النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: إلى الشعراء والشاعرات!!!!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    الجوف...سكاكا
    المشاركات
    371

    Icon100 إلى الشعراء والشاعرات!!!!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سيدي وساداتي الشعراء
    كما نعلم أن الشعر عنوان حضارة الشعوب وترجمة لواقعهم ...وحتى خيالاتهم وما يفكرون فيه...

    فسؤال حالي ....وهواجس تدور في ذِهني لماذا الشعر مُختلف ؟
    هل الناس يغيرونه؟
    أم هل لكل زمان رجال؟ولكل رِجال أفكار؟

    تجولت اليوم في ركن لمكتبة والدي حفظه الله في غرفته أو أقدر أن قول صومعته التي تَعُج بالكتب
    الاسلامية والرياضة والشعر....وإستفردت بمجموعة من مجلداته الشعرية لِكُتّاب متنوعين...
    وسأرد هُنا بيتاً من كل كِتاب.... وأرجو المقارنة الشاملة لكل كاتب وكتاب لكل من لديه معلومة
    ويتجول مُسافراً بين حُروفي وتَساؤلاتي هُنا.....

    هنا إحترت بمن أبدأ ولكن سأجعل أي كتاب تقع عليه عيني سأخذ بيت عشوائي منه ولِنرى
    ما فيه....

    1- شاعر المطر...بدر شاكر السياب.....

    إحتراق..
    وحتى حين أصهرُجسمَكِ الحجري في ناري
    وأنزع من يديكِ الثلج، تبقى بين عينينا
    صحاري من ثلوج تُنهك الساري،
    كأنك تنظرين إليّ من سُدُمٍ وأقمار


    2-عبدالوهاب البياتي

    السمفونية الغجرية
    كان المغني الغجري يرشقُُ العذراء بالوردة
    والعذرءُ مثل ريشةٍ تدور حول نفسها
    تحاول اللحاق بالليل الذي كان على مشارف ( الحمرا)

    3-نازك الملائكة

    حصاد المصادفات
    حينما يرقُد الهوى ميّتاً فو........ق تراب الأيام والأعوام
    وتعود الذكرى صدىً جامدَ الوَقْ........ع لعهدٍ مغلفٍ بالظلام

    4-جميل بثينة

    سَعي العواذل

    أبثينَ إنكِ قد ملكتِ فأسجِحي
    وخُذي بحظّكِ من كريمٍ واصلِ
    فلربّ عارضةٍ علينا وصْلَها
    بالجِدّ تخلطُه بقولِ الهازِلِ

    وهناك الكثير.....فاروق جويدة....الشّابي......بدر بن عبدالمحسن....و. سالم السياري

    وقفة .....وقد قرأت في الصحف شعر يُقال أنه حداثي ......لأدونيس....والسريحي....فهل هذا شعر؟
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    970

    Icon100

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حفظ الله والدك
    سؤالك :
    فسؤال حالي ....وهواجس تدور في ذِهني لماذا الشعر مُختلف ؟
    سؤالك غير واضح ، هل تقصد اختلافه
    في تنوعه عبر العصور أم في تنوعه من خلال شخصية كل شاعر؟

    كمرور خاطف وتعليق سريع مختصر ، ربما لأن الشعر مبني على أغراض ، وطغيان غرض على آخر يعطي تعريفا لشخصية الشاعر ومعاناته وتفسيرا لصدق عاطفته من تكلفها ، وقد يسجل الشعر عبر العصور حضارات كانت معيشة في وقت الشاعر ، وأحاسيس بنيت فِي زمان ما ، في كيان ما ، فتخرج أفكارا تفسر معنى أحاط بشخصية الشاعر ، فقد يعالج الشاعر موقفا ما عن طريق سخريته أو رسالة بغرض مختلف ، أو أحاسيس متنوعة بتنوع أغراض الشعر حسب ميول الشاعر وما يعتقده ...........


