وهنا فصل آخر من حوار حول التجديد في الوزن افتتحه الأخ الأستاذ سليمان أبو ستة.
http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=7293
1- سليمان أبو ستة
من بدائع العروض
منذ القدم ، وربما من قبل أن يجف الحبر الذي كتب به الخليل كتاب العروض، والشعراء العروضيون يواصلون تذمرهم مللا من الأوزان التي كتبعليها العرب أشعارهم في الجاهلية، فتراهم بين الحين والحين ينتفضون لقتل هذا المللبقصائد على أوزان يريدون لها أن تكون غريبة عن عروض الخليل. وأول هؤلاء عرفناه منكتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، قال: "وهو عبدالله بن هارون بن السميدع، مولىقريش، من أهل البصرة. وأخذ العروض من الخليل ابن أحمد، فكان مقدماً فيه. وانقطع إلىآل سليمان بن علي وأدب أولادهم، وكان يمدحهم كثيراً، فأكثر شعره فيهم. وهو مقلجداً. وكان يقول أوزاناً من العروض غريبة في شعره، ثم أخذ ذلك عنه ونحا نحوه فيهرزين العروضي فأتى فيه ببدائع جمة، وجعل أكثر شعره من هذا الجنس. فأما عبدالله بنهارون فما عرفت له خبراً ولا وقع إلي من أمره شيء غير ما ذكرته".
ولم نعرف منبدائع رزين الجمة إلا قصيدة يتيمة قيل إنها بلغت ستين بيتا مدح بها الأمير الحسن بنسهل ومات قبل أن ينشده إياها، وأولها
قربــوا جمالـــــهمُ للرحيلِ** غدوةًأحبّتكَ الأقربوكْ
خلَّفوكَ ثم مضوا مُدلجينَ**مُفرَداً بهمّكَ ماودعوكْ
وفيها حسب ما نقلته من معجم الأدباء لياقوت قوله:
من مبلغ الأميرأخي المكرمـات ** مدحة محـبـرة فـي ألـوك؟
تزدهي كواسطة في الـنـظـام ** فوق نحرجارية تـسـتـبـيك
يابن سادة زهـر كـالـنـجـوم ** محـيياً سـيادة مـاأولــوك
ذو الرياستين أخوك الـنـجـيب ** فيه كـل مـكـرمة وفــيك
ذوالرياسـتـين وانـت اللـذان ** يحييان سُـنّة غـازي تـبـوك
لم تـزالا حـياًلـلــبـــلاد ** والعباد ما لكمـا مـن شـريك
أنتما إن أقحـط الـعـالـمـون ** منتهى الغياث ومأوى الضـريك
يابن سهلٍ الحسنَ المسـتـغـاث ** وفي الوغى إذااضطرب الفكيك
يا لمن ألـح عـلـيه الـزمـان ** مفزع لغيرك يا بن الـمـلـوك
لاولا وراءك لـلـراغـبــين ** مطلب سـواك حـاشـا أخـيك
ووزنها على النحو التالي :
فاعلن مفاعَلَتن فاعلاتُ ** فاعلن مفاعلتن فاعلاتْ
إلا في نحو خمسة أشطريبدو أنه وقع في نسخها تحريف.
ولقد توارت هذه القصيدة (البديعة) في زواياالنسيان؛ ومع ذلك فلم نعدم وجود مثلها في كل عصر من عصور الشعر يخرج علينا فيهاصاحبها متذمرا من طول استهلاك أوزان الخليل، لتحتل قصيدته مكانها في تلك الزوايا. وآخر تلك المحاولات ما تصدى له أخونا الأستاذ خشان خشان بالرد عليه وعلى غيره ممنيطلعون بين الفينة والفينة باكتشاف وزني جديد.
نصيحتي، إذن ، لكل سدنة هيكلالخليل أن افسحوا المجال لهؤلاء الشعراء العروضيين فلعلهم يتحفوننا، كما أتحفنارزين، ببعض من بدائعهم الجمة!
---------------------------------
2- خشان خشان
كثيرا ما نقع اختلافات في وجهات النظر. وقليلا ما تؤدي هذه الاختلافات إلى مثل هذه الفائدة التي انتهى إليها اختلاف وجهتي النظر بيني وبينأخي الأستاذ رياض بن يوسف. حتى ليدفعني ذلك إلى القول بأنه لولم يكن مثل هذاالاختلاف في وجهات النظر موجودا لوجب علينا أن نفتعله تحفيزا للتفكير وطلباله.
أقول هذا وأمامي قول أخي الأستاذ سليمان أبو ستة :
اقتباس:
"
.............وآخرتلك المحاولات ما تصدى له أخونا الأستاذ خشان خشان بالرد عليه وعلى غيره ممن يطلعونبين الفينة والفينة باكتشاف وزني جديد.
نصيحتي، إذن ، لكل سدنة هيكل الخليل أنافسحوا المجال لهؤلاء الشعراء العروضيين فلعلهم يتحفوننا، كما أتحفنا رزين، ببعض منبدائعهم الجمة! "
إن إفساح المجال شيء وعدم الحوار حوله شيء آخر.
ليس لي ولا لسواي حق فسح أو عدم فسحالمجال، فالمجال للجميع ولكل أن يقول ما يشاء، ناهيك عندما يكون القائل أستاذا في الأدب العربي والعروض كأستاذنا رياض.
ولكني أرى أنه يجب أن يصاحب إفساح المجالللقول إفساح المجال لنقده والحوار حوله. فإن الأمرين معا ضروريان. شأنهما معا كدعاستي الوقود والكوابح للسيارة. من أجل تقدم فيه حفظ للتوازن بين الانفلات والجمود. وبقدر اعتقاد صاحب الرأي بوجاهته بقدر ما يكون ترحيبه بتناوله ونقده فذلكما يمحصه ويبين مدى صحته.
اقول هذا أيضا وأنا أمامي قولك أخي سليمان في كتابك القيم (نظرية في العروض العربي) - الذي أفادني كثيرا في أهم موضوعين في الرقمي وهماهرم الأوزان والتخاب - :
اقتباس:
"...........وكذلك فإن الخليل جعل العروض والضرب على وزن (فاعلن) شاهده عنده :
إن قدرنا يوما على سالمٍ....ننتصف منه أو ندعه لكم
وكان من حق الخليل [ من حقه أم عليه ] أن يلتفت في ذلك إلى ما صنعه في البسيط حين ألزم عروضه والضرب الخبن، وهكذافإنه كان يرسم للوزن طريقا، ويتخذ الشعراء طريقا آخر يجدونه أقرب إلى الطبع منه إلىالصنع. "
محقأنت أخي سليمان في قولك، وكان موقفك هذا من الخليل في هذا الوزن خيرا علي وبركة،أفلا يكون في ذلك قدوة لي ولسواي في الحوار مع اي كان حول أي وزن كان في حدودالتناول الموضوعي الذي يعود خيرا وبركة على الجميع، مع اعتقادي سلفا إن أيا منالآراء قد يكون فيه قسط من الصواب أو الخطأ، ولا يظهِر ذلك سوى الحوار الموضوعي.
ثم إني أرى في حواري مع الأخ الأستاذ رياض فائدة تعدت أهمية النص، بما قادت إليه من شمول الطرح وفتح آفاق جديدة فيه. وإحدى ثمارها دخولك أستاذي في هذا الحواربهذه المشاركة القيمة التي آمل أن تكون رافدا بناء للحوار ويسعدني أن أكون أول المشاركين فيها. والتي آمل أن تنتجح بها في إشراك أستاذي د. عمر خلوف في هذاالحوار. وسوف أكتب لأخي الأستاذ رياض يوسف ليشاركنا الحوار هنا.
الرقمي رسالة فكرية لدي بمقدار ما يبعث من حراك فكري أراه أسمى تقدير لإمامنا الخليل.
وليبإذن الله عودة إلى أبيات رزين.
والله يحفظك ويرعاك.
---------------------------
3- خشان خشان
بين الكتابة باختصار عن وزن أبياترزين، وانتظار وفرة وقت تبدو بعيدة لإيفائها حقها ، اخترت الكتابةباختصار
كل جديد في الوزن نجد له قبولا في ذائقتنا بقدر ما فيه من مشترك مععروض الخليل، بوصفه ممثلا للذائقة العربية.
