دمع الرصاص

الأمير صلاح سالم

--------------

ســـأل الـشـهيد رصَـاصـةً مـعـتلَّة
قــــدَّت بــرفــقٍ عــمْــرهُ لـتـسـلَّه

قـولي بـربِّك مـا جَـنَيتُ لـكي أرى
جـيشاً عـظيم الـشان يـقْتل أهْله

قـولـي لـمـن ضـغـط الـزِّنـاد تـحيَّةً
شـهقت بـها أنفاس هذى الطِفْلة

قـولـي لأمــي هـلِّـلي لا تـحزني
طــلَّـت عـلـيَّ جـنـان ربّــيَ طـلّـة

*****

خـرج الـشهيد مـسالما فـي كـفه
صــحـفٌ بدت بدمائه مبتلة

وعـلى الـجبين بـدا بـياضٌ سـاطعٌ
ومـضـى يـقـبِّل فـي هـدوءٍ طِـفْلَه

ولــزوجـه ألـقـى الصباح تـحـيَّةً
ولأمِّــــه أرخــــى بــرفــقٍ قُــبْـلَـهْ

أنــا خــارجٌ كـي لا أعـيش مـكبلاً
كــي نـرتـدي ثـوب الـرجال لـوهْلة

مــا كــان يـعـلم يـومـها أنَّ الـرَّدى
فـــي كـــلِّ مـيـدانٍ يـدلي حـبْـله

*********

أ رصاصتي أوَ تسكنين حشاشتي
وهــنـاك قــدْسٌ قِـبْـلَتي الـمُـحْتلَّة?

أ رصـاصتي وبـأيّ ذنـبٍ ..? خافقي
ســألَ الـجميع ولا سميع دلّه

قــتـل الـنـفـوس مــحـرمٌ إلا هنا
ذبحَ الـشـهيد فمن يحـلَّلُ قـتْـله

سـيف الـطوائف قـابعٌ فـي غـمْدهِ
مـن ذا الـذي يـا مـحْنتي قد سلّه

مـــن ذا يـتـاجـر بـالـدِّمـاء بـأرضـنـا
بـــات الــهـوى شـيـطـانهُ فـأضـله

وعـلى الـرؤوس تـراقصت طـلقاته
فــبـدا الـرصـاص كـمـاجنٍ مـنْـحلة

*********

بَـكـت الـرصـاصة حـينها قـالت لـهُ
أنـْظـرْ أخــيَّ هـنـاك خـلـْف الـتـلّه

جُـنْـدٌ عـلى قـنْصِ الـرؤوس تـدربوا
مــن عـهـد نـمرودٍ مـضى أو قـبْله

هم كالدّمى ضغطوا الزناد فويحهم
كــانــوا كـعربيدٍ ويـنـشـر غــلّـه

نَـــمْ هـانـئـاً واذْكــر بـأنِّـيَ طـلْـقةً
سـكنت حـشاك فـأصبحت مـعتلّة

******
أ رصـاصتي لا لا تـنوحي واهـدئي
ولـتـخـبري ذاك الـفـتى ذو الـطـلَّة

قـــولـــي لــــــه إنَّ الـــدّنــا دوَّارةٌ
فـارجـع لـعـقلك تـاركـاً ذي الـغفْلة

قـولـي لــه فـلـتعتبر فـرعـون قد
ظلــــم العباد وربّــنـا قـــد ذلّـــه

قـولي لـه قـــف في خشوعٍ يا فتى
((واقــم الـصّـلاة فـكـلّ نـفس قِـبْلة))


بين القوسين للرائع أحمد بخيت