رسالة إلى أبي الشهيد

أبتي .....
يا ......... أبتي
لمن تركتنا........ لمن
في هذه الصحراءْ
تركتنا لوحدنا
تركتنا
لحِـقـُوفِها نجوبها
نمشي على رمالها الزرقاءْ
تركتنا لعواصفٍ
صفراءْ
تذري بنا رياحها كما تشاءْ
لا حِـقـْفَ أرطاةٍ نلوذ به ولا تغريدَ مُـكَّـاءْ
تركتنا لذئابٍ
غرْثى
لا تشبعْ
منَ الدماءْ
أبتي ...
.............
يا ....... أبتي ....
أمي ما زالتْ
تبحثْ . و ما زالتْ
تسعى
تبحثُ عن ماءٍ
تبحثُ عن مأوى
في الأرض تنكش مرة ً
و مرة ً تنظر للأعلى
.................
أبتي أأنت عائدٌ هذا المساءْ ؟
أأنت عائدٌ كعودةِ كلّ الآباءِ للأبناءْ ؟
ما زلتُ أرْقـُبْـكَ كل مساءْ
مع عودة الطيور كلّ مساءٍ
لصغارها
أرْقــُبْك كالسماءِ ترْقبْ عودة ً
لنجومها
...........
أبتي ....
تعالَ حدِّثـْـني كما عوّدتني كل مساءْ
حدِّثـْـني عن بلدي
و لما مضى
عن تاريخٍ لها
و لما مضى
عن بلدةٍ فيها لنا
رسمْت لي حدودها
وبيوتها
صوّرتها لي
و كأني لها أرى
ممّا رويْـته لنا
...........
أبتي أنا
لن أنسى
و كيف أنسى
وهي التي في مُـقـْـلتيّ و في الخيال
و الرؤى
و هي التي من شوقي
لها جَفـَوْت و قد جفانيَ الكرى
أبتي أنا
لن أنسى
وكيف أنسى
ما كان لي يُحكى
أبتي لقد
هدموا البيوت و الجوامعْ
و غيّروا اسم البلـْده
و الشارعْ
قالوا إنهُ لم يراها
ظنوا بأنني سأنساها
و سأنسى حتى ذكراها
أبتي أنا
لن أنسى
وكيف أنسى
من قتلوك فكان موتك مأساة ً لي و ذكرى
و كيف أنسى
بلدا لنا
رسمْت خارطة ً لهُ
في القلب
رسمْتَ بلـْدتنا و جامعها شوارعها مزارعها بيادرها وحاكورةِ صبر ٍ
........ ....................... و مقـْبره ْ
و كم شهيداً
فيها من مجزره ْ
فكيف أنسى و أبي صوّرها لي صورة ً
من أجلي
و صورة ً لمن سيأتي من بعدي
................................
و كيف أنسى
حيفا ويافا و الجليل
و القدس و القسطل
و كيف أنسى
مرج ابن عامرْ و الخليل
فكيف لا ..........؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فكيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف لا
أكون قاتلاً لهمْ أوِ القتيلْ
فكيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف لا
أكون قاتلا لهمْ أوِ القتيلْ
.......
......... فاصعدْ
و اصعـــدْ
إلى الســــــــــــــماءْ
واصعد
يا شهيـــــــــــدا ً إلى العلياءْ
و اصعدْ
و اعدلْ مكان هذه الشمس
الصَّـغواءْ
فاصعدْ
و اصعدْ
يا نبياً من الأنبياءْ
.....
أبتي
إنهم حمقى
و أغبياءْ
ظنوا بموتك ليس لي حياة َ بعدكَ أو بقاءْ
.............
أبتي
في هذه الصحراءْ
قالوا انتظرْ
ستمرّ يوماً من هنا القوافلْ
و هنا ستنزل القبائلْ
فلا قوافلا ً هنا
مرّتْ
و لا قبائلاً ًهنا
حطـّتْ
قد غيّروا الطرق و سدّوا كلّ السّوابلْ
و غيّروا أسماءهمْ و اسم القبائلْ
تركوا الفرْضَ و النوافلْ
ولم يعدْ فيهم لا ابنَ
زياد ولا الداخلْ
.........
بين يديّ سأطويَ الصحراءْ
و سأزرع النخيل فيها و السنابلْ
و سيُسمع التغريد فيها للبلابلْ
...........
هذي سنابلنا من عجْم النوائب لا تلين ْ
شــــــــــــــامخة ً
عاســية َ العيدان لا تزداد من عجْـم ٍ لها
إلاّ صِلابا
لا الريح النـّـكْـبـَاء تسحقها
و لا الرياح الهوج تكْسِرها
...........
أبتي
يا من عليها كان دائم البكى
فدموعك لن تذهبْ سُـدى
يا من لها سما
كيف أنسى
من للبلاد قد غزا
عن ذبحي ما كفّ بعْـدُ ولا ارْعَوى
أبتي
هناك من أجل الطفل فُجّرتْ زمزم ْ
و هنا من تحت أقدام الطفل تفجّرتْ دمْ دمْ
........................
في المهد طفلنا تكلمْ
في المهد طفلنا تعلمْ
هذا بيتٌ لنا
مهما تهدّمْ
سنظل نبني البيت كلما تهدّم
في المهد طفلنا ..... .... تقدّم
في المهد طفلنا .......... تلثمْ
... تقدم ..تلثم.... تقدم ....
.......... تقدم
و اضرب عدوك قبل أن يتقدمْ
تقدمْ
تقدمْ
و اجعلْ حياتهمْ جهنمْ
تقدم
تقدم
و اوقِف ْ
طوفانا ً
من بئرنا دمْ دمْ
تقدم
تقدم
نُـــقـْــتـَـلْ و لا أحدا ً علينا يندمْ
نتشرّد ْ
نجوعُ نعرى
لا أحدا ً يتكلمْ

