أرى أن أحكام المد في العروض تظهر متقلصة كلها إلى الحد الأدنى من القيم العددية لتعطى دائما قيمة المد الطبيعي وهو( 2 )وقد فرض هذا التقلص نفسه بسبب الحاجة إلى توحيد النسق الإيقاعي في الأذن لدى قارئي الشعر على اختلافهم في سرعة القراءة . وبهذا فإن العروض عامة قد تخلف عن إعطاء أحكام المد حقها الذي حازته في الترتيل .
استوقفتني هذه العبارة لعمقها وأهميتها.

كنت سأتفق لو قلت في معرض المقارنة بين العروض ( محدد وزن الشعر ) وأحكام التلاوة ( ضابطة ‏لفظ كتاب الله الكريم) :" وبهذا فإن حكم العروض عامة قد اختلف عن أحكام المد في الترتيل .

فهما مساران مختلفان.

وأراك قاربت هذا المفهوم في حديثك عن النسق الإيقاعي في الشعر ودوره في الاختلاف.‏

الشعر كم وهيئة الهيئة تعني ضبط التناسب بين المقاطع كافة، والكم منه الخاص بالمقطع ومنه ‏النسبي المأطور بالهيئة. بينما نرى أن أحكام المد تتوقف على طبيعة الحرف ذاته وعلاقته بحرف ‏يتلوه غالبا، وقد تكون هناك اعتبارات أخرى لا أعرفها.‏

تميز القرآن بفرادته مضمونا ولغة وبيانا ثم تلاوة

ولذلك أرى أن تميز أحكام تلاوته عن العربية شعرا ونثرا يصب في هذا المجال من التميز.‏
فإن قصيدة ما يلقيها عدة أشخاص بمدود مختلفة لا تفقد شيئا من خاصية موسيقاها الشعرية.‏

ولهذا فإن من رأى في عدم تفريق الخليل بين با = 2 وبأْ = 2* ثغرة في العروض قد جانبه الصواب، ‏ذاك أنه في جانب من موقفه كان يدفع بالشعر باتجاه تقليد مبدئي للتلاوة، إضافة إلى الأسباب ‏الأخرى.‏

مما يمتع في ما يتولد من حوارات في الرقمي تداعيات هذه الحوارات وفتحها أبوابا غير متوقعه. وما ‏أظن هذه النقطة إلا بداية لتعميق النظر في هذا الأمر. وأرى أنكما أنت واستاذتي ريمة الخاني مؤهلتان للريادة في هذا المضمار.

وأرى من المناسب الختم بهذه الطرفة عن ابن جني "وعلى ذلك قال أبو إسحق لإنسان ادعى له أنه يجمع بين ألفين وطوّل الرجل الصوت بالألف فقال أبو إسحق لو مددتها إلى العصر لما كانت إلا ألفا واحدة"

أرجو أن تطلعا في هذا الإطار على مواضيع :‏

الكم والهيئة : ‏https://sites.google.com/site/alarood/kam-wa-hayaah‏

ثغرة العروض : ‏https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/thaghrah‎

الخيط والنسيج :https://sites.google.com/site/alaroo...wama-allamnaho


يرعاك ويرعاها الله.‏