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    سبحانك اللهم وبحمدك ،أشهد أن لا إله إلا أنت،أستغفرك
    وأتوب إليك





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    الجوف...سكاكا
    المشاركات
    371
    شكرًا لكِ أختاه

    طيب ممكن معرفة بحور شعر البياتي.....ونازك.....مع التقطيع

    وما رأيكم في الشعر الحداثي

    شكرًا لكم ولا تكفيكم ....أنا بالجوار أنتظر يا حفظكم الله
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2013
    المشاركات
    675
    مافهمته من سؤالك أستاذي الكريم وهو مما يدور في ذهني أيضا
    هو تنوع أسلوب الشعر
    وحتى أسلوب التعبير فهناك مدارس مختلفة في الشعر
    حقيقة أنا نفسي لا أميل لمثل هذا النوع ولكني لا أنكره خاصة أن له رواد ومهتمين ومتابعين
    هم شعراء كبار ولهم أسلوبهم لكني أميل للأسلوب القديم المعروف بالشعر(أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهم من الشعراء القدامى)
    الذي يعتمد على جمال الصور والتراكيب وليس الغموض والرموز

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2013
    المشاركات
    675
    ولكني أريد أن اعرف أيضا ماذا كان موقف النقاد من هؤلاء الشعراء
    خاصة وأن أسلوبهم يمثل بعد تام عن القصيدة التقليدية...

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    الجوف...سكاكا
    المشاركات
    371
    شكرًا لكم أخواتي ...أستاذة سليلة وأستاذة هبة....

    إذا أنا بحثت مع نفسي وسألت هنا وهناك فكان الأتي

    إن الشعر ينقسم الى نوعين ....شعر عروضي له أداب وقوانين وشروط يقع تحتها ولا نستطيع التغيير عنها
    إلا إذا أحدثتا عروض أخرى تمشي على نفس القوانين..
    وشعر آخر لا يعتمد على العروض وإنما موسيقا مُتناقمة لها بداية ونهاية ...ولها رموز تُستخدم كتورية
    للوصول للهدف...

    ومن هنا ينقسم الشعر الى قسمين....فصيح يتبع عروض....ورمزي يتبع حدث يسير من خلاله...

    فالشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي ...وكذلك الشاعرة اللبنانية نازك الملائكة يتبعون كلا النوعين
    رُبما بإتباعهم للشعر الرمزي أحيان هو لأنهم ملوكه وقد إنتشر في تلك الحقبة الزمنية
    وربما له قوانين هُم يعرفونها

    أما الشعر الفصيح فهاذه الرائعة نازك الملائكة تقول......

    أسفاً يا قصورُ أهلُكِ ناموا.........فوقَ صدْرِ الثَرَى عُراةَ الصُدورِ
    رقدو حاسري العظام فلا قبْ...ر لهُم في التُرابِ أو في الشُعورِ

    وكذلك تقول....

    قصّة الحبِّ والجمالِ أهذا.......ما إليهِ تكونُ بعد صِباها؟
    تتصدَّ لها يدُ الزَمَن ألما..........حي فتُبلي ضياءَها وصداها


    أما عبدالوهاب البياتي فيقول.....
    ما زلت أحلم باللقاء ولا يني......روحي يرف لكل طيف عابر
    كم يقظة لي في الهوى بددتها.....في زهد صوفيّ وعفة شاعر

    وكذلك يقول...
    أنا في اللجّة أغرقت شراعي.....حينما أدركه الريح البليد
    وعلى الشاطيء أرقصت الأفاعي.....وتجرعت من الم العبيد



    أما الشعر الحداثي فهذا أدنيس فهو يتبع المنهج الرمزي وليس العروضي

    هذا والله أعلم.....