تقدم
تقدم
و دع ِ العالم كلـّهُ لِـقـَـتـْـلِـهمْ يتـَنـدّمْ
دعْهمْ
يستنكرونْ
دعْهمْ
يتكلمون
فلا يضيرك ما يقولونْ
و اجْعلهمْ
يتألمونْ
من أرضنا ينصرفون
خمســـــــــــــــــــــــــــــــونْ
................... خمسون عاماً منهمْ و أنا أتـألـّمْ

تقدم
تقدم
فأنا على قتل العدى لن أندمْ
لن أندمْ
تقدم
تقدم
فنحن لسْـــــــــنا قـَـتـَـلـَهْ
ولا نحبّ القـتـْـلَ إلا ّ للعدى
السـّــــــــــــفلهْ
فالـقـتـْـل ُ ليس مهنة ٌ نحن احترفناها
و لم يورّ ثـْـني أبي إيـّـاها
و لا الذي قدْ سـَـبقهْ
تقدمْ
تقدمْ
فنحن لســـنا الـقــَـــــــــــــــــــــــــــــتـَـلهْ
و لا اغتصبنا أرضا ً من أحد ٍ
ولا كنـّــا
يومــا ً مرتزقهْ
تقدمْ
تقدمْ
منهمْ
نحن ذ ُبـِحْـنا
في مجزرة ٍ .... و مجْـزرهْ
و ما فتئنا
نمرّ من مجزرةٍ
لمجزره ْ

فتقدم
و تقدم
و اجْعلْ
أحلامهمْ
و حياتهمْ
من دمْ دمْ
تقدم
تقدم
لا تنتظرْ
حلما ً عربيا ً
فحلمهمْ في أغنيـّـة ٍ تمثـّـلْ
لا تنتظرْ
لا تسـْــــألْ
عربا ً
لا يمْـلكونَ سوى الأغنيـَّـهْ
لا تنتظرْ
لا تنتظرْ
و تقدمْ
و اجْعلْ شعاركَ غصن زيتون ٍ و بندقيــــــــــّــــــــــــــــــــــــــــــــهْ


كساب













[/size]