السلام عليكم يا جماعة و سأحاول إعطاءكم نظرة عن التسلسل النحوي في بعض أبياتي
ورغم علمي القليل بالنحو و الإعراب إلا أني وجدت ما يسر الخاطر و يفرح الناظر ويُعبق الحائر
أنَّ النحو التقليدي الذي يعرب في إتجاه واحد ليس عنده عندي محل من الإعراب أصلا والشرح يطول :
لنلاحظ البيت الذي إقترحته يا أستاذي خشان :
فالخفيفُ عَدْوُ العَجُولِ المُزْنُ *** و الحُفَا مِنْ قَوَافِلي َهَّنُوا
وقد رجعت إلى ما كتبتُ في الصيف الأخير عن المصادر و وجدتُ أنَّ المصدران " عَدْوُ " و " مُزْنُ " ممكنان في الفعل الثلاثي
أكتب لكم ما تذكره هذه المقدمة للمنجد ، في باب " مزيدات الأفعال " " ثمَّ المشتقات " وعند المصادر يقول : في النقاط الأربعة التالية :
1ـ وفي فَعُلَ أن يكون مصدرُهُ على فُعُولة أو فَعَالة : كسُهُولة ونَبَاهة و فَصَاحة .
2 ـ وفي فَعِلَ اللاَّزِم أن يكون مصدرُهُ على فّعَل : كَفَرَحَ و عَطَشَ و بَلَجَ.
3ـ وفي فَعَلَ اللاَّزِم أنْ يكون مصدرُهُ على فُعُول : كقُعُود و خُرُوج و نُهُوض.
4ـ وفي المتعدي من فَعِلَ وفَعَلَ أن يكون مصدرهُ على فَعْل : كفَهْم و نَصْر .
***
أمَّا فتح أو ضمُّ لما ضمُّ الفاء فسيأتي شرحه من لدني.
سأحاول الآن إعراب ذلك البيت على الخفيف : ( حسب ما ركبته وليس حسب النحو، ولكني أستعمل مسمياته ريثما يجدوا غيرها )
وأرجوا أن تضعوا أرقام لكل كلمة ذات وزن في البيت ثمَّ تربطوها ببعض بعد هذا الإعراب : وعلامات الإعراب أظن الجميع يعرفها ... فسأوجز ما استطعت و رأيته واضح.
فالخفيفُ عَدْوُ العَجُولِ المُزْنُ *** و الحُفَا مِنْ قَوَافِلي َهَّنُوا
ف : حرف توكيد.
الخفيفُ: مبتدأ أول مرفوع. وهو مستثنى منه.
عَدْوُ :تابع أو مضاف إليه للمبتدأ الأول .
المُزْنُ : نعتٌ للمبتدأ الأول وهو مضاف.
العَجولِ : تابع مقدم للنعت " المزنُ " أو مضاف إليه .
و: حرف عطف للشطرين، وخاصة للمستثنى منه و المستثنى الذي سنصله.
الحُفَا : مبتدأ ثاثي وهو المستثنى .، وهو الفاعل للفعل " لهَّنوا ".
من قوافلي : جار و مجرور ، شبه جملة ، في محل نصب مفعول به للفعل " لهَّنُوا "
لَهَّنوا : فعل ماضي مبنى على ضمِّ .
والجملة الإسمية :" عدْوُ العجولِ المُزْنُ " في محل رفع خبر المبتدأ الأول " الخفيفُ "
والجملة الفعلية :" الحفَا من قوافلي لهَّنوا " خبر ثاني للمبتدأ الأول " الخفيفُ "
والجملة الفعلية : " منْ قوافلي لهنوا " في محل رفع المبتدأ الثاني " الحُفَا "
*** أنتهى إعراب هذا البيت ***
لنتكلم الآن عن الإمكانية : لو كان مكان كلمة " عدْوُ " فعل مثل " عدى ـ يعدو " ـ إن سمح الميزان طبعًا ـ لكانت كلمة " الحفَا " مفعول مطلق أو غيره من المفعولات فيزداد الترابط النحوي بيت الصدر و عجزه.
بالنسبة للألف " العصا " في آخر هذه الكلمة أو غيرها فهي مسألة خلاف كانت و لاتزال قائمة : من أنها عرفت كعلامة إعراب في صيغ و عدم إعتمادها لتغيرها في صيغ أخرى ، فمثلا هي للرفع في حالة المثنى و النصب في الأسماء الخمسة ، وتحولها إلى ياء أو الواو أمر آخر ...
فأنا أعتبرها دمج للرفع و النصب وأستعملها في المبالغة كجمعٍ جامع ... ستقولون ما معنى جمع جامع؟
كلمة : حففَ ، بمعنى حفف بالشيئ ، قاربه ، علمه ، بحثه
كلمة ، حافي ، كلمة بمعنى يمشي بغير نعل ، جاهل ، قديم ، ...
تلاحظون أن فعل " حفَّ " لو اشتققنا منه اسم كمصدره مثلا هو : " حَفَّ " أو "حُفَّ " والفرق واضح بين هذين الأخيرين
حَفَّ الشيئ : أي أن الفاعل هو الذي قارب ذلك الشيئ. ، ...
