جزء من حوار مفيد حول الموضوع على الرابط:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78810
شكرا لك أخي وأستاذي الكريم
اللغة هي أداة الفعل في التفكير والتفاعل معه. ومن شأن اعتماد مصطلح معين أن يحسم الكثير من القضايا ليس العروضية بل والمصيرية كذلك.
لا يخفى عليك اثر ما قام به الأعداء من نسبة قضية كبيرة خطيرة إلى كيان مفبرك اقتطعوه من جسد الأمة وصمموه ليكون مصرفا لما صدروه من داء وبي. لا يخفى عليك أثر الاسم في تقرير مسار القضية وحسمها لصالحهم.
وهذا شأن خطورة استعمال اللغة في كل مجال بما فيها العروض.
الحديث في العروض له التوجهات التالية
1- التزام عروض الخليل ومقاربة ذلك بتفاعيله وأدواتها
2- التزام عروض الخليل ومقاربة المنهج الكلي للخليل بشكل شمولي تجريدي أو محاولة ذلك.
3- التزام عروض الخليل مع تعديل بعض حدود وحداته.
4- وضع عروض الخليل جانبا ومقاربة الشعر العربي بشكل جديد كما يفعل كثير من الغربيين والمستغربين.
في الحالتين الثانية والثالثة فإن مقياس النجاح والفشل في أي تمثيل جديد أو تيسير لطريقة تقديم العروض تعتمد على مدى موافقة نتائجها لعروض الخليل كما تقدمه تفاعيله. وأي انحراف في أي منهج جديد لجهة التوسع في قبول نتائج لم تجزها تفاعيل الخليل تدل على فجوة بين ذلك المنهج وتفاعيل الخليل يتطلب تطوير المنهج لتبقى نتائجه في إطار عروض الخليل.
وما تقدم يفيد أن ما ينتج عن أي التزام تقنين أكثر شمولية قد ينتج عنه تضييق لما لبعض ما وسعه الخليل. وفي هذه الحال فإن هناك فرق في النظرة بين استثقال بعض المسموحات في عروض الخليل والخروج عن عروض الخليل لمساحات لم يأذن بها. فالأول لا يخرج عن عروض الخليل بل ربما نظر إليه على أنه تشدد فيه.
ولهذا وحفاظا على نقاء عروض العربية كما وصّفه الخليل في تفاعيله ونتاجاته القطعية الوضوح التي هي المرجع اليقيني الوحيد لتقييم أي نهج جديد، أرى أن يتم الحفاظ على مصطلحات الخليل وتفاعيله كما هي. دون أن نوصد بابا لأية مقاربة جديدة على أن تختص أية مقاربة جديدة بمصطلحاتها الخاصة التي لا تلحق مع الزمن ظلالا بتفاعيل الخليل يصعب معها فرز الأصيل من الدخيل فيهتز هذا المقياس.
وليس في قولي هذا ما يناقض دعوتي لمنهج الرقمي الذي لا يقيم وزنا لحدود التفاعيل. والدعوة إلى الجديد هذا لا معنى لها إن لم يكن هناك مقياس يقيني للحكم على نتائجها، وليس دون تفاعيل الخليل مقياس موضوعي تطمئن له النفس لنتائج كل منهج جديد. بل ليس من مرجعية يجمَع على صحة نتائجها سوى مرجعية تفاعيل الخليل مهما كان الموقف منها، والعيب ليس فيها بل في اثر أخذها بمعزل عن كلية نهج الخليل الذي أرى أن الوعي عليه محدووووود وسيبقى محدودا.
ومن وعى بالرقمي على شمولية منهج الخليل تغدو تفاعيل الخليل وسائل عنده لمنهاج الخليل ومانعات لانحرافه عنه . كما يغدو التوافق في النتائج بين المنهج الجديد والتفاعيل مثالا يحتذى في الحكم على أي منهاج جديد آخر.
لكأن التفاعيل فتاوى سهل بها الخليل منهجه على من لا يطيقون الشمولية والتجريد . فمن وعى على المنهج والفتاوى فأنعم وأكرم، ومن وعى على الفتاوى دون اصل المنهج فعليه التزامها بحرفها وليس مؤهلا للاجتهاد بأمرها.
وأما من رفض المنهج والفتاوى فهو خارج هذا البحث.