    *
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965
    أستاذي الكريم عبد الخالق

    هناك في كل صنف من الكلام شكل ومضمون وأسلوب

    قولك: أما الشعر الحداثي فهذا أدنيس فهو يتبع المنهج الرمزي وليس العروضي

    وهنا مقارنة شيء من المضمون والأسلوب في الشعر الحداثي مع الشكل في الشعر العمودي.

    وتستقيم المقارنة بين مضمونين أو شكلين أو أسلوبين.

    وفقك الله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    970
    للإستفادة وجدت نصا عن الشعر الحداثي هنا :

    الشعر الحداثي هو نوع من الشعر الحديث الذي يعتمد توجهاً فنياً خاصاً في الأداء الشعري إعتمدته جماعة من الشعراء رأت أن الشعر العربي في قوالبه الموسيقية والتعبيرية الكلاسيكية قد أدى دوره واستنفد طاقته وانتهى. فدعو إلى ترك بحور الشعر التقليدية وعروضها التي صنفها الخليل بن أحمد الفراهيدي وإلى الإنعتاق من كل القيود. ليس قيود البحور الشعرية والقافية فحسب وإنما من كل ما قد يوحي بأنه مجرد إمتداد للماضي.

    كانت البداية – بداية الثورة على الموروث الشعري – بالإستغناء عن بحور الخليل كنوتاتٍ موسيقية جاهزة (نوتات : جمع نوتة) يتم تركيب اللغة وتطويعها لتتناسب مع رتم البحر فلا تخرج عنه من مطلعها إلى خاتمتها...فابتكروا القصيدة التي أسموها بالحرة لتحررها من قيد البحر الخليلي والإلتزام بالقافية مع المحافظة على موسيقى الوزن المتأتية من وحدة التفعيلة. مستفيدين من موروث محفوظاتهم من القصيدة العمودية في تكثيف موسيقى النص

    هناك اسماء مرتبطه بهذا النوع من الشعر ومنهم أدونيس وعبدالله الغذامي و وحسين بافقيه. وهناك صراعا كبيرا بين التيارات الدينية المحافظة والحداثيين.
    يتولد الشعر من حيث لا ينتظر لا الشاعر ولا الآخرون .يأتي عاصفا مدمرا للذات حتى وان أرادت اللهو به فلا تستطيع .ذلك لأنه طفل لا يلهو إلا لكي يخترق جدارات اللغة والمتخيل محاولا الوصول إلى المجهول ،ذلك المجهول الذي لن يصل إليه أبدا وإلا شلت أطرافه جميعا وما عاد بشعر .انه أوديس جديد يتكون من الكلمات والحروف والأصوات ويعبر من خلالها وفيها وبها عن تواجده الحقيقي التخييلي فلا حقيقة له خارج التلقي الجنوني به .

    من هنا يكون الشاعر الملتبس به كذلك الذي يبحث عن مدينته الفاضلة دون أن يعرف الطريق إليها أبدا ، فما كل الطرق إليه تؤدي كما كانت روما قديما .



    إن مسألة تعريف الشعر غاية ليس في الصعوبة فحسب بل في الاستحالة أيضا، بمعنى أن ما قد تراه ذائقة أدبية شعرا تراه أخرى تفلسفا ليس إلا.لكن مع ذلك، نجد باحثين كبارا قد خصصوا كتبا هامة في مسألة تحديده.لكن الرأي النقدي الآن ينطلق من أن الشعر هو صياغة واعية ولا واعية في ذات الآن ، أي يحمل في طياته تلك الفورة النفسية العارمة المحملة بالتعبير الكلامي ، ولا يمكن أن يكون شعرا إلا من خلال وفرة التخييل فيه ، الذي أراه هنا عند الأديب حسين السليمان حين علق على ديوان وديع سعادة الموسوم ب "تركيب آخر لحياة وديع سعادة،وقد أصبح، أي التخييل، مناقضا للشعر ،حين يقول : "لنتصور أننا نعيد تكوين هذا المقطع ونعيد كتابته نجد في هذا النوع من الكتابة قدرة تخيلية وقدرة تركيبية متسلسلة، قدرة رياضية تضع العبارات جانب بعضها من دون فورة أحاسيس ولا مشاعر بل هناك منطق يحكمها ويمهد لها لن تكون شعرا إلا حين نكسر هذا المنطق بإقحام لون غريب بين الكلمات يجعلها أكثر مرونة وقابلة للطي وبالتالي تقفز إلى نياط القلب." وهو ما أثارني بالفعل. فالشعر تخييل وتجاوزات للتراكيب المعتادة ، حتى وان بدا للوهلة الأولى متجاوزا للحظة الانفعالية الأولى التي انبثق منها .من هنا اعتبرت الذائقة الشعرية الحالية أن الكتابة الصوفية النثرية هي شعر أكثر بكثير من الكتابة الصوفية المنظومة ، لأن لعبة الانزياح فيها تحققت بدون وعي مسبق من لدن أصحابها طبعا ،كما أن السوريالية غيرت من نظرة الشعر إلى ذاته بل من نظرة الآخرين له أيضا ،سواء من حيث التركيب أو حتى من حيث التعبير الداخلي إذ ركزت على تجاوز الانبثاق الأولي البسيط وقامت بإدماجه بالتعبير المشتغل عليه جيدا تركيبا ومعنى وحتى تلاعبا في بعض الأحيان ،حتى وان بدا للولهة الأولى وكأنه انشطار لغوي هائل بلا معنى .

    إن هذا التمييز بين التخييل والشعر لا يمكن قبوله مبدئيا،وإلا تحول الشعر إلى كلام عادي ،فقط هو شعر لأنه يعبر عن تجربة صادقة ليس إلا أو عن أفكار تولدت نتيجة تجربة عيشت بالفعل.

    لا . الشعر لا يصنع بالأفكار الكبرى .ولا بالتجارب فقط .انه يصنع بالكلمات كما يقول مالارميه.

    إن قول وديع سعادة:

    ليس بيننا كون، بل هواء أشكله كونا جديدا

    هو ليس شعرا فحسب بل هو شعر رائع .ففي هذه الصورة يتحقق العدم والوجود في ذات الآن، وهو إلى ذلك يعبر عن تجربة حقيقية في رؤية الحياة انطلاقا من العلائق المعيدة لعملية تشكيلها من جديد وفق حدس شاعري بامتياز.ثم من قبل هذا هناك قوله :

    لا قدم بيننا ،بل عطر يمشي

    إن أداة الاستدراك هنا ولدت طاقة شعرية مضاعفة ، حققت ما يسميه جون كوهن في كتابه النقدي الهائل بنية اللغة الشعرية بلحظة التوتر الشعري المتولد عن الانزياح اللغوي الذي يخلق انزياحا دلاليا مصاحبا له .فما هو الشعر إن لم يكن هو هذا الانفعال الاٍحساسي العميق الذي يطفح بالكلمات المعبرة عنه بهذه الانسيابية الاستدراكية القوية .لكني أعيد مع ذلك أن مسألة التلقي الشعري تختلف من ذائقة شعرية لأخرى .ومن هنا يظل الشعر في كينونته التعريفية منفلتا دائما عن الحصر أو القبض عليه متلبسا بثياب شعرية واحدة.

    أما قول الشاعر وديع سعادة :

    ها إنَّ يدي تفكّك أصابعها،

    وقلبي يفكّك شرايينه،

    وعيني تفكّك حَدَقتها التي يعلق عليها الأديب حسين سليمان بقوله :لنتصور أننا نعيد تكوين هذا المقطع ونعيد كتابته نجد في هذا النوع من الكتابة قدرة تخيلية وقدرة تركيبية متسلسلة، قدرة رياضية تضع العبارات جانب بعضها من دون فورة أحاسيس ولا مشاعر بل هناك منطق يحكمها ويمهد لها لن تكون شعرا إلا حين نكسر هذا المنطق بإقحام لون غريب بين الكلمات يجعلها أكثر مرونة وقابلة للطي وبالتالي تقفز إلى نياط القلب.