حُفَّ الشيئ أو حُفَّ بالشيئ : أي أن الشيئ قارب الفاعل وليس العكس.
" لهذا السبب أستاذي خشان رفعت هذه الكلمة و أخر "
فأنا أعتبر هذه الكلمة تحمل عدت معاني فتعطي سريالية للبيت لا نظير لها : إذ تحمل البيت إتجاهين متعاكسين تمام و ربما أكثر.
وكنتُ حدثتك من قبل عن عمدا البيت في كل البحور وقلت الرقم 1 في الحرف العروض السادس و الثالث عشر واليوم أقول لك
أن نحو البيت يعتمد على كلمتين كذلك و ربما أكثر ... فمثلا في هذا البيت هما : " عدْوُ " و " الحفًا " بالإضافة إلى ما يحمله العروضة و الضرب في البيت ... وأنظر إلى هذا البيت مفعلا ولنستسغه :
فالخفيفُ عَدْوُ العَجُولِ المُزْنُ *** و الحُفَا مِنْ قَوَافِلي َهَّنُوا
فَالْفَعِيلُ فَعْلُ الْفَعُولِ الْفُعْلُ *** و المُفَاعِلْ فَوَاعِلِي فَعَّلُوا
***
لنرى بيت الشمع الذي به أفعال ولنعربه :
مَنْ رَأَ الشَّمْعُ الثَّمِيلُ فِي لاَ لُهَامَا *** خُفَّ يَدِنُو دَمْعًا لا سُكَامى
مَنْ : حرف جزم .
رَأَ : فعل مجزوم .
الشمعُ : فاعلٌ مرفوع .
الثميلُ : نعتٌ مرفوع للفاعل " الشمع ".
ف : حرف لا أعرف أسمًا له في النحو
أعني به القرب و المقابلة والمواجهة .
ي : ضمير المتكلم مضمر تقديره " أنا "
و شبه جملة " ف + ي = في " في محل نصب مفعول به للفعل " رأ " .
لا لأُهَامَا : حرف نفي و منفي ، شبه جملة ، في محل نصب حال للمفعول به
المقدر على الشبه جملة " في ".
خُفَّ : مفعول لأجله للفعل " رَأَ " ، وحال منصوبة لكلمة " دمعًا " التي سيأتي إعرابها.
يدنُو: فعل مضارع مرفوع .
والفاعل المرئي هو " الشمعُ " أمَا المعنوي فيتبع إسقاطات كلمة : " خُفَّ ".
دمعًا : مفعول به منصوب للفعل " يدنو ".
لا سُكَامى : حرف نفي ، ومُنفى ، شبه جملة في محل نصب حال ثانية للمفعول به " دمعًا"
ويمكن أسقاط كلمة دمعًا على " الحبر"
*** إنتهى الإعراب الثاني ***
كلمة : " خُفَّ " كذلك هنا تحمل عدة معاني وترون أنها رابط مع الفاعل بين شطري البيت.
وحكمها حكم ما قلنا عن كلمة : " الحفا " والحمد لله أنَّ هنا لا توجد " ألف"
لدينا : خُفَّ / خفيف / خِفَّة / الخُفُّ الإبل و الحافر الخيل / وفي زماننا هناك خفُّ المصلي ـ حداء خفيف ـ
وذاك مربط الفرس ، إذ شبهت مبدئيًا فويهة الشمع لبزوغ دمعه بمدخل الخفِّ فكان من المعاني ما استنبطتم.
***
والمثال الحي الذي تثقون فيه كمثل قول الأعشى :
إِمّا تَرَينا حُفاةً لا نِعالَ لَنا......... إِنّا كَذَلِكَ ما نَحفى وَنَنتَعِلُ
فكلمة : " نحفى " تحمل معنيين ،
ما نحفى ، أي الغنى ،ما نفتقر حتى نمشي حفاة على الأرض.
ما نحفى ، كذلك تعني أنَّهم لا يهزمون ، إذ شبه الشاعر نفسه أنه السيف ، ولا يحفى سيفه
ولا يهزم في المسايفة وهو على فرسه أو جواده ... لول التاء التي بالفعل " ترينا "
فهل تشبه الشاعر بسيفه غير وارد
وللملاحظة فقط فقد جاوبت الأعشى على هذا البيت
بوزن : 2 3 2 3 4 3 2 3 2
بقصيدة قنودية بعشر أبيات سميتها أولا " الرجل الطويل " ثم قلت هذا المديد
فسميتها : " الرجل المديد " واليوم أرى هذا الوزن هو الطويل + 2 في أول الشطريين .
فسأسميها إسمها الأول " الرجل الطويل " ولكنها تحتاج مراجعة منجدية لبعض الكلمات
في الأعاريض و الضروب.
وأحسن أبياتها :
3ـ شعراءٌ فحولٌ ما بررْ تمْ أباكمْ *** وأباكم تناسى ذاك و الهجر ولَّى
كنت أحسبه المديد و حولت حتى بيت الأعشى إلى هذا الوزن بحذف سبب من الشطرين.
***
تحياتي .
المفضلات