ولهذا أفضل في التعديل الذي سبق حوارنا فيه حول تقسيم جديد للمقاطع بوحدات جديدة أن تدعى كل من هذه الوحدات في هذا السياق الجديد بالتراكيب وليس بالتفاعيل.
كانت هذه المقدمة ضرورية لتوضيح السياق العام الذي ينبغي أن يكون حاضرا في أي تجديد يتناول طرق تقديم العروض. فالعروض العربي ثابت لا يتغير والطرق تتغير وتتطور ومدى صحتها بمدى موافقة نتائجها لنتائج تفاعيل الخليل وإن اختلفت مع تفاعيل الخليل في مساراتها الخاصة بكل منها.
أعود إلى تفاصيل ما تفضلت به،
وأما الذي أراه بشأن هذه (التفعيلة)، وكل (تفعيلة)، ليس هو تقييدها في وتد وسبب أو سببين أو ثلاثة، وإنما فيما يتكرر نسقه في الشطر، والذي قد يكون سببا واحدا كما في بحر الخبب،
من شأن الأخذ بدقة مفهوم التفعيلة عند الخليل وضرورة احتوائها وتدا وخلو الخبب من الأوتاد أن لا يقال ( تفعيلة الخبب ) ولا ( بحر الخبب ) فالخبب إيقاع قائم بذاته ومساحته الضيقة في العروض العربي تغطي كل أو معظم أعاريض شعوب أخرى كالهنود ومعظم الأمم الغربية سواء مشابهة أو مضاهاة وارجو أن تطلع على الرابط حول العروض المقارن :
أو سببا ووتدا كما في بحر المتدارك ، أو سببين ووتدا كما في بحر الرجز، أو ثلاثة أسباب ووتدا كما في مخلع البسيط (مستفعلاتن مستفعلاتن) أو وتدين وثلاثة أسباب كما في بحر البسيط ( مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن)، أو أكثر من ذلك كما في بحري المنسرح والخفيف من بحور دائرة المشتبه
حديثك عن الوحدات الإيقاعية الأكبر حديث مهم ولنلاحظ هنا صنفين:
الأول : ويتضح فيه التكرار ويحوي
المتدارك : 2 3 وتكرارها
الرجز : 2 2 3 وتكرارها
مستفعلاتن 2 2 3 2 وتكرارها
والثاني كالخفيف : 2 3 6 3 2 3 2 وكل الشطر – كما يقول د. محمد العياشي وأنقله بلغتي كانطباع –وحدة واحدة لا تتجزأ .
وهذا القول وضرورة التعبير عن البسيط والطويل بوحدات إيقاعية أكبر من التفاعيل أدى بالأستاذ محمد العياشي إلى القول بأن أصل كل من البسيط والطويل قبل تغير الذائقة العربية هو :
باعتبار شطر البسيط من وحدتين 4 3 1 3 / 4 3 1 3 لأنه لا يستطيع تغيير النصف الثاني من الشطر فغير النصف الأول ليفرض صحة قاعدته، وكما تفضلت فإن أمر 3 2 3 وورودها في النصف الأول من الطويل هو حوالي 50% من الاحتمالات وليس لأحد أن يعمم أحد الاحتمالين. ومثله قال عن الطويل :
3 2 3 3 / 3 2 3 3 وهنا تخونه نسبة التعييم فما ورد من مفاعيلن 3 2 2 الأولى على مفاعلن 3 3 نادر وهذا يعيدنا إلى دور الهوى في اتخاذ الشوارد شواهد. وهو ما أحمد الله على أن جنّبني تعميمه في الرقمي وإشارتي إليه حيث ورد مؤيدا للموزون المستقى من الرقمي.
نعود إلى تسميتك مستفعلاتن مستفعلاتان بأنها مخلع البيسط
وأظنها هفوة غير مقصودة فهذا ينتسب للمنسرح شأنه شأن الشطر " فسر بود أو سر بكره "
وإذن ، يمكننا التخلي عن التفعيلة بالمفهوم الخليلي.
