سرني تدخل الأخ خشان فيما حسبه خلافا في وجهات النظر بيني وبين الأخ خلوف ، فأراد ـ كما يقول ـ أن يسلك مسلكا يرضي كلينا . ومع ذلك فإني أخشى أن يكون خشان قد فتح بمداخلته تلك جبهة جديدة في موضوع ربما خالفناه كلانا ، فقد بدا لي أن الأستاذ خشان قد تحول بالنقاش إلى ما يمكن أن نسميه ( العروض التجريبي ) ، وليس هذا هو الموضوع الذي افتتحته في الحديث ، ذلك أني استندت إلى نماذج مسموعة من الشعر عاميه وفصيحه وهي نماذج لم يدر بخلد أصحابها النية في تجريب أنماط رياضية من العروض ، ومما زاد في قيمة عملهم أنهم جاءوا به مُغنّى فاكتسب بذلك بعدا موسيقيا كشف عن الكثير من جمالياته .
ولقد أبهجني قيام الدكتور خلوف بالعثور على نماذج تراثية للنمطين الذين أشرت إليهما كما أن مما زاد في اطمئناني أنه لم يقلل أبدا من قيمتهما الموسيقية ، غير أنه رأى فيهما بعدا عن النمط الدوبيتي كما يراه هو وليس حسب تصوري الذي عبرت عنه بمحاولتي تقديم أوراق اعتماد هذين النمطين للانتساب إلى عائلة الدوبيت ( وأنا هنا أستعير مصطلح الأستاذ خشان بدلا من مصطلح الفصيلة أو الجنس ) ، وقد كان ذلك هو ما أملت أن يتناوله الأخ خشان وغيره من المشاركين في المنتدى بمداخلاتهم .
لقد طرح خشان فكرة إمكانية تدوير نسق الدوبيت ، والملاحظ أن هذه الفكرة مأخوذة من العروض الخليلي القائم على تناوب السبب والوتد . غير أننا لا نرى في الدوبيت إلا أثرا ضئيلا من التفعيل الوتدي لا يكفي لإجراء التدوير على كامل النسق المحاط بسياج خببي ، وربما أمكن تدوير تفعيلته الوتدية بحيث تشكل دائرة جزئية فنشتق من مسفتعلن فاعلاتن ومفاعيلن . وسبب استحالة تدوير النسق الخببي أنه جميعه مؤلف من عنصر واحد لا يحتمل التدوير ( فالتدوير يشترط وجود عنصرين متغايرين ) . أما ما رآه الأخ خشان يستوجب التدوير في محاولاته التجريبية فلا يعدو تحققات (realizations ) مقطعية متغايرة لعنصر واحد في النسق الخببي هو السبب الثقيل .