ما هو عكس "طار"؟

ما هو عكس "طار"؟

سألت زوجتي: ما هو عكس "طار"؟ ففكرت قليلاً ثم قالت: "هدّى"! ثم استدركت بعد قليل وقالت: حطّ!. ولنلاحظ أن الكلمة الأولى التي عثرت عليها عفواً هي من العامية والثانية هي من الفصحى الحديثة.
وزوجتي حفظها الله مثال للعربي المتعلم الذي يعرف الفصحى الحديثة ولكن علاقاته بالفصحى التراثية محدودة، وهي حال أغلب المتعلمين في عصرنا.
بل أزيدكم: الفقير لله منهم ولم يعد شيئاً زائداً عنهم إلا لجهلهم الكبير بالعربية وليس لفلاحته الخطيرة!
وهذا المثال "عكس طار" يدلنا على ظاهرة لغوية مهمة قلما ننتبه إليها، وهي ظاهرة فقدان الثراء في اللغة الحديثة، فكثير من التعابير نلجأ للف والدوران للتعبير عنها، على حين يوجد في العربية ما يسد مسد التعابير الطويلة، وبصورة مختصرة وموجزة.
وباختصار: وجدتهم في الشعر يستعملون فعلين على الأقل لعكس "طار":
الأول: "وقع":
إن الخليط توزع..فطر بدائك أو قع!
والثاني: "سقط"!
يسقط الطير حيث ينتثر الحب وتغشى منازل الكرماء!
وبانتظار إسهامات رواد هذه الصفحة في هذا الموضوع، وليتكم تفتحون باب المعاني المتضادة، ومنها نرى تطور دلالات الكلمات في الفصحى الحديثة.
مع خالص التحية في هذا الصباح الأوروبي البعيد.

السلام عليكم

أستاذ محمد دائماً تأتي بالطريف الممتع
طبعاً كما ذكرت حضرتك فإن عكس طار سقط ووقع وكلنا يذكر المثل المشهور :
ما طار طير فارتفع .............إلا كما طار وقع
ولعمرو بن معدي كرب الزبيدي :
قل للعدوّ الذي يغتابني سَفَهاً ................. إِنّي على أَنفهِ إِن طار أَو وَقَعا

ولأبي العلاء المعري أبيات يقول فيها :
ماذا يُريبُكَ مِن غُرابٍ طارَ عَن ................. وَكرٍ يَكونُ بِهِ لِبازٍ مَسقَطُ

ولكن زوجتك المصونة لم تخطئ حينما قالت إن عكس طار حطّ فقد استخدم أبو القاسم الزجاجي هذا العكس في قوله : " قال ثعلب قال ابن الأعرابي: اليعسوب من الناس: السيد، واليعسوب: رئيس النحل إذا طار طارت معه، وإذا حط حطت "

والآن ما هو ضد نام؟

وأنت أستاذة رغداء دوماً لديك ما تضيفينه من مادة قيمة.
وما خطر على بالي هو أن عكس "نام" "قام".
ومنه: "قيام الليل" وهو عكس نومه.
وإن كان عندك غير هذا فأت به مشكورة!

السلام عليكم

أول ما يتبادر للذهن أن ضد نام استيقظ , وفي اللغة أيضاً هبّ من نومه , واستفاق من نومه
ونقول نهض من نومه ( والنهضة الطاقة والقوة )
أما قام فهي صحيحة أيضاً يقول الشاعر :
ما بدا نرجس الكواكب إلا .............. قام من نومه يرينا الشقيقا

ومن النقائض: "مصعد" و"مصوب":
وانظروا بيت الأعشى:

أجدّوا فلما خفت أن يتفرقوا..فريقين منهم مصعد ومصوب

الأخ الكريم محمد ب.

كدأبك في كل مواضيعك تأتي بالخير والفائدة

لفت انتباهي أن الفرق بين كلمة طار بمد حرف الألف فيها مقارنة بكلمات سقط وحطّ ووقع وكلها تخلو من حروف المد كالفرق بين بطء وتدرج بدء الطيران وفجائية النزول، والحديث هنا عن أغلب الطيور وليس عن الطائرات بطبيعة الحال.
أيكون لهذا أصل في تأثير طبيعة الحركة على أصل الفعل الدال عليها ؟

يرعاك الله.

الأخ الكريم محمد ب.

كدأبك في كل مواضيعك تأتي بالخير والفائدة

لفت انتباهي أن الفرق بين كلمة طار بمد حرف الألف فيها مقارنة بكلمات سقط وحطّ ووقع وكلها تخلو من حروف المد كالفرق بين بطء وتدرج بدء الطيران وفجائية النزول، والحديث هنا عن أغلب الطيور وليس عن الطائرات بطبيعة الحال.
أيكون لهذا أصل في تأثير طبيعة الحركة على أصل الفعل الدال عليها ؟

يرعاك الله.

ملاحظة وجيهة أستاذ خشان.
ولعل الإجابة الأقرب إلى اليقين تحتاج إلى استقراء نماذج كثيرة من أمثال هذه الأفعال.
والحمد لله على السلامة.

ومن النقائض المجهولة عند مستعملي الفصحى الحديثة "عرف" و"أنكر"
إذ يظنون "جهل" هو عكس "عرف"
والأصوب في اعتقادي أن "جهل" عكسها "علم"
وأنكر تعني في العربية القديمة أن لا تعرف الشيء أو الشخص.
وانظر بيت أبي فراس الجميل:
فلا تنكريني يا ابنة العم إنه..ليعرف من أنكرته البدو والحضر
وقال عمر بن أبي ربيعة:
ألكني إليها بالسلام فإنني..يعرف إلمامي بها وينكر.
ومنه "المعروف" وعكسه "المنكر".
ونحن مأمورون بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف.