ومن المقال أيضا :
وعن رأيه في الأشكال الشعرية قال وليد الصراف: أعلم أن الشعر إما أن يكون شطرين أو لا يكون، فكما أنه لا يوجد في الأرض سوى البحر المتوسط والبحر الأحمر والميت و.... لا يوجد في الشعر غير البحور الستة عشر وسواها يابسة من النثر، لا يتوهم أحد أنها ماء حي، ولقد كانت مغامرة نازك والسياب ومن تبعهما في اكتشاف قصيدة التفعيلة فتحا يستحق الإكبار، ولكن هذا الفتح لم يصل إلى شيء سوى اكتشاف بحر جديد يحلو لي أن أسميه البحر السابع عشر، بحر يبيح لمن يركبه أن يمضي حيث شاء أو يتوقف حيث شاء دون قوانين إبحار، ولكنه لا يتوهم اليابسة ماء.
إن العروض هو الزواج الشرعي الوحيد بين اللغة العربية والموسيقى، والشاهد على هذا الزواج زمن طويل يمتد من سوق عكاظ حتى آخر قاعة تبنى الآن لتغص بمن يقصدونها ليسمعوا شعرا، وعندما أقول الموسيقى فإنني أعني الموسيقى الخارجية، أما الموسيقى الداخلية فهي موجودة في النثر والشعر على السواء وهي ما يميز بيتا للمتنبي عن بيت لنزار في البحر الطويل، ولكن المتنبي ونزار كائنات وهمية وأشباح لا وجود لها لولا البحر الطويل، فالكلمات التي كتبوها انفرطت وتبعثرت وسقطت وضاعت في زحام النثر، لو لم ينظمها خيط اسمه البحر الطويل.