النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: قصيدة حيرتني

  1. #1

    قصيدة حيرتني

    قصيدة نزار قباني كل عام و أنت حبيبتي

    أتمنى نقطعها ..

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    أقولُها لكِ،

    عندما تدقُّ السّاعةُ منتصفَ اللّيلْ

    وتغرقُ السّنةُ الماضيةُ في مياهِ أحزاني

    كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورقْ ..

    أقولُها لكِ على طريقتي ..

    متجاوزاً كلَّ الطقوسِ الاحتفاليّهْ

    التي يمارسُها العالمُ منذ 1975 سنة ..

    وكاسراً كلَّ تقاليدِ الفرحِ الكاذب

    التي يتمسّكُ بها الناسُ منذ 1975 سنة ..

    ورافضاً ..

    كلَّ العباراتِ الكلاسيكيّة ..

    التي يردّدُها الرجالُ على مسامعِ النساءْ

    منذ 1975 سنة ..



    2

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    أقولها لكِ بكلِّ بساطهْ ..

    كما يقرأُ طفلٌ صلاتهُ قبل النومْ

    وكما يقفُ عصفورٌ على سنبلةِ قمحْ ..

    فتزدادُ الأزاهيرُ المشغولةُ على ثوبكِ الأبيض ..

    زهرةً ..

    وتزدادُ المراكبُ المنتظرةُ في ميناءِ عينيكِ ..

    مركباً ..

    أقولُها لكِ بحرارةٍ ونَزَقْ

    كما يضربُ الراقصُ الإسبانيُّ قدمهُ بالأرضْ

    فتتشكَّلُ آلافُ الدوائرْ

    حولَ محيطِ الكرةِ الأرضيّهْ



    3

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي

    هذهِ هي الكلماتُ الأربعْ ..

    التي سألفُّها بشريطٍ من القصبْ

    وأرسلُها إليكِ ليلةَ رأسِ السنهْ

    كلُّ البطاقاتِ التي يبيعونَها في المكتباتْ

    لا تقولُ ما أريدُه ..

    وكلُّ الرسومِ التي عليها ..

    من شموعٍ .. وأجراسٍ .. وأشجارٍ .. وكُراتِ ثلجْ ..

    وأطفالٍ .. وملائكهْ ..

    لا تُناسبُني ..

    إنني لا أرتاحُ للبطاقاتِ الجاهزهْ ..

    ولا للقصائدِ الجاهزهْ ..

    ولا للتمنّياتِ التي برسمِ التصديرْ

    فهي كلُّها مطبوعةٌ في باريس، أو لندن، أو أمستردام ..

    ومكتوبةٌ بالفرنسية أو الإنكليزية ..

    لتصلحَ لكلِّ المناسباتْ

    وأنت لستِ امرأة المناسباتْ ..

    بل أنتِ المرأةُ التي أحبُّها ..

    أنتِ هذا الوجعُ اليوميُّ ..

    الذي لا يقالُ ببطاقاتِ المعايَدهْ ..

    ولا يقالُ بالحروفِ اللاتينيّهْ ..

    ولا يقالُ بالمراسلَهْ ..

    وإنما يقالُ عندما تدقُّ السّاعةُ منتصفَ اللّيلْ ..

    وتدخلينَ كالسمكةِ إلى مياهي الدافئهْ ..

    وتستحمّينَ هناكْ ..

    ويسافرُ فمي في غاباتِ شَعركِ الغجريّْ

    ويستوطنُ هناكْ ..



    4

    لأنني أحبُّكِ ..

    تدخُلُ السّنةُ الجديدةُ علينا ..

    دخولَ المُلوكْ ..

    ولأنني أحبُّكِ ..

    أحملُ تصريحاً خاصاً من الله ..

    بالتجوُّلِ بينَ ملايينِ النجومْ ..



    5

    لن نشتري هذا العيد شجرهْ

    ستكونينَ أنتِ الشجرهْ

    وسأعلّقُ عليكِ ..

    أمنياتي .. وصلواتي ..

    وقناديلَ دموعي ..



    6

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    أمنيةٌ أخافُ أن أتمنّاها

    حتى لا أُتّهَمَ بالطمعِ أو بالغرور

    فكرةٌ أخافُ أن أفكّرَ بها ..