    فهي تنتمي إلى الشعر ، أولا بهذه القدرة التخييلية ذاتها التي يقرها الأديب حسين السليمان نفسه ، ثم بهذه القدرة التركيبية المتسلسلة التي تجعل من الصور تتلاحق في شكل صوري هائل ، حتى وان تم اعتماد التشكيلة الهندسية الشكلية التي تحكم البنية الشعرية في كليتها. ثم من قال إن الرياضيات ليس شعرا في بنيتها العميقة التي تتولد عنها رؤى حدسية غاية في الدقة والإحساس معا، إن الرياضيات في قوة عوالمها غاية في الشعرية.والأديب حسين السليمان أدرى بهذا لكونه وليد هذه الرياضيات ذاتها.لكن مع ذلك تبقى هذه الجملة الشعرية حبيسة هذه التكرارية التي طغت عليها مما أثر على شاعريتها المندفعة التي تجلت في بنية القصيدة ككل.

    إن الكون الشعري هنا ينمو بطريقة سلسة تعتمد بنية الحكي أيضا وهذا ما تحقق في التجربة الشعرية الجديدة ليس في بعدها العربي فحسب بل العالمي أيضا وأيضا. وهو ما أشارت إليه الشاعرة اللبنانية آمال نوار في تلقيها النقدي لهذا الديوان ذاته أي "تركيب آخر لحياة وديع سعادة".تقول ما يلي : "أكثر ما يُميّز قصيدة سعادة هو نموها الاستطرادي، الصادر عن نَفَس سردي، حيث الجُمل تتوالد من ذاتها في متواليات دلالية تستنفد احتمالات التأويل كلها، فيما الشاعر يُداورها ويُحايلها ويُهادنها ويُشاكسها ويستولدها ويُؤكّدها وينفيها…إلى أن تبلغ بياضها النهائي، وتقبض على الغياب. وهي في هذه الرحلة، لا تني تتخفّف من مضامينها، إنْ بالنفي أو التشكيك أو المحو، ولا تني تتعرّى من بلاغتها في سعي نحو نوع من الشعرية الخالصة التي تتجاوز معاييرها في نظر الشاعر حدود النقد الشعري الضيّقة."

    إن التنامي السردي هنا بقدر ما يبعد الشعر عن طبيعته الكلاسيكية المتمثل في الغنائية بالخصوص فهو يقربه من عالم الدرامية المتولدة عن الطابع المأساوي الذاتي الذي يتولد عن طريق خلق توتر بين الذات وبين العالم الذي تسعى للوصول إليه .هذا العالم الذي لن يكون في نهاية المطاف إلا اللامكان وبالتالي اللامان ، طالما ارتبط المكان بالألفة وأصبح حميما ،فهو لن يؤدي بالشاعر إلا إلى الركون إليه وبالتالي الابتعاد عن الاحتراف العنقائي والتجدد المستمر وهو نقيض الشعر تماما .

    إن الشاعر وديع سعادة وهو يعيد تركيب حياته وفق تصور يكسر منطقية الأشياء بانيا منطقا آخر من خلالها يمنح للقصيدة امتدادية الرؤى وأفقا مغايرا ، يجعلها تبني كونا مختلفا لا يتحقق الشعر فيه إلا اعتمادا على اختلافيته ذاتها .

    يقول: " والأرض الأخرى تمشي قبالتي ولا ألتفتُ إليها.

    لم أكن أجري في نهر. كنتُ بمحاذاة الأنهار أنتظر مائي

    أجلس على لا مكان، ولا يجلس معي زمن"

    إن هذا التماهي اللانهائي ليس مع الأشياء بل مع ما تقدمه من ظلال هاربة باستمرار لا يمكن القبض عليها إلا توهما .ولا شيء يخلق الشعر سوى التوهم .

