممثلة للوزن تجريدها في مجال تمثيلها للوزن من أية صفة أخرى.
هذا ما جرى الحوار حوله مع أستاذي د. مصطفى حركات:
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/tajreed
وربما كان للطول والقصر تأثيرما لكنه لا يخص الوزن
أليس السبب الخفيف ( لا ) أطول من السبب الثقيل ( لِمَ ) ، تقول هو أطول لكنه أخف . ما هو تعريف الخفة إذن ؟


والفاصلة المترددة أخف من الوتد// o , والوتد أخف من الفاصلة الثابتة /// o ؛

فالفاصلة الثابتة هي الأكثر ثقلا بين الكلمات الإيقاعية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) مع أن الحركة المترددة للسبب الثقيل غير ثابتة , وتسكن تقريبا بنفس المقدار الذي تتحرك به , ويمكن اعتباره موسيقيا مساويا تقريبا للسبب الخفيف , ويحل كل منهما محل الآخر في حشو بحوره , لكنها بقدر ما أثقل من السبب الخفيف .

تسكن تقريبا بنفس المقدار ؟

هي أطول مع بعض الحروف الساكنة مثل النون والميم واللام، وهي أطول يقينا مع كل حروف المد يعني على الأغلب السبب الخفيف أطول من السبب الثقيل ، وإذن فالخفة والثقل لديك مقياسهما الطول. أليس هذا نسفا لأساس أراك تضعه للبناء عليه؟
أرجو أن تستمع إلى معلقة عنترة وبالتحديد هذا البيت منها




(فوقفـ)ـت فيـ(ـها نا)قتي وكأنها ....فدنٌ لأقضي حاجة المتلوم
( فوقف ) = 1 1 2 = ( 2) 2 فاصلة من سببين ثقيل فخفيف
( ها نا ) = 1 ه = 2 2 فاصلة من سببين خفيفين
( ها نا ) أطول من ( فوقف ) خلافا لتنظيرك.
ولك أن تراجع سواها، الذي أراه أن الثقل أو الطول لا علاقة له من قريب أو بعيد بالوزن.

الطول مرتبط بحروف المد وليس بالسبب خفيفا كان أو ثقيلا،

وأتوقف هنا يا أستاذي بانتظار حل هذا الإشكال الأخير حول الطول والقصر والخفة والثقل.
لأن الفاصلة الموسيقية أساس لديك يقوم على افتراض – إن صح فهمي – فهو افتراض خاطئ
وإن أخطأت الفهم فأرجو تفهيمي شاكرا.


ولا أخفيك انطباعي يا أستاذي بأن كل ما تتفضل به يبدو لي درا سة لخصائص عروض الخليل من عدة نواح ولا يبدو لي تأسيسا لجديد. وقد أكون مخطئا .

يرعاك الله