أغلب أبيات هذه القصيدة يمثلهوزن البيت التالي:
قربوا جمالهمُ للرحيلِ (لْ ؟ ).....غـدوةً أحبّتـكَ الأقربـوكْ
الصدر = قر ربو جما لَ همو لرْ رحيلْ = 2 3 3 1 3 2 3 2
العجز = غدْ وتنْ أحبْ بَ تكلْ أق ربو كْ = 2 3 3 1 3 2 3ه
قربوا جمالهمُ (و) = غدوةً أحبّتكا
2 3 3 1 3 ............2 3 3 1 3
هذا وزن المقتضب
تضحكين من سقمي......صحتي هي العجبُ
2 3 3 1 3 .............2 3 3 1 3
تضحكين من سقمي يا ليالْ....صحتي هي العجب كالخيالْ
2 3 3 1 3 2 3 ه ..................2 3 3 1 3 2 3ه
تضحكين من مسقمي أُخَيّهْ.....صحتي غدت فيّ كالبليّـهْ
2 3 3 2 3 3 2 .............2 3 3 2 3 3 2
جاء فيأهدى سبيل عن المقتضب : " أصل تفاعيله – مفعولاتُ مستفعلن مستفعلن "
مفعلاتُمستفعلن مستفعلن = 2 3 3 2 3 2 2 3
مفعلاتُ مستــعلن مستفعلْ = 2 3 3 1 3 2 2 2
مفعلاتُ مستــعلن مُـسـتعلْ = 2 3 3 1 3 2 3
مفعلاتُ مستـفـعلن مــتفعلْ = 2 3 3 2 3 3 2
وزوجية صيرورة مستفعلن = 4 3 في أواخر الأعجاز ( والأشطر عموماأحيانا ) إلى ما يبدو فاعلن = 2 3 و فعولن = 3 2 محور الرابط :
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/azwaj
الرقمي شكل ومضمون، ومن فوائد الشكل فيه النفاذ عبر حدود التفاعيل التي وإن عبرت عن الوزنإلا أنها قد تحجب الرؤية لأنها تعبر عن حالة خاصة من الوزن ولا تعطي المقاطع وصفها الصحيح كأسباب وأوتاد. وإن كانت الرؤية للجوهر واضحة في الرجز مثلا عندما يعبر عنه :
مستفعلن مستفتعلن فعولن
لجهة أن فعولن = 3 2 إنما هي متفعل3 2 أي أن فعو هي سببان خبن أولهما وقد يتجاوران في شطريالبيت أو بيتين من نفس القصيدة ، كما في قول البهاء زهير
كَأَنَّهُ الأَشهَرُ مِن أَسمائي.......... أَخرَقُ ذو بَصيرَةٍعَمياءِ
3 3 2 1 3 2 2 2 ................2 1 3 3 3 2 2 2
لا يَعرِفُالمَدحَ مِنَ الهِجاءِ .......... أَفعالُهُ الكُلُّ عَلى اِستِواءِ
2 2 3 2 1 3 3 2 ...............2 2 3 2 1 3 3 2
فإن الأمر يلتبس على القارئ فيحالات أخرى.
فاعلن مفاعَلَتن فاعلاتُ = 2 3 3 1 3 2 3 1
الأزرق سبب مزاحف أو غير مزاحف والأحمروتد – لا يجتمع وتدان أصيلان أبدا في الشعر العربي
إن القول بهذهالصيغة من الوزن يعني جواز مجيئه على ( مع تحييد المتحرك الأخير في الصدر تسهيلا )
1 3 3 2 2 2 2 3 = فعِلن مفاعلـْتن فاعلا
ويبدو النص إذ ذاك ( بعد تحريفه)
قرَنوا جمالاللتّرحال في ..........غدهم أحبّاءٌ قد جاوروكْ
وفي هذه الصيغة مخالفتان للقواعد العامة لأوزان البحور في الشعر العربي هما اجتماع وتدين أصيلين وتتالي أربعة أسباب.
بينما اعتبار الوزن
2 3 313 2 3 = مفعلا تمس ت علن مستعلْ
إضافة إلى خروجه من مأزقي تجاور وتدين أصيلين وأربعة أسباب يجعل من الممكن جعل الوزن
2 3 3 2 3 2 3 ه = مفعلا تمس تف علن مستعلْ
قربوا جمالاتهمُ للرحيلْ.....غدوةً أحبّاؤك الأقربوكْ
وينظر إلى هذا الوزن عادة على أنه
2 3 1 - 2 2 3 - 2 3 ه ......... من الخفيف.
وهذا يجعله ثقيلا في سياق أبيات الخفيف لمخالفتهما يصفه الرقمي بالاستئثار
ثمة ظلال واحتمالات كثيرة آمل أنيستفيض الحوار حولها.
أذكر منها هنا علاقة هذا بالبيت:
أتانا مبشرنـا.....بالعذاب والنذر
3 23 1 3 .........2 3 3 1 3
كالقول :
أناخوا جمالهمُ للرحيلْ ....غدوة أحبتك الأقربوك
هو موضوع شيق – يتقاطع مع هرم الأوزان – وفيه مجال للاسترسال، فليعذر القارئ الكريم ما قد يراه من عدم إحكام الربط أو عدم التناهي في الدقة والبحث.
ألا ترى أخي سليمان أن رزين نالقبولك بما له من تواشج مع الخليل كما عبرت عن ذلك مجموعاتك المتواشجة معدوائره.
أخي سليمان ، ليتك تعرف مدى إلحاح أمنية أن ينال الرقمي شرف تملكك له وسيلة تليق بثري علمك لتحمله على ما يليق به من جناح وتنطلق به إلى الآفاق التي أراك المؤهل لارتيادها.
شكرا على ما أتحته لي من استعراض لبعض فوائدالرقمي.
__________________
العروض الرقمي تواصل مع فكر الخليل وصدور
المفضلات