    حتى لا يسرقَها الناسُ منّي ..

    ويزعموا أنهم أوّلُ من اخترعَ الشِعرْ ..



    7

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    كلَّ عامٍ وأنا حبيبُكِ ..

    أنا أعرفُ أنني أتمنى أكثرَ مما ينبغي ..

    وأحلمُ أكثرَ من الحدِّ المسموحِ به ..

    ولكنْ ..

    من لهُ الحقُّ أن يحاسبني على أحلامي؟

    من يحاسبُ الفقراءْ ؟

    إذا حلموا أنهم جلسوا على العرشْ

    لمدّةِ خمسِ دقائقْ ؟

    من يحاسبُ الصحراءَ إذا توحَّمَتْ على جدولِ ماءْ ؟

    هناكَ ثلاثُ حالاتٍ يصبحُ فيها الحلمُ شرعياً :

    حالةُ الجنونْ ..

    وحالةُ الشِّعرْ ..

    وحالةُ التعرُّفِ على امرأةٍ مدهشةٍ مثلكِ ..

    وأنا أُعاني - لحسنِ الحظّ -

    منَ الحالاتِ الثلاثْ ..



    8

    اتركي عشيرتكِ ..

    واتبعيني إلى مغائري الداخليّهْ

    اتركي قبّعةَ الورقْ ..

    وموسيقى الجيركْ ..

    والملابسَ التنكريّهْ ..

    واجلسي معي تحتَ شجرِ البرقْ ..

    وعباءةِ الشِّعرِ الزرقاءْ ..

    سأغطّيكِ بمعطفي من مطرِ بيروتْ

    وسأسقيكِ نبيذاً أحمر ..

    من أقبيةِ الرُّهبانْ ..

    وسأصنعُ لكِ طبقاً إسبانياً ..

    من قواقعِ البحرْ ..

    اتبعيني - يا سيّدتي - إلى شوارعِ الحلمِ الخلفيّهْ ..

    فلسوفَ أطلعُكِ على قصائدَ لم أقرأها لأحدْ ..

    وأفتحُ لكِ حقائبَ دموعي ..

    التي لم أفتحها لأحدْ ..

    ولسوفَ أحبُّكِ ..

    كما لا أحبَّكِ أحدْ ..



    9

    عندما تدقُّ السّاعةُ الثانيةَ عشرهْ

    وتفقدُ الكرةُ الأرضيّةُ توازنَها

    ويبدأُ الراقصونَ يفكّرونَ بأقدامهمْ ..

    سأنسحبُ إلى داخلِ نفسي ..

    وسأسحبكِ معي ..

    فأنتِ امرأةٌ لا ترتبطُ بالفرحِ العامْ ..

    ولا بالزمنِ العامْ ..

    ولا بهذا السّيركِ الكبيرِ الذي يمرُّ أمامَنا ..

    ولا بتلكَ الطبولِ الوثنيّةِ التي تُقرعُ حولنا ..

    ولا بأقنعةِ الورقِ التي لا يبقى منها في آخرِ اللّيل

    سوى رجالٌ من ورقْ ..

    ونساءٌ من ورقْ ..



    10

    آهٍ .. يا سيّدتي

    لو كانَ الأمرُ بيدي ..

    إذنْ لصنعتُ سنةً لكِ وحدكِ

    تفصّلينَ أيّامها كما تريدينْ

    وتسندينَ ظهركِ على أسابيعها كما تريدينْ

    وتتشمّسينْ ..

    وتستحمّينْ ..

    وتركضينَ على رمالِ شهورها ..

    كما تريدينْ ..

    آهٍ .. يا سيّدتي ..

    لو كانَ الأمرُ بيدي ..

    لأقمتُ عاصمةً لكِ في ضاحيةِ الوقتْ

    لا تأخذُ بنظامِ السّاعاتِ الشمسيّةِ والرمليَّهْ

    ولا يبدأُ فيها الزمنُ الحقيقيُّ

    إلا ..

    عندما تأخذُ يدكِ الصغيرةُ قيلولتَها ..

    داخلَ يدي ..



    11

    كلَّ عامٍ .. وأنا متورّطٌ بكِ ..

    ومُلاحقٌ بتهمةِ حبّكِ ..