لا بأس من أخذ الحرية في الانطلاق وراء اية طريقة لتناول العروض العربي على أن يكون مرجعنا في تقييم نتائجها الأخذ بعروض الخليل كما تنقله يقينا تفاعيله ومفاهيمها
وإذا فكرنا أن نجاري الغربيين في أن تكون لنا تفاعيل مثلهم، قلنا إن السبب الخفيف عندنا تفعيلة، والثقيل أيضا تفعيلة ، والوتد المجموع تفعيلة .
لم ندعوها تفاعيل وهي في عروض الخليل مقاطع ؟ والرقمي حين انقطلق من المقاطع كوحدات أساسية فإنه لم يكن مجاريا للغربيين ولكنه كان معبرا عن دوائر الخليل التي أظهرت لها ساعة البحور أهمية تفوق ما كان معروفا من أنها مجرد طرفة لدى البعض أو أهمية جانبية لدى البعض الاخر.
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/r8-1/f2
فرض النبر بالقوي والضعيف على العروض العربي ذو شقين
الشق الأول اعتبار مقطع بذاته منبورا – الوتد عند فايل والسبب السابق للوتد عند الغول، وكل من قوليهما هذا مبني على عروض الخليل فهو يتأثر به ولا يؤثر فيه، شأنه في ذلك شأن الظل والجسم، ومن العجيب والجسم أمامنا بشحمه ولحمه أن نستقرأ خصائصه من ظله.
أما الشق الثاني فهو الذي يحدد مواقع للنبر ليست ذات صلة بعروض الخليل. وخير جواب على هؤلاء هو هذه الفقرة التي تكشف خطأ العروضيين الإنجليز والفرنسيين حين حاولوا الموائمة بين أعاريضهم والعروضين الروماني واليوناني القديم.
English is a stress-timed language, French is syllable-timed. Poets in both languages made efforts to import the quantitative metres from classical Greek and Latin. In French these attempts failed in a very short time, and became mere historical curiosities. French poetry remained with the syllabic versification system, which is congenial to a syllable-timed language. English Renaissance poets thought they succeeded in the adaptation of the quantitative metre. But they were doing something that was very different from what they thought they were doing: working in a stress timed language, they based their metre on the more or less regular alternation of stressed and unstressed syllables, and not as they thought, on the regular alternation of longer and shorter syllables. They used the same names and graphic notation for the various metres, but the system was utterly different, and well- suited to the nature of a stress-timed language
from:
ترجمة ما تقدم
الإنجليزية لغة نبرية، والفرنسية لغة مقطعية، وقد بذل شعراء اللغتين جهدهم لاستيراد الميزان الكمي من اللغتين اليونانية الكلاسيكية واللاتينية.
ولم يمض طويل وقت حتى اتضح فشل هذه المحاولات في الفرنسية، ولم يبق منها إلا طرفتها التاريخية. وبقي الشعر الفرنسي قائما على نظام مقطعي متجانس مع تلك اللغة ذات التوقيت المقطعي.
أما الشعراء الإنجليز في عصر النهضة فقد ظنوا أنهم نجحوا في تكييف الميزان الكمي، ولكن ما كانوا يقومون به كان مختلفا عما ظنوا أنهم يقومون به، ونظرا لأنهم كانوا يتناولون لغة نبرية فقد قعّدوا ميزانهم على التبادل المنتظم – بشكل أو آخر – للمقاطع المنبورة وغير المنبورة، وليس كما وهموه تبادلا بين المقطع القصيرة 1 والطويلة 2
لقد استعملوا نفس الأسماء والرموز لكافة الأوزان ولكن النظام العروضي كان مختلفا كليا، فقد كان نبريا مناسبا للغة قائمة على النبر. [ وليس نبريا]
فكيف ينجح ذلك في العربية.
بقي موضوع مهم جدا وهو دور الوتد في العروض العربي واعتباره وحدة واحدة وهذا ما يتم تجاهله في الأعاريض الأخرى حيث ينظر ل 1 2 كمقطعين عروضيين مختلفين وخطورة تطبيق هذا في عروض الفصيح هو المساواة بين 3 3 وأصلها الذي تتناوب معه 4 3 و 3 3 وأصلها 3 4 وربما السماح بورود 3 3.
قلت تأثيرها على عروض الفصيح إذ أن تأثيرها على عروض الشعر النبطي محدود لمحدودية الزحاف فيه وانحسار في تحول 2 2 إلى 1 2 في أول الشطر وآخره لا غير.
والله يرعاك.
المفضلات