    لكنه ذلك التوهم المنجرف وفق عوالم تنبني على الحلم الذي لا يسمح باللغة وهي تسعى جاهدة إلى ذلك بالقبض عليه .ومثل هذا الشعر المنفلت يصعب تلقيه كما يصعب تحديد معالمه ، فهو يمنح ذاته و لا يمنحها ، يظل دائما في مرحلة المابين ، مرحلة البرزخ العميق.

    هذا الكون الشعري يتأسس انطلاقا من الذات ويعود إليها ، فعن طريقها وبها ولها يصنع هذا الكون.يقول وديع سعادة ما يلي :

    "يا عيني التي وحدها تشرق عليَّ، الشروق والغروب هما هنا تحت رمشي.

    أُقيم في ظلّ إغماضه عينٍ وفي ظلّ انفتاحها، وليس في ظلّ الشموس البعيدة

    ويا عشباً مولوداً من خطواتي أعيش تحت أوراقك

    وتعيش معي أراضٍ ومجرَّات

    وترقص مخلوقاتٌ وتغنّي."

    من هنا فإن عملية تلقي هذا الكون تظل بعيدة.ربما أبعد مما يتصور حتى صاحبها.لأن مبنية وفق نظام الانقطاع لا الاتصال مع الكلمات المعتادة ، مع التخييل العادي .انه تؤسس كونها الشعري متفردة به كما ينبغي أن يكون هذا التفرد .وهو ما وجدنا أن الشاعرة اللبنانية آمال نوار تقبض عليه حتى في عملية انفلاته .تقول: "ولن نقع في قصيدة سعادة، الطائرة هذه، على حِمْل أخفّ من الكون! سرّها في هذا، أنّها تضمر الفضاء بنظرة، والمكان بغفوة، والزمن بذكرى.. لكأنّها تقيم لنفسها عالماً ذاتياً موازياً للعالم الخارجي، تأخذ فيها مفرداته اعتبارها من كونها أكثر تماهياً مع وجدان الشاعر- هذا الذي سيعيد تركيب حياته كي تشبه النسيم- فنرى كيف تحلّ فيها الكيمياء مطرح الفيزياء، والذاكرة مطرح الجغرافيا، والنقطة مطرح الكون، والغبار مطرح الحياة، وكون البال مطرح كون الحقيقة.." في حين ظل الشاعر السوري حسين السليمان بعيدا عن عملية القبض هاته إذ له نظرة مغايرة لمفهوم الشعر .فهو يرى "هناك بالفعل نمو والنمو ليس شعرا بل هو التفاف وترابط بنى. إنه الخلق البطيء الذي يريد زمنا للولادة يبني المادة لبنة لبنة، لكن الشعر كما أدركه ليس كذلك إنه طاقة وصاعقة تفتح المدارك بالغصب. والملاحظة في نصوص العمل أن القارئ يعمل الخيال ويعمل العقل للوصول إلى ما تريده المقاطع وهذا مادة درس غريبة الشكل عن الشعر الذي هو وحي يهبط في النفس بالثقل يتغلغل من دون حساب."

    إن ما يجب توضيحه هنا أن الشعر لا يمنح ذاته بسهولة، وشعر وديع سعادة من هذا النوع، انه يتطلب قارئا مشاركا في صناعة القصيدة مندمجا في كونها الشعري فاعلا قبل أن يكون منفعلا بها فحسب.ومن تأتي قيمة هذا الشعر الذي يكتبه بقلبه ووجدانه وبخياله وتخييله ، وبفلسفته اللانسقية واللايقينية في ذات الآن .

    إن مقطعا شعريا متعدد الدلالات والرؤى ومتوحد البنيات وموزعها لا يمكن أن يصدر إلا عن شاعر حقيقي، يرتجف الوجدان لدى قراءته.

    يقول وديع سعادة :

    "واقفٌ هنا، حيث يعبر الجسرُ وليس الماشون عليه

    يكفي أن أقف، لكي أصل.

    يعبر الجسرُ بي ويعرف وجهتي، يعرف أن لا وجهة لي إلاّ الوقوف

    المدى في عيني والأرض في قدمي

    وإن احتجتُ إلى رفاق، هم تحت جفني

    يتقلَّص الكونُ حتى يصير حدقتي

    ويدي تطْلق خرافها إلى كون، مراعيه رؤية

    يكفي أن تنظر حتّى تشبع

    ويكفي ألاّ تنظر، لئلاّ تجوع."

    إن هذا المقطع الشعري المنفلت من الاستعارات العتيقة والمؤسس لاستعاراته الخاصة ، الاستعارات التي يحيا بها في كونه الذاتي البعيد عن كل قيود التقليد وأمثاله من المقاطع الشعرية المتواجدة في الديوان والمشيدة لعوالمها الخصبة ،هو ما دفع بالشاعرة آمال نوار وهي تقرأه بعشق لأنه قريب من العوالم الشعرية التي تجد نفسها حاضرة في لهيبها النوري، تعرف الشعر في تلقائية ذات بعد شاعري جميل بقولها : الشعر ليس صوراً جميلة واستعارات ومجازات فقط. إنه أكثر من ذلك بكثير وأعمق بكثير، بمعنى أن توفر العناصر السالفة في قصيدة ما من دون تلك الحالة الأصلية السابقة عليها، لا يجعل مما نكتبه شعراً، لكنّ العكس صحيح، فالقصيدة الصادرة عن ذلك النبع الأول، اجل هي شعر وتقطّر شعراً، حتى ولو كانت متخففة من أي بذخ لغوي أو تقنية عالية في الشكل.

    أما الشاعر حسين السليمان فهو يقول عن الشاعر الحقيقي ما يلي :" الشاعر، إن لم يرتعش حين كتابة القصيدة وإن لم يحس بدماء أخرى تجري في عروقه وهو يخط الكلمات فعليه أن يدرك أن مايكتبه لا يمت لمادة الشعر بشيء."

    إن ما أريد تأكيده من خلال قراءتي لهذا الديوان "تركيب آخر لحياة وديع سعادة"،وهي قراءة لا أخفي بتاتا أنها عاشقة لشعره كما هو حال قراءة الشاعرة آمال نوار، أن هذا الشاعر كان يرتعش بالفعل وهو يشيد كونه الشعري الباذخ هذا .ودليلي ، إذا احتاج النهار إلى دليل ،قوله الشعري الرائع :

    "وَضَعَ قدمه على النقطة الأخيرة للحافَّة وراح يغنّي /للخطوة التالية."

    وختاما يمكن القول إن مسألة التلقي الشعري تدخل فيها عوامل متعددة ومتشابكة لم نشر إليها، وإما وقفنا على منظورين مختلفين تجاه شعر شاعر مشهود له بالقول الشعري المتميز وبالأفق التخييلي الهائل .ومسألة إثارة مثل هذه النقاشات النقدية الأدبية حول التجارب الشعرية الحداثية المعروفة ، مسألة غاية في الأهمية فهي تفتح الرؤى وتجعلها ترى بعضها البعض في مرايا متعددة وليس في مرآة واحدة أريد لها أن تكون دائما مصقولة .