    كما السّماءُ مُتّهمةٌ بالزُرقهْ

    والعصافيرُ متّهمةٌ بالسّفرْ

    والشفةُ متّهمةٌ بالاستدارهْ ...

    كلَّ عامٍ وأنا مضروبٌ بزلزالكْ ..

    ومبلّلٌ بأمطاركْ ..

    ومحفورٌ - كالإناء الصينيّ - بتضاريسِ جسمكْ

    كلَّ عامٍ وأنتِ .. لا أدري ماذا أسمّيكِ ..

    اختاري أنتِ أسماءكِ ..

    كما تختارُ النقطةُ مكانَها على السطرْ

    وكما يختارُ المشطُ مكانهُ في طيّاتِ الشِّعرْ ..

    وإلى أن تختاري إسمكِ الجديدْ

    إسمحي لي أن أناديكِ :

    " يا حبيبتي " ...

    ......

    كلُّ عامٍ و أنت حبيبتي
    2 3 2 3 1 3 3

    لا أعلم توصلت أنها قد تكون على بحر الخفيف .. من الصعب أن تكون المتدارك ؟ !

    لكن .. هل استخدم جوازات شعرية و غيرها

    .....
    أتمنى أن نتعاون في تدارسها

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    15,954
    أستاذتي الكريمة

    نزار قباني شاعر كبير وشعره مشهور وشاعريته لا جدال فيها.

    ولكن لم يصدر قرار بمنعه من الكلام أو الكتابة نثرا.

    هذه خواطر نثرية فيها شحنة شاعرية .

    هذه الجملة تحديدا


    كلُّ عامٍ و أنت حبيبتي
    2 3 2 3 1 3 3

    تذكرني بترديد

    أنت إن تحضري يحضر القمر ... ليت من نشتهي وجهه حضرْ

    وأظنني أوردته في سياق حوار حول زحاف 2 2 الخببية في آخر البيت على 1 2 = 3 وامتناعها في عروض الخليل واستساغتنا أو عدم استساغتنا لها. ربما كان ذلك في قصيدة ( خباء )

    يرعاك الله.

  3. #3
    جزاك الله خيرا أستاذنا ..

    كثيرة إفاضاتك و تتحدث عن الموسيقى و الشعر و الأستاذة ريمة الخاني فكيف لهذه القصيدة تغنى حين غناها كاظم الساهر .. و لو أنها قراءة أجمل بكثير

    فكرت أنها قصيدة نثر وبحثت فلم أجد جواب
    و في التقطيع تفاعيل تظهر حينا وحينا أظن التقطيع خاطئ من الجوازات

    و يظل نزار خبز الشعر *

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    MI. U.S.A
    المشاركات
    3,553
    لعلَّ أهم مايمّيز شعر نزار الموزون - التفعيلة تحديداً- هو هذه القافية الشهيرة والجرْس الموسيقي فيها الذي حيّر الشباب العربي كيف يخزنها في ذاكرته ويُعيد إنتاجها في نصوصه.
    لاشك أن فيها عبقرية مغْرقة في البساطة حتى استقطبَت جيلين وربما أكثر. الجيل الشاب الذي لايعرف بالأوزان، يقلِّد نزار وشِعر نزار انطلاقاً من الروح الثائرة المتمردة وانتهاءً بالقافية. والفرق أنّ قافيته مُقترنة بالشعر الموزون ، وبالمقابل، شعره النثري يخلو من أية قافية، بل تلاحظين عزيزتي أمل الإيقاع الداخلي في نصوصه التي - برأيي الشخصي- ليست خواطر، لأن الخاطرة فن قائم بذاته وليس بالضرورة تتناول اللغة الشعرية كميزة أساسية فيها.
    إذن: عندما تجدين نصاً لـ نزار دون قافية ، هو شعر منثور أو نص شعري غير موزون على الاطلاق.

  5. #5
    يظل الشاعر شاعرا ..


    رائع ما تفضلت به غاليتي الشاعرة الأستاذة إباء العرب لون الإجابة و أزال الضبابية عن عدة إستفهامات ...

    ففعلا من هو شاعر يظل الجرس بداخله لا ينفك منه هذا ما تعلمته منك و هنا بالرقمي



    جزاكما الله خيرا

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط