أعزائي الكرام : مرحباً بكم

عرضت عليكم فكرتي في إدارة النقاش , فبادرتم -جزاكم الله خيراً - بالتعبير عن آرائكم حيالها . اسمحوا لي بالتعليق على بعض ما عرضتم , ثم أعود لفكرة تنظيم النقاش .

عزيزي المهندس خشان : لم أقصد تلخيص وجهات النظر حول الموضوع , فاعذرني رحمك الله . بيد أنّي أشعر بفائدة نتجت عن هذا الخطأ , فقد عبّرت عن موقفك حيال التفاعيل والمقاطع بطريقة محكمة لا تترك مجالاً للخطأ بعد اليوم .

الأخ الكريم سليمان : أتفق معك ومع الأخ خشان أن الاختلاف هو الأصل في النقاش وهو ظاهرة صحية تبشر بميلاد معرفة موسّعة وفهم متعمّق للموضوع المطروح . لكني أرى أنه لا يجب أن يكون غاية في حد ذاته بل وسيلة للوصول إلى غاية أسمى .

الأخ الدكتور عمر : حياك الله . أخي لم أقصد العودة بالنقاش إلى البداية , بل هي محاولة مخلصة لتوحيد نهج وغاية النقاش بحصره في نقاط معينة متسلسلة فكرياً ومنطقياً , وذلك تجنباً للاستطراق الممل والتكرار وسوء فهم وجهة نظر الآخر. وهذا – في الواقع – اقتفاء للمنهج العلمي في البحث والمناظرة .

أعود مرة أخرى إلى ما بدأت به :

يرى المهندس خشان أن الهدف من معرفة وحدات البناء الشعري هو :
" تسجيل الإيقاع بأقرب شكل إلى ذاته الحقيقية بعيداً عن الرأي الشخصي في تقسيمه بطريقة أو بأخرى , مع عدم استبعاد أي طريقة للتقسيم حسب الغاية منها "

ويرى الأستاذ سليمان أن الهدف هو :
" فك شفرة الإيقاع العروضي , وبدون ذلك سنظل نتخبط في تفسيرنا لسر جمال هذا الإيقاع المتفرد "

ويرى محدثكم أن الهدف هو :
" استعمالها في استخراج القواعد التي تحكم الإيقاعات الشعرية , والتي من خلالها (أي القواعد) نعرف بالفطرة صحيح الشعر من مكسوره "

ها نحن ثلاثتنا ( وأرجو من الدكتور عمر أن يسعفنا برأيه ) عبرنا عن أهدافنا من تحديد وحدات البناء الشعري بطرق متقاربة دون أن تكون متطابقة . فالمهندس خشان يريد تسجيل الإيقاع تسجيلاً ( رقمياً ) لصيقاً بذاته , مع عدم استبعاد أي تصنيف آخر حسب هدفه . فالهدف هو التسجيل ( الوصف الدقيق القريب من حقيقة الإيقاع ) . وهذا التسجيل لا يلزم أن يكون متفرداً , بل يمكن أن يكون هناك طرق أخرى لوصف الإيقاع . ولم أفهم من عبارة المهندس خشان أن الهدف من تحديد وحدات الإيقاع يراد له تجاوز مرحلة التسجيل والوصف إلى ما هو أبعد .

أما الأستاذ سليمان فهدفه أكبر - فك شفرة الإيقاع , وهي عبارة جامعة تعني الكثير . ففك الشفرة أو اكتشاف السر يعني , بالنسبة لي القدرة على قراءة النص ومعرفة أسراره . فكأنه يريد معرفة كل ما يحيط بأبنية الإيقاعات الشعرية . وكان بودي لو استعمل الأستاذ سليمان عبارات صريحة لتحديد هدفه .

ويرى محدثكم أن الهدف هو اكتشاف القواعد الكلية التي ينتظم من خلالها الإيقاع الشعري , انطلاقاً من ملاحظة أننا نطبقها كشعراء ومتذوقين في نظم وتقويم الشعر بالسليقة دون إدراك للقاعدة . فالوحدات ليست غاية بل وسيلة , وإذا صحت الوسيلة أدركت الغاية .

يبدو لي من هذا العرض , أنّي والأستاذ سليمان نريد الوصول إلى آخر الطريق , في حين أن المهندس خشان يريد قطع مرحلة منه . فمعرفة أسرار الإيقاعات توازي اكتشاف القواعد المسيرة له , وهي متوقفة على صحة اختيار المفردات التي تشكله . وفي المقابل يتسع المجال لوصف وتسجيل كل إيقاع على حدة من حيث نوع المفردات المستعملة .

لننظر الآن إلى ما يمكن أن يترتب على وجهتي النظر هاتين . يمكن تشبيه المسألة بالسعي لحل مسألة رياضية بأكثر من طريقة . فإذا صحت جميع الطرق أنتجت حلاً واحداً . لكننا غير قادرين على الحكم على صحة الطريقة حتى نصل إلى الحل , وغير قادرين على الحكم على صحة الحل حتى نجرب أكثر من طريقة . وفي ظني أن نقاشاتنا حول وحدت البناء الشعري : اهي التفعيلة ؟ أم المقطع العروضي ؟ أم المقطع اللغوي ؟ أم شيء آخر ؟ لن يقودنا إلى تقارب حتى نربطه بهدف أعلى نستطيع من خلال السعي إلى تحقيقه تجريب هذه الوحدات .

أشكر الجميع على سعة الصدر ,,,,,,,,,,,,