    المصدر http://ejabat.google.com/ejabat/thre...9496da8f5cadc2
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    سبحانك اللهم وبحمدك ،أشهد أن لا إله إلا أنت،أستغفرك
    وأتوب إليك





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    970

    Icon100

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الخالق العمري مشاهدة المشاركة
    شكرًا لكِ أختاه

    طيب ممكن معرفة بحور شعر البياتي.....ونازك.....مع التقطيع
    ولك الشكر أستاذ

    في هذه الأبيات نقص وزيادة حرف على ما أظن أم هي أصلا كما كتبتها ؟
    2-عبدالوهاب البياتي

    السمفونية الغجرية
    كان المغني الغجري يرشقُُ العذراء بالوردة
    والعذراءُ مثل ريشةٍ تدور حول نفسها
    تحاول اللحاق بالليل الذي كان على مشارف ( الحمرا)


    سأقطع أبيات 3-نازك الملائكة كما طلبت


    حصاد المصادفات
    حينما يرقُد الهوى ميّتاً فو........ق تراب الأيام والأعوام
    وتعود الذكرى صدىً جامدَ الوَقْ........ع لعهدٍ مغلفٍ بالظلام

    حي2 نما 3 ير2 قُدل3 ه1 وى2 ميْ 2 يتاً 3 فو2 ........ق1 ترا3 بلْـ 2 أيْ2 ييا3 م ولـْ 3 أع2 وا2 مي2

    2 3 2 3 1 2 2 3 2
    ....... 1 3 2 2 3 3 2 2 2





    و1 تعو3 دذْ2 ذِك2 رى 2 صدَنْ3 جا2 مدَلـ3 وَقْ2 ........ع1 لعه3 دِنْ2 مغل3 لَفِنْ3 بظْ2 ظلا3 ميِ2
    1 3 2 2 2 3 2 3 2 ........1 3 2 3 3 2 3 2



    أرجو أن يكون التقطيع سليما ولكم التعليق !


    التعديل الأخير تم بواسطة (سليلة مسلم) ; 06-11-2014 الساعة 12:09 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    سبحانك اللهم وبحمدك ،أشهد أن لا إله إلا أنت،أستغفرك
    وأتوب إليك





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    4,594
    موضوع جميل تسلم استاذ عبد الخالق
    كنت سأدلوا بدلوي لو كانت النصوص نبطيه .. متابعتكم

    ودمتم بخير

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,965
    إضافة إلى ما ذكرته الأستاذة سليلة :

    الحداثة العربية ابتداء مرتبطة بالعداء للإسلام. وما خرج عن ذالك فهو نادر لا يقاس عليه.


    أنقل قول أدونيس من الرابط :

    http://arood.com/vb/showthread.php?p=3551#post3551

    "لا يمكن أن تنهض الحياة العربية ويبدع الإنسان العربي إذا لم تتهدم البنية التقليدية السائدة في الفكر العربي والتخلص من المبنى الديني التقليدي الإتباعي". استخدم أدونيس مصطلح الحداثة الصريح ابتداءً من نهاية السبعينات عندما أصدر كتابه: صدمة الحداثة عام 1978م وفيه لا يعترف بالتحول إلا من خلال الحركات الثورية السياسية والمذهبية، وكل ما من شأنه أن يكون تمرداً على الدين(*) والنظام تجاوزاً للشريعة(*)."

    للأستاذ أمين الجندي موضوع قيم :

    http://www.alukah.net/sharia/0/1028/

    وثمة مواضيع في المنتدى ذات علاقة على الروابط التالية :

    http://arood.com/vb/showthread.php?p=1695#post1695

    http://arood.com/vb/showthread.php?p=59938#post59938

    http://arood.com/vb/showthread.php?p=49662#post49662

    يرعاكم الله.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    الجوف...سكاكا
    المشاركات
    371
    حقاً جميعكم رائعون عندما عَصفتم بذهني بجميل أقلامكم وغزارة معلوماتكم
    ولأول مرة أعرف عن الشعر الحداثي وما يُخفي في طيّاته....
    هههههه وأنا أقول دوووووم كأنه خرابيش دجاج ...
    قوافي بليا إحساس والفكر ساسه...

    شكرًا لكم ملايين لا عدمنا منكم أجمعين بارك الله فيكم
    وكثر الله من أمثالكم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط