السلام عليكم
الأستاذ الكريم عادل العاني
ذات مرة اختلفت مع أستاذي الفاضل خشان حول الفرق بين القيمة الزمنية للحرف الساكن والحرف المتحرك . و كنت قد اطلعت للتو على التقدير الزمني الذي قدّره لكل منهما الأستاذ سليمان ابو ستة في كتابه (نظرية العروض )فأعجبني . وكان محور الخلاف أن الأستاذ خشان ينفي وجود فرق بين مستفعلن ومتفاعلن في الكامل من وجهة نظر العروض الرقمي .وينتقد القول بوجود فرق بينهما .مما يعني أنه يساوي بين الساكن والمتحرك .
واكتشفت بعد مدة أن محور الخلاف الحقيقي بيننا كان في عدم فهمي سبب مساواته بين الساكن والمتحرك في العروض الرقمي . .
محور الخلاف بيننا كان في تحديد المستوى الذي يتعامل وفقه كل منا مع الساكن والمتحرك .
كان في اختلاف مستوى البحث . وقد قلت وقتها : إن ما قدمه الأستاذ سليمان لا يتعارض مع الرقمي بل يمكن عده بمثابة ( ما تحت الرقمي ) أو لنقل : هو ذلك المستوى من الرؤية الذي يتعامل مع وحدات القياس دون المجهرية ( العالم النانومتري ) . ومن هذا المستوى يصبح الفرق بين قيمتي الساكن والمتحرك ذا أهمية بالغة . كما يصبح الحديث عن هذا الفارق ذا فائدة وذا معنى . لكن في مستوى رؤية العروض الرقمي الأمر مختلف . لأن واحدات القياس مختلفة ، فعلينا أن نضع هذا نصب أعيننا ونحن نحاكم الرقمي حول أدواته .
الرقمي أستاذي الكريم عادل العاني يتعامل مع واحدات قياس أكبر . لذا فهو غير معني بالفارق الزمني بين الساكن والمتحرك . الرقمي يتعامل مع الساكن والمتحرك بوصف كل منهما وحدة واحدة مستقلة كاملة قائمة بذاتها وغير قابلة للتفتيت في مستوى الرؤية الرقمية . فهما متساويان من حيث الاعتبار (وحدة بناء أساسية في تركيب الوتد أو السبب ) .
ثم إن الرقمي غير مطالب وغير معني بإبراز الفارق الزمني بين الساكن والمتحرك عند تحليله لمنهج الخليل ، لسبب بسيط : هو أنه لا يحتاج إلى ذلك .فليس ثمة أية قاعدة أو قانون عروضي في منظومة منهج الخليل أو دوائره تعتمد على إبراز الفارق الزمني بين الساكن والمتحرك . أي أن الفارق الزمني بينهما لا يمتلك أية تطبيقات عملية واقعية في العروض . ومن ثم فإن معرفة الفارق الزمني بينهما يعد أمرا نظريا بحتا ً على هامش منهج الخليل .وهو غير مطلوب. وغير ذي معنى في منهجه.
وينبغي التنويه إلى أن الأستاذ خشان قد سبق إلى وضع بعض التطبيقات العروضية للفارق الزمني بين الحرف الممدود والحرف الساكن والحرف المتحرك في نظريته ( النظير التراكمي ل م/ع ) ، إلا أن الخليل لا يعلم بهذا التطبيق , وهو من ثمرات التأمل في علم العروض الرقمي على وجه الخصوص .